الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن الصواب موقوف وأخطأ مسلم في رفعه، ومسلم مكثر في التفسير كما يعلم من (تفسير ابن جرير) فإن ترجح خطاؤه في هذا الحديث الواحد لم يضره ذلك إن شاء الله. وابن حبان والخطيب أعرف بالفن ودقائقه من البيهقي.
245- المسيب بن واضح
. ذكر الأستاذ ص 75 رواية محبوب بن موسى عن يوسف بن أسباط «قال أبو حنيفة: لو أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أدركته لأخذ بكثير من قولي: «وفي الطبعة الهندية والمخطوطة بدار الكتب المصرية زيادة سوق الخبر بسند آخر
…
عن المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط إلى آخره» ثم قال: «يقول أبو حاتم عن المسيب: صدوق يخطئ كثيرا، فإذا قيل له لم يقبل اهـ. ومثله يكون مردود الرواية، وقد ضعفه الدارقطني وابن الجوزي» .
أقول: ذكر الخطيب في (الكفاية) ص 143 - 147 ما يتعلق بخطأ الراوي وبعدم رجوعه، فذكروا أنه يرد رواية من كان الغالب عليه الغلط، ومن يغلط في حديث مجتمع عليه فينكر عليه فلا يرجع. ومعلوم من تصرفاتهم ومن مقتضى أدلتهم أن هذا حكم الغلط الفاحش الذي تعظم مفسدته فلا يدخل ما كان من قبيل اللحن الذي لا يفسد المعنى، ومن قبيل ما كان يقع من شعبة من الخطأ في الأسماء وما كان يقع من وكيع وأشباه ذلك، وكما وقع من مالك كان يقول في عمرو بن عثمان:«عمر بن عثمان» وفي معاوية بن الحكم «عمر بن الحكم» وفي أبي عبد الله الصنابجي «عبد الله الصنابجي» وقد جاء عن معن بن عيسى أنه ذكر ذلك لمالك فقال مالك: «هكذا حفظنا وهكذا وقع في كتأبي، ونحن نخطئ، ومن يسلم من الخطأ» فلم يرجع مالك مع اعترافه باحتمال الخطأ، فكلمة أبي حاتم في المسيب لا تدل على أنه كان الغالب عليه، ولا أن خطأه كان فاحشا، ولا أنه بين له في حديث اتفاق أهل على تخطئته فلم يرجع. وقد قال أبو عروبة في المسيب:«كان لا يحدث إلا بشيء يعرفه يقف عليه» وهذا يشعر بأن غالب ما وقع منه من الخطأ ليس منه بل ممن فوقه، وفكان يثبت على ما سمع قائلا في نفسه: إن كان خطأ فهو ممن فوقي لا
مني. وفي (الميزان) و (اللسان) عن ابن عدي أنه ساق الأحاديث التي تنتقد على المسيب ثم قال: «أرجو أن باقي حديثه مستقيم وهو ممن يكتب حديثه» وذكر في (الميزان) أربعة أحاديث، إما أن تكون هي جميع ما ذكره ابن عدي (1) ، وإما أن يكون الذهبي رأى الأمر فيما عداها محتملا.
الأول: رواه المسيب عن يوسف بن أسباط، ويوسف ربما أخطأ في الأسانيد.
الثاني: حديث رواه ابن عدي عن الحسين بن إبراهيم السكوني - لم أقف على ترجمته - عن المسيب بسنده عن ابن عمر مرفوعا أنه كره شم الطعام، وقال: إنما تشم السباع. وقد روى الطبراني في (الكبير) والبيهقي في (الشعب) كما في (الجامع الصغير) من حديث أم سلمة مرفوعا: «لا تشموا الطعام كما تشمه السباع» . فلينظر في سنده ويقارن بسند حديث المسيب لعله يتبين وجه الغلط. (2) .
والثالث: ليس بالمنكر أراه، فإن كان فيه خطأ فيحتمل أن يكون من فوق.
(1) قلت: بل جميع ما ذكره له ابن عدي في «الكامل» (ق 392 / 1 - 2) عشرة أحاديث، ليس فيها الحديث الخامس الذي نقله المصنف رحمه الله عن «اللسان» وقال ابن عدي عقبها:«وللمسيب حديث كثير عن شيوخه، وعامة ما خالفه فيه الناس هو ما ذكرته، وأرجو أن باقي حديثه مستقيم صالح، وهو ممن يكتب حديثه، وهذا الذي ذكرته لا يعتمده. بل كان يشبه عليه، وهو لا بأس به» .ن
(2)
قلت: هذا لم يذكر له ابن عدي علة سوى التفرد، فقال عقبه:«لا أعلم يرويه غير المسيب» . وقد يخطر في بال البعض أن حديث أم سلمة قد يشهد له، والجواب: أنه لا يصلح للشهادة لشدة ضعفه، قال المناوي في «فيض القدير شرح الجامع الصغير» :«قال البيهقي عقب تخريجه: إسناده ضعيف. اهـ فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب. وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: فيه عباد بن كثير الثقفي وكان كذابا متعمدا. هكذا جزم به» .
والله أعلم. (1)
الرابع: قالوا: صوابه موقوف. وعلى هذا فإنما أخطأ في رفعه. وزاد في (اللسان) خامسا: وهو من رواية المسيب عن يوسف بن أسباط. وقال ابن عدي: «كان النسائي حسن الرأي فيه ويقول: الناس يؤذوننا فيه» . وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: «وكان يخطئ» . وقال الدارقطني: «فيه ضعف» وسئل عبدان عن عبد الوهاب بن الضحاك والمسيب فقال: كلاهما سواء» وهذا إسراف، عبد الوهاب كذابل، والمسيب صدوق، هذه أن لا يحتج بما ينفرد به، والحكاية التي تكلم فيه الأستاذ من أجلها قد توبع عليها وليست من مظان الغلط. والله أعلم.
وللمسيب رواية في ترجمة أبي يوسف وقع فيها أن رجلا قال لابن المبارك: «مات أبو يوسف» فقال ابن المبارك: «مسكين
…
» قال الأستاذ ص 187: «ابن المبارك مات قبل أبي يوسف بسنة كاملة اتفاقا
…
هكذا يفضح الله البهاتين» .
أقول: كثيرا ما يشاع موت الرجل خطأ، وقد كان ابن المبارك شديدا على أبي يوسف لولايته القضاء، ومجالسته الخلفاء، وقد غضب ابن المبارك على إسماعيل بن إبراهيم ابن علية لولايته شيئا خفيفا وقال فيه تلك الأبيات السائرة، وإذا كان أبو حنيفة يفتي بالخروج على المنصور العباسي ويرى أنه أفضل من الرباط في قتال الروم
(1) قلت: ما ذكره المؤلف من الاحتمال بعيد بل خطأ، لأنه ليس فوقه غير أبي إسحاق الفزاري عن حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة. ومرة قال: ثنا أبو إسحاق الفزاري ثنا سفيان الثوري عن عاصم به ولذلك قال ابن عدي عقبه:
«فسواء قال: عن الثوري، أو عن حماد، كلاهما غير محفوظ» .
قلت: ومتن هذا الإسناد: «الشهيد من لو مات على فراشه دخل الجنة» .