الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان، فقال: لو كان على أحدكم دين فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضياً دينه؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم» رواه الدارقطني بنحوه والمتتابع أحسن؛ لأنه أشبه بالأداء وأبعد من الخلاف، ويجوز له تأخيره ما لم يأت رمضان آخر؛ لأن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان يكون علي الصيام من رمضان فما أقضيه حتى يجيء شعبان. متفق عليه، ولا يجوز تأخيره أكثر من ذلك لغير عذر؛ لأنه لو جاز لأخرته عائشة، ولأن تأخيره غير مؤقت، إلحاقاً لها بالمندوبات، فإن أخره لعذر فلا شيء عليه؛ لأن فطر رمضان يباح للعذر فغيره أولى، وسواء مات أو لم يمت؛ لأنه لم يفرط في الصوم فلم يلزمه شيء، كما لو مات في رمضان، وإن أمكنه القضاء فلم يقض حتى جاء رمضان آخر قضى وأطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأن ذلك يروى عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم، ولأن تأخير القضاء عن وقته إذا لم يوجب قضاء أوجب كفارة، كالشيخ الهرم وإن فرط فيه حتى مات قبل رمضان آخر، أطعم عنه عن كل يوم مسكين؛ لأن ذلك يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما. وإن مات المفرط بعد أن أدركه رمضان آخر فكفارة واحدة عن كل يوم يجزئه، نص عليه؛ لأن الكفارة الواحدة أزالت تفريطه فصار كالميت من غير تفريط. وقال أبو الخطاب: عليه لكل يوم فقيران لأن كل واحد يقتضي كفارة، فإذا اجتمعا وجب بهما كفارتان، كالتفريط في يومين. ويجوز لمن عليه قضاء رمضان التطوع بالصوم؛ لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع بها في وقتها قبل فعلها كالصلاة، وعنه: لا يجوز؛ لأنها عبادة يدخل في جبرانها المال فلم يجز التطوع بها قبل فرضها كالحج، والأول أصح؛ لأن الحج يجب على الفور، بخلاف الصيام، ولا يكره قضاؤه في عشر ذي الحجة؛ لأن عمر كان يستحب القضاء فيها، ولأنها أيام عبادة لا يكره القضاء فيها كعشر المحرم، وعنه: يكره؛ لأن علياً رضي الله عنه كرهه، ولأن العبادة فيها أحب الأعمال إلى الله تعالى فاستحب توفيرها على التطوع.
[باب ما يستحب وما يكره للصائم]
باب ما يستحب وما يكره ينبغي للصائم أن يحرس صومه عن الكذب والغيبة والشتم والمعاصي، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا كان يوم صوم أحدكم قلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم» متفق عليه، ويستحب للصائم السحور، لما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «تسحروا فإن في السحور بركة» متفق عليه ويستحب تأخير السحور وتعجيل الفطر، لما روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تزال أمتي بخير ما أخروا
السحور وعجلوا الفطور» من المسند. ويستحب أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد فعلى ماء، لما روى أنس قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم يكن حسا حسوات من ماء» ، وهذا حديث حسن، ولا بأس بالسواك؛ لأن عامر بن ربيعة قال:«رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم» ، وهذا حديث حسن. وهل يكره بالعود الرطب، على روايتين:
إحداهما: لا يكره؛ لأنه يروى عن عمر وعلي وابن عمر رضي الله عنهم.
والأخرى: يكره؛ لأنه لا يأمن أن يتحلل منه أجزاء تفطره.
فصل:
وتكره القبلة لمن تحرك شهوته؛ لأنه لا يأمن إفضاءها إلى فساد صومه ومن لا تحرك شهوته فيه روايتان:
إحداهما: يكره؛ لأنه لا يأمن من حدوث شهوة.
والأخرى: لا يكره، «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم» متفق عليه لما كان أملك لإربه، وقد روي عن أبي هريرة «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، فأتاه آخر وسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ. والذي نهاه شاب» . رواه أبو داود، والحكم في اللمس وتكرار النظر كالحكم في القبلة؛ لأنهما في معناها. ويكره أن يذوق الطعام، فإن فعل فلم يصل إلى حلقه شيء لم يضره، وإن وصل شيء فطره، ويكره مضغ العلك القوي الذي لا يتحلل منه شيء، فأما ما يتحلل منه أجزاء يجد طعمها في حلقه فلا يحل مضغه، إلا أن لا يبلع ريقه، فإن بلعه فوجد طعمه في حلقه فطره، وإن وجد طعم ما لا يتحلل منه شيء في حلقه ففيه وجهان:
أحدهما: يفطره كالكحل.
والثاني: لا يفطره؛ لأن مجرد الطعم لا يفطر، كمن لطخ باطن قدميه بالحنظل فوجد مرارته في حلقه لم يفطره، ويكره الغوص في الماء لئلا يدخل مسامعه، فإن دخل فهو كالداخل من المبالغة في الاستنشاق؛ لأنه حصل بفعل مكروه، فأما الغسل فلا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً ثم يغتسل.