الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختلاف في الاعتقاد مع أن بعض أئمة الحديث تكلم في أبي زيد كما تراه في ترجمته من (التهذيب) والأصمعي وثقه الأئمة كما يأتي. وقال الأستاذ في (الترحيب) : «وأما الأصمعي فقد وثقه غير واحد في الحديث وأما أخباره ونوادره المدونة في الكتب ففيها كثير مما يرفض وقد قال أبن أخي الأصمعي عبد الرحمن بن عبد الله وقد سئل عن عمه: هو جالس يكذب على العرب. وقال أبو رياش: كان الأصمعي مع نصبه كذبا. وقال: سأله الرشيد: لم قطع علي يد جدك أصمع؟ فقال: ظلما يا أمير المؤمنين. وكذب عدو الله. إنما قطعه في سرقة. وأطال أبو القاسم علي بن حمزة
…
. ومما قال: كان مجبرا شديد البغض لعلي كرم الله وجهه. وتكذيبه ليس بمنحصر فيما يروي عن أبي زيد الأنصاري» .
أقول: كان الأستاذ يحسب الكلام في الأصمعي كما قالت الأعراب:
قد هدم اليربوع بيت الفاره
…
فجاءت الزغب من الوباره
وكلها يشتد بالحجارة
من عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي يا أستاذ؟! وهل عرفه الناس إلا بكلمات يرويها عن الأصمعي؟ ولعلها إن صحت الكلمة عنه كلمة قالها في صباه وهو يلعب مع الأطفال فاستظرفت من ذاك الصبي فنقلت. وأما أبو رياش فمن أبو رياش؟ اذكروه بأكثر من أنه كان حفظه للأشعار؟ أو أنه كان يتشيع أو أنه كان وسخا دنسا إلى الغاية وهل يحتج بكلامه في أصمعي عاقل؟ ولمعرفتنا بحاله لا نطالبك بتصحيح النقل عنه وكان بعد الأصمعي بزمان طويل.
أما علي بن حمزة فمعدود من علماء اللغة بينه وبين اًلأصمعي زمان طويل حده أن يقبل منه تخطئة من قبله إذا أقام الحجة. وقوله: «إن الأصمعي كان مجبرا» دليل على أنه هو كان قدريا والقدرية تسمى أهل السنة «مجبرة» وقوله: «شديد البغض لعلي كرم الله وجهه» قول لا حجة عليه ولا نعلم عن الأصمعي شيئا يثبت عنه يسوغ أن ينسب لأجله إلى النصب.
ودونك
ثناء الأئمة على الأصمعي
قال الأمام الشافعي بعد أن فارق بغداد: «ما
رأيت بذلك العسكر أصدق لهجة من الأصمعي» فتدبر هذه الكلمة وأنظر من كان ببغداد من الأكابر الذين رآهم الشافعي بها.
وقال أبو أمية الطرطوسي: «سمعت أحمد ويحيى يثنيان على الأصمعي في السنة. قال: وسمعت على بن المديني يثني عليه» وقال عباس الدوري: قلت لابن معين: أريد الخروج إلى البصرة فعمن أكتب؟ قال: عن الأصمعي فهو صدوق» وقال أبو داود: «صدوق» وقال نصر بن علي: «كان الأصمعي يقول لعفان ك اتق الله ولا تغير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولي» قال نصر بن علي: «كان الأصمعي يتقي أن يفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يتقي أن يفسر القرآن» وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: «ليس فيما يروي عن الثقات تخليط إذا كان دونه ثقة» .
أقول: وتجد في كتب اللغة ومعاني الشعر مواضع كثيرة يتوقف عنها الأصمعي وذلك يدل على توقيه وتثبته. وكأن ابن جني أشار إلى كلام علي بن حمزة إذا قال في (الخصائص) :
«وهذا الأصمعي وهو صناجة الرواة والنقلة وإليه محط الأعباء والثقلة، ومنه يجنى الفقر والملح، وهو ريحان كل مغتبق ومصطبح، كانت مشيخة القراء وأماثلهم تحضره وهو حدث لأخذ قراءة نافع عنه، ومعلوم قدر ما حذق من اللغة فلم يثبته لأنه لم يقو عنده غذ لم يسمعه
…
فأما إسفاف من لا علم له وقول من تمسك به أن الأصمعي كان يزيد في كلام العرب ويفعل كذا ويقول كذا، فكلام معفو عنه غير معبوء به ولا متقدم في مثله حتى كأنه لم يتأد إليه توقفه عن تفسير القرآن وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وتحرزه من الكلام في الأنواء» .
وأما ما يحكى عن الأصمعي من النوادر فقد نحله الناس حكايات كثيرة جدا وكل من أراد أن يضع حكاية نسبها إلى الأصمعي فلا يلتفت من ذلك إلا إلى ما صح سنده ولن يوجد في ذلك إلا ما هو حق وصدق، أو يكون الحمل منه على من فوق الأصمعي؛ ومحاولة الأستاذ التفرقة بين الحديث والحكايات محاولة فاشلة، والصدق الذي يثنى به على الراوي شيء واحد إما أن يثبت للأصمعي كله، وهو الواقع كما صرحت به كلمة الشافعي السابقة، واقتضته كلمات غيره، وإما أن يسقط كله. وقد