الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: بلى ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح) .
(وأما استحلال) المحرمات المجمع على حرمتها أو بالعكس فهو كفر اعتقادي لأنه لا يجحد تحليل ما أحل الله ورسوله أو تحريم ما حرم الله ورسوله إلا معاند للإسلام ممتنع من التزام الأحكام غير قابل للكتاب والسنة وإجماع الأمة، وذلك كما لو جحد حل بهيمة الأنعام أو غيرها مما أحله الله في كتابه ورسوله أو في سنته مما لم يجر فيه اختلاف بين الأمة، بخلاف حل النبيذ ونحوه من المسائل الاجتهادية المختلف فيها بين العلماء فلا تكفير بذلك، أو جحد أمراً مجمعاً عليه قال بعضهم: إجماعاً قطعياً لا شبهة فيه ولا تأويل ولذلك لم يحكم كثير من الفقهاء بكفر ابن ملجم قاتل أفضل الخلق في وقته ولا بكفر مادحة عمران بن حطان حيث قال:
يا ضربة من تقى ما أراد بها
…
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوماً فأحسبه
…
أوفى البربة عند الله ميزانا
وقدر عليه في ذلك فقيل:
يا ضربة من شقى لم يزل أبداً
…
بها عليه إله الخلق غضبانا
إني لأعلم أن الله جاعله
…
أوفى البرية عند الله خسرانا
وكذا قد اختلف العلماء في كفر الخوارج الذين قتلوا الموحدين وأخذوا أموالهم بالتأويل مثل قوم ذي الحويصرة التميمي فإن من الفقهاء من لم يحكم بكفرهم لادعائهم وتأويلهم في نصرة دين الله والاجتهاد فيه وفي إظهاره طالبين المصلحة في ذلك.
الاعتقاد المكفر أقسام:
(وأما قولكم ثم الكفر كفران كفر اعتقاد كفر عمل فكفر الاعتقاد حكمه قتل مرتكبه وسبي ذراريهم ونهب أموالهم وهؤلاء الذين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم
إلى التوحيد ولا يدفع عنهم هذا الحكم ويعصمهم إلا الإقرار والاعتراف منهم بالشهادتين وبكل ما علم بالضرورة مجيئه صلى الله عليه وسلم به) فنقول الاعتقاد المكفر أقسام (منها) قدم العالم وبقاؤه والشك في ذلك (ومنها) تناسخ الأرواح وانتقالها من شخص في شخص أبد الأبد (ومنها) إثبات شريعة غير الشريعة المحمدية وان للشريعة باطناً لا يعلمه العلماء ولها ظاهر وهي خيالات يقولون بها ويعملون (ومنها) ان ظواهر الشريعة وأكثرها ما جاءت به الرسل من الأخبار عما كان ويكون في الآخرة والحشر والقيامة والجنة والنار ليس منها شيء على مقتضى لفظها مفهوم خطابها وإنما خوطب بها الخلق على جهة المصلحة لهم إذ لم يمكنهم التصريح لقصور أفهامهم (ومنها) خلق القرآن (ومنها) التكذيب بالشفاعة التي أثبتها الله في كتابه والصراط والميزان (ومنها) خيانة الأمين جبريل عليه الصلاة والسلام وأن المبعوث أولاً علي بن أبي طالب أو أن عائشة لم يبرئها الله (ومنها) مجالسة الله تعالى لبعض خلقه في الدنيا وحلوله في الأشخاص (ومنها) تجويز الكذب على الأنبياء أو تكذيبهم فيما أتوا به أو أنهم كتموا منه شيئاً (ومنها) القدح في كلام الله من كونه سحراً أو شعراً أو منسوخاً جملة (ومنها) نسبة الصاحبة والولد إليه سبحانه وتعالى (ومنها) اعتقاد الذين اتخذوا من دون الله أولياء لينصروهم ويشفعوا لهم ويقربوهم كالذين قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى والذين قال الله فيهم: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} الآية وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} الآية وقال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً} الآيتين وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} الآية وكل هذه الفرق من أصحاب الاعتقادات المتقدمة كفار بإجماع المسلمين والذين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم يدعوهم إلى التوحيد فأبوا وامتنعوا فجاهدهم لكفرهم وعنادهم، وأنزل القرآن بسبب اعتقادهم لم يكونوا يعتقدوا1 في معتقداتهم كشف ضر أو جلب نفع بل إنما قصدهم رضا رب العالمين والقرب إليه والتحصيل
1 في الأصل "يعتقدوا" والصواب "يعتقدون".
لما لديه. لكن ضرهم جهل لكيفية الموجبة لحسن الماهية التي يكون بها التعبد أجل مطلوب مقرباً إلى المحبوب قال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} وهم قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، وكانوا إذا جاءتهم الشدة أخلصوا الدين لله وحده قال تعالى:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} الآية وقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَاّ إِيَّاهُ} الآية والمتخذون ولياً ونصيراً من دون الله أو معه من أهل هذا الزمان اعتقادهم أسوأ وأشد جناية ممن نزل القرآن بسبب اعتقادهم وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بجهادهم فان من تأمل أحوال هؤلاء المشركين الذين يرجون من معتقداتهم كشف الشدائد وتفريج الكربات ودفع المضار وقضاء المطالب والدعوات وتيسير الحاجات التي لا يقدر على كشفها وتفريجها ودفعها وجلبها إلا الله رب العالمين من سلامة غائب وعافية مريض ورزق وتحميل عقيم مع أحوال مشركي الأوّلين علم يقيناً ان بينهم مباينة كلية في اعتقاد الضر والنفع، ومجانسة حسية في انخاذ تلك المعتقدات للشفاعة وقضاء الحاجات، والأولون وان تفرق اعتقادهم وتنوع بما ينسبونه لله، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً أجناسهم فليس وجود هذه الأجناس من الخبائث المتقدمة وإجتماعها شرطاً في إثبات حكم الله ورسوله من القتل والسبي وخلود النار، هذا لم يقل به عالم من العلماء بل وجود واحد منها كاف، فإنه لم يقل أحد بأن الكفر الاعتقادي لا يحكم به على المعتقد إلا إن اعتقد إجتماع الصاحبة والولد مع وجود معين يعاونه وظهير يظاهره وشريك يستحق معه وشفيع عنده بلا إذنه. بل اتفق العلماء قاطبة على أنه لو وجدت من ذلك خصلة لكفت في الحكم عليه إلا أن الأولين اشد حذقهم ومعرفتهم معنى الإله وموضوعه فإنه عندهم، كل مألوه ومتأله أبت قلوبهم أن تنفر ما تألهته لتتقرب إلى الله وتنال بهم رضاه، ونفي الإله غير الله باللسان مع العكوف عليه في الاعتقاد والجنان يدعوه ويرجوه ويتوكل عليه ويقصده ليتقرب بشفاعته إليه لا يوجب نفيه حقيقة، والإيمان بالقرآن قول باللسان واليوم الآخر بالجنان، وفعل الصلاة والصوم وسائر الأعمال يشترط لصحتها وجود التوحيد والإسلام. والشرك الأكبر في القول والعقيدة منافياً
للشهادة برسالة المبعوث بالمحجة البيضاء والفرقان، وشهادة أن محمداً رسول الله لا تغني عن شهادة أن لا إله إلا الله، وهذه الشهادة لا تصح ولا تعصم مع التأله مع الله. فبهذا الاعتقاد حصلت الخاصمة والعداوة ولأجله حصل التمييز بين الفرقة الناجية والهالكة، وشرع الجهاد لدحضه مع سائر الفساد فيعبد الله وحده وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. ونحن لم نجاهد ونعاد ونوال إلا في ذلك، ولم يجر بيننا وبين الخلق اختلاف في سائر المحرمات ووجوب إزالتها في أصل الدين الذي هو منهاج المرسلين وصراط رب العالمين الذي أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله فلا يكون لسواه ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، مع إزالة سائر الفساد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها استحلال ما حرم الله كالفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأكل مال اليتيم، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أو إثبات ما نفى الله، أو نفي ما أثبت، أو تحريم ما أحل الله كالزينة التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، وكعمل أهل الجاهلية من البحائر والسوائب معتقداً لحلها، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح منه فلذلك مدح نفسه".
وكما يكون الكفر بالاعتقاد يكون أيضاً بالقول كسب الله أو رسوله أو دينه أو الاستهزاء به قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وبالفعل أيضاً كإلقاء المصحف في القاذورات والسجود لغير الله ونحوهما. وهذان وان وجدت فيهما العقيدة فالقول والفعل مغلبان عليها لظهورهما وإسلام أهل العقائد المكفرة والرجوع عنها والبراءة منها مع تجديد الشهادتين وإخلاص الألوهية لله وحده قولاً وعملاً واعتقاداً فلا يدين الله إلا بذلك ولا يرضى إلا به من نفسه وغيره مع الإيمان بجميع الرسل ومعجزاتهم وأنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة وأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتمهم وأفضلهم مع الإيمان بما تضمنه قوله سبحانه وتعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} الآية وكذا أولياء الله والترضي عنهم والإقرار بكراماتهم لا عبادتهم واتخاذهم في جلب النفع ودفع الضر اللذين لا يقدر على جلبهما ودفعهما إلا الله تبارك وتعالى ولا إثبات الشفاعة التي