الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - حكمة خلق الإنسان
- حكمة خلق الكائنات:
خلق الله عز وجل هذا الكون العظيم ليدل به عباده على كمال علمه وقدرته وعظمته، وجعل كل شيء فيه يسبح بحمد ربه.
وإذا عرف الإنسان ذلك، أقبل على عبادة ربه وحده لا شريك له، وحقق مراد الله منه بطاعته وطاعة رسله، وشارك المخلوقات الأخرى في كمال العبودية والطاعة.
1 -
…
[الطلاق: 12].
2 -
…
[الذاريات: 56 - 58].
- المراحل والدُّور التي يمر بها الإنسان:
خلق الله الإنسان وجعله يمر بمراحل وأزمنة وأمكنة وأحوال ثم ينتهي بالقرار والخلود إما في الجنة أو النار.
والمراحل والدُّور التي يمر بها الإنسان أربع:
الأولى: بطن الأم:
وهي أول مرحلة يمر بها الإنسان، وأول دار يسكنها، وإقامته فيها تسعة أشهر، هيأ الله العليم القدير له في هذه الدار المظلمة كل ما يحتاجه من
الطعام والشراب، وما يناسبه من السكن والمأوى.
وهو في هذه الدار غير مكلف بعمل؛ لعجزه وضعفه.
والحكمة من وجوده في هذه الدار أمران:
تكميل الأعضاء الداخلية .. وتكميل الأطراف الخارجية.
ثم يخرج إلى الدنيا بعد اكتمال خلقه ظاهراً وباطناً.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} [المؤمنون: 12 - 14].
الثانية: دار الدنيا:
وهذه الدار أوسع من بطن الأم، وهي بالنسبة إليها كالذرة بالنسبة للجبل، والإقامة فيها أكثر مدة من بطن الأم.
وقد هيأ الله للإنسان في هذه الدار كل ما يحتاجه من النعم، وزوده بالعقل والسمع والبصر، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمره بالإيمان به وطاعته، ونهاه عن الكفر والمعاصي، ووعد المؤمنين به الجنة، وتوعد الكفار بالنار.
والحكمة من وجود الإنسان في هذه الدار أمران:
تكميل الإيمان .. وتكميل الأعمال الصالحة.
ثم يخرج الإنسان مع عمله من هذه الدار إلى الدار التي تليها.
1 -
قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ
نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)}
…
[لقمان: 20].
2 -
…
[البقرة: 21 - 22].
الثالثة: دار البرزخ:
دار البرزخ في القبر، والقبر أول منازل الآخرة.
ويبقى الإنسان فيه حتى يكتمل موت الخلائق، وتقوم الساعة.
وإقامة الإنسان فيه أكثر من إقامته في دار الدنيا، والأنس والبؤس فيه أوسع وأكمل من دار الدنيا، والجزاء فيه بحسب عمل الإنسان في الدنيا، فهو إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.
يبدأ فيه الجزاء، ثم ينتقل منه إلى دار الخلود إما في الجنة أو النار.
الرابعة: الدار الآخرة:
وفي هذه الدار تكون الإقامة المطلقة، وهي دار القرار.
فمن أكمل في الدنيا ما يحب الله من الإيمان والأعمال والأخلاق، أكمل الله
له يوم القيامة ما يحب من الخلود والنعيم، مما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر.
ومن اشتغل بما يسخط الله من الكفر والشرك والمعاصي فجزاؤه جهنم خالداً فيها.
والداران الأُوليان من عالم الشهادة، والأُخريان من عالم الغيب، وكلٌّ حق، وكلٌّ سيراه الإنسان ويعلمه.
وكلما خرج المؤمن من دار زهد فيما كان عليه أولاً، حتى يستقر في الجنة.
1 -
قال الله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)} [الروم: 14 - 16].
2 -
…
[التوبة: 72].
- كمال نعيم القلب:
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه على كثير من خلقه، وجعل لكل عضو من أعضائه كمالاً يسعد به.
فجعل كمال العين بالإبصار، وكمال الأذن بالسمع، وكمال اللسان بالنطق .. وهكذا.
وإذا عدمت هذه الأعضاء كمالها حصل لها الألم والنقص والقلق.
وكذلك جعل الله كمال القلب ونعيمه وسروره ولذته وطمأنينته في معرفة
ربه، ومحبته، وعبادته، والأنس به، والتوكل عليه، والاستعانة به، وطاعته، والعمل بما يرضيه.
وإذا عدم القلب ذلك كان أشد عذاباً واضطراباً من العين التي فقدت النور، والأذن التي فقدت السمع.
ومن جهل ربه وما يجب له، فهو في عذاب دائم؛ لأنه محروم مما يشتهي ويحب، فالقلب السليم يبصر الحق كما تبصر العين الشمس، ويتلذذ بالإيمان والعمل الصالح كما يلتذ الجسم بالطعام والشراب.
وقد خلق الله الإنسان ليكون عبداً، وهو مخير: فإما أن يكون عبداً لله، أو يكون عبداً للشيطان.
فالله يأمر بالإيمان والطاعات والخير، والشيطان يأمر بالكفر والمعاصي والشر.
فمن وجد نفسه في الإيمان والطاعات فهو عبد لله.
ومن وجد نفسه في الكفر والمعاصي فهو عبد للشيطان.
1 -
قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)} [الرعد: 28].
2 -
وقال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} [البقرة: 257].
3 -
وقال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)}
…
[فاطر: 6].
- فقه العبادة والعبودية:
العبادة جسد، والعبودية روح.
والعبادة لها بداية ونهاية كالصلاة والصوم والحج ونحوها.
والعبودية عمل قلبي لا ينفك عن العبد، شعور دائم أنك عبدٌ لله.
وروح العبادة العبودية، وهي الافتقار الدائم لله.
وروح الكفر الطغيان الاستغناء عن الله.
والله يريد منا تكميل العبودية، وكمالها بأمرين:
العبودية المطلقة .. والعبادة المشروعة.
وتحصل الرغبة في طاعة الله بأربعة أشياء:
اليقين على الله وأسمائه وصفاته .. واليقين على خزائنه .. واليقين على وعده .. واليقين على وعيده.
فإذا جاء الشك في ذلك أو بعضه أحجمت النفس عن الطاعات، وأقبلت على المعاصي، وقعدت على موائد الشيطان.
1 -
قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)}
…
[الأنعام: 102].
2 -
وقال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} [الكهف: 110].