المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌164- علي بن عمر بن أحمد بن مهدي أبو الحسن الدارقطني - التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل - ط المكتب الإسلامي - جـ ٢

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌110- صالح بن محمد التميمي الحافظ الملقب: «جزرة»

- ‌111- الصقر بن عبد الرحمن بن مالك بن مِغْوَل

- ‌112- ضرار بن صرد

- ‌113- طريف بن عبيد الله

- ‌114- طلق بن حبيب

- ‌115- عامر بن إسماعيل أبو معاذ البغدادي

- ‌116- عباد بن كثير

- ‌117- عبد الله بن أبي القاضي

- ‌118- عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني

- ‌119- عبد الله بن جعفر بن درستويه

- ‌120- عبد الله بن خُبَيْق

- ‌121- عبد الله بن الزبير أبو بكر الحميدي

- ‌122- عبد الله بن سعيد

- ‌123- عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر بن أبي داود السجستاني

- ‌124- عبد الله بن صالح

- ‌125- عبد الله بن عدي أبو أحمد الجرجاني الحافظ مؤلف (الكامل)

- ‌126- عبد الله بن عمر بن الرماح

- ‌127- عبد الله بن عمرو أبو معمر المنقري

- ‌128- عبد الله بن محمد بن حميد أبو بكر بن أبي الأسود

- ‌129- عبد الله بن محمد بم جعفر بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني الحافظ

- ‌130- عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني

- ‌131- عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بصاحب الخان بأرمية

- ‌132- عبد الله بن محمد بن سيار الفرهياني ويقال الفرهاذاني

- ‌133- عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم البغوي

- ‌134- عبد الله بن محمد العتكي

- ‌135- عبد الله بن محمود

- ‌136- عبد الله بن معمر

- ‌137- عبد الأعلى بن مسهر أبو مسهر الدمشقي

- ‌138- عبد الرحمن بن بشير بن سلمان

- ‌139- عبد الرحمن بن عمر الزهري أبو الحسن الأصبهاني الأزرق المعروف برسته

- ‌140- عبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد بن أبي حاتم الرازي

- ‌141- عبد الرزاق بن عمر البَزيعي

- ‌142- عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي

- ‌143- عبد السلام بن محمد الحضرمي

- ‌144- عبد العزيز بن الحارث أبو الحسن التميمي

- ‌145- عبد الله بن حبيب القرطبي أحد مشاهير المالكية

- ‌146- عبد الملك بن قريب الأصمعي

- ‌ ثناء الأئمة على الأصمعي

- ‌147- عبد الملك بن محمد أبو قلابة الرقاشي

- ‌148- عبد المؤمن بن خلف أبو يعلى التميمي النسفي الحافظ

- ‌149 - عبد الواحد بن برهان العكبري

- ‌150- عبد الوارث بن سعيد أبو عبيدة التنوري

- ‌151- عبد بن أحمد أبو ذر الهروي

- ‌152- عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي

- ‌153- عبيد الله بن محمد بن حمدان أبو عبد الله ابن بطة العكبري

- ‌154- عبيدة الخراساني

- ‌155- عثمان بن أحمد أبو عمرو بن السماك الدقاق

- ‌156- عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ

- ‌157- علي بن أبي الحسن المعروف بابن طيبة الرزاز

- ‌158- علي بن إسحاق بن عيسى بن زاطيا

- ‌159- علي بن جرير الباوردي

- ‌160 - علي بن زيد الفرائضي

- ‌161- علي بن صدقة

- ‌162- علي بن عاصم

- ‌163- علي بن عبد الله بن المديني

- ‌164- علي بن عمر بن أحمد بن مهدي أبو الحسن الدارقطني

- ‌165- على بن عمر بن محمد

- ‌166- علي بن محمد بن سعيد الموصلي

- ‌167- علي بن محمد بن مهران السواق

- ‌168- علي بن مهران الرازي

- ‌169- عمار بن زريق

- ‌170- عمر بن الحسن أبو الحسين الشيباني القاضي المعروف بابن الأشناني

- ‌171- عمر بن قيس المكي

- ‌172- عمر بن محمد بن عمر بن الفياض

- ‌173- عمر بن محمد بن عيسى السذابي الجوهري

- ‌174- عمر بن علي بن البحر أبو حفص الفلاس

- ‌175- عمران بن موسى الطائي

- ‌176- عنبسة بن خالد

- ‌177- فهد بن عوف أبو ربيعة، اسمه زيد ولقبه فهد

- ‌178- القاسم بن حبيب

- ‌179- القاسم بن عثمان

- ‌181- قطن بن إبراهيم

- ‌182- قيس بن الربيع

- ‌183- مالك بن أنس الأصبحي الإمام

- ‌184- محبوب بن موسى أبو صالح الفراء

- ‌185- محمد بن إبراهيم بن جناد المنقري

- ‌186- محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف أبو أحمد الجرجاني الغطريفي الحافظ

- ‌187- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رزق يعرف بابن رزق وبأبي رزقويه

- ‌188- محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الآدمي

- ‌189- محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي الشافعي أبو عبد الله

- ‌190- محمد بن أبي الأزهر

- ‌191- محمد بن إسحاق بن خزيمة

- ‌192- محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري صاحب (الصحيح)

- ‌193- محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل الترمذي

- ‌194- محمد بن أعين أبو الوزير

- ‌195- محمد بن بشار بندار

- ‌196- محمد بن جابر اليمامي

- ‌198- محمد بن جعفر الأنباري

- ‌199- محمد بن جعفر الراشدي

- ‌200- محمد بن حبان أبو حاتم البستي الحافظ

- ‌201- محمد بن الحسن بن محمد بن زياد النقاش

- ‌202- محمد بن الحسن بن حميد بن الربيع

- ‌203- محمد بن حماد

- ‌204- محمد بن حمدويه أبو رجاء المروزي

- ‌205- محمد بن روح

- ‌206- محمد بن سعد العوفي

- ‌207- محمد بن سعيد البورقي

- ‌208- محمد بن الصقر بن عبد الرحمن

- ‌209- محمد بن العباس بن حيوية أبو عمر الخزاز

- ‌210- محمد بن عبد الله بن أبان أبو بكر الهيتي

- ‌211- محمد بن عبد الله بن إبراهيم أبو بكر الشافعي

- ‌212- محمد بن عبد الله سليمان الحضرمي الحافظ، لقبه «مُطين»

- ‌213- محمد بن عبد الله بن الحكم

- ‌214- محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي الحافظ

- ‌215- محمد بن عبد الله بن محمد بن حموديه أبو عبد الله الضبي الحاكم

- ‌216- محمد بن عبد الله بت محمد بن عبد الله أبو الفضل الشيباني

- ‌217- محمد بن عبيد الطنافسي

- ‌218- محمد بن أبي عتاب أبو بكر الأعين

- ‌220- محمد بن علي أبو جعفر الوراق، لقبه حمدان

- ‌221- محمد بن علي بن الحسن بن شقيق

- ‌222- محمد بن علي بن عطية أبو طالب المكي

- ‌223- محمد بن علي البلخي

- ‌224- محمد بن علي أبو العلاء الواسطي القاضي

- ‌225- محمد بن عمر بن محمد بن بهتة

- ‌226- محمد بن عمرو العقيلي الحافظ

- ‌227- محمد بن عوف

- ‌228- محمد بن الفضل السدوسي المشهور بعارم

- ‌229- محمد بن فليح بن سليمان

- ‌230- محمد بن كثير العبدي

- ‌231- محمد بن كثير المصيصي

- ‌232- محمد بن محمد بن سليمان الباغندي وأبوه

- ‌233- محمد بن المظفر بن إبراهيم أبو المفتوح الخياط

- ‌234- محمد بن معاوية الزيادي

- ‌235- محمد بن موسى البربري

- ‌236- محمد بن ميمون أبو حمزة السكري

- ‌237- نصر بن محمد بن مالك

- ‌238- محمد بن يعلي زنبور

- ‌239- محمد بن يوسف الفريابي

- ‌240- محمد بن يونس الجمال

- ‌241- محمد بن يونس الكديمي

- ‌242- محمود بن إسحاق بن محمود القواس

- ‌243- مسدد بن قطن

- ‌244- مسلم بن أبي مسلم

- ‌245- المسيب بن واضح

- ‌246- مصعب بن خارجة بن مصعب

- ‌247- مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار أبو مصعب اليساري الأصم

- ‌248- معبد بن أبو شافع

- ‌249- المفضل بن غسان الغلابي

- ‌250- منصور بن أبي مزاحم

- ‌251- موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي

- ‌252- موسى بن المساور أبو الهيثم الضبي

- ‌253- مؤمل بن إسماعيل

- ‌254- مؤمل بن إهاب

- ‌255- مهنأ بن يحيى

- ‌256- نصر بن محمد البغدادي

- ‌257- النضر بن محمد المروزي

- ‌258- نعيم بن حماد

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس والسادس:

- ‌الحديث السابع والثامن:

- ‌259- الوضاح بن عبد الله أبو عوانة أحد الأئمة

- ‌260- الوليد بن مسلم

- ‌261- هشام بن عروة بن الزبير بن العوام

- ‌262- هشام بن محمد بن السائب الكلبي

- ‌263- الهيثم بن جميل

- ‌264- يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي الأصل الدمشقي

- ‌265- يحيى بن عبد الحميد الحماني

- ‌266- يزيد بن يوسف الشامي

- ‌267- يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي أبو يوسف الفسوي

- ‌268- يوسف بن أسباط

- ‌269- أبو الأخنس الكناني

- ‌270- أبو جزي بن عمرو بن سعيد بن سلم بن قتيبة بن مسلم الباهلي

- ‌271- أبو جعفر

- ‌272- أبو محمد

- ‌273- ابن سختويه بن مازيار

- ‌القسم الثالث: البحث مع الحنفية في سبع عشرة قضية

- ‌المسألة الأولى: إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس

- ‌المسألة الثانية: رفع اليدين

- ‌المسألة الثالثة: أفظر الحاجم والمحجوم

- ‌المسألة الرابعة: إشعار الهدى

- ‌المسألة الخامسة: المحرم لا يجد إزارا أو نعلين يلبس السراويل والخف ولا فدية عليه

- ‌المسألة السادسة: درهم وجوزة بدرهمين

- ‌المسألة السابعة: خيارالمجلس

- ‌حديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق

- ‌المسألة الثامنة: رجل خلا خلوة مريبة بامراة أجنبية يحل له أن يتزوجها فعثر عليها فقال: نحن زوجان

- ‌المسألة التاسعة: الطلاق قبل النكاح

- ‌المسألة العاشرة: العقيقة مشروعة

- ‌المسألة الحادي عشرة: للراجل سهم من الغنيمة وللفارس ثلاثة، سهم له وسهمان لفرسه

- ‌المسألة الثانية عشرة: أما على القاتل بالمثقل قصاص

- ‌المسألة الثالثة عشرة: لا تعقل العاقلة عبداً

- ‌المسألة الرابعة عشرة: تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً

- ‌المسألة الخامسة عشرة: القضاء بشاهد ويمين في الأموال

- ‌تتمة

- ‌المسألة السادسة عشرة: نكاح الشاهد امرأة شهد زوراً بطلاقها

- ‌المسألة السابعة عشرة: القرعة المشروعة

الفصل: ‌164- علي بن عمر بن أحمد بن مهدي أبو الحسن الدارقطني

يكذب، ثم لما سأله ابنه أخبره بما يعتقده.

وأما استبعاد أن يخبر بشر وهو من أتباع أبي حنيفة في الفقه بتلك الرؤيا فلا يكفي لدفع الرواية إذا صح سندها، فقد يعترف الرجل على نفسه، فإذا أخبر بذلك عنه ثقة قبل، فما الظن بما يخبر به عن أستاذه أو أستاذ أستاذه، وقد يكون بشر مع متابعته لأبي حنيفة في الفقه يخالف في بعض العقائد كما روي عن أبي يوسف أنه قال:«إنما كان مدرساً فما كان من قوله حسناً قبلناه، وما كان قبيحاً تركناه» تراه في (التأنيب) ص 46. وقد يكون بشر يرى أن تلك الرؤيا أضغاث أحلام فلا يقيم لها وزناً وإنما أخبر بها تعجباً. وقد يكون يرى أن لها تأويلاً تكون بحسبه فضيلة وبشارة لأبي حنيفة وأصحابه. فيتأول السواد بالسؤدد، وصحبة القسيسين بالإشارة إلى قول الله تبارك وتعالى:

(ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) المائدة: 82 ـ 85.

ولو قيل: إن الخطيب إنما ختم ترجمة أبي حنيفة بهذه الرؤيا نظراً إلى هذا التأويل كعادته في ختم التراجم بالرؤيا التي فيها بشارة لأصحابها كما فعل في ترجمة محمد بن الحسن وغيرها لكان أقوى بكثير من كثير من دعاوي الأستاذ. والله الموفق.

‌164- علي بن عمر بن أحمد بن مهدي أبو الحسن الدارقطني

. ذكر الأستاذ ص 167 ما روي عن الدارقطني من نفيه سماع أبي حنيفة من أنس ثم قال: «وهو الذي يستبيح أن يقول: إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ثلاثتهم ضعفاء. وأين هو من محمد بن عبد الله الأنصاري الذي يقول في إسماعيل: ما ولي القضاء من لدن عمر بن الخطاب إلى اليوم أعلم من إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة. يعني بالبصرة. وأين هو أيضاً من محمد بن مخلد العطار الحافظ الذي ذكر حماد بن أبي حنيفة في عداد الأكابر الذين رووا عن مالك. وأين هو أيضاً من هؤلاء الذين

ص: 583

أثنوا على أبي حنيفة

والدارقطني هو الذي يهذي في أبي يوسف بقوله: أعور بين عميان. وهو الأعمى المسكين بين عور حيث ضل في المعتقد وتابع الهوى في الكلام على الأحاديث واضطراب» وقال ص 178: «ومن طرائف صنيع الخطيب أيضاً روايته عن الدارقطني أنه قال عن أبي يوسف: أعور بين عميان. بعد أن ذكر عنه من رواية البرقاني أنه قال: هو أقوى من محمد بن الحسن. والدارقطني هو الذي يذكر محمد بن الحسن في عداد الثقات الحفاظ حيث يقول في

(غرائب مالك) عن حديث الرفع عند الركوع: حدث به عشرون نفراً من الثقات الحفاظ منهم محمد بن الحسن الشيباني. كما تجد نص هذا النقل منه في (نصب الراية) 1 / 408 كما سبق وقد اعترف الدارقطني في رواية البرقاني بأن أبا يوسف أقوى من محمد فيكون أبو يوسف حافظاً ثقةً وفوق الثقة عنده فإذا قال في بعض المجالس في حق مثله: أعور بين عميان كما حكى الخطيب يكون قوله هذياناً بحتاً وسفهاً صرفاً، فلو عارضه أحد أصحابنا قائلاً: بل هو الأعمى بين عور. ما بعد عن الصواب، لأن الله سبحانه أعمى بصيرة هذا المتسافه في صفات الله سبحانه حتى دون في صفات الله سبحانه ما لا يدونه إلا مجسم وهو حديث الشاب الجعد القطط، وحديث الإقعاد الذي يلهج هو به، كما أعمى بصيرة كثير من زملائه وهو معهم في الفروع، فإذن هو فاقد البصر في المعتقد كما أنه فاقد البصر في الفروع ومن يكون فاقد البصرين يكون هو الأعمى بين أناس عور لم يفقدوا إلا إحداهما بفقدهم التبصر في بعض الفروع فقط. راجع ما ذكره المحدث البارع الشيخ عبد العزيز الفنجابي الهندي مؤلف (نبراس الساري في أطراف البخاري) في حاشيته على (نصب الراية) 3 / 8 لتطلع على جلية أمر الدارقطني في الثقة والأمانة، نسأل الله السلامة» .

والذي في تلك الحاشية مع إصلاح بعض الأخطاء «من مارس كتابه علم أنه قلما يتكلم على الأحاديث إلا حديثاً خالف الشافعي فيظهر عواره، أو وافقه فيصححه إن وجد إليه سبيلاً، لا أقول: أنه يفعل ذلك بهوى النفس ولكن إذا كان ثقة ضعفه بعضهم، أو ضعيفاً فيه كلام لبعضهم، أو ضعيفاً وثقه بعضهم، أو وجد مجهولاً لا يترقب، ويظهر طرفه الموافق لإمامه

وهذا محمد بن عبد الرحمن بن أبي

ص: 584

ليلى القاضي رجل واحد يوثقه في حديث طهارة المني ص 46 ويقول: ثقة في حفظه شيء. ويشدد القول فيه في حديث شفع الإقامة ص 89 ويقول: ضعيف سيء الحفظ. وفي حديث القارن يسعى سعيين ص 273 يقول: رديء الحفظ كثير الوهم كأنه عليه غضبان وله غائض»

أقول: أما استباحة أبي الحسن قوله: «ثلاثتهم ضعفاء» فلم ينفرد بها والكلام في أبي حنيفة أشهر من أن نحتاج إلى ذكره (1) . وحماد ترجمته في (لسان الميزان) ج2 ص 346 ودعوى أن ابن مخلد ذكره في الأكابر الذين رووا عن مالك فيها نظر كما مر في ترجمة أحمد بن محمد بن الصلت، فإن ثبت ذلك فكبر العمر لا يستلزم الثقة في الرواية، وذاك الحديث باطل لم يروه حماد ولا أبوه فإن كان خفي على ابن مخلد بطلانه دل ذلك على ضعف نقده، وإن كان عرف ذلك وتسامح فلأن يتسامح في ذكر حماد أقرب. وكذلك إسماعيل ترجمته في (اللسان) ج1 ص 398. وقد زعم مصححه الحنفي أنه أخرج له أبو داود والترمذي كأنه يزعم أنه هو إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان! وهذا من عجائب هؤلاء القوم، والأنصاري إن صح أنه قال تلك الكلمة تغير تغيراً شديداً في آخر عمره فلعله قال تلك الكلمة حين تغيره، على أنه كان مضطرباً في ميله إلى الرأي كان يتعصب له حتى يلي القضاء فإذا أو لي القضاء قضى بالحديث، وكان بينه وبين معاذ بن معاذ نفرة، ذكروا له قضية لمعاذ بن معاذ فأفتى بخلافها فلما ولي القضاء قضى بقول معاذ فقيل له في ذلك فقال: «كنت أنظر في كتب أبي حنيفة فإذا جاء دخول الجنة والنار لم نجد القول إلا ما قال معاذ» .

وأخرج الدارقطني في (السنن) ص214 حديث من طريق محمد بن موسى الحارثي (الإصطخري) عن إسماعيل بن يحيى ين بحر الكرماني عن الليث بن حماد الإصطخري عن أبي يوسف عن غورك بسنده. قال الدارقطني: «تفرد به غورك عن

(1) قلت: راجع كلمات الأئمة فيه مجموعة في كتابنا «الأحاديث الموضوعة» (ج 5 ص 86 رقم الحديث (458) بما لا تجده مجموعاً في كتاب آخر. ن

ص: 585

جعفر وهو ضعيف جداً ومن دونه ضعفاء» فروى الخطيب عن بعضهم أنه لما كانت (السنن) تقرأ على الدارقطني بلغ هذا الموضع فقيل له: إن فيهم أبا يوسف فقال: «أعور بين عميان» يريد أن أبا يوسف وإن كان فيه ضعف ما فهو أحسن حالاً من غورك والليث بن حماد ومن معهما في السند من الضعفاء. فأما قوله مرة أخرى إن أبا يوسف أقوى من محمد فذلك والله أعلم بالنظر إلى حال محمد مطلقاً فإن من الأئمة من يتكلم في محمد ومنهم من قواه في روايته عن مالك خاصة كما قاله الذهبي في (الميزان) فمحمد قوي في روايته (الموطأ) عن مالك خاصة، فأما في بقية حديثه فيرى الدارقطني أن أبا يوسف أقوى منه. وأما ما حكاه الزيلعي عن كتاب (غرائب الرواة عن مالك) من قوله: «حدث به عشرون نفراً من الثقاة الحفاظ منهم محمد بن الحسن

» فالجواب عنه من وجهين:

الأول: ما تقدم أن محمد قوي عندهم فيما يرويه في (الموطأ) عن مالك ولين فيما عدى ذلك، فلا مانع أن يعده الدارقطني في ذاك الحديث الذي هو عنده في (الموطأ) عن مالك من جملة الثقات الحفاظ، ثم يلينه في سائر شيوخه، ويقول: إن أبا يوسف أقوى منه مع لين أبي يوسف عنده غاية الأمر أن كلمات الدارقطني تحتاج إلى تقييد بعضها ببعض وليس في ذلك ما يضره فإن النصوص الشرعية أنفسها قد تحتاج إلى تقييد بعضها ببعض، على أن سياق كلامه في (الغرائب) يدل على التقييد ولعله كان مع كلمته الأخرى ما يدل على ذلك.

الوجه الثاني: أن قول المحدث «رواه جماعة ثقات حفاظ» ثم يعدهم لا يقتضي أن يكون كل من ذكره بحيث لو سئل عنه ذاك المحدث وحده لقال: «ثقة حافظ» هذا ابن حبان قصد أن يجمع الثقات في كتابه ثم قد يذكر فيهم من يلينه هو نفسه بالكتاب نفسه (1) ، وهذا الدارقطني نفسه ذكر في (السنن) ص35 حديثاً فيه مسح

(1) قلت: وذلك أنه يصف بعض من يورده في «الثقات» بصفة تدل على أنه ضعيف من قبل حفظه كقوله في عبيد الله بن الأخنس: «يخطئ كثيراً» . وقوله في عبيد الله بن =

ص: 586

الرأس ثلاثاً وهو موافق لقول أصحابه الشافعية ثم قال: «خالفه جماعة من الحفاظ الثقات

» فعدهم وذكر فيهم شريكا القاضي، وأبا الأشهب جعفر بن الحارث، والحجاج بن أرطأة، وجعفر الأحمر. مع أنه قال ص 132 «شريك ليس بالقوي فيما يتفرد به» وجعفر بن الحارث لم أر له كلاما فيه ولكن تكلم فيه غيره من الأئمة كابن معين والنسائي، وحجاج بن أرطأة. قال الدارقطني نفسه في مواضع من (السنن) :«لا يحتج به» وفي بعض المواضع «ضعيف» ، وجعفر الأحمر اختلفوا فيه. وقال الدارقطني كما في (التهذيب) :«يعتبر به» وهذا تليين كما لا يخفى.

ونحو هذا قول المصنف: «شيوخي كلهم ثقات» أو «شيوخ فلان كلهم ثقات» فلا يلزم من هذا أن كل واحد منهم بحيث يستحق أن يقال له بمفرده على الإطلاق «هو ثقة» وإنما إذا ذكروا الرجل في جملة من أطلقوا عليهم ثقات فاللازم أنه ثقة في الجملة أي له حظ من الثقة وقد تقدم في القواعد أنهم ربما يتجوزون في كلمة «ثقة» فيطلقونها على من هو صالح في دينه وإن كان ضعيف الحديث أو نحو ذلك. وهكذا قد يذكرون الرجل في الجملة من أطلقوا أنهم ضعفاء وإنما اللازم أن له خطأ ما من الضعف كما تجدهم يذكرون في كتب الضعفاء كثيرا من الثقات الذين تكلم فيهم أيسر كلام.

هذا كله مع أن الدارقطني لو تناقضت بعض كلماته البتة لم يكن في ذلك ما يبيح سوء الظن به، فإن غيره من الأئمة اتفق لهم ذلك وما أكثر ما تجده من التناقض في كلمات ابن معين كما تقدم في القواعد.

وأما الفنجابي الذي يخلع عليه الأستاذ لقب (المحدث البارع) وينوه بكتابه

= سعيد بن مسلم وغيره: «يخطئ» ، وهما عنده بمعنى واحد، فإنه أورد ابن مسلم هذا في «الضعفاء» أيضاً فقال: «كثير الخطأ فاحش الوهم

» وكقوله في علي بن هاشم بن البريد «

وروى المناكير عن المشاهير» . وقد يقول في بعض (ثقاته) : «يخطئ أحياناً، يعتبر حديثه

» كما سيأتي في ترجمة (قطن) من الكتاب رقمها (181) . ن

ص: 587

«نبراس الساري» الذي لا أجحد إفادته وإن كان يتمكن من ترتيبه الطالب العادي فما يظهر من كلامه أن الدارقطني إنما يصحح ما يوافق مذهب الشافعي (1) وذكر ص 42 خبرا فيه الأمر بغسل الإناء من ولوغ الهر فصححه وهو خلاف مذهب الشافعي، ولذلك نظائر لا أرى حاجة لتتبعها.

وأما ما ذكر من اختلاف الظاهر كلامه في ابن أبي ليلى فذلك لاختلاف مقتضى الحال. ينبغي أن تعلم أن كلام المحدث في الراوي يكون على الوجهين:

الأول: أن يسأل عنه في فيحيل فكره في حاله في نفسه وروايته ثم يستخلص من المجموع ذلك معنى يحكم به.

الثاني: أن يستقر في نفسه هذا المعنى ثم يتكلم في ذاك الراوي في صدد النظر في الحديث الخاص من روايته، فالأول هو الحكم المطلق الذي لا يخالفه حكم آخر مثله إلا لتغيير الاجتهاد. وأما الثاني فإنه كثيراً ما ينحي به نحو حال الراوي في ذاك الحديث، فإذا كان المحدث يرى أن الحكم المطلق في الراوي أنه صدوق كثير الوهم ثم تكلم فيه في صدد حديث من روايته ثم في صدد حديث آخر وهكذا، فإنه كثيراً يتراءى اختلاف ما بين كلماته، فمن هذا أن الحجاج بن أرطأة عند الدارقطني صدوق يخطئ فلا يحتج بما ينفرد به واختلفت كلماته فيه في (السنن) فذكره ص 35 في صدد الحديث وافق فيه جماعة من الثقات فعده الدارقطني في جملة «الحفاظ الثقات» كما مر، وذكره ص 531 في صدد حديث أخطأ فيه وخالف مسعراً وشريكاً فقال الدارقطني:«حجاج ضعيف» وذكره في مواضع أخرى فأكثر ما يقول: «لا يحتج به» وعلى هذا ينزل كلامه في ابن أبي ليلى فإنه عنده صدوق سيء الحفظ، ففي

(1) قلت: وهو الصحيح، لأن للحديث شواهد يتقوى بها، خرجتها في «إرواء الغليل

ص: 588

ص 46 ذكر حديثاً رواه إسحاق الأزرق عن شريك عن ابن أبي ليلى، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً في طهارة المني. وذكر أن وكيعاً رواه عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس من قوله. وقد رواه الشافعي عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما عن عطاء عن ابن عباس من قوله. فالحديث صحيح عن ابن عباس من قوله، وقد رواه وكيع وهو من الثقات الأثبات عن ابن أبي ليلى كذلك، ورواه شريك عن ابن أبي ليلى فرفعه، فحال ابن أبي ليلى في هذا الحديث جيدة لأنه في أثبت الروايتين عنه وافق الأثبات، وفي رواية الأزرق عن شريك عنه رفعه، وقد يحتمل أن يكون الخطأ من الأزرق أو من شريك، فان الأزرق ربما غلط، وشريكاً كثير الخطأ أيضاً، وقد رواه وكيع عن ابن أبي ليلى على الصواب فهذا اقتصر الدارقطني على قوله:(لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك، محمد بن عبد الرحمن هو ابن أبي ليلى ثقة في حفظه شيء) . وفي ص 89 ذكر حديثاً رواه الجبلان سفيان وشعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلاً، وخالفهما محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فرواه موصولاً، فحاله في هذا الحديث رديئة، فظهر أثر ذلك في كلمة الدارقطني فقال:(ضعيف سيئ الحفظ) وفي ص 273 ذكر أحاديث في القارن يطوف طوافاً واحداً ويسعى سعياً واحداً، وهناك روايات عن علي وابن مسعود أنهما قالا طوافين وسعيين. ثم ذكر من طريق ابن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي أنه (جمع بين الحج والعمرة فطاف لهم طواف واحد (كذا) وسعى لهما سعيين ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل) . ولا يخفي ما في هذا من التخليط فهذا هو الذي أغضب الدارقطني وغلظه أستاذ ! فلذلك قال: (رديء الحفظ كثبر الوهم) . فأين إتباع الهوى وأين الاضطراب؟ وماذا أفادتكم الحذلقة والانتحال؟

وأما حديث الشاب الجعد القطط فقد تقدم الجواب عنه في ترجمة حماد بن سلمة. وحديث الإقعاد تقدم الجواب عنه في ترجمة أحمد بن محمد بن الحجاج.

وأما ما زعم الأستاذ من ضلال الدارقطني وأئمة الحديث في المعتقد وعمي البصيرة فيه عمي بصيرة المخالفين لأبي حنيفة في الفروع فيعلم ما فيه من قسم الاعتقاديات

ص: 589