الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
170- عمر بن الحسن أبو الحسين الشيباني القاضي المعروف بابن الأشناني
. في (تاريخ بغداد) 13/378: «أخبرني الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن حدثنا عمر بن الحسن القاضي
…
» قال الأستاذ ص 54: «عمر بن الحسن الأشناني القاضي متكلم فيه وقد ضعفه الدارقطني وكذبه الحاكم وكان يساوي بين السماع الإجازة» .
أقول: حكي الخطيب عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه سأل الدارقطني عن هذا الرجل فقال: «ضعيف» وعن الخلال أنه قال: «ضعيف تكلموا فيه» ، فأما السلمي فأراهم يحتملون حكاياته عن الدارقطني مع أنه يدي عدل، راجع ترجمته في (لسان الميزان) ج5ص 140 ومع ذلك لم يفسر السبب وكذلك كلمة الخلال. وقال الخطيب: «بلغني عن الحاكم أبي عبد الله بن البيع النيسابوري قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يذكر أبقن الأشناني فقلت: سألت عنه أبا على الحافظ فذكر أنه ثقة. فقال: بئس ما قال شيخنا أبو علي، دخلت عليه وبين يديه كتاب (الشفعة) فنظرت فيه فإذا فيه: عن عبد العزيز بن معاوية عن أبي عاصم عن مالك عم الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة في الشفعة، وبجنبه عن أبي إسماعيل الترمذي عن أبي صالح عن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن مالك عن الزهري. وذلك أنه بلغه أن الماجشون جوده فتوهمه أنه عبد العزيز. قال: فقلت له: قطع الله يد من كتب هذا ومن حدث به، ما حدث به أبو إسماعيل ولا أبو صالح ولا الماجشون وما زال يداريني
…
ورأيت في كتابه عن أحمد بن سعيد الجمال عن قبيصة عن الثوري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: نهى عن بيع الولاء، وكان يكذب» ولم يذكر الخطيب من بلغه عن الحاكم. وقال الذهبي في (الميزان) :«ويروى عن الدارقطني أنه كذاب، ولم يصح هذا» والظاهر إن الذهبي عنى هذه الحكاية وأنها لم تصح للجهالة بمن بلغ الخطيب. أما ابن الحجر فقال في (اللسان) : «قال الحاكم: قلت للدارقطني: سألت أبا على الحافظ عنه؟ فذكر أنه ثقة. فقال: بئس ما ما قال شيخنا أبو علي» كذا جزم مع أن من عادته أن لا يجزم بما لا يصح. ثم قال ابن حجر: «وقال أيضاً: دخلت عليه - يعني الأشناني -
وبين يديه كتاب الشفعة
…
» ساق القصة التي مضت؛ وقوله: «وقال أيضاً» يوهم سياق أن مراده: «وقال الحاكم» .
وعلى ذلك بني الأستاذ قوله: كذبه الحاكم» وقد علمت أن الذي في (تاريخ بغداد) إنها من جملة ما بلغ الخطيب عن الحاكم عن الدارقطني، ومع جزم ابن حجر هنا فإنه قال في ترجمة عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي «قال موسى بن هارون
…
» ، فجزم مع أن راوي تلك الكلمة عن موسى هو ابن الأشناني هذا كما في (تاريخ بغداد) ، وكذلك قال الذهبي في ترجمة محمد بن محمد بن سليمان الباغندي من (الميزان) وأقره ابن الحجر في للسان «قال محمد بن أحمد بن أبي خثيمة
…
» مع أن الخطيب إنما أسند تلك الكلمة من طريق ابن الأشناني فجزم ابن حجر في هذين الموضعين يقتضي بمقتضى التزامه توثيق ابن الأشناني، والذي يتجه هنا هو ما أشار إليه الذهبي أن الحكاية التي قال فيها الخطيب: «بلغني عن الحاكم
…
» لأتثبت الجهالة من بلغ الخطيب ويزيدها وهناً أن الدارقطني يروي عن ابن الأشناني هذا كما يأتي، وأن الخطيب يعتمد عليه في مواضع، وذكر في ترجمة عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي حكاية فيها ذكر موسى بن هارون ثم قال: «والمحفوظ
…
» فذكر حكاية من طريق ابن الأشناني. وهب أنها تثبت فما فيها من قوله: «بئس ما قاله شيخنا أبوعلي» وقوله «وكان يكذب» مبني على ما ظهر له من حال ذنيك الحديثين حديث الشفعة وحديث الولاء وسيأتي الجواب عنهما. وقال الخطيب أيضاً: «أخبرني محمد بن نعيم الضبي (هو الحاكم) قال: سمعت أبا علي الهروي يحدث عن عمر بن الحسن الشيباني القاضي فسألته عنه فقال: صدوق. قلت: أني رأيت أصحابنا ببغداد يتكلمون فيه فقال: ما سمعنا أحداً يقول فيه أكثر من أنه يرى الإجازة سماعاً، وكان لا يحدث إلا من أصوله» .
أقول: هذه الحكاية مسندة صحيحة، وقوله:«يرى الإجازة سماعاً» ، يريد به الإجازة الخاصة بدليل قوله:«وكان يحدث إلا من أصوله» وهي قوية فإن كان معنى أنه يراها سماعاً هو أنه يعتد بها ويروي ما أجيز له عمن أجازه فليس في هذا
إلا أنه يصحح الإجازة الخاصة وهو قول أكثر أهل العلم وإن كان معناه أنه يروي ما أجيز له بلفظ «حدثنا» فاصطلاح له قد عرف ولا محذور فيه، وقوله أبي علي «وكان لا يحدث إلا من أصوله» عظيم القيمة كما سترى؛ فأما حديث الشفعة فهو في (الموطأ) مرسل، ورواه أبو عاصم الضحاك بن مخلد والماجشون عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله عن مالك فوصلاه بذكر أبي هريرة، وفي تلك الحكاية أنه رئي في كتاب الأشناني من طريق أبي عاصم فعرف ذلك ولم ينكر، ورئي إلى جنبه عن أبي إسماعيل الترمذي عن أبي صالح عن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن مالك، فاستنكر هذا، وحدس المستنكر أن ابن الأشناني بلغه أن الماجشون وافق أبا عاصم في تجويده أي وصله فظن أن الماجشون هذا هو عبد العزيز فركب السند إليه. والجواب أنه قد روى غيره هذا الحديث عن أبي إسماعيل الترمذي عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي قتيلة عن مالك فذكره موصولاً كما في (سنن البيهقي) ج6ص103 فمن المحتمل أن يكون ابن الأشناني سمع هذا من الترمذي في جملة ما سمع، ولم يكتبه أو كتبه ولم يهتد إلى موضعه من كتبه وبقى عالقاً بذهنه أنه سمع الحديث من الترمذي من الطريق أخرى غير طريق أبي عاصم فلما بلغه أن الماجشون رواه موصولاً ظن أنه عبد العزيز وكان قد سمع من الترمذي عن أبي صالح عن عبد العزيز أحاديث فحدس هذا الحديث منها فكتبه كذلك ليتذكره ثم يبحث في أصوله لعله يجده ولم يكن من نيته أن يرويه قبل أن يجده في أصوله، فقد تقدم أنه كان «لا يحدث إلا من أصوله» وليس في هذا ما يغمز به عل أنه لو كان كتبه في بعض مسوداته وهو يعلم بطلانه فإنه لا يلزمه اسم الكذب حتى يحدث به، وإذا علم بأن من عادته أن لا يحدث إلا من أصوله فقد علم أنه لم يكن يريد أن يحدث بذلك الذي كتبه فكانت كتابته له ضرباً من العبث.
وأما حديث الولاء فهو متواتر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رواه الثوري وعبد الله بن عمر وجمع كثير من عبد الله بن دينار. ثم رواه يحيى بن سليم الطائفي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر فظنوا أنه وهم، لكن رواه أبو ضمرة ويحيى بن سعيد
الأموي عن عبيد الله عن عبد الله بن دينار ونافع معاً عن ابن عمر وعلى ما في الحكاية رئي في كتاب ابن الأشناني عن أحمد بن سعيد الجمال عن قبيصة عن الثوري عن عبيد الله عن نافع، فاستنكر هذا لأنه لم يعرف رواه عن الثوري كذلك. والجواب أنه يحتمل أن يكون الوهم من أحمد بن سعيد الجمال فقد عرف له شبيه ذلك ففي ترجمته في (تاريخ بغداد) ج 4ص 170 عن قبيصة عن الثوري عن عبد الله بن دينا عن ابن عمر مرفوعاً:«من أريد ماله بغير حق فقاتل دونه فهو شهيد» . وذكر الخطيب أن المحفوظ عن الثوري عن عبد الله بن الحسن عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمر بن وقاص مرفوعاً. وقال الذهبي في (الميزان) : «أحمد بن سعيد الجمال البغدادي الصدوق
…
تفرد بحديث منكر رواه عنه أحمد بن كامل وغيره: حدثنا أبو نعيم ثنا هشيم حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة مرفوعاً ابن السبيل أول شارب - يعني من زمزم» وهذا أخرجه الطبراني في (الصغير) ص 50 «ثنا إبراهيم بن علي الواسطي المستملي ببغداد ثنا أحمد بن سعيد الجمال ثنا أبو نعيم
…
» قال الطبراني: «لم يروه عن عوف إلا هشيم ولا عن هشيم إلا أبو نعيم تفرد به أحمد بن سعيد الجمال» فإذا قد عرف للجمال مثل هذا فالأولى حمل حديث الولاء عليه، وابن الأشناني مكثر لا يستنكر لمثله التفرد عن الجمال هذا. وذكر الذهبي لابن الأشناني حديثاً ثالثاً قال: «قال الدارقطني حدثنا عمرو بن الحسن بن علي ثنا محمد بن هشام المروزي هو ابن أبي الدميك الموثق - ثنا محمد بن حبيب الجارودي ثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس
…
» قال الذهبي: «فآفة هذا هو عمر، ولقد أثم الدارقطني بسكوته عنه فإنه بهذا الإسناد باطل ما رواه ابن عيينة قط
…
» تعقبه ابن حجر في (اللسان) فقال: «لم ينفرد بهذا، تابعه عليه
في (المستدرك) الحاكم ولقد عجبت من قول المؤلف ما رواه ابن عيينة قط مع أنه رواه عنه الحديدي وابن أبي عمر وسعيد بن منصور وغيرهم من أصحابه إلا أنهم وقفوه على مجاهد لم يذكروا ابن عباس فيه فغايته أن يكون محمد بن حبيب وهم في رفعه (1) .
(1) قلت: في تعقب الحافظ على الذهبي نظر عندي من وجوه:
الأول: قوله تابعه الحاكم. وهم صوابه «شيخ الحاكم» فإنه عنده (1/373) هكذا =