الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأتبعة في البقر حيث وجبت، وابن لبون مكان بنت مخاض، إذا عدمت، فإن كانت ماشيته كلها ذكوراً جاز إخراج الذكر في الغنم وجهاً واحداً لأن الزكاة وجبت مواساة، والمواساة إنما تكون بجنس المال. ويجوز إخراجه في البقر في أصح الوجهين لذلك. وفي الإبل وجهان:
إحداهما: يجوز لذلك.
والآخر: لا يجوز، لإفضائه إلى إخراج ابن لبون عن خمس وعشرين وست وثلاثين، وفيه تسوية بين النصابين. فعلى هذا يخرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر، وعلى الوجه الأول يخرج ابن لبون عن النصابين، ويكون التعديل بالقيمة. ويحتمل أن يخرج بن مخاض عن خمس وعشرين فيقوم الذكر مقام الأنثى التي في سنه، كسائر النصب [ويحتمل أن لا يخرج الذكر فعلى هذا يخرج أنثى ناقصة بقدر قيمة الذكر وعلى الوجه الأول يخرج ابن لبون عن نصابين ويكون التعديل بالقيمة] .
فصل:
والجواميس نوع من البقر، والبخاتي نوع من الإبل، والضأن والمعز جنس واحد. فإذا كان النصاب نوعين، أو كان فيه سمان ومهازيل، وكرام ولئام؛ أخرج الفرض من أيهما شاء على قدر المالين. فإذا كان نصفين، وقيمة الفرض من أحدهما عشرة، ومن الآخر عشرين أخذه من أيهما شاء قيمته خمسة عشر، إلا أن يرضى رب المال بإخراج الأجود.
[باب صدقة الغنم]
وأول نصابها أربعون: وفيها شاة، إلى مائة وعشرين. فإذا زادت واحدة، ففيها شاتان إلى مائتين، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه. ثم في كل مائة شاة شاة، لما روى أنس في كتاب الصدقات:«وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة؛ فإذا زادت على عشرين ومائة ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه: فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها» .
وعن أحمد: أن في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه، ثم في كل مائة شاة شاة. اختارها
أبو بكر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الثلاثمائة غاية، فيجب تغير الفرض بالزيادة عليها، والأول أصح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حكمها إذا زادت على الثلاثمائة، في كل مائة شاة. فإيجاب أربع فيما دون الأربعمائة يخالف الخبر، وإنما جعل الثلاثمائة حداً لاستقرار الفرض.
فصل:
ولا يجزئ من الغنم إلا الجذع من الضأن، وهو الذي له ستة أشهر، والثني في المعز، وهو الذي له سنة لما روى سعر بن ديسم قال:«أتاني رجلان على بعير فقالا: إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدي صدقة غنمك. قلت: فأي شيء تأخذان؟ قالا: عناقاً جذعة أو ثنية» . رواه أبو داود. لأن هذا السن هو المجزئ في الأضحية دون غيره، كذلك في الزكاة، فإن كان في ماشيته كبار وصغار لم يجب فيها إلا المنصوص، ويؤخذ الفرض بقدر قيمة المالين، ولذلك قال عمر رضي الله عنه: اعتد عليهم بالسخلة، يروح بها الراعي على يديه، ولا تأخذها منهم. فإن كانت كلها صغاراً جاز إخراج الصغير؛ لقول الصديق رضي الله عنه: لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم عليها. ولا تؤدى العناق إلا عن صغار؛ ولأن الزكاة تجب مواساة، فيجب أن تكون من جنس المال.
وقال أبو بكر: لا تجزئ إلا كبيرة، للخبر. فإن كانت ماشيته الصغار إبلاً أو بقراً ففيها وجهان:
أحدهما: تجزئه الصغيرة، لما ذكرناه في الغنم، وتكون الصغيرة الواجبة في ست وأربعين زائدة على الواجبة في ست وثلاثين بقدر تفاوت ما بين الحقة وبنت اللبون، وهكذا في سائر النصب تعدل بالقيمة.
والثاني: لا يجزئ إلا كبيرة؛ لأن الفرض يتغير بنهاية السن، فيؤدي إخراج الصغيرة إلى التسوية بين النصابين. فعلى هذا يخرج كبيرة ناقصة القيمة بقدر نقص الصغار عن الكبار. وعنه أيضاً: لا ينعقد عليها الحول حتى تبلغ سناً يجزئ في الزكاة، لئلا يلزم هذا المحذور.
فصل:
لا يجزئ في الصدقة هرمة، ولا معيبة، ولا تيس، لقول الله تعالى:{وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] . وروى أنس في كتاب الصدقات: «لا يخرج في
الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس» . وروى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه، رافدة عليه كل عام، ولم يعط الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، لكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشره» . الشرط: رذالة المال، والدرنة: الجرباء، فإن كان بعض النصاب مريضاً، وبعضه صحيحاً لم يأخذ إلا صحيحة على قدر المالين، وإن كان كله مريضاً أخذت مريضة منه. وقال أبو بكر: لا يؤخذ إلا صحيحة بقيمة المريضة، والقول في هذا كالقول في الصغار.
فصل:
ولا يؤخذ في الصدقة الربى، وهي التي تربي ولدها، ولا الماخض، وهي الحامل، ولا التي طرقها الفحل؛ لأن الغالب أنها حامل، ولا الأكولة وهي السمينة، ولا فحل الماشية المعد لضرابها، ولا حزرات المال، وهو خياره تحزره العين لحسنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ:«إياك وكرائم أموالهم» متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يسألكم خيره» وقال عمر رضي الله عنه لساعيه: لا تأخذ الربى ولا الماخض ولا الأكولة ولا فحل الغنم. قال الزهري: إذا جاء المصدق قسم الشاء: أثلاثاً، ثلثاً خياراً، وثلثاً شراراً، وثلثاً وسطاً، ويأخذ المصدق من الوسط. فإن تبرع المالك بدفع شيء من هذا، أو أخرج عن الواجب أعلى منه من جنسه جاز؛ لأن المنع من أخذه، لحقه فجاز برضاه، كما لو دفع فرضين مكان فرض. فإذا دفع حقة عن بنت لبون، أو تبيعين مكان الجذعة جاز لذلك، ولأن التبيعين يجزئان عن الأربعين مع غيرها فلأن يجزئان عنها مفردة أولى. وقد روى أبو داود عن أبي بن كعب «أن رجلاً قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي، فزعم أن ما علي فيه بنت مخاض، فعرضت عليه ناقة فتية سمينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك الذي وجب عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك فقال: ها هي ذه يا رسول الله، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها، ودعا له بالبركة» .
فصل:
ولا تجزئ القيمة في شيء من الزكاة. وعنه: يجزئ لأن المقصود غنى الفقير بقدر المال. والأول المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الأعيان المنصوص عليها بياناً لما فرضه تعالى، فإخراج غيرها ترك للمفروض. وقوله: فإن لم تكن بنت مخاض، فابن