الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - معنى الجهاد وحكمه
· الجهاد في سبيل الله: هو بذل الطاقة والوسْع في قتال الكفار، ابتغاء وجه الله.
· حقيقة الجهاد في سبيل الله:
الجهاد لا يسمى جهاداً حقيقياً إلا إذا قُصد به وجه الله، وأريد به إعلاء كلمة الله، وبذل النفس في مرضاة الله، ورفع راية الحق، ومطاردة الباطل.
فإذا أراد به الإنسان شيئاً من حظوظ الدنيا، فإنه لا يسمى جهاداً شرعياً ينال به الأجر، فمن قاتل ليظفر بمغنم، أو يُظهر شجاعة، أو ينال شهرة، أو يحظى بمنصب، فإنه لا نصيب له في الأجر، ولا حظ له في الثواب.
1 -
قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5].
2 -
وَعَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقال: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قال:«مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» . متفق عليه (1).
· منزلة الجهاد في سبيل الله:
الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام؛ لما فيه من المصالح العظيمة في حفظ الإسلام وأهله، ودفع عدوان المعتدين.
ولمكانة الجهاد وعظيم منزلته تمنى أفضل المجاهدين في سبيل الله محمد
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2810) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1904).
- صلى الله عليه وسلم أن يحوز درجة الشهداء في سبيل الله.
1 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي، بِيَدِهِ لَوْلا أنَّ رِجَالاً مِنَ المُؤْمِنِينَ، لا تَطِيبُ أنْفُسُهُمْ أنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلا أجِدُ مَا أحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ أحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أَحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أَحْيَا، ثُمَّ أقْتَلُ» . متفق عليه (1).
2 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِلنّبِيّ صلى الله عليه وسلم: مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل؟ قَالَ: «لَا تَسْتَطِيعُونَهُ» قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً، كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ:«لَا تَسْتَطِيعُونَهُ» ، وَقَالَ فِي الثّالِثَةِ:«مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ اللهِ، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ، حَتّى يَرْجِعَ المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَىَ» . متفق عليه (2).
· مراحل تشريع الجهاد:
مر تشريع الجهاد في سبيل الله بأربع مراحل:
الأولى: لما قام النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله في مكة ظهر له أعداء عادوه وآذوه، وكان توجيه الله له بالصبر والعفو والصفح، وجهادهم بالدعوة، والقرآن، والحجة.
1 -
قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)} [الجاثية: 14].
2 -
وقال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2797) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1876).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2785) ، ومسلم برقم (1878)، واللفظ له.
يُوقِنُونَ (60)} [الروم: 60].
3 -
وقال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)} [الحجر: 85].
4 -
وقال الله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52)} [الفرقان: 51 - 52].
الثانية: لما اشتد الأذى على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، أذن الله له أن يهاجر من مكة إلى المدينة، ويأمر أصحابه بالهجرة إليها، وذلك بعد ثلاث عشرة سنة من البعثة.
1 -
…
[الأنفال: 30].
2 -
الثالثة: ثم أذن الله للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالقتال في المدينة بعد الهجرة، حين أطبق عليهم الأعداء، وظلموا المؤمنين بالاعتداء عليهم، وإخراجهم من ديارهم بغير حق.
وأذن الله لهم بالقتال دفاعاً عن النفس، وتأميناً للدين، ودفعاً للظلم والعدوان.
1 -
قال الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ
لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}
…
[الحج: 39 - 40].
2 -
وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}
…
[البقرة: 193].
3 -
وقال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}
…
[البقرة: 190].
الرابعة: ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بقتال الكفار كافة؛ ليكون الدين كله لله، ولتفتح الأبواب لكل من رغب في الإسلام.
1 -
قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}
…
[التوبة: 36].
2 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُمِرْتُ أنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ إلا بِحَقِّ الإسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» . متفق عليه (1).
· حكم الجهاد في سبيل الله:
فرض الله عز وجل القتال في سبيل الله في السنة الثانية من الهجرة.
والجهاد في سبيل الله فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (25) ، واللفظ له، ومسلم برقم (22).
الباقين، بشرط أن يكون عند المسلمين قوة وقدرة يستطيعون بها القتال.
1 -
قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)} [البقرة: 216].
2 -
وقال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [التوبة: 122].
3 -
وقال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} [التغابن: 16].
4 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَعْثاً إلَىَ بَنِي لِحْيَانَ، مِنْ هُذَيْلٍ، فَقَالَ:«لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا، وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا» . أخرجه مسلم (1).
· الأحوال التي يكون فيها الجهاد فرض عين:
يكون الجهاد فرض عين على كل مستطيع في الأحوال الآتية:
1 -
إذا حضر المسلم صف القتال:
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} [الأنفال: 45].
2 -
إذا حصر بلده عدو:
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا
(1) أخرجه مسلم برقم (1896).
فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [التوبة: 123].
3 -
إذا استنفر الإمام الناس، أو أحداً بعينه:
1 -
…
[التوبة: 38 - 39].
2 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» . متفق عليه (1).
4 -
إذا دعت الحاجة إليه نفسه في القتال كطبيب وطيار ورام ونحوهم:
قال الله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)} [التوبة: 41].
· حكمة مشروعية الجهاد في سبيل الله:
1 -
شرع الله عز وجل الجهاد في سبيل الله لما يلي:
لتكون كلمة الله هي العليا .. ويكون الدين كله لله .. وإخراج الناس من الظلمات إلى النور .. وفتح أبواب الدعوة إلى الله .. وإقامة العدل .. ومنع الظلم .. وحماية المسلمين .. ورد كيد الأعداء والمفسدين.
2 -
شرع الله الجهاد ابتلاءً واختباراً لعباده، ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، وليعلم المجاهد والصابر.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2783) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1353).
3 -
ليس قتال الكفار لإلزامهم بالإسلام، بل لإلزامهم بالخضوع لأحكام الإسلام، حتى يكون الدين كله لله.
4 -
الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة، يُذهب الله به الهم والغم، وتُنال به الدرجات العلى من الجنة، وتُغفر به الذنوب والآثام، وتحصل به محبة الله للعبد.
· شروط وجوب الجهاد في سبيل الله:
يشترط لوجوب الجهاد على الإنسان ما يلي:
الإسلام .. والعقل .. والبلوغ .. والذكورية .. والصحة .. ووجود النفقة.
فلا يجب الجهاد على غير المسلم، ولا على الصبي، ولا على المجنون، ولا على المريض، ولا على المرأة، ولا على العاجز عن النفقة.
فلا حرج على واحد من هؤلاء في التخلف عن الجهاد؛ لعذره.
1 -
قال الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)} [التوبة: 91].
2 -
…
[الفتح: 17].
3 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فِي القِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي. متفق عليه (1).
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2664) ، ومسلم برقم (1868)، واللفظ له.
4 -
وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أنَّهَا قالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفَلا نُجَاهِدُ؟ قال:«لا، لَكِنَّ أفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» . أخرجه البخاري (1).
(1) أخرجه البخاري برقم (1520).