الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(التهذيب) وغيره. ووثقوا ابن عبد الحكم.
214- محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي الحافظ
. في (تاريخ بغداد) 13 / 407 من طريق «الحسين بن إدريس قال ابن عمار: إذا شككت في شيء نظرت إلى ما قال أبو حنيفة
…
» قال الأستاذ ص 133: «قال ابن عدي: رأيت أبا يعلي سيئ القول فيه ويقول شهد على خالي بالزور عن أهل الموصل أفراد وغرائب. اهـ وأبو يعلي الموصلي من أعرف الناس به، وكلامه قاض على كلام الآخرين» .
أقول: آخر ما حكاه ابن عدي عن أبي يعلي قوله «بالزور» ، ثم قال ابن عدي:«وابن عمار ثقة حسن الحديث عن أهل الموصل معافى بن عمران وغيره وعنده عنهم أفراد وغرائب وقد شهد أحمد بن حنبل أنه رآه عند يحيى القطان ولم أر أحدا من مشايخنا يذكره بغير الجميل، وهو عندهم ثقة» ووثقه وأثنى عليه جماعة كثيرة، فأما أبو يعلي فكانت بينه وبين ابن عمار مباعدة ما في المذهب كما يدل عليه عكوف أبي يعلي على سماع كتب أهل الرأي من بشر بن الوليد، وردفتها كدورة عائلية كما يدل عليه قول أبي يعلي:«شهد خالي بالزور» وهذه كلمة مرسلة لم يبين ما هو الزور؟ ومن أين عرف أبو يعلي أنه زور؟ وعلى فرض تحققه ذلك فهل تعمد ابن عمار الشهادة بالباطل أو أخطأ؟ وإعراض الناس - ومنهم ابن عدي حاكي الكلمة عن أبي يعلي - عن كلمته يبين أنها كلمة طائشة لا تستحق أن يلتفت إليها. وابن عمار أكبر من أبي يعلي بنحو خمسين سنة فلعل أبا يعلي سمع خاله - ومن خاله؟ - يقول: شهد على ابن عمار بالزور فأخذها أبو يعلي ولم يحققها، وقدمنا في القواعد في القواعد أنه إذا ظهر أن بين الرجلين ثغرة لم يقبل ما يقوله أحدهما في الآخر إلا مفسرا محققا مثبتا، ويتأكد ذلك بإعراض الناس عن كلمة أبي يعلي وإجماعهم على توثيق ابن عمار. فأما الغرائب فقد دلت كلمة ابن عدي على أنها غرائب صحاح ولهذا ذكرها في صدد المدح، فحوله الكوثري إلى القدح. والله المستعان.
215- محمد بن عبد الله بن محمد بن حموديه أبو عبد الله الضبي الحاكم
النيسابوري.
قال الأستاذ ص 70: «اختلط في آخره اختلاطا شنيعا على تعصبه البالغ» وقال ص 149: «شديد التعصب اختلط في آخره، ويقال عنه أنه كان رافضيا خبيثا» .
أقول: أما التعصب فإن كان للحاكم طرف منه ففي تشيعه الخفيف، وأما على أهل الرأي فلم يعرف بتعصب وقد سبق حكم التعصب في المقدمة، وأما قول بعضهم «إمام في الحديث رافضي خبيث» فقد أجاب عنهما الذهبي في (الميزان) قال:«إن الله يحب الإنصاف ما الرجل برافضي، بل شيعي فقط» . وتذكرني هذه الكلمة ما حكوه أن الصاحب ابن عباد كتب إلى قاضي قم:
أيها القاضي بقم
…
قد عزلناك فقم
فقال القاضي: ما عزلتني إلا هذه السجعة. وأما قول الكوثري «اختلط
…
اختلاطا شنيعا فمجازفة، بل لم يختلط، وإنما قال ابن حجر في (اللسان) بعد أن ذكر ما في (المستدرك) من التساهل:«قيل في الاعتذار عنه أنه عند تصنيفه (المستدرك) كان في أواخر عمره، وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب (الضعفاء) له وقطع بترك الرواية عنهم ومنع من الاحتجاج بهم، ثم أخرج أحاديث بعضهم في (مستدركه) وصححها» ولعل المراد بقوله «ذكر بعضهم» ما في «تذكرة الحفاظ» وهذا لا يستلزم الغفلة، ومع ذلك قوله «تغيير وغفلة» لا يؤدي معنى الاختلاط، فكيف الاختلاط الشنيع؟ وقد رأيت في (المستدرك) المطبوع إثبات تواريخ السماع على الحاكم في أوله أي ج 1 ص 2 ثم ص 36، ص 69 فـ ص 94 فـ ص 129 فص 163، وتاريخ الأول سابع المحرم سنة 393 (1) ، والثاني بعد ثلاثة أشهر
(1) وقع في موضعين من المواضع المشار إليها من «المستدرك» وهما ص 2 و94 سنة ثلاث وسبعين، وهذا خطأ مطبعي، ولذلك لم يعرج عليه مؤلف رحمه الله تعالى. ن.
تقريبا، وهكذا بعد كل ثلاثة أشهر يملي جزءا في نيف وثلاثين صفحة من مطبوع، ولم يستمر إثبات ذلك في جميع الكتب، وآخر ما وجدته فيه ج 3 ص 156 في غرة ذي القعدة سنة 402 وهذا يدل أن تلك الطريقة استمرت منتظمة إلى ذاك الموضع، فأما بعد ذلك فلا أعلم، فإنه لو بقي ذاك الانتظام لم يتم الكتاب ألا سنة 410 لكن الحاكم توفي سنة 405 وفي المجلد الرابع ص 249 ذكر الحاكم أول سند «أخبرنا الحاكم أبو عبد الله
…
» لكنه بلا تاريخ. هذا واقتصاره في كل ثلاثة أشهر على مجلس واحد يملي فيه جزء بذاك القدر يدل أنه أنما ألف الكتاب في تلك المدة، فكان الحكام مع اشتغاله بمؤلفات أخرى يشتغل بتأليف «المستدرك» والتزام أن يحضر في كل ثلاثة أشهر جزء ويخرجه للناس فيسمعونه إذا لو كان قد ألف الكتاب قبل ذلك وبيضه فلماذا يقتصر في أسماع الناس على يوم في كل ثلاثة أشهر؟ فأما إسراعه في أواخر فلعله فرغ من مصنفاته الأخرى التي كان يشتغل بها مع «المستدرك» فتفرغ لـ «المستدرك» وفي «فتح المغيث» ص 13 عند ذكر تساهل الحاكم في المستدرك «فيه عدة موضوعات حمله على تصحيحها إما التعصب لما رمي به من التشيع، وإما غيره فضلا عن الضعيف وغيره، بل يقال: أن السبب في ذلك أنه صنفه في أواخر عمره وقد حصلت له غفلة وتغير وأنه لم يتيسر له تحريره وتنقيحه، ويدل له أن تساهله في قدر الخمس الأول منه قليل جدا لما فيه فأنه وجد عنده: إلى هنا انتهى إملاء الحاكم» .
أقول: لا أرى الذنب للتشيع فإنه يتساهل في فضائل بقية الصحابة كالشيخين وغيرهم (1) وفي المطبوع ج 3 ص 156 «حدثنا الحاكم
…
أمل غرة ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة» وعادته كما تقدم أن يملي في المجلس جزء في بضع وثلاثين صفحه من المطبوع فقد أملى إلى نحو صفحة 190 من المجلد الثالث المطبوع وذلك أكثر من نصف الكتاب فأما الموضع الذي فيه ج 4 ص 349 فإنما فيه «أخبرنا
…
» وليس فيه لفظ «إملاء» ولا ذكر التاريخ.
(1) قلت: وفي غير الفضائل أيضا، مما يؤكد إن السبب ليس هو التعصب. ن.
والذي يظهر لي في ما وقع في «المستدرك» من الخلل أن له عدة أسباب:
الأول: حرص الحاكم على الإكثار وقد قال في خطبة «المستدرك» : «قد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على الألف جزء أو أقل أو أكثر كلها سقيمة غير صحيحة» فكان له هوى في الإكثار للرد على هؤلاء.
والثاني: أنه قد يقع حديث بسند عال أو يكون غريبا مما يتنافس فيه المحدثين فيحرص على إثباته وفي «تذكرة الحفاظ» ج 2 ص 270 «قال الحافظ أبو عبد الله الأخرم استعان بي السراج في تخريجه على «صحيح مسلم» أتحير من كثرة حديثه وحسن أصوله، وكان إذا وجد الخبر عاليا يقول: لا بد أن يكتبه «يعني في المستخرج» فأقول: ليس من شروط صاحبنا «يعني مسلما فشفعني فيه» . فعرض للحاكم نحو هذا كلما وجد عنده حديثنا يفرح بعلوه أو غرابته اشتهى أن يثبته في «المستدرك» .
الثالث: أنه لأجل السببين الأولين ولكي يخفف عن نفسه من التعب في البحث والنظر لم يلتزم أن لا يخرج ما له علة وأشار إلى ذلك، قال في الخطبة: «سألني جماعة
…
أن أجمع كتابا: يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها إذ لا سبيل إلى إخراج مالا علة له فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما» ولم يصب في هذا فإن الشيخين ملتزمان أن لا يخرجا إلا ما غلب على ظنهما بعد النظر والبحث والتدبر أنه ليس له علة قادحة، وظاهر كلامه أنه لم يلتفت إلى العلل البتة وأنه يخرج ما كان رجاله مثل وإن لم يغلب على ظنه أنه ليس علة قادحة.
الرابع: أنه لأجل السببين الأولين توسع في معنى قوله: «بأسانيد يحتج
…
بمثلها» ، فبنى على أن في رجال الصحيحين من فيه كلام فأخرج عن جماعة يعلم أن
فيهم كلاما. ومحل التوسع أن الشيخين إنما يخرجان لمن فيه كلام في مواضع معروفة.
أحدها: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام لا يضره في روايته البتة، كما أخرج البخاري لعكرمة.
الثاني: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام إنما يقتضي أنه لا يصلح للاحتجاج به وحده، ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقرونا أو حيث تابعه غيره ونحو ذلك.
ثالثها: أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه، أو برواية فلان عنه، أو بما يسمع منه غير كتابه، أو بما سمع منه بعد اختلاطه، أو بما جاء عنه عنعنة وهو مدلس ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس. فيخرجان للرجل حيث يصلح ولا يخرجان له حيث لا يصلح. وقصر الحاكم في مراعاة هذا وزاد فأخرج في مواضع لمن لم يخرجا ولا أحدهما له بناء على أنه نظير من قد أخرجا له، فلو قيل له: كيف أخرجت لهذا وهو متكلم فيه؟ لعله يجيب بأنهما قد أخرجا لفلان وفيه كلام قريب من الكلام في هذا ولو وفى بهذا لهان الخطب، لكنه لم يف به بل أخرج لجماعة هلكى.
الخامس: أنه شرع في تأليف (المستدرك) بعد أن بلغ عمره اثنتين وسبعين سنة وقد ضعفت ذاكرته كما تقدم عنه وكان فيما يظهر تحت يده كتب أخرى يصنفها مع (المستدرك) وقد استشعر قرب أجله فهو حريص على إتمام (المستدرك) وتلك المصنفات قبل موته، فقد يتوهم في الرجل يقع في السند أنهما أخرجا له، أو أنه فلان الذي أخرجا له، والواقع أنه رجل آخر، أو أنه لم يخرج أو نحو ذلك، وقد رأيت له في (المستدرك) عدة أوهام من هذا القبيل يجزم بها فيقول في الرجل: قد أخرج له مسلم، مثلا، مع أن مسلما إنما أخرج لرجل آخر شبيه اسمه، يقول في الرجل: فلان الواقع في السند هو فلان بن فلان. والصواب أنه غيره.
لكنه مع هذا كله لم يقع خلل ما في روايته لأنه إنما كان ينقل من أصوله المضبوطة، وإنما وقع الخلل في أحكامه ن فكل حديث في (المستدرك) فقد سمعه