الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمل المقطور لا يمكنه إدارته، لم يلزمه. وإن كان سهلاً ففيه وجهان:
أحدهما: يلزمه ذلك، اختاره الخرقي، لأنه أمكنه الاستقبال في ابتداء الصلاة، فلزمه كالماشي.
والثاني: لا يلزمه، اختاره أبو بكر، لأنه جزء من الصلاة، فأشبه سائرها، فإن عدلت به البهيمة عن جهة مقصده إلى جهة القبلة، جاز لأنها الأصل، وإن عدلت إلى غيرها، وهو عالم بذلك مختار له، بطلت صلاته، لأنه ترك قبلته لغير عذر. وإن ظنها طريقه أو غلبته الدابة، لم تبطل.
فأما الماشي ففيه روايتان:
إحداهما: له الصلاة حيث توجه لأنها إحدى حالتي سير المسافر، فأشبه الراكب، لكنه يلزمه الركوع والسجود على الأرض، مستقبلاً لإمكان ذلك.
والثانية: لا يجوز، وهو ظاهر قول الخرقي، لأن الرخصة وردت في الراكب، والماشي يخالفه، لأنه يأتي في الصلاة يمشي وذلك عمل كثير، فإن دخل المسافر في طريقه بلداً جاز أن يصلي فيه، وإن كان في البلد الذي يقصده، أتم صلاته ولم يبتدئ فيه صلاة.
[باب اشتراط دخول الوقت لصحة الصلاة]
باب في الشرط الخامس: وهو الوقت وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف، فإن أحرم بها فبان أنه لم يدخل وقتها، انقلبت نفلاً، لأنه لما بطلت نية الفريضة، بقيت نية الصلاة. ووقت سنة كل صلاة مكتوبة متقدمة عليها من دخول وقتها إلى فعلها، ووقت التي بعدها من فعلها إلى آخر وقتها، فأما النوافل المطلقة، فجميع الزمان وقت لها إلا خمسة أوقات، بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها حتى تنزل، وبعد العصر حتى تتضيف الشمس للغروب، وإذا تضيفت حتى تغرب، فلا يجوز التطوع في هذه الأوقات بصلاة لا سبب لها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس» متفق عليه. وروى عقبة بن عامر قال: «ثلاث ساعات، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي
فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تضيف الشمس للغروب» . رواه مسلم. والنهي عما بعد العصر يتعلق بالفعل، فلو لم يصل فله التنفل، وإن صلى غيره، لأن لفظ العصر بإطلاقه ينصرف إلى الصلاة. وعن أحمد رضي الله عنه فيما بعد الصبح مثل ذلك، لأنها إحدى الصلاتين، فكان النهي متعلقاً بفعلها، كالعصر. والمشهور في المذهب أنه متعلق بالوقت، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ليبلغ الشاهد الغائب أن لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين» . رواه أبو داود. وسواء في هذا مكة، ويوم الجمعة وغيرهما، لعموم النهي في الجميع.
فصل:
ويجوز قضاء المكتوبات في كل وقت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» متفق عليه. وقوله عليه السلام: «من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته» ويجوز في وقتين منهما، وهما بعد الفجر، وبعد العصر، الصلاة على الجنازة، لأنهما وقتان طويلان، فالانتظار فيهما يضر بالميت، وركعتا الطواف بعده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار» رواه الشافعي والأثرم. وإعادة الجماعة لما روى يزيد بن الأسود أنه قال: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين لم يصليا معه، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا، قال: لا تفعلا، إذا صليتما في رحلكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم فإنها لكم نافلة» رواه الأثرم.
فأما فعل هذه الصلوات الثلاث في الأوقات الثلاثة الباقية، ففيها روايتان:
إحداهما: يجوز لعموم الأدلة المجوزة، ولأنها صلاة جازت في بعض أوقات
النهي، فجازت في جميعها، كالقضاء.
والثانية: لا يجوز، لقول عقبة في حديثه:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا» .
وذكر الصلاة مع الدفن ظاهر في الصلاة على الميت، ولأن النهي في هذه الأوقات آكد لتخصيصهن بالنهي في أحاديث، ولأنها أوقات خفيفة، لا يخاف على الميت فيها، ولا يشق تأخير الركوع للطواف فيها بخلاف غيرها.
فصل:
ومتى أعاد المغرب شفعها برابعة نص عليه، لأنها نافلة، ولا يشرع التنفل بوتر في غير الوتر، ومتى أقيمت الصلاة في وقت نهي، وهو خارج من المسجد، لم يستحب له الدخول، فإن دخل صلى معهم، لما روي عن ابن عمر أنه خرج من دار عبد الله بن خالد حتى إذا نظر إلى باب المسجد إذا الناس في الصلاة فلم يزل واقفاً حتى صلى الناس، وقال: إني قد صليت في البيت.
فصل:
فأما سائر الصلوات ذوات الأسباب، كتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وسجود التلاوة، وقضاء السنن، ففيها روايتان:
إحداهما: المنع لعموم النهي، ولأنها نافلة، فأشبهت ما لا سبب له.
والثانية: يجوز فعلها، لما روت أم سلمة، قالت:«دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعد العصر، فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله صليت صلاة لم أكن أراك تصليها، فقال: إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر، وإنما قدم وفد بني تميم، فشغلوني عنهما، فهما هاتان الركعتان» رواه مسلم. وعن قيس بن عمر قال: «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصلاة الصبح مرتين؟ فقال له الرجل: إني لم أكن صليت ركعتين قبلها، فصليتهما الآن، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم» .