الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشفاعة بطوله أنس بن مالك. وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال (أتى النبي صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهش منها نهشة ثم قال: " أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذك يجمع الله الأوّلين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو منهم الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون" ثم ساق الحديث بطوله والشفاعة العظمى العامة هي المقام المحمود الذي جاء منكراً في الآية لعظم شأنه قال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} فأهل السنة والجماعة أثبتوا ما أثبت الله ورسوله ونفوا ما نفى الله ورسوله.
بعثة الرسل بالمعجزات حق:
(وكذلك بعثة الرسل بالمعجزات حق) قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وقد جعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان وفسره به في حديث جبريل الذي رواه مسلم عن عمر بن الحطاب والإيمان المفسر هو الاعتقاد فقال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت وفي رواية واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. وقد ذكر الله في كتابه الإيمان بهذه الأصول الخمسة في مواضع كقوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} وقال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} والإيمان بالرسل يلزم منه الإيمان بجميع ما جاءوا به من الكتب والتوحيد ومعجزاتهم التي جعلها الله لهم علامة على صدقهم فيما يدعونه ويقولونه وما أخبروا به مما غاب عنا.
وكذلك الملائكة والكتب والأنبياء والبعث والقدر وغير ذلك من تفاصيل ما أخبروا به من صفات اليوم الآخر كالصراط والميزان والجنة والنار. ومن كذب بشيء من ذلك بأن نفى ما أثبتوه، أو أثبت ما نفوه، فقد كذبهم وان نطق بذكرهم لسانه إذ
الغرض من الإيمان بهم تصديقهم في جميع ما أخبروا به. والإيمان بجميع ما جاؤا به، والعمل بمقتضى ذلك، إذ لازم الإيمان، العمل فلا يكون بدونه ولا ينفك عنه. قال علماء السلف وأهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ونية وان الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان. وحكى الإمام الشافعي إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم وقد أنكر السلف على من أخرج الأعمال عن الإيمان إنكاراً شديداً. وممن أنكر ذلك على قائله وجعله قولاً محدثاً سعيد بن جبير، وميمون بن مهران، وقتادة، وأبو أيوب السختياني، والنخعي، والزهري، وابن أبي كثير، وغيرهم قال الأوزاعي: "كان من مضى من السلف لا يعرفون الإيمان إلا العمل) . وقد دل على ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
…
إلى قوله
…
أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} وسيأتي إن شاء الله تعالى بحث الإيمان في محله بأتم من هذا ونبين الفرق بينه وبين الإسلام. والرسول عام يطلق على الملك والبشر. والنبي خاص لا يطلق إلا على البشر. وفي معالم التنزيل وجملتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً. والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر. والمذكور في القرآن منهم ثمانية عشر نبياً، وأولو العزم منهم خمسة: محمد وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى صلى الله عليهم وسلم، وأوّل الرسل نوح كما قال تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} فذكر عدة من الرسل الذين أوحى إليهم وبدأ بذكر نوح لأنه أوّل نبي من أنبياء الشريعة المرسل بها وأوّل نذير عن الشرك، وأوّل من عذبت أمته لردهم دعوته وأهلك الله أهل الأرض بدعائه، وكان أطول الأنبياء عمراً وجعلت معجزته في نفسه لأنه عمر ألف سنة فلم ينقص له سن ولم يشب له شعرة ولم ينقص له قوّة ولم يصبر على أذى قومه أحد ما صبر هو على طول عمره. وأما آدم صلى الله عليه وسلم فهو نبي لا رسول إلى أمة. وآخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم بالنص والإجماع.