الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلوا فيها» متفق عليه. وما شك في استعماله فهو طاهر، وذكر أبو الخطاب أن أواني الكفار كلها طاهرة.
وفي كراهية استعمالها روايتان:
إحداهما: تكره، لهذا الحديث.
والثانية: لا تكره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل فيها.
[فصل في حكم ثياب الكفار]
فأما ثياب الكفار، فما لم يلبسوه، أو علا من ثيابهم كالعمامة والطيلسان، فهو طاهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ثياباً من نسج الكفار. وما لاقى عوراتهم، فقال أحمد: أحب إلي أن يعيد إذا صلى فيها، فيحتمل وجوب الإعادة، وهو قول القاضي؛ لأنهم يتعبدون بالنجاسة، ويحتمل أن لا تجب، وهو قول أبي الخطاب؛ لأن الأصل الطهارة، فلا تزول بالشك.
[فصل في حكم طهارة الميتة]
فصل:
وجلود الميتة نجسة، ولا تطهر بالدباغ في ظاهر المذهب؛ لقول الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] والجلد جزء منها. وروى أحمد عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: «قرئ علينا كتاب رسول الله في أرض جهينة، وأنا غلام شاب: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» .
قال أحمد: ما أصلح إسناده، [تعجب منه] . ولأنه جزء من الميتة، نجس بالموت، فلم يطهر كاللحم. وعنه: يطهر منها جلد ما كان طاهراً حال الحياة، لما روى ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم، وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال: ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به؟ قالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها» متفق عليه.
ولا يطهر جلد ما كان نجساً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن جلود السباع وعن مياثر النمور» رواه الأثرم. ولأن أثر الدبغ في إزالة نجاسة حادثة بالموت، فيعود الجلد إلى ما كان عليه قبل الموت، كجلد الخنزير.
وهل يعتبر في طهارة الجلد المدبوغ أن يغسل بعد دبغه؟ على وجهين:
أحدهما: لا يعتبر، لما روى ابن عباس [رضي الله عنه] عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:«أيما إهاب دبغ فقد طهر» متفق عليه.
والثاني: يعتبر؛ لأن الجلد محل النجس، فلا يطهر بغير الماء، كالثوب.
فصل:
وعظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها نجس لا يطهر بحال؛ لأنه جزء من
الميتة فيدخل في عموم قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] والدليل على أنه منها قول الله تعالى: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78]{قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] . ولأن دليل الحياة الإحساس والألم، والضرس يألم ويحس بالضرس، برد الماء وحرارته، وما فيه حياة يحله الموت، فينجس به كاللحم.
فصل:
وصوفها ووبرها وشعرها وريشها طاهر لأنه لا روح له، فلا يحله الموت؛ لأن الحيوان لا يألم بأخذه، ولا يحس، ولأنه لو كانت فيه حياة لنجس بفصله من الحيوان في حياته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ما أبين من حي فهو ميت» رواه أبو داود بمعناه.
فصل:
وحكم شعر الحيوان وريشه حكمه في الطهارة والنجاسة، متصلاً كان أو منفصلاً في حياة الحيوان أو موته، فشعر الآدمي طاهر؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم ناول أبا طلحة شعره فقسمه بين الناس» . رواه الترمذي، وقال: حديث حسن واتفق على معناه. ولولا طهارته لما فعل، ولأنه شعر حيوان طاهر، فأشبه شعر الغنم.
فصل:
ولبن الميتة نجس؛ لأنه مائع في وعاء نجس، وإنفحتها نجسة لذلك، وعنه: أنها طاهرة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أكلوا من جبن المجوس، وهو يصنع بالإنفحة، وذبائحهم ميتة. فأما البيضة: فإن صلب قشرها، لم تنجس، كما لو وقعت في شيء نجس، وإن لم يصلب، فهي كاللبن.
وقال ابن عقيل: لا تنجس إذا كان عليها جلدة تمنع وصول النجاسة إلى داخلها.