الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن اشتبه مطلق بمستعمل، توضأ من كل إناء وضوءاً لتحصل له الطهارة بيقين، وصلى صلاة واحدة. وإن اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة، وأمكنه الصلاة في عدد النجس، وزيادة صلاة، لزمه ذلك؛ لأنه أمكنه تأدية فرضه يقيناً من غير مشقة، فلزمه كما لو اشتبه المطلق بالمستعمل، وإن كثر عدد النجس، فذكر ابن عقيل أنه يصلي في أحدها بالتحري؛ لأن اعتبار اليقين يشق، فاكتفي بالظاهر، كما لو اشتبهت القبلة.
[أقسام الحيوان]
فصل:
وهو ثلاثة أقسام:
طاهر، وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: الآدمي متطهراً كان، أو محدثاً، لما روى أبو هريرة، قال:«لقيني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جنب فانخنست منه، فاغتسلت، ثم جئت، فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قلت: يا رسول الله ! كنت جنباً، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله! إن المؤمن ليس بنجس» متفق عليه. وعن عائشة: «أنها كانت تشرب من الإناء، وهي حائض فيأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيها فيشرب» رواه مسلم.
النوع الثاني: ما يؤكل لحمه، فهو طاهر بلا خلاف.
الثالث: ما لا يمكن التحرز منه، وهو السنور، وما دونها في الخلقة، لما روت كبشة بنت كعب بن مالك، قالت:«دخل علي أبو قتادة، فسكبت له وضوءاً، فجاءت هرة، فأصغى لها الإناء حتى شربت، فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟! قلت: نعم، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. دل بمنطوقه على طهارة الهرة، وبتعليله على طهارة ما دونها، لكونه مما يطوف علينا، ولا يمكن التحرز عنه، كالفأرة ونحوها، فهذا سؤره وعرقه وغيرهما طاهر.
القسم الثاني: نجس، وهو: الكلب والخنزير، وما تولد منهما فسؤره نجس، وجميع أجزائه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعاً»
متفق عليه. ولولا نجاسته ما وجب غسله، والخنزير شر منه؛ لأنه منصوص على تحريمه، ولا يباح إنقاذه بحال. وكذلك ما تولد من النجاسات كدود الكنيف وصراصره؛ لأنه متولد من نجاسة، فكان نجساً، كولد الكلب.
القسم الثالث: مختلف فيه، وهو ثلاثة أنواع كذلك:
أحدها: سائر سباع البهائم والطير، وفيهما روايتان:
إحداهما: أنها نجسة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «سئل عن الماء وما ينوبه من السباع فقال: إذا كان الماء قلتين، لم ينجسه شيء» فمفهومه: أنه ينجس إذا لم يبلغهما، ولأنه حيوان حرم لخبثه يمكن التحرز عنه، فكان نجساً كالكلب.
والثانية: أنها طاهرة لما روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تردها السباع والكلاب والحمر، وعن الطهارة بها، فقال: لها ما أخذت في أفواهها، ولنا ما غبر طهور» رواه ابن ماجه.
ومر عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص بحوض، فقال عمرو: يا صاحب الحوض! ترد على حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض! لا تخبرنا، فإنا نرد عليها، وترد علينا. رواه مالك في الموطأ.
النوع الثاني: الحمار الأهلي والبغل، ففيهما روايتان:
إحداهما: نجاستهما، «لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحمر يوم خيبر: إنها رجس» متفق عليه، ولما ذكرنا في السباع.
والثانية: أنها طاهرة؛ لأنه قال: إذا لم يجد غير سؤرهما، تيمم معه، ولو شك في نجاسته، لم يبح استعماله، ووجهها ما روى جابر أن رسول صلى الله عليه وسلم «سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال: نعم، وبما أفضلت السباع كلها» رواه الشافعي في مسنده. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب الحمار والبغال، وكان الصحابة يقتنونها ويصحبونها في أسفارهم، فلو كانت نجسة، لبين لهم نجاستها، ولأنه لا يمكن التحرز عنها لمقتنيها، فأشبهت الهر ويحكم بطهارته، ويجوز بيعها، فأشبهت مأكول اللحم.
النوع الثالث: الجلالة وهي: التي أكثر علفها النجاسة، ففيها روايتان:
إحداهما: نجاستها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن ركوب الجلالة وألبانها» ، رواه أبو داود. ولأنها تنجست بالنجاسة، والريق لا يطهر.
والثانية: أنها طاهرة؛ لأن الضبع والهر يأكلان النجاسة، وهما طاهران.
وحكم أجزاء الحيوان من جلده وشعره وريشه حكم سؤره؛ لأنه من أجزائه، فأشبه فمه، فإذا وقع في الماء ثم خرج حياً، فحكم ذلك حكم سؤره.
قال أحمد في فأرة سقطت في ماء، ثم خرجت حية: لا بأس به.