الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحداهما: يملكه واجده؛ لأنه لا يملك بملك الأرض إذ ليس هو من أجزائها، وإنما هو مودع فيها، فجرى مجرى الصيد والكلأ، يملكه من ظفر به كالمباحات كلها، وإن ادعاه صاحب الأرض فهو له مع يمينه، لثبوت يده على محله.
والثانية: هو لصاحب الأرض إن اعترف به، وإن لم يعترف به، فهو لأول مالك؛ لأنه في ملكه، فكان له كحيطانه، فإن كان الملك موروثاً فهو للورثة، إلا أن يعترفوا أنه لم يكن لمورثهم فيكون لمن قبله، فإن اعترف به [بعضهم دون بعض فللمعترف به نصيبه وباقيه لمن قبله] .
الثالث: وجده في ملك انتقل إليه فهو له بالظهور عليه، وإن قلنا: لا يملك به فهو للمالك قبله إن اعترف به، وإلا فهو لأول مالك.
الرابع: وجده في أرض الحرب وقدر عليه بنفسه فهو له؛ لأن مالك الأرض لا حرمة له فأشبه الموات وإن لم يقدر عليه إلا بجماعة المسلمين فهو غنيمة؛ لأن قوتهم أوصلته إليه وإن وجد في ملك انتقل إليه ما عليه علامة الإسلام، فادعاه من انتقل عنه ففيه روايتان:
إحداهما: يدفع إليه من غير تعريف ولا صفة؛ لأنه كان تحت يده فالظاهر أنه ملكه، كما لو لم ينتقل عنه.
والثانية: لا يدفع إليه إلا بصفة؛ لأن الظاهر أنه لو كان له لعرفه. وإن اكترى داراً فظهر فيها دفين، فادعى كل واحد من المالك والمكتري أنه دفنه ففيه وجهان:
أحدهما: القول قول المالك؛ لأن الدفين تابع للأرض.
والثاني: القول قول المكتري؛ لأنه مودع في الأرض وليس منها، فكان القول قول من يده عليه كالقماش.
فصل:
وإذا استأجر أجيراً ليحفر له طالباً لكنز فوجد كنزاً فهو للمستأجر؛ لأنه استأجره لذلك، فأشبه ما لو استأجره ليحتش له، وإن استأجره لغير ذلك فوجد كنزاً فهو للأجير؛ لأنه غير مقصود بالإجارة. فكان للظاهر عليه كما لو استأجره ليحتمل له فوجد صيداً.
[باب زكاة التجارة]
وهي واجبة، روى سمرة بن جندب قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نخرج
الصدقة مما نعده للبيع» . رواه أبو داود. ولأنه مال نام فتعلقت به الزكاة كالسائمة، ولا تجب إلا بشروط أربعة:
أحدهما: نية التجارة، لقوله: مما نعده للبيع، ولأن العروض مخلوقة في الأصل للاستعمال فلا تصير للتجارة إلا بنيتها، كما أن ما خلق للتجارة وهي الأثمان لا تصير للقنية إلا بنيتها. ويعتبر وجودها في جميع الحول؛ لأنها شرط أمكن اعتباره في جميع الحول فاعتبر فيه كالنصاب.
الثاني: أن يملك العروض بفعله كالشراء ونحوه بنية التجارة.
وعنه: تصير للتجارة بمجرد النية، اختاره أبو بكر، وابن عقيل للخبر، ولأنه يصير للقنية بمجرد النية، فلأن يصير للتجارة بذلك أولى. وظاهر المذهب الأول؛ لأن ما لا تتعلق به الزكاة من أصله لا يصير لها بمجرد النية، كالمعلوفة إذا نوى بها الإسامة، وفارق نية القنية؛ لأنها الأصل فكفى فيها مجرد النية كالإقامة مع السفر، فعلى هذا إن لم ينو عند التملك ونوى بعده لم تجب الزكاة فيه؛ لأنه نية مجردة، ولو نوى بتملكه أنه للتجارة، ثم نواه للقنية صار للقنية؛ لأنها الأصل، وإن نوى بعد للتجارة لم يصر لها حتى يبيعه.
الشرط الثالث: أن يبلغ قيمته نصاباً من أقل الثمنين قيمة، فإذا بلغ أحدهما نصاباً دون الآخر قومه به، ولا يعتبر ما اشتراه به؛ لأن تقويمه لحظ الفقراء فيعتبر ما لهم الحظ فيه، ولو كان أثماناً قومه كالسلع؛ لأنه وجد فيه معنيان يقتضيان الإيجاب فيعتبر ما يتعلق به الإيجاب كالسوم والتجارة، فإن بلغ نصاباً من كل واحد منهما قومه بما هو أحظ للفقراء، فإن استويا قومه بما شاء منهما.
الشرط الرابع: الحول لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» ويعتبر وجوب النصاب في جميع الحول؛ لأن ما اعتبر له الحول والنصاب اعتبر وجوده في جميعه كالأثمان.
ولو اشترى للتجارة عرضاً لا يبلغ نصاباً، ثم بلغه، انعقد الحول عليه من حين صار نصاباً. وإن ملك نصاباً فنقص انقطع الحول، فإن عاد فنما فبلغ النصاب استأنف الحول على ما ذكرنا في السائمة والأثمان.
وإن ملك نصاباً في أوقات فلكل نصاب حول، ولا يضم نصاب إلى نصاب؛ لأن المستفاد يعتبر له حول أصله على ما أسلفناه، وإن لم يكمل الأول إلا بالثاني فحولهما منذ ملك الثاني، وإن لم يكمل إلا بالثالث فحول الجميع من حين كمل النصاب.
فصل:
ولا يشترط أن يملك العرض بعوض. ذكره ابن عقيل وأبو الخطاب، وقال القاضي: يشترط أن يملكه بعوض كالبيع والخلع والنكاح، فإن ملكه بهبة أو احتشاش أو غنيمة لم يصر للتجارة؛ لأنه ملك بغير عوض أشبه الموروث. ولنا: أنه ملكه بفعله أشبه المملوك بالبيع، وفارق الإرث؛ لأنه بغير فعله فجرى مجرى الاستدامة.
فصل:
وإذا اشترى نصاباً للتجارة بآخر لم ينقطع الحول؛ لأن الزكاة تتعلق بالقيمة، والقيمة فيها واحدة انتقلت من سلعة إلى سلعة، فهي كدراهم نقلت من بيت إلى بيت، وإن اشتراه بأثمان لم ينقطع الحول؛ لأن القيمة في الأثمان كانت ظاهرة فاستترت في السلعة، وكذلك لو باع نصاب التجارة بنصاب الأثمان لم ينقطع الحول لذلك، وإن اشترى نصاباً للتجارة بعرض للقنية، أو بما دون نصاب من الأثمان أو عرض التجارة، انعقد الحول من حين الشراء؛ لأن ما اشترى به لم يجر في حول الزكاة فلم يبن عليه، ولو اشترى نصاباً للتجارة بنصاب سائمة، أو سائمة بنصاب تجارة، انقطع الحول؛ لأنهما مختلفان، فإن كان نصاب التجارة سائمة فاشترى به نصاب سائمة للقنية لم ينقطع الحول. لأن السوم سبب للزكاة إنما قدم عليه زكاة التجارة لقوته، فإذا زال المعارض ثبت حكم السوم لظهوره.
فصل:
وإذا ملك للتجارة سائمة فحال الحول، والسوم ونية التجارة موجودان فبلغ المال نصاب أحدهما دون الآخر كخمس من الإبل لا تبلغ قيمتها مائتي درهم، أو أربع تبلغ ذلك، وجب زكاة ما وجد نصابه، لوجود سببها خالياً عن معارض لها، وإن وجد نصابهما كخمس قيمتها مائتا درهم، وجبت زكاة التجارة وحدها؛ لأنها أحظ للفقراء لزيادتها بزيادة القيمة من غير وقص. وسواء تم حولهما جميعاً، أو تقدم أحدهما صاحبه لذلك. وإن اشترى أرضاً أو نخلاً للتجارة فأثمرت النخل وزرعت الأرض فكذلك في أحد الوجهين، وفي الآخر يزكي الثمرة والزرع زكاة العشر، ثم يقوم النخل والأرض فيزكيهما؛ لأن ذلك أحظ للفقراء لكثرة الواجب وزيادة نفعه.
فصل:
وتقوم السلعة عند الحول بما فيها من نماء وربح؛ لأن الربح من نمائها فكان حولها كسخال السائمة، وما نما بعد الحول ضم إليه في الحول الثاني؛ لأنه إنما وجد فيه،