الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن الجمع لا يجوز لغير عذر، ولم يبق إلا المرض، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل، وحمنة بنت جحش بالجمع بين الصلاتين لأجل الاستحاضة، وهو نوع مرض، ثم هو مخير بين التقديم والتأخير، أي ذلك كان أسهل عليه فعله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم إذا ارتحل بعد دخول الوقت، ويؤخر إذا ارتحل قبله طلبًا للأسهل، فكذلك المريض، وإن كان الجمع عنده واحدًا فالأفضل التأخير، فأما الجمع في المطر، فلا تحصل فائدة الجمع فيه إلا بتقديم العشاء إلى المغرب، فيكون ذلك الأولى، والله أعلم.
[باب صلاة المريض]
إذا عجز عن الصلاة قائمًا صلى قاعدًا؛ «لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» رواه البخاري. وصلى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدًا بأصحابه وهو شاك.
وصفة جلوسه على ما ذكرنا في صلاة التطوع.
فإن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، يقرب وجهه من الأرض في السجود قدر طاقته.
فإن سجد على وسادة بين يديه جاز؛ لأن أم سلمة سجدت على وسادة لرمد بها، ولا يجعلها أرفع من مكان يمكنه حط وجهه إليه.
وإن أمكنته الصلاة قائمًا وحده ولم تمكنه من الإمام إلا بالقعود في بعضها فهو مخير فيها؛ لأنه يفعل في كل واحدة منهما واجبًا ويترك واجبًا، وإن أمكنه القيام وعجز عن الركوع والسجود صلى قائمًا، فأومأ بالركوع، ثم جلس فأومأ بالسجود؛ لأن سقوط فرض لا يسقط فرضًا غيره.
وإن تقوس ظهره فصار كالراكع رفع حال القيام قدر طاقته، ثم انحنى في الركوع قليلًا آخر، وإن كان بعينه رمد فقال ثقات من العلماء بالطب: إن صليت مستلقيًا أمكن مداواتك جاز ذلك؛ لأن أم سلمة تركت السجود لرمد بها، ولأنه يخاف من الضرر، أشبه المرض.
فصل:
وإن عجز عن القعود صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه؛ لحديث عمران، وإن صلى على جنبه الأيسر جاز للخبر، ولأنه يستقبل القبلة به، وإن صلى مستلقيًا على ظهره بحيث إذا قعد كان وجهه إليها جاز؛ لأنه نوع استقبال، ويحتمل أن لا يجوز لمخالفته الأمر، وتركه الاستقبال بوجهه وجملته.
فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى على ظهره، ويومئ بالركوع والسجود برأسه، فإن عجز فبطرفيه، ولا تسقط الصلاة عنه ما دام عقله ثابتًا.
فصل:
وإن قدر على القيام والقعود في أثناء الصلاة انتقل إليه، وأتم صلاته. وإن ابتدأها قائمًا أو قاعدًا فعجز عن ذلك في أثنائها أتم صلاته على ما أمكنه؛ لأنه يجوز أن يؤدي جميعها قائمًا حال القدرة، وقاعدًا حال العجز، فجاز أن يفعل بعضها قائمًا مع القدرة، وبعضها قاعدًا مع العجز.
فصل:
ومن كان في ماء أو طين لا يمكنه السجود إلا بالتلوث والبلل فله الصلاة بالإيماء، والصلاة على دابته؛ لأن أنس بن مالك صلى المكتوبة في يوم مطير على دابته، «وروى يعلى بن أمية، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه انتهى إلى مضيق ومعه أصحابه، والسماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ظهور دوابهم يومئون ويجعلون السجود أخفض من الركوع» رواه الأثرم، والترمذي. فإن كان البلل يسيرًا لا أذى فيه لزمه السجود؛ لأن «النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاته وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين» متفق عليه.
وهل تجوز الصلاة على الدابة لأجل مرض؟ فيه روايتان:
إحداهما: تجوز، اختارها أبو بكر؛ لأن مشقة النزول في المرض أكثر من المشقة بالمطر.