الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبا الشيخ كان عنده حكاية يرى العسال أنه خطأ من بعض الرواة أو أن فيه مقالة رجع عنها صاحبها، وذكر العسال أنه سيهجر أبا الشيخ حتى يخرج الحكاية من كتابه، وليس في هذا تضعيف، ولا أذكر في القصة ما يصح أن يعد تضعيفاً، وعلى العالم أن لا يُعمي مصدره فيتعب الناس ويرتابوا فيه. بل ينبغي له أن ينص على مصدره اللهم إلا أن يكون على طرف التمام كأن يقول في راوٍ: ضعفه فلان، وذلك موجود في ترجمة الرجل من (الميزان) مثلاً فهذا لا حرج فيه. فأما من يعمي مصدره ولا سيما في عصرنا هذا، فإنما يدل على أنه لأمر م يكره أن يعرفه الناس والكتب التي بأيدينا ليس فيها إلا لثناء على أبي الشيخ وتوثيقه وإطراؤه فلم يذكر الذهبي في (الميزان) ولا ابن حجر في (اللسان) ولا أشار الذهبي إلى تليين له في
(تذكرة الحفاظ) وهكذا عدة كتب أخرى توجد فيها ترجمته وذلك م تعمية الأستاذ لمصدره كافٍ في الدلالة على أن ما زعمه لأستاذ غير صحيح، إما لعدم صحة إسناده، وإما لأنه ليس ما وقع بتضعيف، وإما لغير ذلك.
هذا وقد كنت كتبت إلى بعض أهل العلم أسألهم، فلم أحصل على خبر إلا أن أحدهم أخبرني أنه اجتمع بالأستاذ الكوثري نفسه (1) .
130- عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني
. في (تاريخ بغداد)(13/404) : أخبرني أبو نصر أحمد بن الحسين القاضي بالدينور أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ قال: حدثني عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا هارون بن إسحاق سمعت محمد بن عبد الوهاب القناد يقول: حضرت مجلس أبي حنيفة فرأيت مجلس لغو لا وقار فيه، وحضرت مجلس سفيان الثوري فكان الوقار والسكينة والعلم فلزمته» . قال الأستاذ ص125: «ليس أبا الشيخ ابن حيان لأنه لم يدرك هارون بن إسحاق الهمذاني المتوفى سنة 258 بل هو القاضي القزويني الكذاب
(1) كذا الأصل، والظاهر أن المصنف لم يتذكر جيداً نتيجة الاجتماع، فأحب التأكد منها بسؤال المخبر فلم يتيسر له ذلك، حتى جاءه الموت. رحمه الله تعالى.
المشهور الذي وضع على لسان الشافعي نحو مائتي حديث ولم يرو الشافعي شيئاً من ذلك أصلاً، لكن الخطيب لا يتورع أن يروي بطريقه في مثالب أبي حنيفة كما لا يتحرج أن يروي بطريقه في مناقب الشافعي
…
ولولا مثل هذه الأمور المكشوفة لما كانت السهام المصوبة إلى نحر الخطيب لتصيب المقتل منه» .
أقول: أما الجزم بأنه ليس أبا الشيخ ففي محله، وأما الجزم بأنه القزويني فليس بجيد لأنهم لم ينصوا على أنه يروي عن هارون ولا على أن ابن السني يروي عنه، وكتب الرجال التي بين أيدينا لم تستوعب الرواة، نعم يظهر من كلام الذهبي في خطبة (الميزان) أنه استوعب المتكلم فيهم، أن من لم يذكره فهو إما ثقة وإما مستور، ومعلوم أن ذلك بحسب ما وقف عليه ولم يغفل عنه، وقد استدرك عليه من بعده جماعة ووقفت أنا في الكتب الأخرى على أفراد مضعفين لم يذكروا في (لسان الميزان) . وحاول جماعة استيعاب الثقات. والموجود بين أيدينا من كتاب ابن حبان وهو مختص بالقدماء هارون ابن إسحاق وطبقته من قبلهم، وكثيراً ما يوجد في أسانيد كتب الحديث التي لم يعتن أهل العلم باستيعاب رواتها وكتب التاريخ وغيرها مما تذكر فيه الأخبار بأسانيدها أسماء رواة لا نجدهم في الكتب التي بأيدينا ومنها أسماء تشبه الموجودين في الكتب ولكن تقوم القرائن على أن المذكور في السند رجل آخر، فإن فرضنا أن الخطيب التزم أن لا يروي في (تاريخه) شيئاً عن مثل القزويني فهذه قرينة على أنه كان يرى أن هذا الرجل غير القزويني، وإن كان الخطيب لم يلتزم ذلك وفرضنا أن هذا الرجل هو القزويني وأن الخطيب عرف ذلك فعذر الخطيب واضح وهو أنه لم يلتزم أن لا يروي عن مثله مثل تينك الحكايتين.
أما الحكاية التي في (مناقب الشافعي) فإنما هي رؤيا لا تضع حكماً ولا ترفعه، والمناقب مما يتسامح فيها وقد تسامح الحنفية في رواية الأكاذيب المكشوفة والأحاديث الموضوعة في مناقب إمامهم كما يأتي في ترجمة محمد بن سعيد البورقي مع أمثلة أخرى لا تحصى، وتبعهم الخطيب نفسه فروى في مناقب أبي حنيفة كثيراً من