الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - البيعة
- البيعة: هي إعطاء العهد من المبايع للخليفة على السمع والطاعة في غير معصية الله.
والخلافة تنعقد بأحد أمرين:
الاختيار .. أو الاستخلاف لمن بعده.
وكلٌّ منهما لا بد فيه من البيعة من قِبَل أهل الحل والعقد، ثم من قِبَل عموم المسلمين الذين يتيسر حضورهم.
- صفة البيعة:
أهم الأمور التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليها خمسة:
الأول: البيعة على الإسلام:
وهي آكد أنواع البيعة وأوجبها وأعظمها.
1 -
…
[الممتحنة: 12].
2 -
وَعَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَهَادَةِ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ،
وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2157)، واللفظ له، ومسلم برقم (56).
الثاني: البيعة على النصرة والمَنَعة:
كما بايع وفد الأنصار رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه وينصروه، وهي بيعة العقبة الثانية في منى.
الثالث: البيعة على الجهاد:
1 -
…
[التوبة: 111].
2 -
…
[الفتح: 18 - 19].
الرابع: البيعة على الهجرة:
وكانت فرض عين على من أسلم، ثم انتهت بعد فتح مكة، والمراد بالهجرة الهجرة من مكة إلى المدينة، وهذه قد انقطعت، أما الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فهي باقية إلى قيام الساعة.
عَنْ مُجَاشِع بن مَسْعُودٍ السّلَمِيّ رضي الله عنه قَالَ: جِئْتُ بِأَخِي أَبِي مَعْبَدٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الفَتْحِ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله بَايِعْهُ عَلَى الهِجْرَةِ، قَالَ:«قَدْ مَضَتِ الهِجْرَةُ بِأَهْلِهَا» قُلتُ: فَبِأَيّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ: «عَلَى الإِسْلَامِ
وَالجِهَادِ وَالخَيْرِ». متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2962)، ومسلم برقم (1863)، واللفظ له.
الخامس: البيعة على السمع والطاعة:
وهذه هي التي تعطى للأئمة عند تعيينهم خلفاء للمسلمين، وهي المقصودة في هذا الباب.
1 -
عَنْ عُبَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَالمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالحَقّ أَيْنَمَا كُنّا، لَا نَخَافُ فِي الله لَوْمَةَ لَائِمٍ. متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، قَالَ:«إلاّ أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ الله فِيهِ بُرْهَانٌ» . متفق عليه (2).
- أسباب البيعة:
الأحوال التي تؤخذ فيها البيعة هي:
1 -
موت الخليفة، فتؤخذ للخليفة من بعده.
2 -
خلع الخليفة بسبب، فتبايع الأمة بعده إماماً يقوم بأمورها.
3 -
بيعة الخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد.
4 -
أَخْذ الخليفة البيعة على الناس لمن يكون خليفة بعده.
5 -
إذا خرجت ناحية من البلاد عن الطاعة، فيوجِّه إليهم من يأخذ له البيعة
عليهم، لينقادوا لأمره.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7199) ، ومسلم برقم (1709)، واللفظ له.
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7056)، ومسلم برقم (1709)، واللفظ له.
- أقسام البيعة:
البيعة للخليفة قسمان:
الأولى: بيعة الانعقاد:
وهي التي يقوم بها أهل الحل والعقد، وبموجبها يكون الشخص المبايع له خليفة للمسلمين، ويكون له حق الطاعة والانقياد، كما فعل كبار الصحابة في سقيفة بني ساعدة، وبايعوا أبا بكر رضي الله عنه بالخلافة.
الثانية: البيعة العامة:
وهي البيعة التي يؤديها من تيسر من المسلمين بعد بيعة الانعقاد، كما بايع الصحابة أبا بكر رضي الله عنه في المسجد بعد أن بايعه أهل الحل والعقد قبل في سقيفة بني ساعدة.
ومثل بيعة أبي بكر بقية الخلفاء الراشدين، ثم مَنْ بعدهم من أئمة المسلمين.
- شروط صحة البيعة:
يشترط لصحة البيعة ما يلي:
1 -
أن يكون المتولي لعقد البيعة أهل الحل والعقد.
2 -
أن تحقق شروط الإمامة فيمن تؤخذ له البيعة.
3 -
أن يقبل المبايع له البيعة، فلو امتنع لم تنعقد إمامته.
4 -
أن تكون البيعة لواحد بعينه، فلا تنعقد البيعة لأكثر من واحد.
5 -
أن تكون البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بالعمل بموجبهما، وحمل الناس عليهما.
6 -
حرية المبايعة، فيبايع كل إنسان باختياره، ولا يكرَه أحد.
هذه أهم شروط صحة البيعة، فإذا تمت فالبيعة صحيحة، وإن اختل منها شيء لم تنعقد البيعة.
- من يأخذ البيعة:
الذي يأخذ البيعة من المسلمين هو الخليفة بنفسه، والأقاليم البعيدة: له أن يأخذها منهم بنفسه، أو ينيب عنه من ولاته من يقوم بها.
- صور البيعة:
للبيعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عدة صور منها:
1 -
المصافحة والكلام، كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة الرضوان.
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} [الفتح: 10].
2 -
الكلام بدون مصافحة، وهذه عادته صلى الله عليه وسلم في مبايعته النساء، لأنه لا يجوز للمسلم مس يد المرأة الأجنبية.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إِلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)} قال عُرْوَةُ: قالتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ، قال لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ بَايَعْتُكِ» . كَلامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ، وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلا بِقَوْلِهِ. متفق عليه (1).
3 -
الكتابة، كما بايع النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2713)، واللفظ له، ومسلم برقم (1866).
- حكم من بايع الخليفة من أجل الدنيا:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ يَمْنَعُ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لا يُبَايِعُهُ إِلا لِدُنْيَاهُ، إِنْ أعْطَاهُ مَا يُرِيدُ وَفَى لَهُ وَإِلا لَمْ يَفِ لَهُ، وَرَجُلٌ يُبَايِعُ رَجُلاً بِسِلعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ، فَأخَذَهَا وَلَمْ يُعْطَ بِهَا» . متفق عليه (1).
- كيف يبايع الناس الإمام:
1 -
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِت رضي الله عنه قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَالمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالحَقّ أَيْنَمَا كُنّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. متفق عليه (2).
2 -
وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضي الله عنه قال: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَلَقَّنَنِي:«فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» . متفق عليه (3).
- حكم نكث البيعة:
يجب الوفاء بالعهود والعقود، سواء كانت بين المسلمين، أو بين المسلمين والكفار، أو بين الأفراد.
والبيعة بجميع أنواعها داخلة في هذه العقود والعهود.
1 -
البيعة على الإسلام إذا نقضها المبايع يكون كافراً مرتداً عن الإسلام.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7212)، واللفظ له، ومسلم برقم (108).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7056)، ومسلم في الإمارة برقم (1709)، واللفظ له.
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7204)، واللفظ له، ومسلم برقم (56).
والبيعة على الإسلام خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبايع صلى الله عليه وسلم جميع المسلمين على الإسلام، فإن منهم من أسلم ولم يره، وكثير منهم أسلم ولم يضع يده في يده صلى الله عليه وسلم.
2 -
البيعة على الهجرة انقطعت بعد فتح مكة.
3 -
نكث البيعة على النصرة أو الجهاد، أو السمع والطاعة، دون مبرر شرعي، فهذا مرتكب لكبيرة من الكبائر، وأشدها نكث البيعة على السمع والطاعة.
1 -
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} [الفتح: 10].
2 -
وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ، فَليَصْبِرْ، فَإنّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْراً فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيّةٌ» . متفق عليه (1).
3 -
وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِاللهِ البَجَلِيّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِىَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِى عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» . أخرجه مسلم (2).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7053)، ومسلم برقم (1849)، واللفظ له.
(2)
أخرجه مسلم برقم (1851).