الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفصل بين الجمعة والركوع بكلام، أو رجوع إلى منزله، لما روى السائب بن يزيد قال: قال لي معاوية: «إذا صليت صلاة الجمعة فلا تصليها بصلاة حتى تتكلم، أو تخرج، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بذلك» ، رواه مسلم.
فصل:
ويستحب أن يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} [الإنسان: 1]«لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: {الم - تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} [السجدة: 1 - 2] و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] » رواه مسلم. قال أحمد: ولا أحب أن يداوم عليها، لئلا يظن الناس أنها مفضلة بسجدة.
فصل:
فإذا اتفق عيد في يوم جمعة فصلوا العيد لم تلزمهم الجمعة، ويصلون ظهراً لما روى زيد بن أرقم قال:«شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم، فصلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يجمع فليجمع» . وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون إن شاء الله» رواهما أبو داود.
وتجب الجمعة على الإمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا مجمعون» ولأن تركه لها منع لمن يريدها من الناس.
وعنه: لا تجب؛ لأن ابن الزبير لم يصلها وكان إماماً، ولأن الجمعة إذا سقطت عن المأمومين سقطت عن الإمام، كحالة السفر، فإن عجل الجمعة في وقت العيد أجزأته عن العيد والظهر، في ظاهر كلامه لما روى عطاء قال: اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير، فقال: عيدان قد اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما وصلاهما ركعتين، فلم يزد عليهما حتى صلى العصر، وبلغ فعله ابن عباس فقال: أصاب السنة.
[باب صلاة العيدين]
وهي فرض على الكفاية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده كانوا يداومون عليها، ولأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، فكانت فرضاً كالجهاد، ولا تجب على الأعيان؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم ذكر للأعرابي خمس صلوات فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» متفق عليه.
فإن اتفق أهل بلد على تركها قاتلهم الإمام، لتركهم شعائر الإسلام الظاهرة، فأشبه تركهم الأذان. ويشترط لوجوبها ما يشترط للجمعة؛ لأنها صلاة عيد، فأشبهت الجمعة، ولا يشترط لصحتها الاستيطان، ولا العدد؛ لأن أنساً كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما ولأنهما من حق من انتفت فيه شروط الوجوب تطوع، فلم يشترط لها ذلك كسائر التطوع، وقال القاضي: كلام أحمد رضي الله عنه يقتضي أن في اشتراط الاستيطان والعدد وإذن الإمام روايتين.
فصل:
ووقتها من حين ترتفع الشمس وتزول وقت النهي إلى الزوال، فإن لم يعلم بها إلا بعد الزوال خرج من الغد فصلى بهم، لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:«أن ركباً جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا فإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم» ، رواه أبو داود. ويسن تقديم الأضحى وتأخير الفطر، لما روى عمرو بن حزم «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم الأضحى ويؤخر الفطر» ، ولأن السنة إخراج الفطرة قبل الصلاة، ففي تأخير الصلاة توسيع لوقتها، ولا تجوز التضحية إلا بعد الصلاة، ففي تعجيلها مبادرة إلى الأضحية.
فصل:
ويسن أن يأكل في الفطر قبل الصلاة، ويمسك في الأضحى حتى يصلي لما روى بريدة قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي» ، رواه الترمذي، ويفطر على تمرات وتر، لما روى أنس قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات» . رواه البخاري وفي لفظ: «ويأكلهن وتراً» .
فصل:
والسنة أن يصليها في المصلى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده كانوا يفعلونها فيه، ويستحب أن يستخلف على ضعفة الناس من يصلي بهم في الجامع لأن علياً رضي الله عنه استخلف أبا مسعود البدري، يصلي بضعفة الناس في المسجد، وهل يصلي المستخلف ركعتين أو أربعاً، على روايتين بناء على اختلاف الروايات في فعل أبي مسعود وقد روي أنه صلى بهم ركعتين وروي أنه صلى بهم أربعاً، وإن كان عذر من
مطر أو نحوه صلى في المسجد، لما روى أبو هريرة قال:«أصابنا مطر في يوم عيد، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد» . رواه أبو داود.
فصل:
ويسن الاغتسال للعيد، والطيب والتنظيف والسواك، وأن يلبس أحسن ثيابه، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع:«إن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك» فعلل ذلك بأنه يوم عيد، ولأن هذا اليوم يشرع فيه الاجتماع للصلاة، فأشبه الجمعة، وقد روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتم، ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة» رواه ابن عبد البر. إلا أن المعتكف يستحب له الخروج في ثياب اعتكافه، ليبقى عليه أثر العبادة.
فصل:
ويستحب أن يبكر إليها المأموم، ماشياً مظهراً للتكبير؛ لأن علياً رضي الله عنه قال: من السنة أن يأتي العيد ماشياً. رواه الترمذي وقال، حديث حسن ولأنه أعظم للأجر، ويتأخر الإمام إلى وقت الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، ولأن الإمام ينتظر ولا ينتظر، وإذا غدا من طريق رجع من غيره؛ لأن جابراً قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق.» رواه البخاري.
فصل:
قال ابن حامد: ويستحب خروج النساء، لما روت أم عطية قالت:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن المصلى، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين» . متفق عليه. قال القاضي: وظاهر كلام أحمد أن ذلك جائز غير مستحب، ولا يلبسن ثوب شهرة، ولا يتطيبن لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«وليخرجن تفلات» .
فصل:
وليس لها أذان ولا إقامة لما روى عطاء قال: أخبرني جابر «أن لا أذان للصلاة يوم الفطر ولا إقامة ولا نداء، ولا شيء لا نداء يومئذ ولا إقامة» ، متفق عليه. وقال جابر بن سمرة:«صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين بلا أذان ولا إقامة» . رواه مسلم.
فصل:
وصلاة العيد ركعتان، يقرأ في كل ركعة منهما بالحمد لله وسورة، ويجهر بالقراءة
بلا خلاف، قال عمر رضي الله عنه:«صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم. وقد خاب من افترى» . رواه الإمام أحمد في " المسند ". ويسن أن يقرأ فيهما بسبح و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] لحديث النعمان بن بشير. ومهما قرأ أجزأه، ويكبر في الأولى سبع تكبيرات منها تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام، لما روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«التكبير في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتي الركوع» رواه أبو داود.
واعتددنا بتكبيرة الإحرام لأنها في حال القيام، ولم نعتد بتكبيرة القيام لأنها قبله.
ويسن أن يرفع يديه في كل تكبيرة، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة وفي العيد. رواه الأثرم. ويحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين، وإن أحب قال: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلى الله على محمد النبي الأمي وآله وسلم تسليماً؛ لأنه يجمع بين ما ذكرناه.
وموضع التكبير بين الاستفتاح، وقبل الاستعاذة والقراءة في الركعتين. وعنه: أنه قبل الاستفتاح أيضاً اختارها الخلال وصاحبه، والأول أولى؛ لأن الاستفتاح لافتتاح الصلاة، فيكون في أولها، والاستعاذة للقراءة فتكون في أولها. وعنه: أنه يوالي بين القراءتين، يجعلها في الأولى بعد التكبير، وفي الثانية قبله، لما روى علقمة أن عبد الله بن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة قبل العيد يوماً فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ فقال عبد الله: تبدأ وتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد ربك، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تدعو وتكبر، إلى أن قال: وتركع، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك،. وذكر الحديث. قال أبو موسى وحذيفة صدق. ووجه الأولى أنه تكبير في إحدى ركعتي العيد فكان قبل القراءة كالأولى.
فصل:
وتكبيرات العيد الزوائد والذكر بينها سنة لا يؤثر تركها عمداً، وإن والى بين التكبير كان جائزاً، وإن نسي التكبير حتى شرع في القراءة، لم يعد إليه لأنه سنة فلا يعود إليها بعد شروعه في القراءة كالاستفتاح.
فصل:
فإذا سلم خطب خطبتين كخطبتي الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. ويفارق خطبتي الجمعة في أربعة أشياء:
أحدها: أن محلها بعد الصلاة، لما روى ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة» . متفق عليه.
الثاني: أنه يسن أن يستفتح الأولى بتسع تكبيرات متواليات، والثانية بسبع، ويكثر التكبير في أضعاف الخطبة، لما روى سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر بين أضعاف الخطبة، يكثر التكبير بن خطبتي العيدين» .
الثالث: أن يحثهم في الفطر على إخراج الفطر، ويبين لهم ما يخرجونه ووقته وجنسه، وفي الأضحى يرغبهم في الأضحية، ويبين لهم ما يجزئ فيها، ووقت ذبحها، ويحثهم على الإطعام منها؛ لأنه وقت هذا النسك فيشرع تبيينه.
الربع: أنهما سنة لا يجب استماعهما ولا الإنصات لهما، لما روى عبد الله بن السائب قال:«شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب» رواه أبو داود. ويستحب أن يجلس عقيب صعوده ليستريح، وقيل: لا يجلس؛ لأن الجلوس في الجمعة لموضع الأذان ولا أذان ههنا.
فصل:
ولا يتنفل قبل الصلاة وبعدها في موضع الصلاة لا في المسجد ولا في المصلى، إماماً كان أو مأموماً، لما روى ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها» . متفق عليه. ولا بأس أن يصلي بعد رجوعه، لما روى أبو سعيد قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين» . رواه ابن ماجه.
فصل:
ومن سبق بالتكبير أو بعضه لم يقضه لأنه سنة فات محلها.
وقال ابن عقيل: يأتي به؛ لأن محله القيام وقد أدركه، وإن أدركه في الركوع تتبعه ولم يقض التكبير وجهاً واحداً، وإن أدركه في التشهد قام إذا سلم الإمام فقضى ركعتين يكبر فيهما، وإن أدركه في الخطبة استمع ثم قضى الصلاة إن أحب. وفي صفة القضاء ثلاث روايات:
إحداهن: يقضيها على صفتها، لحديث أنس ولأنه قضى صلاة فكان على صفتها كغيرها.
الثانية: يصليها أربعاً بسلام واحد إن أحب، أو بسلامين، لما روى الأثرم عن عبد الله بن مسعود قال: من فاته العيد فليصل أربعاً، ولأنها صلاة عيد فإذا فاتت صليت أربعاً كالجمعة.
الثالثة: هو مخير بين ركعتين وأربع؛ لأنه تطوع نهار فكانت الخيرة إليه فيه كالضحى.
فصل:
ويشرع التكبير في العيدين، لقول الله تعالى:{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] . وعن علي رضي الله عنه أنه كان يكبر حتى يسمع أهل الطريق.
قال القاضي: والتكبير في الفطر مطلق غير مقيد على ظاهر كلامه. يعني لا يختص بأدبار الصلوات.
وقال أبو الخطاب: يكبر من غروب الشمس إلى خروج الإمام إلى الصلاة. وهل يكبر بعد صلاة العيد على روايتين.
فصل:
فأما التكبير في الأضحى فهو على ضربين: مطلق ومقيد. فأما المطلق فالتكبير في جميع الأوقات، من أول العشر إلى آخر أيام التشريق. وأما المقيد فهو التكبير في أدبار الصلوات، من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق. قيل لأحمد: بأي حديث تذهب إلى أن التكبير في صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق؟ قال: بالإجماع عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم. وقد روي عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة، ثم أقبل علينا فقال: الله أكبر ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق» . وصفة التكبير المشروع: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد) ؛ لأن هذا يروى عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما. قال أبو عبد الله: اختياري تكبير ابن مسعود. وذكر مثل هذا، ولأن في حديث جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر تكبيرتين» ، ولأنه تكبير خارج الصلاة فكان شفعاً كتكبير الأذان.
فصل:
وموضعه عقيب أدبار الصلوات المفروضات، ولا يشرع عقيب النوافل لأنه لا أذان