الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الخامسة: المحرم لا يجد إزارا أو نعلين يلبس السراويل والخف ولا فدية عليه
في (تاريخ بغداد) 13/392 من طريق حماد بن زيد قال: «شهدت أبا حنيفة رسئل عن محرم لم يجد إزاراً فلبس سراويل، قال: عليه الفدية، قلت: سبحان الله
…
...» قال الأستاذ ص 94: «فهذان إنما أبيحا لعذر كمن به أذى في رأسه فلا تحول هذه الإباحة دون وجوب الفدية كمن في رأسه أذي فلَبس، على ما في القرآن الكريم، وليس في الأحاديث ما يصرح بسقوط الفدية عن المعذور.
أقول: الذي في القرآن هو قول الله تبارك وتعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (1) .
فالذي في الآية الحلق، فقول الأستاذ «فلبس، على ما في القران الكريم» لا وجه له اللهم إلا أن يريد: قياساً على ما في القرآن ففي عبارته تلبيس ومع ذلك ففي صحة القياس نظر لتوقفها على عدم الاحرام - أعني التحلل - كما جعل السلام علماً على الخروج من الصلاة، والسلام من خطاب الناس وهو أشد
(1) البقرة: 196
منافاة للصلاة من غيره بدليل أنه لا يجوز منه في الصلاة قليل ولا كثير حتى في حال القتال، وإن احتاج إليه لاستغاثة مثلاً بخلاف الحركة مثلاً فإنها وإن كانت منافية للصلاة أيضاً إلا أنه لا يجوز القليل منها مطلقاً ويجوز الكثير في صلاة الخوف، فالتشديد في الحلق لايستلزم التشديد فيما هو أخف منه. فإن كان هناك إجماع على وجوب الفدية على من احتاج إلى لبس عمامة لمرض مثلاً فلا يقاس عليه لبس فاقد الإزار للسراويل، وفاقد النعلين للخفين، لأن ستر الرأس غير المطلوب شرعاً كطلب ستر العورة ووقاية الرجلين مما قد يمنع من استطاعة المشيء إلى الحج وأداء أعماله، والتشديد في الأول لا يستلزم التشديد في الثاني. فأما قياس لبس السراويل والخفين على الحلق المنصوص في القرآن فأبعد عن الصحة لاجتماع الفارقين معاً، فإن قيل: أرأيت إذا تمكن فاقد الازار من فتق السراويل وتلفيقه بالخياطة حتى يكون إزار كافياً له، وتمكن فاقد النعلين من تقطيع الخفين حتى يصيرا نعلين؟ قلت: لا يتجه إلزامه ذلك لأنه يكثر أن لا يتمكن الانسان من ذلك، وإذا تمكن ففيه إفساد للمال ينقص قيمته ومنفعته. هذا وقد صح في الباب حديثان:
الأول حديث ابن عمر في (الصحيحين) وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبس المحرم فقال: «لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين
…
...» ويؤخذ منه من باب أولى الإذن في السراويل لمن لم يجد إزاراً لان الحاجة الى ستر أسفل البدن أشد وكونه مطلوباً شرعاً أظهر ويبقى النظر في القطع فقد يقال كما أمر بقطع أعلى الخفين فكذلك ينبغي قطع ما تحت الركبتين من السراويل وقد يقال إنما يقطع ما تحت أنصاف الساقين لأنما فوق ذلك إلى الركب مشروع ستره أيضاً وان لم يجب بخلاف ستر الكعبين وما فوقهما وقد يقال لا يتعين القطع بل الأولى العطف والثبيت بالخياطة لأن ذلك محصل للمقصود بدون إفساد، وله كان يتاتى بنحو ذلك في الخفين لقلنا به فيهما أيضاً فأما فتق السراويل ثم تلفيقه بالخياطة حتى يكون ازاراً فقد دل على عدم لزومه إكتفاء الحديث بما اكتفى به في الخفين ولم