الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القياس الى النبي صلى الله عليه وسلم» .
فتدبر ما شرحناه ثم تأمل ما تقدم عن العيني، ثم راجع الطرق الكثيرة بالأسانيد الصحيحة لقصة استتابة أبي حنيفة من الكفر مرتين وأكثر تلك الطرق مسلسلة بالرجال المعروفين ما بين محدث ثقة وحافظ ثقة وإمام شهير، وانظر ما يقول فيها العيني والكوثري حتى كان أئمة الحديث ورجاله وفقهاء المذاهب الأخرى أهل عند العيني والكوثري لكل كذب، وإن اشتهروا بالإمامة والثقة والصدق والتقوى بخلاف أصحابها أهل الرأي كأنه لا يكون منهم ولا من حمرهم وكلابهم إلا الصدق.
ومع ذلك يرمي هؤلاء القوم مخالفهم بالتعصب وإتباع الهوى ويكثر الأستاذ من قوله: «وقانا الله إتباع الهوى. نسأل الله الصون. نسأل الله السلامة» وأشباه ذلك ويتحرى بهذه الكلمات مواضع ارتكابه الموبقات! والله المستعان (1)
208- محمد بن الصقر بن عبد الرحمن
. مرت روايته في ترجمته عبد الله بن صالح.
قال الأستاذ ص 29: «فالصقر وعبد الرحمن من الكاذبين والمعروفين» .
أقول: لا أدري أوهم الأستاذ؟ «أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» (2) .؟!
209- محمد بن العباس بن حيوية أبو عمر الخزاز
. راجع «الطليعة» ص 40 - 41.
حاول الأستاذ في «الترحيب» ص 38 - 40 أن يجيب فتغافل عن الدليل الواضح وهو أن الذي في الحكاية «أبو الحسن أبو الرزاز» وصاحب هذا الاسم موجود وهو علي بن موسى فكيف يعدل عنه إلى من لم يذكر بهذا الاسم أصلا وهو علي بن أحمد فإنه وإن كان يكنى أبا الحسن فإنما تكرر وصفه في ترجمته وغيرها مرارا كثيرة بأنه «الرزاز» وذكروا أنه كان له دكان يبيع فيه الأرز ولم
(1) محمد بن سليمان الباغندي - يأتي في ترجمته ابنه محمد بن محمد. محمد بن شجاع ابن الثلجي - تقدم بعض ما يتعلق به في ترجمته حماد بن سلمة.
(2)
النجم: 37
يوصف قط بأنه «ابن الرزاز» . وذهب الأستاذ يصارع ما ذكرت من أن علي بن أحمد أصغر من ابن حيويه بأربعين سنة ولا تعرف بأنهما علاقة، فذكر «أنهما من أهل بغداد وعاشا هناك متعاصرين سبعا وأربعين سنة فماذا كان يمنع هذا من الاجتماع بذاك؟» .
أقول: أنا لم أدع امتناع الاجتماع وإنما بينت أن مما يرجح أن المراد في الحكاية ابن الرزاز وهو علي بن موسى أنه من شيوخ ابن حيويه بخلاف الرزاز وهو علي بن أحمد فإنه أصغر منه ولا تعرف له به علاقة. وأزيد الأمر إيضاحا فأقول:
عبارة الأزهري: «كان أبو عمر بن حيوي مكثرا، وكان فيه تسامح، لربما أراد أن يقرأ شيئا ولا يقرب أصله منه فيقرؤه من كتاب أبي الحسن ابن الرزاز لثقته بذلك الكتاب، وإن لم يكن فيه سماعا، وكان مع ذلك ثقة» . ويأخذ منها مع ما تقدم أمور:
الأول: أنها تقتضي أن ذاك الكتاب كان في متناول ابن حيويه في كثير من الأوقات واحتمال أن يكون كتاب علي بن موسى أبي الحسن بن الرزاز صار بعد وفاته إلى تلاميذه ابن حيويه فكان متناوله ن أقرب من احتمال أن يكون الكتاب علي بن أحمد الرزاز الذي ولد بعد ابن حيويه بأربعين سنة ولا تعرف بأنهما علاقة كان يكون في متناول ابن حيوي. وهذه الأقربية لا يدفعها احتمال اجتماع ابن حيويه بعلي أحمد الرزاز.
الأمر الثاني: أن في عبارة الأزهري: «لثقته بذلك الكتاب» وابن حيويه يصفه الأزهري في العبارة نفسها بأنه ثقة. ويصفه العتيقي بأنه «كان ثقة صالحا دينا» وبأنه «كان ثقة متيقظا» ويصفه بأنه البرقاني بأنه «ثقة ثبت حجة» ومن كانت هذه صفته فاحتمال أن يثق بكتاب أستاذه الذي كان فاضلا أديبا ثقة ولعله قد قابل بأصله أقرب من احتمال أن يثق بكتاب من ولد بعده بأربعين سنة ولا تعرف بينهما علاقة.
الأمر الثالث: عبارة الأزهري تقتضي أنه لم يتفق لابن حيويه القراءة من غير أصله إلا من ذاك الكتاب، واقتصاره الوثوق بغير أصله على كتاب لأستاذه معقول بخلاف اقتصاره على كتاب لإنسان أصغر منه بأربعين سنة ولا تعرف بينهما علاقة، فلو كان ابن حيويه يتساهل بالقراءة من كتاب لعلي بن أحمد لتساهل بالقراءة من كتب جماعة أكبر من علي بن أحمد
وأوثق وعلاقتهم بابن حيويه معروفة.
الأمر الرابع: إطلاق البرقاني مع إمامته وجلالته والعتيقي مع ثقته وتيقظه ذاك الثناء البالغ على ابن حيويه يدل على أنه لم يكن منه تساهل يخدش فيما أثنيا عليه به، والأزهري وإن ذكر التساهل فقد عقب بقوله:«وكان من ذلك ثقة» وهذا يقضي أنه أن ساغ أن يسمى ما وقع منه تساهلا فهو تساهل عرفي لا يخدش في الثقة والتيقظ والحجة، وهذا إنما يكون بفرض أن ذاك الكتاب الذي قرأ منه كان موثوقا به وبمطابقته لأصل ابن حيويه، وإنما فيه أنه ليس هو أصله الذي كتب عليه سماعه وقد كانوا يكرهون مثل هذا وذلك من باب سد الذريعة، فأما أن يثق بكتاب لأصغر منه بأربعين سنة ولا تعرف بينهما علاقة ولا يوثق بمطابقته لأصله فعباراتهم تدفع هذا أشد الدفع.
قال الأستاذ: «رواية الخزاز لو كانت عن كتاب أحد شيوخه لكانت رواياته من أصل شيخه ولما كان يرمي بالتسامح» .
أقول: علي بن موسى أبو الحسن ابن الرزاز شيخ الخزاز حتماً، ثم هناك احتمالان:
الأول: أن يكون شيخه في ذاك الكتاب.
الثاني: أن لا يكون شيخه فيه وإنما سمعه الخزاز من رجل آخر.
فعلى الأول وهو الذي بنى عليه الأستاذ فصورة التساهل موجودة فإنه من المقرر عندهم أن التلميذ إذا سمع وضبط أصله ثم بعد مدة وجد في أصل شيخه زيادة أو
مخالفة لما في أصله لم يكن له أن يروي إلا ما في أصله، وقد قال حمزة السهمي في «تاريخ جر جان» ص 122 - 123 «أخبرنا أبو أحمد بن عدي
…
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم. - في كتابي بخطي: عثراتهم. - ورأيت في كتاب ابن عدي بخطه: عقوبتهم» فلو أن حمزة أنه روى ذاك الحديث وقال: «عقوبتهم 99 ثم رأى أهل العلم أصله وفيه «عثراتهم» فراجعه في ذلك فقال: نعم، ولكن بعد سماعي بمدة رأيت في أصل شيخي «عقوبتهم» لعدوا هذا تساهلا. ومن روى من أصل شيخه لا يؤمن أن يقع في نحو هذا إلا إذا كان قد كرر مقابلا حتى وثق كل الوثوق بالمطابقة، وأولى به وإن وثق كل الوثوق أن لا يروي إلا من أصله نفسه فإن كان الخزاز سمع ذاك الكتاب ومن أبي الحسن ابن الرزاز فتساهله هو ترك الأولى كما عرفت. وعلى الاحتمال الثاني لا يكون للخزاز أن يروي من كتاب ليس هو أصله ولا أصل شيخه إلا أن يقابله بأصله مقابلة دقيقة فيثق بمطابقته لأصله، ومع ذلك فالأولى به أن لا يروي إلا من أصله، وعلى هذا فتساهل الخزاز هو في ترك الأولى كما اقتضته عباراتهم في الثناء عليه كما مر.
قال الأستاذ: «وكان ينبغي أن يذكر في السند اسم شيخه الذي ناوله أصله، وليس بمعقول أن يهمل التلميذ ذكر شيخه في سند ما حمله وتلقاه بطريقه» .
أقول: هذا مبني على الاحتمال الأول وأن لا يكون الخزاز سمع الكتاب أصلا وإنما ناوله إياه ابن الرزاز، والذي نقوله إنه كان على الاحتمال الأول فالخزاز سمع ذاك الكتاب سماعا من ابن الرزاز، وإلا لغمزوه بأنه يعتمد على الإجازة بل عبارة الأزهري نفسه تصرح بهذا فإن فيها «ربما أراد أن يقرأ شيئا ولا يقرب أصله منه فيقرؤه من كتاب أبي الحسن بن الرزاز» وهذا يدل أن له أصلا بذاك المصنف غير ذاك الكتاب، إلا أنه لم يقرب منه ولو كان إنما يرويه بمناولة الشيخ ذاك الكتاب لما كان له أصل آخر. ثم إن كان سمع ذاك المصنف من ابن الرزاز فقد كان إذا قرأ منه قال:«أخبرنا أبو الحسن ابن الرزاز» ثم يقرأ من الكتاب، وإن كان إنما سمعه من غير ابن الرزاز فإنما كان يذكر اسم شيخه في ذاك المصنف