الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب أوقات الصلوات]
الأولى هي الظهر، لما روى أبو برزة الأسلمي قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض
الشمس، يعني: تزول» في حديث طويل، متفق عليه، وأول وقتها إذا زالت الشمس، وآخره إذا كان ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت الشمس عليه، لما روى [ابن عباس] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر في المرة الأولى حين زالت الشمس، والفيء مثل الشراك، ثم صلى بي في المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثله، وقال: الوقت ما بين هذين» في حديث طويل، قال الترمذي: هو حديث حسن.
ويعرف زوال الشمس بطول الظل بعد
تناهي قصره، والأفضل تعجيلها، لحديث أبي برزة إلا في شدة الحر فإنه يستحب، الإبراد بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أبردوا [بالظهر]
في شدة الحر، فإن شدة الحر من فيح جهنم» متفق عليه.
فصل
ثم العصر، وهي الوسطى لما روى علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً» متفق عليه، وأول وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله، وآخره إذا صار ظل كل شيء مثليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل:«وصلى بي العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى بي المرة الآخرة حين صار ظل كل شيء مثليه»
وعنه: أن آخره ما لم تصفر الشمس، لما روى عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«وقت العصر ما لم تصفر الشمس» رواه مسلم، ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الجواز إلى غروب الشمس.
ومن أدرك منها جزءاً قبل الغروب، فقد أدركها، لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته» متفق عليه، وتعجيلها أفضل بكل حال، لقول أبي برزة في حديثه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -
يصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية» ، متفق عليه.
فصل
ثم المغرب وهي الوتر وأول وقتها، إذا غابت الشمس، وآخره إذا غاب الشفق الأحمر، لما روى بريدة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم صلى المغرب في اليوم الثاني حين غاب الشفق، ثم قال: وقت وصلاتكم بين ما رأيتم» رواه مسلم، وفي حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«وقت المغرب ما لم يغب الشفق» ويكره تأخيرها عن وقتها؛ لأن جبريل عليه السلام صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في
اليومين في أول وقتها، وقال جابر:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا وجبت الشمس» ، متفق عليه.
فصل
ثم العشاء وأول وقتها إذا غاب الشفق الأحمر، وآخره ثلث الليل، لما روى بريدة:«أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء في اليوم الأول حين غاب الشفق، وصلاها في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل» ، وحديث ابن عباس في صلاة جبريل مثله، وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الشفق الحمرة، فإذا غاب الشفق، وجبت الصلاة» رواه الدارقطني.
وعنه: آخره نصف الليل، لما روى عبد الله بن عمرو: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل» رواه مسلم وأبو داود، والأفضل تأخيرها لقول أبي برزة:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب أن يؤخر العشاء» متفق عليه.
ويستحب أن يراعى حال المأمومين، لقول جابر:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء أحياناً يقدمها وأحياناً يؤخرها إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا، أخر»
متفق عليه، ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الجواز إلى طلوع الفجر الثاني، على ما ذكرنا في وقت العصر.
فصل
ثم الفجر، وأول وقتها إذا طلع الفجر الثاني بغير خلاف، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق معترضاً لا ظلمة بعده، وآخره إذا طلعت الشمس، لما روى بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه أمر بلالاً فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما كان اليوم الثاني صلى الفجر، فأسفر بها، ثم قال: وقت صلاتكم ما بين ما رأيتم» ، وفي حديث ابن عباس في حديث جبريل مثله.
والأفضل تعجيلها، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر، فيشهد
معه نساء من المؤمنات، ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس» .
متفق عليه.
وعنه: يراعي حال المأمومين، فإن أسفروا فالإسفار أفضل، لما ذكرنا في العشاء.
فصل:
وتجب الصلاة بأول الوقت، لأن الأمر بها يتعلق بأول وقتها، والأمر يقتضي الوجوب، ولأنه سبب الوجوب، فتثبت عقبيه، كسائر الأسباب، ويستقر الوجوب بذلك.
فلو جن بعد دخول جزء من وقت الصلاة، أو حاضت المرأة، لزمها القضاء، لأنه إدراك جزء تجب بها الصلاة، فاستقرت به، كآخر الوقت.
وهل تجب العصر بإدراك جزء من وقت الظهر؟ فيه وجهان:
أحدهما: تجب، لأنه أدرك جزءاً من وقت إحدى صلاتي الجمع، فلزمته الأخرى، كإدراك جزء من وقت العصر.
والثاني: لا تجب، لأنه لم يدرك شيئاً من وقتها، ولا وقت تبعها، فأشبه من لم يدرك شيئاً بخلاف العصر، فإنها تفعل تبعاً للظهر، فمدرك وقتها مدرك لجزء من وقت تبع الظهر، وهكذا القول في المغرب والعشاء.
ومن أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج الوقت، فهو مدرك لها لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» وفي لفظ: «إذا أدرك أحدكم سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح، فليتم صلاته» متفق عليه.
وفي مدرك أقل من ركعة وجهان:
أحدهما: يكون مدركاً لها لأنه إدراك جزء من الصلاة، فاستوى فيه الركعة وما دونها، كإدراك الجماعة.
والثاني: لا يكون مدركاً لها، لتخصيصه الإدراك بركعة، وقياساً على إدراك الجمعة.
فصل:
ويجوز تأخير الصلاة إلى آخر وقتها، لأن «جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في
اليوم الثاني في آخر الوقت» .
فإن أخرها عن وقتها، لزمه قضاؤها على الفور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» متفق عليه. فإن فاتته صلوات، لزمه قضاؤهن مرتبات، لأنها صلوات مؤقتات، فوجب الترتيب فيها، كالمجموعتين.
فإن خشي فوات الحاضرة، قدمها لئلا تصير فائتة، ولأن فعل الحاضرة آكد، بدليل أنه يقتل بتركها، بخلاف الفائتة.
وعنه: لا يسقط الترتيب، لما ذكرنا من القياس.
وإن نسي الفائتة حتى صلى الحاضرة سقط الترتيب، وقضى الفائتة وحدها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان» رواه النسائي. وإن ذكرها في الحاضرة، والوقت ضيق، فكذلك.
وإن كان متسعاً وهو مأموم، أتمها وقضى الفائتة، وأعاد الحاضرة، لما روى
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام، فليصل مع الإمام، فإذا فرغ من صلاته، فليعد التي نسي ثم ليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام» رواه أبو حفص العكبري وأبو يعلى الموصلي. وروي موقوفاً على ابن عمر.
وفي المنفرد روايتان:
إحداهما: أنه كذلك.
والأخرى: يقطعها.
وعنه في الإمام: أنه ينصرف، ويستأنف المأمومون، قال أبو بكر: لم ينقلها غير حرب.
وإن كثرت الفوائت، قضاها متتابعة ما لم تشغله عن معيشته، أو تضعفه في بدنه حتى يخشى فوات الحاضرة، فليصلها، ثم يعود إلى القضاء.
وعنه: إذا كثرت الفوائت فلم يمكنه فعلها قبل فوات الحاضرة، فله فعل الحاضرة في أول وقتها، لعدم الفائدة في التأخير، مع لزوم الإخلال في الترتيب.
فصل:
ومن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها، لزمه خمس صلوات، ينوي في كل واحدة أنها المكتوبة، ليحصل له تأدية فرضه بيقين.
وإن نسي ظهراً وعصراً من يومين لا يدري أيتهما الأولى، لزمه ثلاث صلوات ظهراً، ثم عصراً، ثم ظهراً، [أو] عصراً، ثم ظهراً ثم عصراً، ليحصل له ترتيبها بيقين.
فصل:
ومن شك في دخول الوقت، لم يصل حتى يتيقن، أو يغلب على ظنه ذلك، بدليل.