الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - أحكام الجهاد في سبيل الله
- الجهاد أفضل أنواع التطوع:
الجهاد في سبيل الله أفضل أنواع التطوع، فهو أفضل من تطوع الحج والعمرة، ومن تطوع الصلاة والصيام؛ لما فيه من إعلاء كلمة الله، وحفظ الإسلام والمسلمين، وقمع المعتدين، وإزالة الفتن.
وهو من أفضل العبادات؛ لِمَا فيه من رفعة الدرجات، ولِمَا فيه من الزهد في الدنيا، وهجر الرغبات، ومفارقة الأهل والدار، والتضحية بالنفس والمال.
1 -
…
[النساء: 95 - 96].
2 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه أَنّ رَجُلاً أَتَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيّ النّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ» قَالَ: ثُمّ مَنْ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشّعَابِ، يَعْبُد الله رَبّهُ، وَيَدَعُ النّاسَ مِنْ شَرّهِ» . متفق عليه (1).
3 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِلنّبِيّ صلى الله عليه وسلم: مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل؟ قَالَ: «لَا تَسْتَطِيعُونَهُ» قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً، كُلّ ذَلِكَ يَقُولُ:«لَا تَسْتَطِيعُونَهُ» ، وَقَالَ فِي الثّالِثَةِ: «مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2786) ، ومسلم برقم (1888)، واللفظ له.
كَمَثَلِ الصّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ الله، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ، حَتّى يَرْجِعَ المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَىَ». متفق عليه (1).
- حكم الدعوة قبل القتال:
تجب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال لمن لم تبلغهم الدعوة، فإن انتشر الإسلام، وعرفه الناس، فالدعوة مستحبة؛ تأكيداً للإعلام والإنذار، وليست بواجبة.
ولا يجوز قتال الكفار إلا بشرطين:
1 -
إبلاغهم الدعوة إلى الإسلام إذا كانت لم تبلغهم.
2 -
أن يكونوا حربيين غير مستأمنين، ولا معاهدين، ولا أهل ذمة؛ لأن دماء هؤلاء مصونة معصومة.
فإذا توفر هذان الشرطان جاز قتالهم من دون إنذار سابق.
1 -
عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أمَّرَ أمِيراً عَلَى جَيْشٍ أو سَرِّيَةٍ أوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بِتَقَوَى اللهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خَيْراً، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا باسْمِ اللهِ في سَبيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيداً، وإذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلاثِ خِصَالٍ (أوْ خِلالٍ)، فَأيَّتُهُنَّ مَا أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلامِ، فإنْ أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إلّى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرينَ، وأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرينَ وَعَلَيْهُمْ مَا عَلَى المُهَاجِرين، فَإنْ أبَوْا أنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2785) ، ومسلم برقم (1878)، واللفظ له.
فَأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأعْرَابِ المُسْلِمينَ يَجْري عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذي يَجْرِي عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ في الغَنِيمَةِ وَالفَيْءِ شَيءٌ، إلَّا أنْ يُجَاهِدُوا مَعَ المُسْلِمينَ، فَإنْ هُمْ أبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فَإنْ هُمْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإنْ هُمْ أبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَقَاتِلْهُمْ. أخرجه مسلم (1).
2 -
وَعَنْ ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أغَارَ عَلَى بَنِي المُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ. متفق عليه (2).
- حكم القتال قبل الدعوة:
لا يجوز قتال من لم تبلغهم الدعوة إلا بعد دعوتهم إلى الإسلام، فإن أبوا يطالَبون بدفع الجزية، فإن أبوا جاز قتالهم، ويجوز قتال من بلغتهم الدعوة بدون سابق إنذار، فإن مقصد الجهاد في الإسلام إزالة الكفر والشرك، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ونشر العدل، ورفع الظلم، وإزالة الفتن، وإزاحة من يقوم في وجه من يبلغ الإسلام وينشره.
فإذا حصلت هذه المقاصد العظيمة بدون قتال لم يُحتج إلى القتال.
فالله خلق بني آدم لعبادته، فلا يجوز قتل أحد منهم إلا من آذى وعاند وأصر على الكفر، أو ارتد، أو ظلم الناس، أو منع الناس من الدخول في الإسلام، أو منع الدعاة من الدعوة إلى الله.
وما قاتل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قوماً قط إلا دعاهم إلى الإسلام.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْماً قَطُّ إِلَاّ دَعَاهُمْ. أخرجه أحمد والدارمي (3).
(1) أخرجه مسلم برقم (1731).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2541) ، ومسلم برقم (1730).
(3)
صحيح/ أخرجه أحمد برقم (2105) ، وهذا لفظه، وأخرجه الدارمي برقم (2444).
- حكم حفظ حدود البلاد:
يجب على إمام المسلمين حفظ حدود بلاد المسلمين من الكفار، إما بعهد وأمان، وإما بسلاح ورجال، حسب ما تقتضيه المصلحة والحال.
…
[النساء: 102].
- فضل الرباط في سبيل الله:
توجد على حدود بلاد الإسلام منافذ قد يتسلل منها العدو إلى داخل البلاد.
وقد رغَّب الإسلام في حفظ هذه الثغور بإعداد الجنود الذين يحرسون هذه الثغور، ويرابطون فيها، وأفضل الرباط ما كان بأشد الثغور خوفاً، وأعظمها منفعة.
1 -
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)} [آل عمران: 200].
2 -
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، أوِ الغَدْوَةُ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا» . متفق عليه (1).
3 -
وَعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2892) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1881).
وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَىَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ الّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الفَتّانَ». أخرجه مسلم (1).
- حكم قصد المشقة في العمل:
السنة للمسلم أن يقصد العمل الذي يَعْظُم أجره لعظم مشقته من حيث هو عمل كالجهاد والحج مثلاً.
فإنْ قَصَد نفس المشقة فقد خالف الشرع؛ لأن الله لا يقصد بالتكليف نفس المشقة.
ولا يجوز التقرب إلى الله بالمشاق؛ لأن القُرَب كلها تعظيم للرب سبحانه، وليس عين المشاق تعظيماً ولا توقيراً.
والأجر على قدر منفعة العمل، لا على قدر المشقة والتعب.
وكثرة الثواب مع المشقة لا لأن المشقة مقصودة لذاتها، بل لأن العمل مستلزم للمشقة.
1 -
2 -
وَعَنْ عَائِشَة رضي الله عنها قالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: «انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَأهِلِّي، ثُمَّ
ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا، وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أوْ نَصَبِكِ». متفق عليه (2).
(1) أخرجه مسلم برقم (1913).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1787) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1211).
- حكم من حبسه العذر عن الغزو:
عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزَاةٍ، فَقالَ:«إِنَّ أقْوَاماً بِالمَدِينَةِ خَلْفَنَا، مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلا وَادِياً إِلَاّ وَهُمْ مَعَنَا فِيهِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ» . أخرجه البخاري (1).
- وقت الخروج للجهاد في سبيل الله:
السنة أن يخرج الإمام بالجيش يوم الخميس، فإن كانت مصلحة أو حاجة أو عذر خرج بهم بحسبها في أي يوم.
عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الخَمِيسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الخَمِيسِ. متفق عليه (2).
- حكم توديع المجاهدين في سبيل الله:
من السنة توديع المسافرين والمجاهدين في سبيل الله.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّهُ قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْثٍ، وَقال لنا:«إِنْ لَقِيتُمْ فُلاناً وَفُلاناً -لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا- فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ» . قالَ: ثُمَّ أتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أرَدْنَا الخُرُوجَ. فَقالَ: «إِنِّي كُنْتُ أمَرْتُكُمْ أنْ تُحَرِّقُوا فُلاناً وَفُلاناً بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بِهَا إِلاّ اللهُ، فَإِنْ أخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا» . أخرجه البخاري (3).
(1) أخرجه البخاري برقم (2839).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2950) ، واللفظ له، ومسلم برقم (716).
(3)
أخرجه البخاري برقم (2954).