المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌121- عبد الله بن الزبير أبو بكر الحميدي - التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل - ط المكتب الإسلامي - جـ ٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌110- صالح بن محمد التميمي الحافظ الملقب: «جزرة»

- ‌111- الصقر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَل

- ‌112- ضرار بن صرد

- ‌113- طريف بن عبيد الله

- ‌114- طلق بن حبيب

- ‌115- عامر بن إسماعيل أبو معاذ البغدادي

- ‌116- عباد بن كثير

- ‌117- عبد الله بن أبي القاضي

- ‌118- عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني

- ‌119- عبد الله بن جعفر بن درستويه

- ‌120- عبد الله بن خُبَيْق

- ‌121- عبد الله بن الزبير أبو بكر الحميدي

- ‌122- عبد الله بن سعيد

- ‌123- عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني

- ‌124- عبد الله بن صالح

- ‌125- عبد الله بن عدي أبو أحمد الجرجاني الحافظ مؤلف (الكامل)

- ‌126- عبد الله بن عمر بن الرماح

- ‌127- عبد الله بن عمرو أبو معمر المنقري

- ‌128- عبد الله بن محمد بن حميد أبو بكر بن أبي الأسود

- ‌129- عبد الله بن محمد بم جعفر بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني الحافظ

- ‌130- عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني

- ‌131- عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بصاحب الخان بأرمية

- ‌132- عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني ويقال الفرهاذاني

- ‌133- عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم البغوي

- ‌134- عبد الله بن محمد العتكي

- ‌135- عبد الله بن محمود

- ‌136- عبد الله بن معمر

- ‌137- عبد الأعلى بن مسهر أبو مسهر الدمشقي

- ‌138- عبد الرحمن بن بشير بن سلمان

- ‌139- عبد الرحمن بن عمر الزهري أبو الحسن الأصبهاني الأزرق المعروف برسته

- ‌140- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد بن أبي حاتم الرازي

- ‌141- عبد الرزاق بن عمر البَزيعي

- ‌142- عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي

- ‌143- عبد السلام بن محمد الحضرمي

- ‌144- عبد العزيز بن الحارث أبو الحسن التميمي

- ‌145- عبد الله بن حبيب القرطبي أحد مشاهير المالكية

- ‌146- عبد الملك بن قريب الأصمعي

- ‌ ثناء الأئمة على الأصمعي

- ‌147- عبد الملك بن محمد أبو قلابة الرقاشي

- ‌148- عبد المؤمن بن خلف أبو يعلى التميمي النسفي الحافظ

- ‌149 - عبد الواحد بن برهان العكبري

- ‌150- عبد الوارث بن سعيد أبو عبيدة التنوري

- ‌151- عبد بن أحمد أبو ذر الهروي

- ‌152- عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي

- ‌153- عبيد الله بن محمد بن حمدان أبو عبد الله ابن بطة العكبري

- ‌154- عبيدة الخراساني

- ‌155- عثمان بن أحمد أبو عمرو بن السماك الدقاق

- ‌156- عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ

- ‌157- علي بن أبي الحسن المعروف بابن طيبة الرزاز

- ‌158- علي بن إسحاق بن عيسى بن زاطيا

- ‌159- علي بن جرير الباوردي

- ‌160 - علي بن زيد الفرائضي

- ‌161- علي بن صدقة

- ‌162- علي بن عاصم

- ‌163- علي بن عبد الله بن المديني

- ‌164- علي بن عمر بن أحمد بن مهدي أبو الحسن الدارقطني

- ‌165- على بن عمر بن محمد

- ‌166- علي بن محمد بن سعيد الموصلي

- ‌167- علي بن محمد بن مهران السواق

- ‌168- علي بن مهران الرازي

- ‌169- عمار بن زريق

- ‌170- عمر بن الحسن أبو الحسين الشيباني القاضي المعروف بابن الأشناني

- ‌171- عمر بن قيس المكي

- ‌172- عمر بن محمد بن عمر بن الفياض

- ‌173- عمر بن محمد بن عيسى السذابي الجوهري

- ‌174- عمر بن علي بن البحر أبو حفص الفلاس

- ‌175- عمران بن موسى الطائي

- ‌176- عنبسة بن خالد

- ‌177- فهد بن عوف أبو ربيعة، اسمه زيد ولقبه فهد

- ‌178- القاسم بن حبيب

- ‌179- القاسم بن عثمان

- ‌181- قطن بن إبراهيم

- ‌182- قيس بن الربيع

- ‌183- مالك بن أنس الأصبحي الإمام

- ‌184- محبوب بن موسى أبو صالح الفراء

- ‌185- محمد بن إبراهيم بن جناد المنقري

- ‌186- محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف أبو أحمد الجرجاني الغطريفي الحافظ

- ‌187- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق يعرف بابن رزق وبأبي رزقويه

- ‌188- محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الآدمي

- ‌189- محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي الشافعي أبو عبد الله

- ‌190- محمد بن أبي الأزهر

- ‌191- محمد بن إسحاق بن خزيمة

- ‌192- محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري صاحب (الصحيح)

- ‌193- محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل الترمذي

- ‌194- محمد بن أعين أبو الوزير

- ‌195- محمد بن بشار بندار

- ‌196- محمد بن جابر اليمامي

- ‌198- محمد بن جعفر الأنباري

- ‌199- محمد بن جعفر الراشدي

- ‌200- محمد بن حبان أبو حاتم البستي الحافظ

- ‌201- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد النقاش

- ‌202- محمد بن الحسن بن حميد بن الربيع

- ‌203- محمد بن حماد

- ‌204- محمد بن حمدويه أبو رجاء المروزي

- ‌205- محمد بن روح

- ‌206- محمد بن سعد العوفي

- ‌207- محمد بن سعيد البورقي

- ‌208- محمد بن الصقر بن عبد الرحمن

- ‌209- محمد بن العباس بن حيوية أبو عمر الخزاز

- ‌210- محمد بن عبد الله بن أبان أبو بكر الهيتي

- ‌211- محمد بن عبد الله بن إبراهيم أبو بكر الشافعي

- ‌212- محمد بن عبد الله سليمان الحضرمي الحافظ، لقبه «مُطين»

- ‌213- محمد بن عبد الله بن الحكم

- ‌214- محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي الحافظ

- ‌215- محمد بن عبد الله بن محمد بن حموديه أبو عبد الله الضبي الحاكم

- ‌216- محمد بن عبد الله بت محمد بن عبد الله أبو الفضل الشيباني

- ‌217- محمد بن عبيد الطنافسي

- ‌218- محمد بن أبي عتاب أبو بكر الأعين

- ‌220- محمد بن علي أبو جعفر الوراق، لقبه حمدان

- ‌221- محمد بن علي بن الحسن بن شقيق

- ‌222- محمد بن علي بن عطية أبو طالب المكي

- ‌223- محمد بن علي البلخي

- ‌224- محمد بن علي أبو العلاء الواسطي القاضي

- ‌225- محمد بن عمر بن محمد بن بهتة

- ‌226- محمد بن عمرو العقيلي الحافظ

- ‌227- محمد بن عوف

- ‌228- محمد بن الفضل السدوسي المشهور بعارم

- ‌229- محمد بن فليح بن سليمان

- ‌230- محمد بن كثير العبدي

- ‌231- محمد بن كثير المصيصي

- ‌232- محمد بن محمد بن سليمان الباغندي وأبوه

- ‌233- محمد بن المظفر بن إبراهيم أبو المفتوح الخياط

- ‌234- محمد بن معاوية الزيادي

- ‌235- محمد بن موسى البربري

- ‌236- محمد بن ميمون أبو حمزة السكري

- ‌237- نصر بن محمد بن مالك

- ‌238- محمد بن يعلي زنبور

- ‌239- محمد بن يوسف الفريابي

- ‌240- محمد بن يونس الجمال

- ‌241- محمد بن يونس الكديمي

- ‌242- محمود بن إسحاق بن محمود القواس

- ‌243- مسدد بن قطن

- ‌244- مسلم بن أبي مسلم

- ‌245- المسيب بن واضح

- ‌246- مصعب بن خارجة بن مصعب

- ‌247- مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار أبو مصعب اليساري الأصم

- ‌248- معبد بن أبو شافع

- ‌249- المفضل بن غسان الغلابي

- ‌250- منصور بن أبي مزاحم

- ‌251- موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي

- ‌252- موسى بن المساور أبو الهيثم الضبي

- ‌253- مؤمل بن إسماعيل

- ‌254- مؤمل بن إهاب

- ‌255- مهنأ بن يحيى

- ‌256- نصر بن محمد البغدادي

- ‌257- النضر بن محمد المروزي

- ‌258- نعيم بن حماد

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس والسادس:

- ‌الحديث السابع والثامن:

- ‌259- الوضاح بن عبد الله أبو عوانة أحد الأئمة

- ‌260- الوليد بن مسلم

- ‌261- هشام بن عروة بن الزبير بن العوام

- ‌262- هشام بن محمد بن السائب الكلبي

- ‌263- الهيثم بن جميل

- ‌264- يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي الأصل الدمشقي

- ‌265- يحيى بن عبد الحميد الحماني

- ‌266- يزيد بن يوسف الشامي

- ‌267- يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي أبو يوسف الفسوي

- ‌268- يوسف بن أسباط

- ‌269- أبو الأخنس الكناني

- ‌270- أبو جزي بن عمرو بن سعيد بن سلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي

- ‌271- أبو جعفر

- ‌272- أبو محمد

- ‌273- ابن سختويه بن مازيار

- ‌القسم الثالث: البحث مع الحنفية في سبع عشرة قضية

- ‌المسألة الأولى: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس

- ‌المسألة الثانية: رفع اليدين

- ‌المسألة الثالثة: أفظر الحاجم والمحجوم

- ‌المسألة الرابعة: إشعار الهدى

- ‌المسألة الخامسة: المحرم لا يجد إزارا أو نعلين يلبس السراويل والخف ولا فدية عليه

- ‌المسألة السادسة: درهم وجوزة بدرهمين

- ‌المسألة السابعة: خيارالمجلس

- ‌حديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق

- ‌المسألة الثامنة: رجل خلا خلوة مريبة بامراة أجنبية يحل له أن يتزوجها فعثر عليها فقال: نحن زوجان

- ‌المسألة التاسعة: الطلاق قبل النكاح

- ‌المسألة العاشرة: العقيقة مشروعة

- ‌المسألة الحادي عشرة: للراجل سهم من الغنيمة وللفارس ثلاثة، سهم له وسهمان لفرسه

- ‌المسألة الثانية عشرة: أما على القاتل بالمثقل قصاص

- ‌المسألة الثالثة عشرة: لا تعقل العاقلة عبداً

- ‌المسألة الرابعة عشرة: تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً

- ‌المسألة الخامسة عشرة: القضاء بشاهد ويمين في الأموال

- ‌تتمة

- ‌المسألة السادسة عشرة: نكاح الشاهد امرأة شهد زوراً بطلاقها

- ‌المسألة السابعة عشرة: القرعة المشروعة

الفصل: ‌121- عبد الله بن الزبير أبو بكر الحميدي

والممدود) ، (كتاب غريب الحديث) ، (كتاب معانيي الشعر) ، (كتاب الحي والميت) ، (كتاب التوسط بين الأخفش وثعلب في تفسير القرآن) ، (كتاب خبر قس بن ساعدة) ، (كتاب الأعداد) ، (كتاب أخبار النحويين) ، (كتاب الرد على الفراء) في المعاني.

‌120- عبد الله بن خُبَيْق

. في (تاريخ بغداد) 13/390 من طريقه «حدثنا أبو صالح الفراء

» قال الأستاذ ص85 «صالح، غير صالح لتلقي شيء منه غير القراءة» .

أقول: أما صلاحه فمشهور، وأما روايته فلم يغمزه فيها أحد، وقد ذكره ابن أبي حاتم فقال:«كتب إلى أبي بجزء من حديثه» .

‌121- عبد الله بن الزبير أبو بكر الحميدي

. تقدمت الإشارة إلى بعض حكاياته في ترجمة الحارث بن عمير وغيرها. قال الأستاذ ص 36 «الحميدي كذبه عبد الله بن عبد الحكيم - في كلامه في الناس. راجع (طبقات السبكي) ج1 ص224 وهو شديد التعصب وقّاع مضطرب يروي مرة عن حمزة بن الحارث ومرة عن الحارث مباشرة» .

أقول: أما التعصب فحقيقته هنا نفرة دينية وقد مر حكمها في القواعد. وأما الوقيعة ففيمن يراه من أهل البدع. قال يعقوب بن سفيان «ثنا الحميدي وما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه» وأما الاضطراب في تلك الحكاية فقد أشار الخطيب إلى أن الصواب عن الحميدي ثنا حمزة، وقول محمد بن محمد الباغندي عن أبيه عن الحميدي: حدثني الحارث. وهم من ابن الباغندي أو أبيه، وقد طعن الأستاذ فيهما كما سيأتي في موضعه. وأما قصته مع ابن عبد الحكم فهذه عبارة ابن السبكي التي استند إليها الأستاذ جازماً بقوله «كذبه

في كلامه في الناس» ! قال ابن السبكي «قال ابن خزيمة فيما رواه الحاكم عن الحافظ حسينك التميمي عنه: كان ابن عبد الحكم من أصحاب الشافعي فوقعت بينه وبين البويطي وحشة في مرض الشافعي فحدثني أبو جعفر السكري صديق الربيع قال: لما مرض الشافعي جاء ابن عبد الحكم ينازع

ص: 509

البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك. فجاء الحميدي وكان بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من البويطي، وليس أحد من أصحابي أعلم منه. فقال له ابن عبد الحكم: كذبت. فقال له الحميدي: كذبت أنت وأبوك وأمك. وغضب ابن عبد الحكم فترك مذهب الشافعي. فحدثني ابن عبد الحكم قال: كان الحميدي معي في الدار نحواً من سنة، وأعطاني كتاب ابن عيينة، ثم أبوا إلا أن يوقعوا بيننا ما وقع» .

فأول ما يجب البحث عنه هنا هو النظر في أبي جعفر السكري حاكي القصة أثقة هو أم لا؟ أما الأستاذ فلم يهمه هذا إذ كان في القصة ما يوافق هواه، وأما أنا فقد فتشت عنه فلم أعرفه، ورأيت القصة في (تاريخ بغداد) ج14 ص301 وفيها «صديق للربيع» وهذا يشعر أنه ليس بالمعروف. فعلى هذا لا تثبت القصة، وإن دلت الشواهد على أن لها أصلاً في الجملة، فإن ذلك لا يُثبت من تفاصيلها ما لا شاهد له. وفي (توالي التأسيس) ص84 عن الربيع صاحب الشافعي قال:«وجه الشافعي الحميدي إلى الحلقة، فقال: الحلقة لأبي يعقوب البويطي فمن شاء فليجلس ومن شاء فليذهب» وكان البويطي أسن أصحاب الشافعي وأفقههم حتى كان الشافعي يعتمده في الفتيا ويحيل عليه إذا جاءته مسألة كما في (الطبقات الشافعية) وكان ابن عبد الحكم حينئذ فتى ابن إحدى وعشرين سنة فلم يكن قد استحكم علمه ولا عقله، فمنازعته للبويطي طيشة من طيشات الشباب. وكان الحميدي أعلمهم بالحديث وأقدمهم صحبة للشافعي، لأنه قدم معه من الحجاز إلى مصر، والباقون إنما صحبوه بمصر، والحميدي قرشي مكي كما أن الشافعي كذلك فهو أقربهم إلى الشافعي وألصقهم به، ولذلك والله أعلم لما ذهب أصحاب الشافعي في مرضه إلى الجامع تخلف الحميدي عنده ثم خشي الشافعي أن يتنازعوا الحلقة فأرسل الحميدي إليهم ليبلغهم عنه، فلو شك ابن الحكم في خبر الحميدي لكان حقه أن يذهب ليراجع الشافعي لكنه عرف صدقه فاضطرم في نفسه اليأس والحزن والغضب وإن بدرت منه تلك الكلمة فهي من فلتات الغضب كما لا يخفى فلا يتشبث بمثلها في الطعن في مثل الحميدي إلا مثل الأستاذ! وقد قال هو نفسه في حاشية

ص: 510

ص99: «وأهل العلم قد تبدر منهم بادرة فيتكلمون في أقرانهم بما لا يقبل فلا يتخذ ذلك حجة» .

وقد أسلفت تحقيق هذا المعنى في القاعدة الرابعة من قسم القواعد، والأستاذ يقصر عن الحق تارة، ويتعداه أخرى!

صعدة نابتة في حائر

أينما الريح تميّلها تمل

وهكذا إن كان الحميدي لما استقبله صديقه الفتى الطياش بتلك الكلمة غلبه الغضب فأجاب بما أجاب، وحق للحميدي أن ينشق غضباً فإنه لو جاء بذاك الخبر أكذب الناس لما ساغ لعاقل أن يكذبه فيه لأن الشافعي حي يرزق بالقرب منهم، تمكن مراجعته بالسهو لة، فمن الذي يجترئ أن يكذب عليه مع علم الحميدي (1) بصدقه وأمانته وأنه لا هوى له، بل لو كان له هوى لكان مع ابن الحكم صديقه الذي أضافه في بيتهم نحواً من سنة كما نص على ذلك ابن عبد الحكم نفسه. وعلى كل حال فذاك الجواب فلتة غضب أيضاً كما لا يخفى، ولا عتب على الأستاذ في تشبثه به أيضاً لما احتاج إلى الكلام في ابن عبد الحكم كما يأتي في ترجمته!

ولم يبق الأستاذ على نفسه بل أخذ يتكهن فقال في ص 130 في الحميدي: «لما استصحبه الشافعي إلى مصر باعتبار أنه رواية ابن عيينة أخذ يطمع أن يخلف الشافعي بعد وفاته، ولما علم أن أصحابه لا يرضونه لبعده عن الفقه، حكى الشافعي أن أحق جماعته بمقامه هو البويطي، فكذبه محمد بن الحكم، ولم يكن مثل الإمام الشافعي ليسر إلى آحاد الآفاقيين بما يكتمه عن جماعته، ولو كان رأيه أن يكون البويطي خلفاً له لجاهر بذلك أمام جماعته لئلا يختلفوا بعده، وقد غرم البويطي ألف دينار والألف كثير إلى أن يصلح قلوب الجماعة كما حكى الحافظ ابن حجر في (توالي التأسيس) ، وللبراطيل أفاعيل، وكان هوى الحميدي مع البويطي

(1) كذا الأصل، ولعله سبق قلم المؤلف، والصواب ابن عبد الحكم، كما يدل عليه السياق. ن

ص: 511

لتقاربهما في المنزع، وبعدهما عن الغوص على دقائق الفقه، بخلاف المزني وابن عبد الحكم ولولا أن كان راويه ابن عيينة لكان الناس استغنوا عنه وعن حديثه لبذاءة لسانه» .

أقول: الحميدي هو الذي اعتمد صحبة الشافعي وفي كتاب ابن أبي حاتم ج3 قسم 2 ص 202 عن الحميدي أنه يقول: «كان أحمد بن حنبل قد أقام عندنا بمكة على سفيان بن عيينة فقال لي ذات يوم: ههنا رجل من قريش له بيان ومعرفة. قلت: ومن هو؟ قال: محمد بن إدريس الشافعي. وكان أحمد بن حنبل قد جالسه في العراق. فلم يزل حتى اجترني إليه ودارت مسائل، فلما قمنا قال لي أحمد بن حنبل: كيف رأيت؟ ألا ترضى أن يكون رجل من قريش يكون له هذه المعرفة وهذا البيان؟ فوقع كلامه في قلبي فجالسته فغلبتهم عليه

وخرجت مع الشافعي إلى مصر» وكان الشافعي قد استكثر من ابن عيينة فلم يكن به حاجة إلى الحميدي ولا غيره، وزعم طمع الحميدي أن يخلف الشافعي بمصر من مخلوقات الأستاذ ليس عليه أدنى شبهة بل كان الحميدي مكيناً بمكة مؤثراً لها، وإنما فارقها تلك المدة إلى مصر إيثاراً لصحبة الشافعي، فكان أقصى همه أن يعود إليها ودعوى بعده عن الفقه مخلق آخر. إنما كان الغالب على الحميدي الحديث، وقد صحب ابن عيينة وأخذ من أخلاقه، وقد تقدم قول الشافعي في ابن عيينة:«ما رأيت أحداً من الناس فيه من آلة العلم ما في ابن عيينة، وما رأيت أحداً أكف عن الفتيا منه» ولعل هذين الأمرين إيثاره الرجوع إلى مكة، وعدم التبسط في الفتوى، من الأسباب التي منعت ترشيحه لخلافة الشافعي.

وحكايته عن الشافعي أن البويطي أحق الجماعة كانت برسالة من الشافعي وهو حي بالقرب منهم يمكنهم مراجعته كما تقدم في القصة نفسها، ومحاولة الأستاذ أن يري القارئ أن الحميدي إنما أخبر بذلك بعد وفاة الشافعي مخلوق آخر من مخلوقاته! وتكذيب ابن عبد الحكم له إن صح طيشة فتى غر محنق كما سلف،

ص: 512

والشافعي لم يسرَّ إليه، وإنما كان عنده وبقية الأصحاب بالجامع فأرسله إليهم وهم بحيث تمكنهم مراجعته. وقد جاء عن الربيع قال:«دخلنا على الشافعي عند وفاته أنا والبويطي والمزني وابن عبد الحكم، فنظر إلينا الشافعي فأطال، ثم التفت إلينا فقال: أما أنت يا يعقوب فستموت في حديدك، وأما أنت يا مزني فسيكون لك بمصر هنات وهنات، ولتدركن زماناًُ تكون أقيس أهل زمانك، وأما أنت يا محمد فسترجع إلى مذهب أبيك وأما أنت يا ربيع فأنت أنفعهم لي في نشر الكتب. قال الربيع: «فكان كما قال» ترى القصة بسندها في (توالي التأسيس) ص85.

والحميدي وإن لم يكن مصرياً فقد كان أعلم الجماعة بالحديث وأقدمهم صحبة للشافعي، ورفيقه في سفره، وكان قرشياً مكياً كالشافعي، فأخصيته به واضحة. والمجاهرة قد وقعت. وذاك الاختلاف كان في حياة الشافعي كما هو صريح في القصة. وغرامة البويطي ألف دينار لا شأن للحميدي بها، ولا لاختلاف الأصحاب، فإن الأستاذ إنما أخذ مما في (توالي التأسيس) :«قال زكريا الساجي: سمعت إبراهيم بن زياد يقول سمعت البويطي يقول: لما مات الشافعي اجتمعنا في موضعه جماعة من أصحابه فجعل أصحاب مالك يسعون بنا عند السلطان حتى بقيت أنا ومولى الشافعي، ثم صرنا بعد نجتمع ونتألف ثم يسعون بنا حتى نتفرق، فلقد غرمت نحواً من ألف دينار حتى تراجع أصحابنا وتألفنا» . فغرامة الألف كانت للسعي في إنقاذه من تحبسه الأمراء أو تنفيه من الأصحاب، فإن كان هناك برطيل فللأمراء وأشياعهم. وزعم أن البويطي رشا الحميدي حتى شهد له زوراً بهتاناً عظيم لا يضر في الدنيا والآخرة غلا مختلقه. وزعم أن هوى الحميدي كان مع البويطي مخلوق آخر ولو كان للهوى مدخل لكان هواه مع ابن عبد الحكم صديقه ومضيفه، وكان آل عبد الحكم أهل الكلمة والمكانة والثروة بمصر، لا يكاد يذكر البويطي في ذلك بالنسبة إليهم. وزعم التقارب في المنزع خلاف الواقع فإن الحميدي كان محدثاً قبل كل شيء والبويطي كان فقيهاً قبل كل شيء وبُعد

ص: 513

البويطي عن الغوص مخلوق آخر فقد كان الشافعي يحيل عليه بالفتوى في حياته وإن كان أقل مخالفة له من المزني، والمزني لم يكن عند وفاة الشافعي يحيل عليه بالفتوى في حياته وإن كان أل مخالفة له من المزني، والمزني لم يكن عند وفاة الشافعي في حد أن يصلح لخلافته كما يعلم من قول الشافعي له: «وليأتين عليك زمان

» وكانت سنه عند وفاة الشافعي دون الثلاثين وكأنه إنما صحب الشافعي بأخرة فإنه استعان على ما فاته عن الشافعي بكتاب الربيع كما مر في ترجمة الشافعي. فأما ابن عبد الحكم فكان دون ذلك بكثير كما يعلم مما مر.

ولم ير الأستاذ في تخرصاته بعد عنائه الطويل ما يغتر به عاقل فأردف ذلك بحاشية علقها على ص 131 أعاد فيها بعض ما تقدم وحاول الاستنساخ على ذلك الأسلوب فلا أطيل بذكر ذلك وما عليه، لكن زاد فيها ما قيل: أن البويطي لما حبس قال: «بريء الناس من دمي إلا ثلاثة حرملة والمزني وآخر» . وقال بعضهم أنه أراد بالآخر ابن الشافعي. فالحكاية ذكرها السبكي بقوله: «قال أبو جعفر الترمذي فحدثني الثقة عن البويطي أنه قال

» ولا أدري كيف سندها إلى أبي جعفر ومن شيخ أبي جعفر أثقة كان حقاً أم لا، أسمع من البويطي أم بلغه عنه، والحكاية منكرة، لأن ألئك الثلاثة إن كانوا سعوا به كما قيل فالمباشر لترحيله من مصر وتقييده وحبسه غيرهم فكيف يبرئ المباشرين لظلمه دون الساعين؟ وأيضاً فلا موضع للسعي لأن قضاة مصر الحنفية الجهمية كانوا يتبعون كل من عرف بعلم أو فقه فيكرهو نه على القول بخلق القرآن وشمل ذلك جميع علماء الشافعية والمالكية بمصر. وأشبه ما تحمل عليه الحكاية إن صحة هو أن يكون الجهمية حينئذ إنما كانوا يتعرضون لمن جاهر بالإنكار عليهم وأعلن منابذتهم وتضليلهم، وكان البويطي يؤثر عدم المجاهرة فجاهر أولئك الثلاثة فأدى ذلك إلى قبض الجهمية على البويطي باعتبار أنه رئيس الجماعة والمعروف عن أولئك الثلاثة عقيدة أهل السنة.

وكأن الأستاذ يقيس أصحاب الشافعي على أصحاب أبي حنيفة إذا كذب أبو يوسف محمداً تكذيباً صريحاً فيما يرويه عنه ما في كتب الحنفية كـ (شرح السير الكبير) ج 1 ص3 إذ ذكر الوحشة التي كانت بين أبي يوسف ومحمد ثم قال: «وسببها الخاص ما يحكى أنه جرى ذكر محمد رحمه الله في مجلس الخليفة فأثنى عليه

ص: 514

الخليفة فخاف أبو يوسف أن يقربه فخلا به وقال: أترغب في قضاء مصر؟ فقال محمد: ما غرضك في هذا؟ فقال: قد ظهر علمنا بالعراق وأحب أن يظهر بمصر. فقال محمد: حتى أنظر. وشاور في ذلك أصحابه فقالوا له: ليس غرضه قضاؤك ولكن يريد أن ينحيك عن باب الخليفة. ثم أمر الخليفة أبا يوسف أن يحضره مجلسه، فقال أبو يوسف: إن به داءً لا يصلح معه لمجلس أمير المؤمنين. فقال: وما ذاك؟ قال: به سلس البول بحيث لا يمكنه استدامة الجلوس. فقال الخليفة: فأذن له بالقيام عند حاجته. ثم خلا بمحمد رحمه الله وقال: إن أمير المؤمنين يدعوك، وهو رجل ملول فلا تطل الجلوس عنده، وإذا أشرت إليك فقم

ولما مات أبو يوسف رحمه الله لم يخرج محمد رحمه الله في جنازته» .

لكن الفرق يا أستاذ واضح كان إمام أبي يوسف ومحمد مجلس الرشيد وملاذ الدنيا وبدر الدنانير وتخوت الثياب وغير ذلك، ولم يكن أمام البويطي شيء من ذلك، إنما أمامه مخالفة المالكية والجهمية والدولة واحتاج أن ينفق من صلب ماله وقوت عياله حتى ختم الله له على أيدي أصحابك بالحسنى وزيادة.

من ثناء الأئمة على الحميدي قال الإمام أحمد «الحميدي إمام» وقال أبو حاتم: «هو أثبت الناس في ابن عيينة، وهو رئيس أصحابه، وهو ثقة إمام» وقال يعقوب بن سفيان: «ثنا الحميدي وما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه» .

فأما شدة الحميدي على أبي حنيفة فاضطره إليها ما بلغه عنه مما ذكر بعضه في الترجمة وقد صرح الأستاذ نفسه ص 36 في بعضها أنه كفر صرخ، وتلك الحكاية سمعها الحميدي من حمزة بن الحارث بن عمير يرويها عن أبيه أنه سمعها من أبي حنيفة. وقد روى رجاء بن السندي - وقد تقدمت ترجمته - عن حمزة بن الحارث عن أبيه نحوها كما في الترجمة، وحمزة ثقة عندهم وكذلك أبوه عند القدماء كما تقدم في ترجمته فكان ثقة عند الحميدي، فكان عند الحميدي أن الحكاية صحيحة. وسمع الحميدي أبا صالح الفراء وهو محبوب بن موسى يحدث عن الفزاري وهو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث قال: قال أبو حنيفة: «إيمان آدم وإيمان إبليس واحد

» وقد قال عثمان بن سعيد الدارمي: ثنا محبوب بن

ص: 515