الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإذا تولى الرجل إخراج زكاته استحب أن يبدأ بأقاربه الذين يجوز الدفع إليهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«صدقتك على ذي القربى صدقة وصلة» رواه الترمذي والنسائي. ويخص ذوي الحاجة؛ لأنهم أحق، ومن مات وعليه زكاة ودين لا تتسع تركته لهما، قسمت بينهما بحصصهما؛ لأنهما تساويا في الوجوب فتساويا في القضاء.
[باب صدقة التطوع]
وهي مستحبة، لقول الله تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله تعالى يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل» متفق عليه. وصدقة السر أفضل لقول الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 271]، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أن صلة الرحم تزيد في العمر وصدقة السر تطفئ غضب الرب» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. والأفضل الصدقة على ذي الرحم للخبر، ولقول الله تعالى:{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} [البلد: 14]{يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: 15] ، والصدقة في أوقات الحاجة أكثر ثواباً للآية، وكذلك على من اشتدت حاجته، لقول الله تعالى:{أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] والصدقة في الأوقات الشريفة كرمضان، وفي الأماكن الشريفة تضاعف كما يضاعف غيرها من الحسنات، والنفقة في سبيل الله تضاعف سبعمائة ضعف، لقول الله تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] .
فصل:
ومن عليه دين، لا يجوز أن يتصدق صدقة تمنع قضاءها؛ لأنه واجب فلم يجز تركه، ولا يجوز تقديمها على نفقة العيال؛ لأنها واجبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت» رواه أبو داود. وروى أبو هريرة قال: «أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقام رجل فقال: يا رسول الله عندي دينار فقال: تصدق على نفسك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أبصر» رواه أبو داود. فإن وافقه عياله على الإيثار فهو أفضل، لقول الله تعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة جهد من مقل إلى فقير في السر» رواه أبو داود [ولم يذكر (إلى فقير في السر) ] ، ومن أراد الصدقة بكل ماله، وكان يعلم من نفسه حسن التوكل وقوة اليقين والصبر عن المسألة، أو كان له مكسب يقوم به فذلك أفضل له وأولى به؛ لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه تصدق بكل ماله، فروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: أبقيت لهم مثله. فأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ فقال: الله ورسوله، فقلت لا أسابقك إلى شي أبداً» ، وإن لم يثق من نفسه بهذا كره له، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يأتي أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» رواهما أبو داود. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد: «إنك أن تدع أهلك أغنياء خير من أن تدعهم عالةً يتكففون الناس» متفق عليه. ويكره لمن لا صبر له على الإضاقة أن ينقص نفسه عن الكفاية التامة.