الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول: ذكروا أنه كان شاهدا فقد كان معدلا عند القضاة لكن لم أر من وثقه، فأما التخليط فلم يبين ما هو. (1)
198- محمد بن جعفر الأنباري
. في (تاريخ بغداد) 13 / 397: «أخبرنا ابن رزق والبرقاني قالا: أخبرنا محمد بن جعفر بن الهيثم الأنباري حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر
…
» قال الأستاذ ص 109 «فيه بعض الشيء كما قال الخطيب» .
أقول: ترجمته في (التاريخ) ج 2 ص 151 وفيها: «سألت البرقاني عن ابن الهيثم فقلت: هل تكلم فيه أحد؟ قال: لا، وكان سماعه صحيحا بخط أبيه» ثم حكى عن ابن أبي الفوارس: «كان قريب الأمر فيه بعض الشيء وكانت له أصول بخط أبيه جياد» .
والظاهر أن بعض الشيء إنما هو فيما يتعلق بالسيرة لا بالرواية ولم يفسر، فلعله تقصير خفيف لا يعد جرحا، ومع ذلك فحاكيته هذه رواها عنه البرقاني وهو إمام مثبت فهي من تلك الأصول التي اتفقوا على صحتها. (2)
199- محمد بن جعفر الراشدي
. في (تاريخ بغداد) 13 / 411 من طريقة «حدثنا أبو بكر الاثرم
…
» قال الأستاذ: ص 141 «راوي (العلل) للأثرم وراوياه القطيعي وأحمد بن نصر الذراع غير صالحين للرواية» .
أقول: الراوي عنه هنا القطيعي وهو أحمد بن جعفر بن حمدان تقدمت ترجمته وأنه ثقة الراشدي وثقة غير واحد، ومع ذلك فالحكاية مأخوذة من ذاك المصنف المقطوع بنسبته، فلا يضرها لو كان في بعض الوسائط كلام.
200- محمد بن حبان أبو حاتم البستي الحافظ
. نقل الأستاذ ص 90 قوله في أبي حنيفة «كان أجل في نفسه من أن يكذب ولكن لم يكن الحديث شأنه، فكن يروي فيخطئ من حيث لا يعلم ويقلب الإسناد من حيث لا يفهم، حدث بمقدار
(1) محمد بن جعفر الأسامي. يأتي في ترجمة محمد بن علي اللبلخي.
(2)
ذكره الأستاذ ص 29 في الحاشيبة أستطرادا.
مائتي حديث أصاب منها في أربعة أحاديث، والباقية إما قلب إسنادها أو غير متنها» . أجاب الأستاذ بوجهين:
الأول: حاصله أم أبا حنيفة مشهور بالحفظ والفهم، واشتهر عنه أنه لا يبيح الرواية إلا لمن استمر حفظه من الأخذ إلى الأداء، ولا يبيح الرواية مما يجده الراوي بخط يده ما لم يذكر أخذه له، وتواتر (؟) عنه ختمه القرآن في ركعة - ونحو هذا.
الثاني: التنديد بابن حبان.
أقول: أما الوجه الأول فلم ينفرد ابن حبان بنسبة الخطأ والغلط في الرواية إلى أبي حنيفة بل وافقه على ذلك كثيرون حتى من المائلين إلى أبي حنيفة، نعم انفرد بذاك التحديد، لأنه اعتنى بذلك والف كتابين: أحدهما كتاب (علل ما استند إليه أبو حنيفة) ، والثاني كتاب (علل مناقب أبي حنيفة ومثالبه) . واشتهار ابي حنيفة بالحفظ غير مسلم، وحفظ القرآن لا يستلزم حفظ الأحاديث، والفهم لا يستلزم الحفظ، وفهم المعاني والعلل غير فهم وجوه الرواية. وقد اشتهر ابن أبي ليلى بالفقه حتى كان الثوري إذا سئل قيل: فقهاؤنا ابن أبي ليلى وابن شبرمة، وكان ابن أبي ليلى رديء الحفظ للروايات كثير الغلط. وما اشتهر عن أبي حنيفة من اشتراط استمرار الحفظ إن صح فمراده التذكر في الجملة وإلا لزام ما هو أشد، والتذكر في الجملة لا يدفع احتمال التوهم والخطأ، وكان على الأستاذ أن ينقل نصوصا صحيحة صريحة عن الأئمة المعتمد عليهم ترد قول ابن حبان كما جاء في الشافعي قول أبي زرعة الرازي «ما عند الشافعي حديث غلط فيه» وقول أبي داود:«ليس للشافعي حديث أخطأ فيه» ، أو يتجشم جمع الأحاديث التي يثبت أن ابا حنيفة رواها وبيان ما يثبت من موافقة الثقات له ومخالفتهم.
وأما التنديد بابن حبان فذكر الأستاذ أمورا:
منها أن ابن الصلاح وصفه بأنه غلط الغلط الفاحش في تصرفه.
أقول: ابن الصلاح ليس منزلته أن يقبل كلامه في مثل ابن حبان بلا تفسير،
والمعروف مما ينسب ابن حبان فيه إلى الغلط أنه يذكر بعض الرواة في (الثقات) ثم يذكرهم في (الضعفاء) ، أو يذكر الرجل مرتين أو يذكره في طبقتين ونحو ذلك. وليس بالكثير وهو معذور في عامة ذلك وكثير من ذلك أو ما يشبهه قد وقع لغيره كابن معين والبخاري.
ومنها أن الذهبي وصفه بالتشغيب والتشنيج.
أقول: إنما ذلك في مواضع غير كثيرة يرى ما يستنكره للراوي فيبالغ في الحط عليه ن وهذا أمر هين، لأنه إن كان فيمن قد جرحه غيره فكما يقول العامة «لا يضر المقتول طعنه» وإن كان فيمن وثقه غيره لم يلتفت إلى تشنيعه وإنما ينظر في تفسيره وما يحتج به.
ومنها أنه يةثق المجاهيل الذين لم يسير أحوالهم.
أقول: قد بين ابن حبان اصطلاحه وهو أنه يذكر في (الثقات) كل من روى عنه ثقة ولم يرومنكرا، وأن المسلمين على الدالة حتى يثبت الجرح، وقد ذهب غيره من الأكابر إلى قريب من هذا كما قدمته في (قسم القواعد) في القاعدة السادسة. نعم إنه ينى على رأيه أن المسلمين على العدالة واستأنس بصنيع بعض من تقدمه من الأئمة من ذكر ذلك الرجل بدون إشارة ضعف فيه، وأهل العلم من الحنفية وغيرهم كثيرا ما يقوون الراوي بقولهم:«ذكره البخاري وابن ابن حاتم ولم يذكرا فيه جرحا» (1) ومع ذلك يبين ابن حبان بعدم ذكر شيخ للرجل ولا راو عنه أنه لم
(1) قلت: وقد جرى على هذا بعض المحققين من أهل الحديث المعاصرين، وكنت استنكر ذلك في نفسي دون أن يكون لدي نقل يؤيدني، حتى رأيت ابن أبي حاتم يقول في كتابه 1 / 38:«على أنا قد ذكرنا اسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل، كتبناها ليشمل الكتاب على كل من روى عنه العلم ن رجاء وجود الجرح والتعديل فيهم. فنحن ملحقوها بهم من بعد إن شاء الله تعالى» .
قلت: فرايت أن اثبت هذا تنبيها وتذكيرا. ن.
يعرفه (1) .
ومنها أنه عريق في التعصب.
أقول: أئمة الحديث كلهم في رأي الأستاذ متعصبون ولا أعرف ابن حبان بتعصب.
ومنها أنه حكي عنه أنه قال في النبوة أنها العلم والعمل.
أقول: إن صح هذا عنه فهو قول مجمل وابن حبان معروف عنه في جميع تصانيفه أنه يعظم أنه يعظم النبوة حق تعظيمها ولعله أراد أن المقصود من أيجاد الله عز وجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلم هو ويعمل، ثم يبين للناس فيعلموا ويعلموا. وقد نسب إليه أنه أنكر الحد لله، ولعله امتنع من التصريح بإثبات الحد باللفظ الذي اقترح عليه، أو آتى بعبارة حملها المشنعون على إنكار الحد كما اتفق للبخاري في القرآن، وغير ذلك، وكتب ابن حبان من أو لها إلى آخرها جارية على التمسك بالسنة والثناء على أصحابها وذم من يخالفها ن وهو من أخص أصحاب ابن خزيمة أحد ائمة السنة. ثم أحال الأستاذ على ما في (معجم البلدان) :(بست) .
وأقول: هناك عبارة طويلة زعم ياقوت انه نقلها من خط ابن النفيس أنه نقلها من خط السليماني في (معجم شيوخه) ، وياقوت ليس بعمدة والأئمة الذين ذكروا ترجمة ابن حبان قد وقفوا على كتب السليماني ونقلوا عنها ثم لم يحكوا في ترجمة ابن حبان حرفا من تلك العبارة، وفيها ذكر أحوال لابن حبان تتعلق بسمرقند ونيسابور وبخاري، ولكل من هذه البلدان (تاريخ) ذكر فيه ابن حبان، ونقل ياقوت وغيره من تلك التواريخ فلم يقع في ذلك شيء مما في تلك العبارة وإنما نقلوا عن تلك التواريخ تعظيمه والثناء البالغ عليه ن على أن ما وصف به في تلك العبارة منه ما ليس
(1) قلت: بل إنه ليقول أحيانا في بعض ثقاته «لا أعرفه» ، أو «لا أعرفه ولا اعرف آباه» ، كما أثبتناه بالقول عنه في غير هذا الموضع، وسبقت الإشارة إلى هذا في التعليق على الصفحة (67) .
بجرح، ومنه ما هو جرح غير مفسر أو مفسر بما لا يقدح، أو غير مثبت، ضرورة أن قائل ذلك لم يكن ملازما لابن حبان في جميع تنقلاته في تلك البلدان، وإنما لفقت إن صحت عن السليماني من قيل، وقالوا، وزعموا، فعلى كل حال لا وجه للتعويل عليها، ولا الإلتفات إليها. والله المستعان.
هذا وقد أكثر الأستاذ من رد توثيق ابن حبان، والتحقيق أن توثيقه على درجات،
الأولى: أن يصرح به كأن يقول «كان متقنا» أو «مستقيم الحديث» أو نحو ذلك.
الثانية: أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم.
الثالثة: أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة.
الرابعة: أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عرف ذاك الرجل معرفة جيدة.
الخامسة: ما دون ذلك.
فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم، والثانية قريب منها، والثالثة مقبولة، والرابعة صالحة، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل. والله أعلم. (1)
(1) قلت: هذا تفصيل دقيق، يدل على معرفة المؤلف رحمه الله تعالى، وتمكنه من علم الجرح والتعديل، وهو مما لم أره لغيره ن فجزاء الله خيرا، غير أنه قد ثبت لدي بالممارسة أن من كان منهم من الدرجة الخامسة فهو على الغالب مجهول لا يعرف، ويشهد بذلك صنيع الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين، فإنهم نادرا ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة، بل والتي قبلها أحيانا. ولقد أجريت لطلاب الجامعة افسلامية في المدينة المنورة يوم كنت أستاذ الحديث فيها سنة (1382) تجربة عملية في هذا الشأن في بعض دروس (الأسانيد) ، فقلت =