المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌123- عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني - التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل - ط المكتب الإسلامي - جـ ٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌110- صالح بن محمد التميمي الحافظ الملقب: «جزرة»

- ‌111- الصقر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَل

- ‌112- ضرار بن صرد

- ‌113- طريف بن عبيد الله

- ‌114- طلق بن حبيب

- ‌115- عامر بن إسماعيل أبو معاذ البغدادي

- ‌116- عباد بن كثير

- ‌117- عبد الله بن أبي القاضي

- ‌118- عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني

- ‌119- عبد الله بن جعفر بن درستويه

- ‌120- عبد الله بن خُبَيْق

- ‌121- عبد الله بن الزبير أبو بكر الحميدي

- ‌122- عبد الله بن سعيد

- ‌123- عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني

- ‌124- عبد الله بن صالح

- ‌125- عبد الله بن عدي أبو أحمد الجرجاني الحافظ مؤلف (الكامل)

- ‌126- عبد الله بن عمر بن الرماح

- ‌127- عبد الله بن عمرو أبو معمر المنقري

- ‌128- عبد الله بن محمد بن حميد أبو بكر بن أبي الأسود

- ‌129- عبد الله بن محمد بم جعفر بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني الحافظ

- ‌130- عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني

- ‌131- عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بصاحب الخان بأرمية

- ‌132- عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني ويقال الفرهاذاني

- ‌133- عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم البغوي

- ‌134- عبد الله بن محمد العتكي

- ‌135- عبد الله بن محمود

- ‌136- عبد الله بن معمر

- ‌137- عبد الأعلى بن مسهر أبو مسهر الدمشقي

- ‌138- عبد الرحمن بن بشير بن سلمان

- ‌139- عبد الرحمن بن عمر الزهري أبو الحسن الأصبهاني الأزرق المعروف برسته

- ‌140- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد بن أبي حاتم الرازي

- ‌141- عبد الرزاق بن عمر البَزيعي

- ‌142- عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي

- ‌143- عبد السلام بن محمد الحضرمي

- ‌144- عبد العزيز بن الحارث أبو الحسن التميمي

- ‌145- عبد الله بن حبيب القرطبي أحد مشاهير المالكية

- ‌146- عبد الملك بن قريب الأصمعي

- ‌ ثناء الأئمة على الأصمعي

- ‌147- عبد الملك بن محمد أبو قلابة الرقاشي

- ‌148- عبد المؤمن بن خلف أبو يعلى التميمي النسفي الحافظ

- ‌149 - عبد الواحد بن برهان العكبري

- ‌150- عبد الوارث بن سعيد أبو عبيدة التنوري

- ‌151- عبد بن أحمد أبو ذر الهروي

- ‌152- عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي

- ‌153- عبيد الله بن محمد بن حمدان أبو عبد الله ابن بطة العكبري

- ‌154- عبيدة الخراساني

- ‌155- عثمان بن أحمد أبو عمرو بن السماك الدقاق

- ‌156- عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ

- ‌157- علي بن أبي الحسن المعروف بابن طيبة الرزاز

- ‌158- علي بن إسحاق بن عيسى بن زاطيا

- ‌159- علي بن جرير الباوردي

- ‌160 - علي بن زيد الفرائضي

- ‌161- علي بن صدقة

- ‌162- علي بن عاصم

- ‌163- علي بن عبد الله بن المديني

- ‌164- علي بن عمر بن أحمد بن مهدي أبو الحسن الدارقطني

- ‌165- على بن عمر بن محمد

- ‌166- علي بن محمد بن سعيد الموصلي

- ‌167- علي بن محمد بن مهران السواق

- ‌168- علي بن مهران الرازي

- ‌169- عمار بن زريق

- ‌170- عمر بن الحسن أبو الحسين الشيباني القاضي المعروف بابن الأشناني

- ‌171- عمر بن قيس المكي

- ‌172- عمر بن محمد بن عمر بن الفياض

- ‌173- عمر بن محمد بن عيسى السذابي الجوهري

- ‌174- عمر بن علي بن البحر أبو حفص الفلاس

- ‌175- عمران بن موسى الطائي

- ‌176- عنبسة بن خالد

- ‌177- فهد بن عوف أبو ربيعة، اسمه زيد ولقبه فهد

- ‌178- القاسم بن حبيب

- ‌179- القاسم بن عثمان

- ‌181- قطن بن إبراهيم

- ‌182- قيس بن الربيع

- ‌183- مالك بن أنس الأصبحي الإمام

- ‌184- محبوب بن موسى أبو صالح الفراء

- ‌185- محمد بن إبراهيم بن جناد المنقري

- ‌186- محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف أبو أحمد الجرجاني الغطريفي الحافظ

- ‌187- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق يعرف بابن رزق وبأبي رزقويه

- ‌188- محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الآدمي

- ‌189- محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي الشافعي أبو عبد الله

- ‌190- محمد بن أبي الأزهر

- ‌191- محمد بن إسحاق بن خزيمة

- ‌192- محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري صاحب (الصحيح)

- ‌193- محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل الترمذي

- ‌194- محمد بن أعين أبو الوزير

- ‌195- محمد بن بشار بندار

- ‌196- محمد بن جابر اليمامي

- ‌198- محمد بن جعفر الأنباري

- ‌199- محمد بن جعفر الراشدي

- ‌200- محمد بن حبان أبو حاتم البستي الحافظ

- ‌201- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد النقاش

- ‌202- محمد بن الحسن بن حميد بن الربيع

- ‌203- محمد بن حماد

- ‌204- محمد بن حمدويه أبو رجاء المروزي

- ‌205- محمد بن روح

- ‌206- محمد بن سعد العوفي

- ‌207- محمد بن سعيد البورقي

- ‌208- محمد بن الصقر بن عبد الرحمن

- ‌209- محمد بن العباس بن حيوية أبو عمر الخزاز

- ‌210- محمد بن عبد الله بن أبان أبو بكر الهيتي

- ‌211- محمد بن عبد الله بن إبراهيم أبو بكر الشافعي

- ‌212- محمد بن عبد الله سليمان الحضرمي الحافظ، لقبه «مُطين»

- ‌213- محمد بن عبد الله بن الحكم

- ‌214- محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي الحافظ

- ‌215- محمد بن عبد الله بن محمد بن حموديه أبو عبد الله الضبي الحاكم

- ‌216- محمد بن عبد الله بت محمد بن عبد الله أبو الفضل الشيباني

- ‌217- محمد بن عبيد الطنافسي

- ‌218- محمد بن أبي عتاب أبو بكر الأعين

- ‌220- محمد بن علي أبو جعفر الوراق، لقبه حمدان

- ‌221- محمد بن علي بن الحسن بن شقيق

- ‌222- محمد بن علي بن عطية أبو طالب المكي

- ‌223- محمد بن علي البلخي

- ‌224- محمد بن علي أبو العلاء الواسطي القاضي

- ‌225- محمد بن عمر بن محمد بن بهتة

- ‌226- محمد بن عمرو العقيلي الحافظ

- ‌227- محمد بن عوف

- ‌228- محمد بن الفضل السدوسي المشهور بعارم

- ‌229- محمد بن فليح بن سليمان

- ‌230- محمد بن كثير العبدي

- ‌231- محمد بن كثير المصيصي

- ‌232- محمد بن محمد بن سليمان الباغندي وأبوه

- ‌233- محمد بن المظفر بن إبراهيم أبو المفتوح الخياط

- ‌234- محمد بن معاوية الزيادي

- ‌235- محمد بن موسى البربري

- ‌236- محمد بن ميمون أبو حمزة السكري

- ‌237- نصر بن محمد بن مالك

- ‌238- محمد بن يعلي زنبور

- ‌239- محمد بن يوسف الفريابي

- ‌240- محمد بن يونس الجمال

- ‌241- محمد بن يونس الكديمي

- ‌242- محمود بن إسحاق بن محمود القواس

- ‌243- مسدد بن قطن

- ‌244- مسلم بن أبي مسلم

- ‌245- المسيب بن واضح

- ‌246- مصعب بن خارجة بن مصعب

- ‌247- مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار أبو مصعب اليساري الأصم

- ‌248- معبد بن أبو شافع

- ‌249- المفضل بن غسان الغلابي

- ‌250- منصور بن أبي مزاحم

- ‌251- موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي

- ‌252- موسى بن المساور أبو الهيثم الضبي

- ‌253- مؤمل بن إسماعيل

- ‌254- مؤمل بن إهاب

- ‌255- مهنأ بن يحيى

- ‌256- نصر بن محمد البغدادي

- ‌257- النضر بن محمد المروزي

- ‌258- نعيم بن حماد

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس والسادس:

- ‌الحديث السابع والثامن:

- ‌259- الوضاح بن عبد الله أبو عوانة أحد الأئمة

- ‌260- الوليد بن مسلم

- ‌261- هشام بن عروة بن الزبير بن العوام

- ‌262- هشام بن محمد بن السائب الكلبي

- ‌263- الهيثم بن جميل

- ‌264- يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي الأصل الدمشقي

- ‌265- يحيى بن عبد الحميد الحماني

- ‌266- يزيد بن يوسف الشامي

- ‌267- يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي أبو يوسف الفسوي

- ‌268- يوسف بن أسباط

- ‌269- أبو الأخنس الكناني

- ‌270- أبو جزي بن عمرو بن سعيد بن سلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي

- ‌271- أبو جعفر

- ‌272- أبو محمد

- ‌273- ابن سختويه بن مازيار

- ‌القسم الثالث: البحث مع الحنفية في سبع عشرة قضية

- ‌المسألة الأولى: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس

- ‌المسألة الثانية: رفع اليدين

- ‌المسألة الثالثة: أفظر الحاجم والمحجوم

- ‌المسألة الرابعة: إشعار الهدى

- ‌المسألة الخامسة: المحرم لا يجد إزارا أو نعلين يلبس السراويل والخف ولا فدية عليه

- ‌المسألة السادسة: درهم وجوزة بدرهمين

- ‌المسألة السابعة: خيارالمجلس

- ‌حديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق

- ‌المسألة الثامنة: رجل خلا خلوة مريبة بامراة أجنبية يحل له أن يتزوجها فعثر عليها فقال: نحن زوجان

- ‌المسألة التاسعة: الطلاق قبل النكاح

- ‌المسألة العاشرة: العقيقة مشروعة

- ‌المسألة الحادي عشرة: للراجل سهم من الغنيمة وللفارس ثلاثة، سهم له وسهمان لفرسه

- ‌المسألة الثانية عشرة: أما على القاتل بالمثقل قصاص

- ‌المسألة الثالثة عشرة: لا تعقل العاقلة عبداً

- ‌المسألة الرابعة عشرة: تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً

- ‌المسألة الخامسة عشرة: القضاء بشاهد ويمين في الأموال

- ‌تتمة

- ‌المسألة السادسة عشرة: نكاح الشاهد امرأة شهد زوراً بطلاقها

- ‌المسألة السابعة عشرة: القرعة المشروعة

الفصل: ‌123- عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني

موسى الأنطاكي قال: سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: «إيمان أبي بكر الصديق وإيمان أبي بكر واحد

» وقد مرت ترجمة الفزاري، وتأتي ترجمة عثمان وحبوب. وكان عند الحميدي أن هذه الحكاية صحيحة أيضاً. ومن تدبر الترجمة علم أنه كان عند الحميدي حكايات أخرى قد سمعها ممن هو عنده ثقة وبهذا يتبين للعالم العاقل أن الحميدي إن كان مخطئاً فهو معذور مأجور إن شاء الله تعالى. وقد عذر أهل السنة بعض من قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وجاهر بسبه ولعنه، فإن كان الحميدي مخطئاً فهو أولى وأجدر بأن يعذر ويؤجر.

فإن قيل فكذلك ينبغي أن تعذروا الكوثري وإن اعتقدتم خطأه.

قلت: أما في خطئه الذي يعذر به فحباً وكرامة، وأما ما زاد على ذلك، فقد جعل الله لكل شيء قدر!

‌122- عبد الله بن سعيد

. في (تاريخ بغداد) 13/380 من طريق أبي بكر الشافعي «حدثني عمر بن الهيثم البزاز أخبرنا عبد الله بن سعيد - بقصر ابن هبيرة - حدثني أبي أن أباه أخبره أن ابن أبي ليلى كان يتمثل

» قال الأستاذ ص 60 «إن كان أبا عباد المقبري

وإن كان أبا سعيد الأشج.. وإن كان غيرهما كان مجهولاً هو وأبوه وجده» .

أقول: ما هو بأحدهما. والله أعلم.

‌123- عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني

. في (تاريخ بغداد) 13/383 عنه أنه قال لأصحابه «ما تقولون في مسألة

» قال الأستاذ ص68 «كذبه أبوه وابن صاعد وإبراهيم ابن الأصبهاني وابن جرير وهو ناصبي مجسم خبيث روى أخلوقة التسلق عن الزهري كذباً وزوراً، وقد شهد عليه بذلك شهود عدول هم الحفاظ محمد بن العباس الأخرم وأحمد بن علي بن الجارود ومحمد بن يحيى بن منده وكاد أن يراق دمه في أصبهان بيد أميرها أبي ليلى لولا سعي بعض الوجهاء ممن كان يجل أباه في استنقاذه بالطعن في أمثال هؤلاء

ص: 516

الشهود. وهذا حاله وإن راج على من لم يعرف دخائله. وكان هو في صف أبي عبد الله الجصاص المكشوف الأمر ضد ابن جرير» .

أقول: أما كلام أبيه فقال ابن عدي على ما في (الميزان) و (لسانه) : «حدثنا علي بن عبد الله الداهري سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن كركرة (وفي (تذكرة الحفاظ) : محمد بن أحمد بن عمرو) بن كركرة (1) سمعت علي بن الحسين بن الجنيد سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب قال ابن صاعد: كفانا ما قال أبوه فيه» .

الداهري وابن كركرة لم أجد لهما ذكراً في غير هذا الموضع وقول ابن صاعد: «ما قال أبوه فيه» إن أراد هذه الكلمة، فإن كانت بلغته بهذا السند فلا نعلمه ثابتاً، وإن كان له مستند آخر فما هو؟ وإن أراد كلمة أخرى فما هي؟ وقد ارتاب الذهبي في الحكاية فقال في (تذكرة الحفاظ) ج2 ص302 بعد ذكر الحكاية بسندها:«وأما قول أبيه فيه فالظاهر أنه إن صح عنه فقد عنى أنه كذاب في كلامه لا في الحديث النبوي وكأنه قال هذا وعبد الله شاب طري ثم كبر وساد» . وقال ابن عدي - مع حشره كلما قيل في عبد الله - قال: كما في (الميزان) «ولولا ما شرطنا (يعني من ذكر كل من تكلم فيه وإن كان الكلام فيه غير قادح)(2) لما ذكرته

وهو معروف بالطلب وعامة ما كتب مع أبيه، هو مقبول عند أصحاب الحديث، وأما كلام أبيه فما أدري أيش تبين منه» .

أقول لم تثبت الكلمة، وقال ابن عدي: «سمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود

(1) وفي مخطوطة الظاهرية من «كامل ابن عدي» (228/2) : «

سمعت أحمد بن محمد بن عمرو بن عيسى كركرة يقول: سمعت علي بن الحسين

» . وهي نسخة جيدة عتيقة لولا أن فيها خرما. ن

(2)

ما بين القوسين من كلام المصنف رحمه الله كبيان لعبارة ابن عدي التي اختصرها الذهبي، وقد كاد المصنف أن يوافق عبارة ابن عدي فإن لفظها في (الكامل) : «ولولا شرطنا في أول الكتاب أن كل من تكلم فيه متكلم ذكرته في كتابي هذا

» . ن

ص: 517

السجستاني يقول: ومن البلاء أن عبد الله يطلب القضاء» . كان أبو داود على طريقة كبار الأئمة من التباعد عن ولاية القضاء، فلما طلبه ابنه كره ذلك ومن الجائز إن صح أنه قال:«كذاب» أن يكون إنما أراد الكذب في دعوى التأهل للقضاء والقيام بحقوقه. ومن عادة الأب الشفيق إذا رأى من ابنه تقصيراً أن يبالغ في تقريعه. وقد قال الأستاذ ص163. «الإخبار بخلاف الواقع هو الكذب والكذب بهذا المعنى يشمل الغالط والواهم

فلا يعتد بقول من يقول: فلان يكذب. ما لم يفسر وجه كذبه» .

وأما ابن صاعد وابن جرير فلم أجد لهما كلاماً غير قول الأول: «كفانا ما قال أبوه فيه» وقد تقدم. وقول الثاني لما قيل له: إن ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي بن أبي طالب: «تكبيرة من حارس» وهذا ليس بجرح إنما مقصوده أنه كما أن الحارس قد يقول رافعاً صوته: الله أكبر، لا ينوي ذكر الله عز وجل وإنما يقصد أن يسمع السراق صوته فيعرفوا أنه موجود يقظان فلا يقدموا على السرقة، فكذلك قد يكون بن أبي داود يروي فضائل علي ليدفع عن نفسه ما رماه بعض الناس من النصب وهو بغض علي رضي الله عنه. وقد قال الذهبي في (التذكرة) :«لا ينبغي سماع قول ابن صاعد فيه، كما لم يعتد تكذيبه لابن صاعد، وكذا لا يسمع قول ابن جرير فيه، فإن هؤلاء بينهم عداوة بينة» .

أقول وقد قدمت تحقيق هذا البحث في القواعد.

وأما ابن الأصبهاني، فقال ابن عدي: «سمعت موسى بن القاسم الأشيب يقول: حدثني أبو بكر سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب، أبو بكر شيخ الأشيب يحتمل أن يكون هو ابن أبي الدنيا لأنه ممن يروي عن إبراهيم وممن يروي عنه الأشيب، ويحتمل أن يكون غيره لأن أصحاب هذه الكنية في ذاك العصر ببغداد كثيرون ولم يشتهر ابن أبي الدنيا بهذه الكنية بحيث إذا ذكرت وحدها في تلك الطبقة ظهر أنه المراد، فعلى هذا لا يتبين ثبوت هذه الكلمة عن ابن الأصبهاني. وابن أبي داود إن كان سنة عند وفاة الأصبهاني سنة 266 فوق

ص: 518

الثلاثين فلم يكن قد تصدى للرواية في زمانه. قال الخطيب: «أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني حدثنا أبو الفضل صالح بن أحمد الحافظ قال: أبو بكر عبد الله بن سليمان إمام أهل العراق وعلم العلم في الأمصار نصب السلطان المنبر فحدث عليه لفظه ومعرفته، وحدث قديماً قبل التسعين ومائتين، قدم همذان سنة نيف وثمانين ومائتين وكتب عنه عامة مشايخ بلدنا ذلك الوقت وكان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو» . بلى كان يذاكر وربما يتعرض لأكابر الحفاظ يذاكرهم فيتفق أن يكون عنده حديث ليس عندهم فتعجبه نفسه ويتكلم بما يعد جرأة منه وسوء أدب فيغضبهم كما فعل مع أبي زرعة. قال «قلت لأبي زرعة «ألق عليَّ حديثاً غريباً من حديث مالك. فألقى عليَّ حديث وهب بن كيسان عن أسماء: لا تحصي فيحصى عليك. رواه لي عن عبد الرحمن بن شيبة - وهو ضعيف. فقلت له: يجب أن تكتبه عني عن أحمد بن صالح عن عبد الله بن نافع بن مالك. فغضب وشكاني إلى بي وقال: انظر إلى م يقول لي أبو بكر» هكذا في (تهذيب تاريخ ابن عساكر) وغيره. فلعله كان يتعرض بمثل هذا لابن الأصبهاني، فاتفق أن وهم ولجّ فقال ابن الأصبهاني ما قال، إن صحت الحكاية عنه.

فأما بعد أن تصدى للحديث فإن الناس أكثروا السماع منه وكان كثير من الحفاظ يعادونه ويتعطشون إلى أن يقفوا له على زلة في الرواية فلم يظفروا بشيء، ولم ينكر أحد عليه حديثاً واحداً، وكانوا كلما استغربوا شيئاً من حديثه أبرز أصله بسماعه من أبيه وهو القائل:

إذا تشاجر أهل العلم في خبر

فليطلب البعض من بعض أصولهم

إخراجك الأصل فعل الصادقين فإن

لم تخرج الأصل لم تسلك سبيلهم

فاصدع بعلم ولا تردد نصيحتهم

وأظهر أصولك إن الفرع متهم

وأما النصب فقال ابن عدي على ما في (تذكرة الحفاظ) : «نسب في الابتداء إلى شيء من النصب ونفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط ثم رده علي بن عيسى

ص: 519

فحدث وأظهر فضائل علي ثم تحنبل فصار شيخاً منهم، وهو مقبول عند أصحاب الحديث» ولم يتحقق من الذي نسبه إلى النصب وما حجته في ذلك، وكان الرجل شكس الأخلاق تياهاً وله أعداء. فإن كان شيء فقد تاب وأناب، قال أحمد يوسف الأزرق:«سمعت أبا بكر بن أبي داود غير مرة يقول: كل من بيني وبينه شيء - أو قال: كل من ذكرني بشيء - فهو في حل إلا من رماني ببغض علي بن أبي طالب» .

وأما أخلوقة التسلق فقال ابن عدي: «سمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول: أشهد على محمد بن يحيى بن منده بين يدي الله قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري عن عروة قال: حفيت أظافر فلان من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» محمد بن الضحاك هذا له ترجمة في (تاريخ بغداد) ج5 ص376 لم يذكر فيه توثيقاً ولا جرحاً.

وابن منده هو أحد الذين شهدوا بأصبهان فجرحوا، وقد ذكر الحافظان الأصبهانيان الجليلان أبو الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان وأبو نعيم في كتابيهما في (تاريخ علماء أصبهان والواردين عليها) أبا بكر بن أبي داود وأثنيا عليه ولم يتعرضا في ترجمته للقصة، لكن ذكراها في ترجمة محمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص فقال أبو الشيخ: «كان ورد أصبهان أبو بكر بن أبي داود السجستاني وكان من العلماء الكبار فكان يجتمع معه حفاظ أهل البلد وعلماؤهم فجرى منهم يوماً ذكر علي بن بي طلب رضوان الله عليه فقال ابن أبي داود: إن الناصبة يروون عليه أن أظفاره حفيت من كثرة تسلقه على أم سلمة. فنسبوا الحكاية إليه وألغوا ذكر الناصبة وألبوا عليه جعفر بن شريك وأولاده

» وساق أبو نعيم القصة بأتم من ذلك قال: «محمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص الهمذاني

وهو الذي عمل وسعى في خلاص عبد الله بن أبي داود لما أمر أبو ليلى الحارث بن عبد العزيز بضرب عنقه لما تقولوا عليه وكان رحمه الله احتسب في أمر عبد الله بن أبي

ص: 520

داود السجستاني لما امتحن، وتشمر في استنقاذه من القتل، وذلك أن أبا بكر بن أبي داود قدم أصبهان وكان من المتبحرين في العلم والحفظ والذكاء والفهم، فيحسده جماعة من الناس، وأجرى يوماً في مذاكرته ما قالت الناصبة في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فإن الخوارج والنواصب نسبوه إلى أن أظافيره قد حفيت من كثرة تسلقه على زوج أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ونسبوا الحكاية إليه وتقولوا عليه وحرضوا عليه جعفر بن محمد بن شريك وأقاموا بعض العلوية خصماً له، فأحضر مجلس أبي ليلى الحارث بن عبد العزيز وأقاموا عليه الشهادة فيما ذكر محمد بن يحيى بن منده وأحمد بن علي بن الجارود ومحمد بن العباس الأخرم، فأمر الوالي أبو ليلى بضرب عنقه، واتصل الخبر بمحمد بن عبد الله بن الحسن فحضر الوالي أبا ليلى، وجرح الشهود فنسب محمد بن يحيى إلى العقوق وأنه كان عاقاً لوالده، ونسب ابن الجارود إلى أنه مُربي يأكل الربا ويؤكل الناس، ونسب الأخرم إلى أنه مفتري غير صدوق، وأخذ بيد عبد الله بن أبي داود فأخرجه وخلصه من القتل، فكان عبد الله بن أبي داود يدعوا لمحمد بن عبد الله طول حياته ويدعوا على الذين شهدوا عليه فاستجيب له فيهم وأصابت كل واحد منهم دعوته، فمنهم من احترف، (!) ومنهم من خلط وفقد عقله» . فهذان حافظان جليلان من أهل البلد الذي جرت القضية فيه، وهما أعرف بالقصة والشهود. وبعد أن قضى الحاكم ببراءة ابن أبي داود فلم يبق وجه للطعن فيه بما برأه منه الحكم، وقد شهد ثلاثة خير من هؤلاء على المغيرة بن شعبة وتلكأ الرابع فحد الصحابة الشهود ونجا المغيرة (1) ثم اتفق أهل السنة على أنه ليس لأحد أن يطعن في المغيرة بما برأه منه الحكم. فإن كان أهل العلم بعد ذلك عدلوا الثلاثة الذين شهدوا على ابن أبي داود فليس في ذلك ما ينفي أن يكونوا كانوا حين الشهادة مجروحين بما جرحوا به في مجلس الحكم. بل يقال: تابوا مما جرحوا به

(1) قد ثبتت هذه القصة من طرق ذكرت أكثرها في «إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل» رقم

(2419)

وقد أو شك على التمام، يسر الله إتمامه بمنه وكرمه. ن

ص: 521

فلذلك عدلهم أهل العلم.

وبعد فقد كانت أم سلمة رضي الله عنها أتم أمهات المؤمنين ولاء لفاطمة عليها السلام وللحسن والحسين وأبيهما، وكان علي رضي الله عنه يثق بعظم ولائها وبعقلها ورأيها ودينها فكان يستنصحها ويستشيرها، فقد يكون بعض الناس روى أن علياً كان يتردد عليها ذلك فأخذ بعض أعداء الله تلك الحكاية وغيرها ذاك التغيير الفاجر، كما غير بعضهم حديث «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» فجعل بدل هارون قارون كما تراه في ترجمة حريز بن عثمان. وكان من عادة المحدثين التباهي بالإغراب يحرص كل منهم على أن يكون عنده من الروايات ما ليس عند الآخرين لتظهر مزيته عليهم وكانوا يعتنون شديداً لتحصيل الغرائب ويحرصون على التفرد بها كما ترى في ترجمة الحسن بن علي المعمري من (لسان الميزان) وغيره، وكانوا إذا اجتمعوا تذاكروا فيحرص كل واحد منهم على أن يذكر شيئاً يغرب به على أصحابه بأن يكون عنده دونهم، فإذا ظفر بذلك افتخر به عليهم واشتد سروره وإعجابه وانكسارهم. وقد حكى ابن فارس عن الوزير أبي الفضل ابن العميد قال: «ما كنت أظن في الدنيا كحلاوة الوزارة والرياسة التي أنا فيها حتى شاهدت مذاكرة الطبراني وأبي بكر الجعابي

» فذكر القصة وفيها غلبة الطبراني قال ابن العميد «فخجل الجعابي، فوددت أن الوزارة لمتكن وكنت أنا الطبراني وفرحت كفرحه» راجع (تذكرة الحفاظ) ج3 ص121. ولم يكونوا يبالغون في سبيل إظهار المزية والغلبة أكان الخبر عن ثقة أو غيره، صحيحاً أو غير صحيح؟ وقد كان عند زكريا الساجي حديث عن رجل واه ومع ذلك لما لم يوجد ذاك الحديث إلا عند الساجي صار له به شأن. وفي (لسان الميزان) : «قال الساجي: كتب عني هذا الحديث البزاز وعبدان وأبو داود وغيرهم من المحدثين. قال القراب: هذا حديث الساجي الذي كان يسأل عنه» . وكانت طريقتهم في المذاكرة أن يشير أحدهم إلى الخبر الذي يرجو أنه ليس

ص: 522

عند صاحبه ثم يطالبه بما يدل على أنه قد عرفه، كان يقول الأول: مالك عن نافع قال

، فإن عرفه الآخر قال: حدثناه فلان عن فلان عن مالك. وقد يذكر ما يعلم أنه لا يصح أو أنه باطل كأن يقول: المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً: «أبغض الكلام إلى الله الفارسية» . أو يقول: أبو هريرة مرفوعاً: «خلق الله الفرس» الخ. وقد تقدم في ترجمة حماد بن سلمة.

وكان ابن أبي داود صلفاً تياهاً حريصاً على الغلبة فكأنه سمع من بعض النواصب يروي بسند فيه واحد أو أكثر من الدجالين إلى الزهري أنه قال: قال عروة

فحفظ ابن أبي داود الحكاية مع علمه واعتقاده بطلانها لكن كان يعدها للأغراب عند المذاكرة ولما دخل أصبهان ضايق محدثيها في بلدهم فتجمعوا عليه وذاكروه فأعوزه أن يغرب عليهم ففزع إلى تلك الحكاية فقال: الزهري عن عروة

فاستفظع الجماعة الحكاية ثم بدا لهم أن يتخذوها ذريعة إلى التخلص من ذلك التياه الذي ضايقهم في بلدهم، فاستقر رأيهم على أن يرفعوا ذلك إلى الوالي ليأمر بنفي ابن أبي داود فيستريحوا منه، إذ لا يرون في القضية م يوجب القتل فلما مر أبو ليلى بما أمر سقط في أيديهم، رأوا أنهم إن راجعوه عاد الشر عليهم فقيظ (1) الله تبارك وتعالى ذلك السّري الفاضل محمد بن عبد الله بن الحسن فخلصهم جميعاً. ومن الجائز أن يكون ابن أبي دود قبل نفيه من بغداد وقعت له مثل هذه الواقعة ولكن كان أهل بغداد أعقل من أهل أصبهان فاقتصروا على نسبته إلى النصب ونفيه من بغداد. وعلى كل حال فقد أساء جد الإساءة بتعرضه لهذه الحكاية من دون أن يقرنها بما يصرح ببطلانها، ولا يكفيه من العذر أن يقال قد جرت عادتهم في المذاكرة بأن يذكر أحدهم من يرجوا أن يغرب به على الآخرين بدون التزام أن يكون حقاً أم باطلاً. لكن الرجل قد تاب وأناب كما تقدم والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولو كان الذنب كفراً صريحاً. وبعد التوبة لا يجوز الطعن في الرجل بما قد تاب منه ولو كان كفراً. والذين كانوا يشنعون على أبي حنيفة بأنه

(1) كذا الأصل، وهو لغة في جعل الضاد ظاء وخاصة في الشعر. ن

ص: 523