المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - أحكام القتال في سبيل الله - موسوعة الفقه الإسلامي - التويجري - جـ ٥

[محمد بن إبراهيم التويجري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب السابع عشركتاب القصاص والديات

- ‌1 - أحكام الجنايات والعقوبات

- ‌2 - أقسام الجنايات

- ‌1 - الجناية على النفس

- ‌1 - قتل العمد

- ‌القصاص في النفس

- ‌2 - قتل شبه العمد

- ‌3 - قتل الخطأ

- ‌2 - الجناية على ما دون النفس

- ‌3 - أقسام الديات

- ‌1 - دية النفس

- ‌2 - الدية فيما دون النفس

- ‌ دية الأعضاء ومنافعها:

- ‌ دية الشجاج والجروح:

- ‌ دية العظام:

- ‌الباب الثامن عشركتاب الحدود

- ‌1 - أحكام الحدود

- ‌2 - أقسام الحدود

- ‌1 - حد الزنا

- ‌2 - حد القذف

- ‌3 - حد الخمر

- ‌4 - حد السرقة

- ‌5 - حد قطاع الطريق

- ‌6 - حد البغاة

- ‌3 - حكم المرتد

- ‌4 - حكم التعزير

- ‌الباب التاسع عشركتاب القضاء

- ‌1 - معنى القضاء وحكمه

- ‌2 - فضل القضاء

- ‌3 - خطر القضاء

- ‌4 - أحكام القضاء

- ‌5 - صفة الدعوى

- ‌6 - صفة الحكم

- ‌7 - طرق إثبات الدعوى

- ‌1 - الإقرار

- ‌2 - الشهادة

- ‌3 - اليمين

- ‌8 - الأيمان

- ‌1 - معنى اليمين وحكمها

- ‌2 - أقسام اليمين

- ‌3 - أحكام اليمين

- ‌9 - النذر

- ‌1 - معنى النذر وحكمه

- ‌2 - أقسام النذر

- ‌3 - أحكام النذر

- ‌الباب العشرونكتاب الخلافة

- ‌1 - معنى الخلافة

- ‌2 - أحكام الخلافة

- ‌3 - أحكام الخليفة

- ‌4 - طرق انعقاد الخلافة

- ‌5 - البيعة

- ‌6 - واجبات الخليفة

- ‌7 - واجبات الأمة

- ‌8 - نظام الحكم في الإسلام

- ‌9 - حكم الخروج على الأئمة

- ‌10 - انتهاء ولاية الحاكم

- ‌الباب الحادي والعشرونكتاب الدعوة إلى الله

- ‌1 - كمال دين الإسلام

- ‌2 - حكمة خلق الإنسان

- ‌3 - حاجة البشرية إلى الإسلام

- ‌4 - عموم دين الإسلام

- ‌5 - أحكام الدعوة إلى الله

- ‌6 - أحكام الدعاة إلى الله

- ‌7 - أحكام المدعوين

- ‌8 - أصول من دعوة الأنبياء والرسل

- ‌الباب الثاني والعشرونكتاب الجهاد في سبيل الله

- ‌1 - معنى الجهاد وحكمه

- ‌2 - فضائل الجهاد في سبيل الله

- ‌3 - أقسام الجهاد في سبيل الله

- ‌4 - أحكام الجهاد في سبيل الله

- ‌5 - أحوال المجاهدين في سبيل الله

- ‌6 - آداب الجهاد في سبيل الله

- ‌7 - أحكام القتال في سبيل الله

- ‌8 - أحكام الشهداء في سبيل الله

- ‌9 - أحكام الأسرى والسبي

- ‌10 - أحكام الغنائم والأنفال

- ‌11 - انتهاء الحرب بالإسلام أو المعاهدات

- ‌12 - أحكام غير المسلمين

- ‌1 - أهل الذمة

- ‌2 - أهل الهدنة

- ‌3 - أهل الأمان

- ‌13 - أحكام الرجوع من الجهاد

- ‌14 - فضل الحمد والشكر

- ‌15 - فضل التوبة والاستغفار

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌7 - أحكام القتال في سبيل الله

‌7 - أحكام القتال في سبيل الله

- أثر اليقين والصبر في النصر:

بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين.

فإذا قام المسلم بالحق .. وكان قيامه بالله .. ولله، لم يقم له شيء، ولو كادته السماوات والأرض وما فيهن لكفاه الله مؤنتها.

وإنما يؤتى العبد من تفريطه أو تقصيره في هذه الأمور الثلاثة أو في بعضها.

1 -

من قام في باطل لم يُنصر، وإن نُصر فلا عاقبة له، فهو مذموم مخذول.

قال الله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)}

[الإسراء: 22].

2 -

إن قام في حق، لكن لم يقم لله، وإنما قام لطلب الجاه والحمد من الناس، فهذا لا يُنصر؛ لأن النصر لمن جاهد لتكون كلمة الله هي العليا.

وإن نُصر فبحسب ما معه من الحق والصبر، فالصبر منصور أبداً:

فإن كان الصابر محقاً كانت له العاقبة الحسنة، وإن كان مبطلاً لم تكن له عاقبة.

قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة: 24].

3 -

إن قام بالحق معتمداً على غير الله من الأسباب لم يُنصر.

قال الله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)} [التوبة: 25].

ص: 477

- أقسام القتال:

ينقسم القتال بين الناس إلى ثلاثة أقسام:

قتال بين المسلمين والكفار

وقتال بين المسلمين مع بعضهم .. وقتال بين الكفار مع بعضهم.

1 -

فإذا كان القتال بين المسلمين والكفار، نَصَر الله المسلمين على الكفار بعد استكمال ما يستطيعون من قوة مقرونة بالإخلاص والتوكل على الله وحده.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)}

[محمد: 7].

2 -

وقال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}

[الحج: 40 - 41].

2 -

أما قتال المؤمنين مع بعضهم، فيجب الإصلاح بينهم، فإن لم يمكن الصلح قاتلْنا الفئة الباغية لتعود إلى الحق.

قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)} [الحجرات: 9].

3 -

أما قتال الكفار مع بعضهم، فهؤلاء يهلك الله الظالم بالظالم، ويَكِلهم إلى أسبابهم، وينصر الدولة الكافرة العادلة على الظالمة، ويسلط بعضهم على بعض، وقتلاهم في النار.

قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)}

[النساء: 76].

ص: 478

- وقت القتال في سبيل الله:

أفضل أوقات القتال أول النهار، فإن لم يكن فبعد زوال الشمس، أما إذا فاجأ العدو المسلمين، وأغار عليهم، فيجب رده وصده في أي وقت أغار فيه.

عَنْ النُّعْمَان بن مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَخَّرَ القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ وَيَنْزِلَ النَّصْرُ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).

- حكم الإغارة ليلاً:

تجوز الإغارة على الكفار ليلاً، ويجوز قتل الكفار مع صبيانهم ونسائهم في حال البَيَات، ولا يجوز قتل النساء والصبيان حال التميُّز، أما النساء فلضعفهن، وأما الصبيان فلقصورهم عن فعل الكفر، ولما في استبقائهم جميعاً من الانتفاع بهم إما بالرق، أو بالفداء فيمن يجوز أن يفادى به.

عَنِ الصّعْبِ بْنِ جَثّامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الذّرَارِيّ مِنَ المُشْرِكِينَ يُبَيّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ. فَقَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ» . متفق عليه (2).

- حكم القتال في الأشهر الحُرم وعند المسجد الحرام:

لا يجوز أن نبدأ الكفار بالقتال في الأشهر الحرم، ولا عند المسجد الحرام، إلا عند الحاجة، فإن قاتلونا فيهما قاتلناهم.

والأشهر الحرم أربعة هي: (ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب).

1 -

قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ

(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2655) ، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (1613).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3021) ، ومسلم برقم (1745)، واللفظ له.

ص: 479

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}

[التوبة: 36].

2 -

وقال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217].

3 -

وقال الله تعالى: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)}

[البقرة: 191].

- حكم الدعاء عند القتال:

السنة أن يستغيث المجاهدون بربهم، ويسألونه النصر، لأنه الناصر الذي يملك النصر وحده.

1 -

قال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)} [الأنفال:9 - 10].

2 -

وقال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}

[البقرة: 186].

3 -

وَعَنْ عَبْدالله بْن أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي بَعْضِ أَيّامِهِ الّتِي لَقِيَ فِيهَا العَدُوّ، يَنْتَظِرُ حَتّى إِذَا مَالَتِ الشّمْسُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ:«يَا أَيّهَا النّاسُ لَا تَتَمَنّوْا لِقَاءَ العَدُوّ وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنّ الجَنّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السّيُوفِ» . ثُمّ قَامَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا

ص: 480

عَلَيْهِمْ». متفق عليه (1).

4 -

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا غَزَا قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي بكَ أَحُولُ وَبكَ أَصُولُ وَبكَ أُقَاتِلُ» . أخرجه أبو داود والترمذي (2).

- فضل الرمي في سبيل الله:

1 -

عَنْ سَلَمَةَ بن الأكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَفَرٍ مِنْ أسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أبَاكُمْ كَانَ رَامِياً، ارْمُوا وَأنَا مَعَ بَنِي فُلانٍ» . قالَ: فَأمْسَكَ أحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأيْدِيهِمْ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا لَكُمْ لا تَرْمُونَ» . قالوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأنْتَ مَعَهُمْ، قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«ارْمُوا فَأنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ» . أخرجه البخاري (3).

2 -

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، يَقُولُ:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} أَلَا إِنّ القُوّةَ الرّمْيُ، أَلَا إِنّ القُوّةَ الرّمْيُ، أَلَا إنّ القُوّةَ الرّمْيُ». أخرجه مسلم (4).

3 -

وَعَن أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِصْنَ الطَّائِفِ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الجَنَّة» ،ِ قَالَ: فَبَلَغْتُ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْماً، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل فَهُوَ عِدْلُ مُحَرَّرٍ» . أخرجه أحمد وأبو داود (5).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2966) ، ومسلم برقم (1742)، واللفظ له.

(2)

صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (3953) ، وهذا لفظه، وأخرجه الترمذي برقم (3584).

(3)

أخرجه البخاري برقم (2899).

(4)

أخرجه مسلم برقم (1917).

(5)

صحيح/ أخرجه أحمد برقم (17022) وهذا لفظه، وأخرجه أبو داود برقم (3965).

ص: 481

- أسباب النصر على الأعداء:

كتب الله على نفسه النصر لأوليائه، ولكنه ربط هذا النصر بأمور:

1 -

كمال حقيقة الإيمان بالله في قلوب المجاهدين في سبيل الله.

قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)} [الروم: 47].

2 -

استيفاء مقتضيات الإيمان في حياتهم، وهي الأعمال الصالحة.

قال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}

[الحج:40 - 41].

3 -

استكمال عدة الجهاد التي يستطيعونها.

قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)}

[الأنفال: 60].

4 -

بذل الجهد الذي في وسعهم، وبحسب كمال الإيمان يكون كمال الجهد وكمال النصر.

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}

[العنكبوت: 69].

5 -

الثبات، وكثرة ذكر الله، وطاعة الله ورسوله، وعدم التنازع، ولزوم الصبر.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ

ص: 482

رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال: 45 - 46].

6 -

اجتناب المعاصي، وعدم العجب والبطر والرياء.

1 -

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)}

[آل عمران: 152].

2 -

وقال الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47)} [الأنفال: 47].

7 -

كمال اليقين على أن النصر بيد الله وحده لا شريك له.

1 -

قال الله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)} [آل عمران: 160].

2 -

وقال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)} [الأنفال: 9 - 10].

8 -

كمال اليقين على أن الله لا ينصر الكفار على المسلمين أبداً.

1 -

قال الله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} [النساء: 141].

2 -

وقال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)} [الروم: 47].

ص: 483

- أسباب إبطاء النصر:

قد يؤخر الله النصر للمؤمنين لأسباب لا بد من توفرها منها:

1 -

أن تكون بُنْية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد، ولم تحشد بعد طاقتها اللازمة.

2 -

وقد يبطئ النصر حتى يبذل المؤمنون آخر ما في وسعهم من طاقة وقوة، فلا يبقى عزيز ولا غالٍ إلا بَذَلته رخيصاً في سبيل الله.

3 -

وقد يتأخر النصر حتى تجرب الأمة آخر ما في طوقها من قوة، لتدرك أن قوتها وحدها لا تكفل النصر بدون سند من الله.

4 -

وقد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله.

5 -

وقد يبطئ النصر لأن في الشر الذي يكافحه المؤمنون بقية من خير، يريد الله أن يجرد الشر منها ثم يهلكه.

6 -

وقد يبطئ النصر لأن المؤمنين لم يتجردوا بإخلاص في بذلهم وتضحياتهم لله ولدعوته.

7 -

وقد يبطئ النصر لأن الباطل الذي يحاربه المؤمنون لم ينكشف زيفه للناس، ولم يقتنعوا بعد بفساده.

8 -

وقد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعدُ لاستقبال الحق والخير، فيبقى الصراع قائماً، حتى تتهيأ النفوس لاستقباله ونحو ذلك من الأسباب.

- روح القتال في سبيل الله:

القتال تكرهه النفوس، ولكن النفوس المؤمنة تستلذه إذا كان في سبيل الله؛ لما فيه إحقاق الحق، ودفع الباطل، ورفع الظلم، وحفظ الأمة، وإقامة العدل، ولما فيه من الثواب العظيم، ورضوان الله، ومحبة الله.

ص: 484

1 -

قال الله تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)}

[النساء: 74].

2 -

وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)}

[التوبة: 111].

3 -

وقال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}

[آل عمران: 169].

4 -

وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} [الصف: 4].

- حكم الفرار من الزحف:

يجب على المسلم الثبات أمام الكفار عند القتال.

وإذا التقى الجيشان فيحرم الفرار من الزحف إلا في حالتين:

التحرف للقتال .. والتحيز إلى فئة.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16)}

[الأنفال: 15 - 16].

ص: 485

- حكم التدمير والتخريب لممتلكات الأعداء:

يجوز عند الضرورة أو الحاجة أو المصلحة إحراق حصون الأعداء بالنار، وتخريب بيوتهم وهدمها عليهم، وقطع أشجارهم، وإفساد زروعهم؛ لما في ذلك من كسر شوكتهم، وتوهين عزيمتهم، وتفريق جمعهم.

ويجوز ضرب الكفار بالسلاح ولو تترسوا بالمسلمين؛ للضرورة، وسداً لذريعة الفساد التي قد تترتب على ترك قتلهم.

1 -

قال الله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ (5)}

[الحشر: 5].

2 -

وقال الله تعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (2)}

[الحشر: 2].

- الراية التي يقاتل المسلم تحتها:

لا يجوز للمسلم أن يقاتل الكفار إلا تحت راية إمام المسلمين، فإن وُسِّد الأمر إلى غير أهله، وحَكَم المسلمين كافر، ولم توجد راية شرعية قادرة على النكاية بالعدو، فلا حرج من القتال تحت راية ذلك الحاكم الكافر؛ لصد عدوان الكفار، وحماية بلاد المسلمين، وحفظ دينهم وأعراضهم.

وتجوز مناصرة المسلمين لدولة كافرة على دولة أخرى كافرة إذا كان في ذلك مصلحة راجحة للإسلام والمسلمين، ودرء الشر عنهم، يقدِّرها أهل العلم والورع منهم.

فالشرع قد جاء بتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وفعل خير الخيرين، وأهون الشرين، ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.

1 -

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ

ص: 486

تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}

[النساء: 59].

2 -

وقال الله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)}

[آل عمران: 139].

3 -

وقال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} [الممتحنة: 8].

4 -

وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أطَاعَنِي فَقَدْ أطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أمَرَ بِتَقْوَى اللهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أجْراً، وَإِنْ قال بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ» . متفق عليه (1).

- الاستعداد لمواصلة الغزو:

ينبغي للمسلم أن يكون مستعداً للقتال كل وقت، ولو كان حديث عهد به.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَوَضَعَ السِّلاحَ وَاغْتَسَلَ، فَأتَاهُ جِبْرِيلُ وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الغُبَارُ، فَقال: وَضَعْتَ السِّلاحَ، فَوَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ. فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«فَأيْنَ» . قال: هَا هُنَا، وَأوْمَأ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ. قالتْ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. متفق عليه (2).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2957) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1841).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2813) ، واللفظ له، ومسلم برقم (1769).

ص: 487

- قتال اليهود:

سيقاتل المسلمون اليهود، ويهزمونهم كما هزمهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا اليَهُودَ، حَتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وَرَاءَهُ اليَهُودِيُّ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» .متفق عليه (1).

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2946) ، واللفظ له، ومسلم برقم (2922).

ص: 488