الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إرْسَالُهُ صلى الله عليه وسلم الرَّسَائِلَ إلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ يَدْعُوهُمْ فِيهَا إِلَى الله
(خ م)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(" كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ (1) وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى (2) لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ " ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ ، مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ (3)) (4) (عَلَى الزَّرَابِيِّ (5) تُبْسَطُ لَهُ) (6) (شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ اللهُ (7)) (8) (وَكَانَ ابْنُ النَّاطُورِ (9) صَاحِبُ إِيلِيَاءَ (10) وَهِرَقْلُ (11) سُقُفًا (12) عَلَى نَصَارَى الشَّامِ) (13) (فَأَصْبَحَ هِرَقْلُ يَوْمًا حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ خَبِيثَ النَّفْسِ (14) فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ (15): قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ - قَالَ ابْنُ النَّاطُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً (16) يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ - فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ (17) فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ (18)؟ ، فَقَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ ، فلَا يُهِمَّنَّكَ شَأنُهُمْ ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَائِنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ) (19) (فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ قَرَأَهُ:) (20) (اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ) (21) (الْتَمِسُوا لِي هَا هُنَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ لِأَسْأَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ (22) أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَدِمُوا تُجَّارًا فِي الْمُدَّةِ (23) الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ (24) فَانْطَلَقَ بِي وَبِأَصْحَابِي ، حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ (25): سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا ، قَالَ: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ ، فَقُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي - وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ (26) يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي (27) - فَقَالَ قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ ، وَأَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ عَنْ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ) (28) (فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَاللهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ) (29) (يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ ، لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ ، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّي فَصَدَقْتُهُ (30) ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ (31)؟ ، قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا ، فَقَالَ: كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ عَلَى الْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ ، قُلْتُ: لَا ، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ ، قُلْتُ: لَا ، قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ ، قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ: فَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ ، قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً (32) لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ ، قُلْتُ: لَا ، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ ، قُلْتُ: لَا ، وَنَحْنُ الْآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ ، وَنَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ - قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَلَمْ تُمَكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهِ ، لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ عَنِّي غَيْرُهَا - قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ أَوْ قَاتَلَكُمْ؟ ، قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وَحَرْبُكُمْ؟ ، قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا وَسِجَالًا (33) يُدَالُ عَلَيْنَا الْمَرَّةَ ، وَنُدَالُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى ، قَالَ: فَمَاذَا يَأمُرُكُمْ بِهِ (34)؟ ، قُلْتُ: يَأمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ، وَيَأمُرُنَا بِالصَلَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ ، وَالْعَفَافِ ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ ، تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ ، لَقُلْتُ: رَجُلٌ يَأتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ ، لَقُلْتُ: يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ (35) حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ (36) لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدِرُونَ ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلًا ، وَيُدَالُ عَلَيْكُمْ الْمَرَّةَ ، وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الْأُخْرَى ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ ، تُبْتَلَى ، ثُمَّ تَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ: بِمَاذَا يَأمُرُكُمْ؟ ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ ، وَيَأمُرُكُمْ بِالصَلَاةِ ، وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ النَّبِيِّ ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ ، وَإِنْ يَكُ مَا قُلْتَ حَقًّا ، فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ (37) وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ (38) إِلَيْهِ ، لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ (39) وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ ، لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ (40) قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: ثُمَّ دَعَا هِرَقْلٌ بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُرِئَ ، فَإِذَا فِيهِ: " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ (41) إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ (42) سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى (43) أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ (44) أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، أَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ (45) فَإِنْ تَوَلَّيْتَ (46) فَعَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ (47) وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا: اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (48) قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتَهُ ، عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ ، فلَا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا ، فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَوْتُ بِهِمْ ، قُلْتُ لَهُمْ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ (49) هَذَا مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ (50) يَخَافُهُ ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَاللهِ مَا زِلْتُ مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ ، حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ) (51) (عَلَيَّ الْإِسْلَامَ) (52) (وَأَنَا كَارِهٌ) (53) (قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ - وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ - وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ (54) فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ (55) حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ ، يُوَافِقُ رَأيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ (56) لَهُ بِحِمْصَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ؟ ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ؟ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ ، فَحَاصُوا (57) حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ (58) إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ ، وَأَيِسَ مِنْ الْإِيمَانِ (59) قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ ، فَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا (60) أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، فَقَدْ رَأَيْتُ ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأنِ هِرَقْلَ (61)) (62).
(1) هُوَ ابْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ، صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَسْلَمَ قَدِيمًا وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ ? فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ بِكِتَابِهِ إِلَى هِرَقْلَ، وَكَانَ وُصُولُهُ إِلَى هِرَقْلَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَمَاتَ دِحْيَةُ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. فتح الباري (ح7)
(2)
(بُصْرَى): مَدِينَة مَعْرُوفَة ، بَيْنهَا وَبَيْن دِمَشْق نَحْو ثَلَاث مَرَاحِل، وَهِيَ مَدِينَة حَورَان ، بَيْنهَا وَبَيْن مَكَّة شَهْر ، وعَظِيمُهَا هُوَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيُّ، وَكَانَتْ وَفَاةُ الْحَارِثِ عَامَ الْفَتْحِ.
(3)
أَيْ: بيت المقدس.
(4)
(خ) 2782
(5)
الزَّرابيُّ: البُسُطُ. لسان العرب - (ج 1 / ص 447)
(6)
(حم) 2370 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(7)
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَاضِدَةٍ ، مُلَخَّصُهَا: أَنَّ كِسْرَى أَغْزَى جَيْشَهُ بِلَادَ هِرَقْلَ، فَخَرَّبُوا كَثِيرًا مِنْ بِلَادِهِ، ثُمَّ اسْتَبْطَأَ كِسْرَى أَمِيرَهُ ، فَأَرَادَ قَتْلَهُ وَتَوْلِيَةِ غَيْرِهِ، فَاطَّلَعَ أَمِيرُهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَبَاطَنَ هِرَقْلَ ، وَاصْطَلَحَ مَعَهُ عَلَى كِسْرَى ، وَانْهَزَمَ عَنْهُ بِجُنُودِ فَارِسَ، فَمَشَى هِرَقْلُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ شُكْرًا للهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ. فتح الباري (ح7)
(8)
(خ) 2782
(9)
(النَّاطُورِ): هُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ حَارِسُ الْبُسْتَانِ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ يُونُسَ " ابْنِ نَاطُورَا " بِزِيَادَةِ أَلِفٍ فِي آخِرِهِ ، فَعَلَى هَذَا هُوَ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ. فتح الباري (ح7)
(10)
(صَاحِبُ إِيلِيَاءَ) أَيْ أَمِيرُهَا.
(11)
(هِرَقْل) هُوَ مَلِك الرُّوم، وَهِرَقْل: اِسْمه، وَلَقَبه: قَيْصَر، كَمَا يُلَقَّب مَلِك الْفُرْس: كِسْرَى وَنَحْوه. فتح الباري - (ح7)
(12)
الْأُسْقُفُّ ، وَالسُّقْفُ ، لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ ، وَمَعْنَاهُ: رَئِيسُ دِينِ النَّصَارَى.
(13)
(خ) 7
(14)
(خَبِيثُ النَّفْسِ) أَيْ: غَيْرُ طَيِّبِهَا ، أَيْ: مَهْمُومًا. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي كَسَلِ النَّفْسِ ، وَفِي الصَّحِيحِ:" لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي " كَأَنَّهُ كَرِهَ اللَّفْظَ ، وَالْمُرَادُ بِالْخِطَابِ الْمُسْلِمُونَ ، وَأَمَّا فِي حَقِّ هِرَقْلَ ، فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ ، وَصَرَّحَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِقَوْلِهِمْ لَهُ " لَقَدْ أَصْبَحْتَ مَهْمُومًا ". فتح الباري (ح7)
(15)
الْبَطَارِقَةُ: جَمْعُ بِطْرِيقٍ ، وَهُمْ خَوَاصُّ دَوْلَةِ الرُّومِ.
(16)
أَيْ: كَاهِنًا ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ سَاغَ لِلْبُخَارِيِّ إِيرَادُ هَذَا الْخَبَرَ الْمُشْعِرَ بِتَقْوِيَةِ أَمْرِ الْمُنَجِّمِينَ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُمْ؟ ،
فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ ، بَلْ قَصَدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْإِشَارَاتِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَاءَتْ مِنْ كُلِّ طَرِيقٍ ، وَعَلَى لِسَانِ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْ كَاهِنٍ أَوْ مُنَجِّمٍ ، مُحِقٍّ أَوْ مُبْطِلٍ ، إِنْسِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ ، وَهَذَا مِنْ أَبْدَعِ مَا يُشِيرُ إِلَيْهِ عَالِمٌ ، أَوْ يَجْنَحُ إِلَيْهِ مُحْتَجٌّ. فتح الباري (ح7)
(17)
أَيْ: غَلَبَ ، يَعْنِي دَلَّهُ نَظَرُهُ فِي حُكْمِ النُّجُومِ عَلَى أَنَّ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ غَلَبَ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ كَانَ ابْتِدَاءُ ظُهُورِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ صَالَحَ كُفَّارَ مَكَّةَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] إِذْ فَتْحُ مَكَّةَ كَانَ سَبَبُهُ نَقْضَ قُرَيْشٍ الْعَهْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ ، وَمُقَدِّمَةُ الظُّهُورِ ، ظُهُورٌ.
(18)
مُرَادَهُ الْعَرَبُ خَاصَّةً ، وَالْحَصْرُ فِي قَوْلِهِمْ إِلَّا الْيَهُودَ هُوَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِمْ ، لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ كَثِيرِينَ ، تَحْتَ الذِّلَّةِ مَعَ الرُّومِ ، بِخِلَافِ الْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ هُوَ تَحْتَ طَاعَةِ مَلِكِ الرُّومِ كَآلِ غَسَّانَ ، لَكِنَّهُمْ كَانُوا مُلُوكًا بِرَأسِهِمْ. فتح الباري
(19)
(خ) 7
(20)
(خ) 2782
(21)
(خ) 7
(22)
هُوَ صَخْرُ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. فتح الباري
(23)
يَعْنِي مُدَّةَ الصُّلْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ.
(24)
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَقَالَ هِرَقْلُ لِصَاحِبِ شُرْطَتِهِ: قَلِّبِ الشَّامَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ حَتَّى تَأتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ قَوْمِ هَذَا أَسْأَلُهُ عَنْ شَأنِهِ، فَوَاللهِ إِنِّي وَأَصْحَابِي بِغَزَّةَ، إِذْ هَجَمَ عَلَيْنَا فَسَاقَنَا جَمِيعًا. فتح الباري
(25)
التَّرْجُمَانُ: الْمُعَبِّرُ عَنْ لُغَةٍ بِلُغَةٍ.
(26)
الرَّكْبِ: جَمْع رَاكِب ، كَصَحْبِ وَصَاحِب، وَهُمْ أُولُو الْإِبِل الْعَشْرَة فَمَا فَوْقهَا.
(27)
عَبْدُ مَنَافٍ: الْأَبُ الرَّابِعُ لِلنَّبِيِّ ? وَكَذَا لِأَبِي سُفْيَانَ، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ ابْنَ عَمٍّ لِأَنَّهُ نَزَّلَ كُلًّا مِنْهُمَا مَنْزِلَةَ جَدِّهِ، فَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ابْنُ عَمِّ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ هِرَقْلُ الْأَقْرَبَ ، لِأَنَّهُ أَحْرَى بِالِاطِّلَاعِ عَلَى أُمُورِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْأَبْعَدَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَقْدَحَ فِي نَسَبِهِ بِخِلَافِ الْأَقْرَبَ، وَظَهَرَ ذَلِكَ فِي سُؤَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ:" كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ ". فتح الباري
(28)
(خ) 2782
(29)
(خ) 7
(30)
أَيْ: يَنْقُلُوا عَلَيَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْبِحُونَ الْكَذِبَ ، وَفِي قَوْلِهِ " يَأثِرُوا " دُونَ قَوْلِهِ " يُكَذِّبُوا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَاثِقًا مِنْهُمْ بِعَدَمِ التَّكْذِيبِ أَنْ لَوْ كَذَبَ ، لِاشْتِرَاكِهِمْ مَعَهُ فِي عَدَاوَةِ النَّبِيِّ ? لَكِنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ اسْتِحْيَاءً وَأَنَفَةً مِنْ أَنْ يَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعُوا ، فَيَصِيرُ عِنْدَ سَامِعِي ذَلِكَ كَذَّابًا، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَلَفْظُهُ:" فَوَاللهِ لَوْ قَدْ كَذَبْتُ مَا رَدُّوا عَلَيَّ ، وَلَكِنِّي كُنْتُ امْرَأً سَيِّدًا أَتَكَرَّمُ عَنِ الْكَذِبِ، وَعَلِمْتُ أَنَّ أَيْسَرَ مَا فِي ذَلِكَ إِنْ أَنَا كَذَبْتُهُ أَنْ يَحْفَظُوا ذَلِكَ عَنِّي ، ثُمَّ يَتَحَدَّثُوا بِهِ، فَلَمْ أَكْذِبْهُ ". فتح الباري
(31)
أَيْ: مَا حَالُ نَسَبِهِ فِيكُمْ؟، أَهُوَ مِنْ أَشْرَافِكُمْ أَمْ لَا؟. فتح الباري
(32)
السُّخط: الكَراهيةُ للشيء ، وعدُم الرِضا به.
(33)
أَيْ: مَرَّة لنا ومَرَّة علينا ، ونصرتها متداولة بين الفريقين، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي قَوْلِهِ:" يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ ".
(34)
قَوْلُهُ: (بِمَاذَا يَأمُرُكُمْ) ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ مِنْ شَأنِهِ أَنْ يَأمُرَ قَوْمَهُ. فتح الباري (ح7)
(35)
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ) أَيْ: أَمْرُ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ نُورًا، ثُمَّ لَا يَزَالُ فِي زِيَادَةٍ ، حَتَّى يَتِمَّ بِالْأُمُورِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ ، مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ وَغَيْرِهَا، وَلِهَذَا نَزَلَتْ فِي آخِرِ سِنِيِّ النَّبِيِّ ? {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة/3] وَمِنْهُ {وَيَأبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة/32] وَكَذَا جَرَى لِأَتْبَاعِ النَّبِيِّ ? لَمْ يَزَالُوا فِي زِيَادَةٍ ، حَتَّى كَمُلَ بِهِمْ مَا أَرَادَ اللهُ مِنْ إِظْهَارِ دِينِهِ ، وَتَمَامِ نِعْمَتِهِ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
(36)
(بَشَاشَةُ الْقُلُوبَ) أَيْ: يُخَالِطُ بَشَاشَةَ الْإِيمَانِ ، وَهُوَ شَرْحُهُ الْقُلُوبَ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: " وَكَذَلِكَ حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ ، لَا تَدْخُلُ قَلْبًا فَتَخْرُجُ مِنْهُ ". فتح الباري (ح7)
(37)
أَيْ: بَيْتَ الْمَقْدِسِ، أَوْ أَرَادَ الشَّامَ كُلَّهُ ، لِأَنَّ دَارَ مَمْلَكَتِهِ كَانَتْ حِمْصَ.
(38)
أَيْ: أَصِلُ، يُقَالُ: خَلُصَ إِلَى كَذَا ، أَيْ: وَصَلَ.
(39)
أَيْ: تَكَلَّفْتُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنَ الْقَتْلِ إِنْ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ ? وَاسْتَفَادَ ذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ كَمَا فِي قِصَّةِ ضُغَاطِرَ الَّذِي أَظْهَرَ لَهُمْ إِسْلَامَهُ فَقَتَلُوهُ. فتح الباري (ح7)
(40)
قَوْلُهُ: (لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ) مُبَالَغَةٌ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَالْخِدْمَةِ لَهُ ، وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى ذِكْرِ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْهُ - إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ سَالِمًا - لَا وِلَايَةً وَلَا مَنْصِبًا، وَإِنَّمَا يَطْلُبُ مَا تَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْبَرَكَةُ. فتح الباري (ح7)
(41)
قَوْلُهُ: (مِنْ مُحَمَّدٍ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَبْدَأَ الْكِتَابَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ بَلْ حَكَى فِيهِ النَّحَّاسُ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ، وَالْحَقُّ إِثْبَاتُ الْخِلَافِ. فتح الباري (ح7)
(42)
قَوْلُهُ (عَظِيمِ الرُّومِ) فِيهِ عُدُولٌ عَنْ ذِكْرِهِ بِالْمُلْكِ أَوِ الْإِمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُخْلِهِ مِنْ إِكْرَامٍ ، لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّفِ. فتح الباري (ح7)
(43)
لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّحِيَّةَ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ: سَلِمَ مِنْ عَذَابِ اللهِ مَنْ أَسْلَمَ، فَلَمْ يَبْدَأِ الْكَافِرَ بِالسَّلَامِ قَصْدًا ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ يُشْعِرُ بِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُرَادِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ. فتح الباري (ح7)
(44)
أَيْ: بِالْكَلِمَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهِيَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.
(45)
هُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص/54]، وَإِعْطَاؤُهُ الْأَجْرَ مَرَّتَيْنِ لِكَوْنِهِ كَانَ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّهِ ، ثُمَّ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فتح (ح7)
(46)
أَيْ: أَعْرَضْتَ عَنِ الْإِجَابَةِ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَحَقِيقَةُ التَّوَلِّي إِنَّمَا هُوَ بِالْوَجْهِ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْإِعْرَاضِ عَنِ الشَّيْءِ. فتح الباري (ح7)
(47)
(الْأَرِيسِيِّينَ) جَمْعُ أَرِيسِيٍّ ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى أَرِيسَ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْأَرِيسُ: الْأَكَّارُ ، أَيِ: الْفَلَّاحُ ، فَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ:" فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ ". زَادَ الْبَرْقَانِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: يَعْنِي الْحَرَّاثِينَ ،
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمُرَادُ بِالْفَلَّاحِينَ: أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ يَزْرَعُ ، فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ فَلَّاحٌ ، سَوَاءٌ كَانَ يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ.
وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرَادَ أَنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الضُّعَفَاءِ وَالْأَتْبَاعِ إِذَا لَمْ يُسْلِمُوا تَقْلِيدًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصَاغِرَ أَتْبَاعُ الْأَكَابِرِ. فتح الباري (ح7)
(48)
سورة آل عمران آية: 64
(49)
(أَمِرَ) أَيْ: عَظُمَ ، وَ (ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ) أَرَادَ بِهِ النَّبِيَّ ? ، لِأَنَّ أَبَا كَبْشَةَ أَحَدُ أَجْدَادِهِ ، وَعَادَةُ الْعَرَبِ إِذَا انْتَقَصَتْ نَسَبَتْ إِلَى جَدٍّ غَامِضٍ.
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَالْخَطَّابِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ ، خَالَفَ قُرَيْشًا فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَعَبَدَ الشِّعْرَى ، فَنَسَبُوهُ إِلَيْهِ ، لِلِاشْتِرَاكِ فِي مُطْلَقِ الْمُخَالَفَةِ. فتح الباري- (ح7)
وعَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إِذَا كَثُرُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ: أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ ، حدثنا الْحُمَيْدِيُّ ، حدثنا سُفْيَانُ وَقَالَ: أَمَرَ. (خ) 4434
(50)
بَنِي الْأَصْفَرِ: هُمُ الرُّومُ.
(51)
(خ) 2782
(52)
(خ) 7
(53)
(خ) 2782 ، (م) 74 - (1773) ، (حم) 2370
(54)
(سَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ): لِأَنَّهَا كَانَتْ دَارَ مُلْكِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَكَانَتْ فِي زَمَانِهِمْ أَعْظَمُ مِنْ دِمَشْقَ ، وَكَانَ فَتْحُهَا عَلَى يَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ ، بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ.
(55)
أَيْ: لَمْ يَصِلْ إِلَى حِمْصَ.
(56)
" الدَّسْكَرَةُ ": الْقَصْرُ الَّذِي حَوْلَهُ بُيُوتٌ ، وَكَأَنَّهُ دَخَلَ الْقَصْرَ ثُمَّ أَغْلَقَهُ ، وَفَتَحَ أَبْوَابَ الْبُيُوتِ الَّتِي حَوْلَهُ ، وَأَذِنَ لِلرُّومِ فِي دُخُولِهَا ، ثُمَّ أَغْلَقَهَا ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَخَاطَبَهُمْ ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَثِبُوا بِهِ ، كَمَا وَثَبُوا بِضُغَاطِرَ. فتح الباري (ح7)
(57)
أَيْ: نَفَرُوا.
(58)
شَبَّهَهُمْ بِالْوُحُوشِ ، لِأَنَّ نَفْرَتَهَا أَشَدُّ مِنْ نَفْرَةِ الْبَهَائِمِ الْإِنْسِيَّةِ ، وَشَبَّهَهُمْ بِالْحُمْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْوُحُوشِ، لِمُنَاسَبَةِ الْجَهْلِ وَعَدَمِ الْفِطْنَةِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ. فتح (ح7)
(59)
(أَيِسَ مِنْ الْإِيمَانِ) أَيْ: مِنْ إِيمَانِهِمْ لِمَا أَظْهَرُوهُ ، وَمِنْ إِيمَانِهِ ، لِأَنَّهُ شَحَّ بِمُلْكِهِ كَمَا قَدَّمْنَا ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُطِيعُوهُ ، فَيَسْتَمِرَّ مُلْكُهُ ، وَيَسْلَمَ وَيَسْلَمُوا بِإِسْلَامِهِمْ ، فَمَا أِيسَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا بِالشَّرْطِ الَّذِي أَرَادَهُ ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَفِرَّ عَنْهُمْ وَيَتْرُكَ مُلْكَهُ ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدَ اللهِ ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ. فتح (ح7)
(60)
أي: قبل قليل.
(61)
أَيْ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِدُعَائِهِ إِلَى الْإِيمَانِ خَاصَّةً؛ لا أَنَّهُ انْقَضَى أَمْرُهُ حِينَئِذٍ وَمَاتَ.
(تَكْمِيلٌ): ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ هِرَقْلَ وَضَعَ الْكِتَابَ فِي قَصَبَةٍ مِنْ ذَهَبٍ تَعْظِيمًا لَهُ ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَتَوَارَثُونَهُ ، حَتَّى كَانَ عِنْدَ مَلِكِ الْفِرِنْجِ الَّذِي تَغَلَّبَ عَلَى طُلَيْطِلَةَ ، ثُمَّ كَانَ عِنْدَ سِبْطِهِ ، فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ سَعْدٍ ، أَحَدَ قُوَّادِ الْمُسْلِمِينَ ، اجْتَمَعَ بِذَلِكَ الْمَلِكِ ، فَأَخْرَجَ لَهُ الْكِتَابَ ، فَلَمَّا رَآهُ اسْتَعْبَرَ ، وَسَأَلَ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ تَقْبِيلِهِ ، فَامْتَنَعَ.
قُلْتُ: وَأَنْبَأَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْقَاضِي نُورِ الدِّينِ بْنِ الصَّائِغِ الدِّمَشْقِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَيْفُ الدِّينِ فُلَيْحٌ الْمَنْصُورِيُّ قَالَ: أَرْسَلَنِي الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ قَلَاوُونُ إِلَى مَلِكِ الْغَرْبِ بِهَدِيَّةٍ ، فَأَرْسَلَنِي مَلِكُ الْغَرْبِ إِلَى مَلِكِ الْفِرِنْجِ فِي شَفَاعَةٍ ، فَقَبِلَهَا ، وَعَرَضَ عَلَيَّ الْإِقَامَةَ عِنْدَهُ ، فَامْتَنَعْتُ ، فَقَالَ لِي: لَأُتْحِفَنَّكَ بِتُحْفَةٍ سَنِيَّةٍ ، فَأَخْرَجَ لِي صُنْدُوقًا مُصَفَّحًا بِذَهَبٍ ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ مِقْلَمَةَ ذَهَبٍ ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا كِتَابًا قَدْ زَالَتْ أَكْثَرُ حُرُوفِهِ وَقَدِ الْتَصَقَتْ عَلَيْهِ خِرْقَةُ حَرِيرٍ فَقَالَ: هَذَا كِتَابُ نَبِيِّكُمْ إِلَى جَدِّي قَيْصَرَ ، مَا زِلْنَا نَتَوَارَثُهُ إِلَى الْآنَ ، وَأَوْصَانَا آبَاؤُنَا أَنَّهُ مَا دَامَ هَذَا الْكِتَابُ عِنْدَنَا لَا يَزَالُ الْمُلْكُ فِينَا ، فَنَحْنُ نَحْفَظُهُ غَايَةَ الْحِفْظِ ، وَنُعَظِّمُهُ ، وَنَكْتُمُهُ عَنِ النَّصَارَى لِيَدُومَ الْمُلْكُ فِينَا.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ " أَنَّ النَّبِيَّ ? لَمَّا جَاءَهُ جَوَابُ كِسْرَى قَالَ: مَزَّقَ اللهُ مُلْكَهُ ، وَلَمَّا جَاءَهُ جَوَابُ هِرَقْلَ قَالَ: ثَبَّتَ اللهُ مُلْكَهُ " ، وَاللهُ أَعْلَمُ. فتح الباري (ح7)
(62)
(خ) 7
(حب)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يَنْطَلِقُ بِصَحِفَتِي هَذِهِ إِلَى قَيْصَرَ ، وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ "، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَإِنْ لَمْ أُقْتَلْ؟، قَالَ:" وَإِنْ لَمْ تُقْتَلْ " ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ بِهِ، فَوَافَقَ قَيْصَرَ وَهُوَ يَأتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، قَدْ جُعِلَ لَهُ بِسَاطٌ لَا يَمْشِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَرَمَى بِالْكِتَابِ عَلَى الْبِسَاطِ وَتَنَحَّى، فَلَمَّا انْتَهَى قَيْصَرُ إِلَى الْكِتَابِ أَخَذَهُ، ثُمَّ دَعَا رَأسَ الْجَاثَلِيقِ (1) فَأَقْرَأَهُ، فَقَالَ: مَا عِلْمِي فِي هَذَا الْكِتَابِ إِلَّا كَعِلْمِكَ، فَنَادَى قَيْصَرُ: مَنْ صَاحِبُ الْكِتَابِ؟ فَهُوَ آمَنٌ ، فَجَاءَ الرَّجُلُ فَقَالَ: إِذَا أَنَا قَدِمْتُ فَأتِنِي، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَاهُ، فَأَمَرَ قَيْصَرُ بِأَبْوَابٍ قَصْرِهِ فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَ النَّصْرَانِيَّةَ ، فَأَقْبَلَ جُنْدُهُ وَقَدْ تَسَلَّحُوا حَتَّى أَطَافُوا بِقَصْرِهِ، فَقَالَ لِرَسُولِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ تَرَى أَنِّي خَائِفٌ عَلَى مَمْلَكَتِي، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدْ رَضِيَ عَنْكُمْ، وَإِنَّمَا خَبَرَكُمْ لِيَنْظُرُ كَيْفَ صَبْرُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، فَارْجِعُوا، فَانْصَرَفُوا، وَكَتَبَ قَيْصَرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي مُسْلِمٌ ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِدَنَانِيرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ:" كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، لَيْسَ بِمُسْلِمٍ ، وَهُوَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ، وَقَسَّمَ الدَّنَانِيرَ "(2)
(1) الْجَاثَلِيق: رئيس للنصارى يكون تحت يد بطريق أنطاكية.
(2)
(حب) 4504 ، صححه الألباني في فقه السيرة ص356، وصحيح موارد الظمآن: 1351، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(ابن سعد)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ ، أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كُتُبًا "، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْمُلُوكَ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا ، " فَاتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَصُّهُ مِنْهُ ، نَقْشُهُ ثَلَاثةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، وَخَتَمَ بِهِ الْكُتُبَ "، فَخَرَجَ سِتَّةُ نَفَرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَأَصْبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ، فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ رضي الله عنه إِلَى النَّجَاشِيِّ، " وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابَيْنِ ، يَدْعُوهُ فِي أَحَدِهِمَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَيَتْلُو عَلَيْهِ الْقُرْآنَ " ، فَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ، وَنَزَلَ مِنْ سَرِيرِهِ فَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ تَوَاضُعًا، ثُمَّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ آتِيَهُ لَأَتَيْتُهُ، وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِجَابَتِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَإِسْلامِهِ عَلَى يَدَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، " وَفِي الْكِتَابِ الْآخَرِ ، " يَأمُرُهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ " - وَكَانَتْ قَدْ هَاجَرَتْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا عُبَيْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ الأَسَدِيِّ ، فَتَنَصَّرَ هُنَاكَ وَمَاتَ - وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكِتَابِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِمَنْ قِبَلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَيَحْمِلَهُمْ "، فَفَعَلَ ، فَزَوَّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَصْدَقَ عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَمَرَ بِجِهَازِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يُصْلِحُهُمْ ، وَحَمَلَهُمْ فِي سَفِينَتَيْنِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ ، وَدَعَا بِحُقٍّ (1) مِنْ عَاجٍ ، فَجَعَلَ فِيهِ كِتَابَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: لَنْ تَزَالَ الْحَبَشَةُ بِخَيْرٍ ، مَا كَانَ هَذَانِ الْكِتَابَانِ بَيْنَ أَظْهُرِهَا ، قَالَ:" وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ - وَهو أَحَدُ السِّتَّةِ - إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ "، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَيْهِ ، وَهو يَوْمَئِذٍ بِحِمْصَ، وَقَيْصَرُ يَوْمَئِذٍ مَاشٍ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ ، إِنْ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ أَنْ يَمْشِيَ حَافِيًا مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إِلَى إِيلِيَاءَ ، فَقَرَأَ الْكِتَابَ ، وَأَذِنَ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلاحِ وَالرُّشْدِ؟ ، وَأَنْ يُثْبَتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ؟ وَتَتَّبِعُونَ مَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ؟ ، فَقَالَتِ الرُّومُ: وَمَا ذَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ؟ ، قَالَ: تَتَّبِعُونَ هَذَا النَّبِيَّ الْعَرَبِيَّ، قَالَ: فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ وَتَنَاحَزُوا (2) وَرَفَعُوا الصَّلِيبَ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ يَئِسَ مِنْ إِسْلامِهِمْ ، وَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ وَمُلْكِهِ ، فَسَكَّنَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ مَا قُلْتُ ، أَخْتَبِرُكُمْ لِأَنْظُرَ كَيْفَ صَلَابَتُكُمْ فِي دِينِكُمْ ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أُحِبُّ، فَسَجَدُوا لَهُ ، قَالَ:" وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ - وَهو أَحَدُ السِّتَّةِ - إِلَى كِسْرَى يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا "، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُرِئَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَهُ فَمَزَّقَهُ، " فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ مَزِّقْ مُلْكَهُ " ، وَكَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَانَ عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ أَنِ ابْعَثْ مِنْ عِنْدِكَ رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ (3) إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ فَلْيَأتِيَانِي بِخَبَرِهِ، فَبَعَثَ بَاذَانُ قَهْرَمَانَهُ (4) وَرَجُلًا آخَرَ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا كِتَابًا ، فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ وَفَرَائِصُهُمَا (5) تُرْعَدُ، فَدَفَعَا كِتَابَ بَاذَانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَدَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ: ارْجِعَا عَنِّي يَوْمَكُمَا هَذَا حَتَّى تَأتِيَانِي الْغَدَ فَأُخْبِرَكُمَا بِمَا أُرِيدُ " فَجَاءَاهُ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ لَهُمَا: " أَبْلِغَا صَاحِبَكُمَا أَنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّهُ كِسْرَى فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِسَبْعِ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْهَا - وَهِيَ لَيْلَةُ الثُّلاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ - وَإِنَّ اللهَ تبارك وتعالى سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ "، فَرَجَعَا إِلَى بَاذَانَ بِذَلِكَ ، فَأَسْلَمَ هو وَالْأَبْنَاءُ (6) الَّذِينَ بِالْيَمَنِ ، قَالَ: " وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ اللَّخْمِيَّ رضي الله عنه وَهو أَحَدُ السِّتَّةِ - إِلَى الْمُقَوْقَسِ صَاحِبِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، عَظِيمِ الْقِبْطِ ، يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا " فَأَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُ وَقَالَ لَهُ خَيْرًا ، وَأَخَذَ الْكِتَابَ فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ ، وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَتِهِ ، وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِيًّا قَدْ بَقِيَ ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ ، وَقَدْ أَكْرَمْتُ رَسُولَكَ ، وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ عَظِيمٌ فِي الْقِبْطِ ، وَقَدْ أَهْدَيْتُ لَكَ كِسْوَةً ، وَبَغْلَةً تَرْكَبُهَا ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا ، وَلَمْ يُسْلِمْ ، " فَقَبِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّتَهُ ، وَأَخَذَ الْجَارِيَتَيْنِ " ، مَارِيَةَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأُخْتَهَا سِيرِينَ، وَبَغْلَةً بَيْضَاءَ ، لَمْ يَكُنْ فِي الْعَرَبِ يَوْمَئِذٍ غَيْرُهَا ، وَهِيَ: دُلْدُلٌ (7) قَالَ حَاطِبٌ: كَانَ لِي مُكْرِمًا فِي الضِّيَافَةِ ، وَقِلَّةِ اللُّبْثِ بِبَابِهِ ، مَا أَقَمْتُ عِنْدَهُ إِلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ضَنَّ الْخَبِيثُ بِمُلْكِهِ ، وَلَا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ " ، قَالَ: " وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الأَسَدِيَّ رضي الله عنه وَهو أَحَدُ السِّتَّةِ - إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا " ، قَالَ شُجَاعٌ: فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ وَهو بِغَوْطَةِ دِمَشْقَ ، وَهو مَشْغُولٌ بِتَهْيِئَةِ الْإِنْزَالِ وَالْإلْطَافِ لِقَيْصَرَ وَهو جَاءٍ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ ، فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَيْنِ أَوثَلَاثةً ، فَقُلْتُ لِحَاجِبِهِ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ، فَقَالَ: لَا تَصِلُّ إِلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَجَعَلَ حَاجِبُهُ - وَكَانَ رُومِيًّا - يَسْأَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُ عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ فَيَرِقَّ حَتَّى يَغْلِبَهُ الْبُكَاءُ ، وَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ قَرَأتُ الْإِنْجِيلَ ، فَأَجِدُ صِفَةَ هَذَا النَّبِيِّ بِعَيْنِهِ ، فَأَنَا أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ ، وَأَخَافُ مِنَ الْحَارِثِ أَنْ يَقْتُلَنِي ، قَالَ شُجَاعٌ: وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيُحْسِنُ ضِيَافَتِي ، وَخَرَجَ الْحَارِثُ يَوْمًا ، فَجَلَسَ وَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأسِهِ ، فَأَذِنَ لِي عَلَيْهِ ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ وَقَالَ: مَنْ يُنْتَزِعُ مِنِّي مُلْكِي؟ ، أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ ، وَلَوْ كَانَ بِالْيَمَنِ جِئْتُهُ، عَلَيَّ بِالنَّاسِ ، فَلَمْ يَزَلْ يَفْرِضُ حَتَّى قَامَ ، وَأَمَرَ بِالْخُيُولِ تُنْعَلُ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا تَرَى ، وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يُخْبِرُهُ خَبَرِي وَمَا عَزَمَ عَلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ قَيْصَرُ: أَلَّا تَسِيرُ إِلَيْهِ ، وَالْهَ عَنْهُ (8) وَوَافِنِي بِإِيلِيَاءَ ، فَلَمَّا جَاءَهُ جَوَابُ كِتَابِهِ دَعَانِي فَقَالَ: مَتَى تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى صَاحِبِكَ؟ ، فَقُلْتُ: غَدَا ، فَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ ، وَوَصَّلَنِي حَاجِبُهُ ، وَأَمَرَ لِي بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ، وَقَال لِي: أَقْرِئْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي السَّلَامَ، فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: " بَادَ مُلْكُهُ " وَأَقْرَأتُهُ مِنْ حَاجِبِهِ السَّلَامَ ، وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " صَدَقَ " ، وَمَاتَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ عَامَ الْفَتْحِ ، قَالَ: وَكَانَ فَرْوَةُ بْنُ عمرو الْجُذَامِيُّ عَامِلًا لِقَيْصَرَ عَلَى عَمَّانَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ ، " فَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ، فَأَسْلَمَ فَرْوَةُ ، وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْلَامِهِ وَأَهْدَى لَهُ، وَبَعَثَ مِنْ عِنْدِهِ رَسُولًا مِنْ قَوْمِهِ ، يُقَالُ لَهُ: مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ ، " فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابَهُ ، وَقَبِلَ هَدِيَّتَهُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ جَوَابَ كِتَابِهِ، وَأَجَازَ مَسْعُودًا بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا - وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ - قَالَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ رضي الله عنه وَهو أَحَدُ السِّتَّةِ - إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا " ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ ، فَأَنْزَلَهُ وَحَبَاهُ ، وَقَرَأَ كِتَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَدَّ رَدًّا دُونَ رَدٍّ ، وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَحْسَنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَأَجْمَلَهُ ، وَأَنَا شَاعِرُ قَوْمِي وَخَطِيبُهُمْ ، وَالْعَرَبُ تَهَابُ مَكَانِي ، فَاجْعَلْ لِي بَعْضَ الْأَمْرِ ، أَتَّبِعْكَ ، وَأَجَازَ سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو بِجَائِزَةٍ ، وَكَسَاهُ أَثْوَابًا مِنْ نَسْجِ هَجَرَ ، فَقَدِمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَهُ عَنْهُ بِمَا قَالَ ، " فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابَهُ ، وَقَالَ: لَو سَأَلَنِي سَيَابَةً (9) مِنَ الْأَرْضِ مَا فَعَلْتُ ، بَادَ وَبَادَ مَا فِي يَدَيْهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عَامِ الْفَتْحِ ، جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ، قَالَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ إِلَى جَيْفَرَ ، وَعَبْدٍ ، ابْنِي الْجُلَنْدِيِّ - وَهُمَا مِنَ الْأَزْدِ ، وَالْمَلِكُ مِنْهُمَا جَيْفَرُ - يَدْعُوهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَيْهِمَا كِتَابًا ، وَخَتَمَ الْكِتَابَ "، قَالَ عَمْرٌو: فَلَمَّا قَدِمْتُ عُمَانَ ، عَمَدْتُ إِلَى عَبْدٍ - وَكَانَ أَحْلَمَ الرَّجُلَيْنِ ، وَأَسْهَلَهُمَا خُلُقًا - فَقُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكَ وَإِلَى أَخِيكَ، فَقَالَ: أَخِي الْمُقَدَّمُ عَلَيَّ بِالسِّنِّ وَالْمُلْكِ ، وَأَنَا أُوصِلُكَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْرَأَ كِتَابَكَ ، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا بِبَابِهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ مَخْتُومًا ، فَفَضَّ خَاتَمَهُ وَقَرَأَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى آخِرِهِ ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أَخِيهِ ، فَقَرَأَهُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ ، إِلَّا أَنِّي رَأَيْتُ أَخَاهَ أَرَقَّ مِنْهُ، فَقَالَ: دَعْنِي يَوْمِي هَذَا ، وَارْجِعْ إِلَيَّ غَدًا ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي فَكَّرْتُ فِيمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ ، فَإِذَا أَنَا أَضْعَفُ الْعَرَبِ إِذَا مَلَّكْتُ رَجُلًا مَا فِي يَدِي، قُلْتُ: فَإِنِّي خَارِجٌ غَدًا ، فَلَمَّا أَيْقَنَّ بِمَخْرَجِي ، أَصْبَحَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَأَجَابَ إِلَى الْإِسْلَامِ هو وَأَخُوهُ جَمِيعًا ، وَصَدَّقَا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخَلَّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَكَانَا لِي عَوْنًا عَلَى مَنْ خَالَفَنِي ، فَأَخَذْتُ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، فَرَدَّدْتُهَا فِي فُقَرَائِهِمْ ، فَلَمْ أَزَلْ مُقِيمًا فِيهِمْ ، حَتَّى بَلَغَنَا وَفَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ (10) الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ رضي الله عنه إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى الْعَبْدِيِّ ، وَهو بِالْبَحْرَيْنِ (11) يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا "، فَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْلَامِهِ وَتَصْدِيقِهِ ، وَإِنِّي قَدْ قَرَأتُ كِتَابَكَ عَلَى أَهْلِ هَجَرَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَحَبَّ الْإِسْلَامَ وَأَعْجَبَهُ وَدَخَلَ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ ، وَبِأَرْضِي مَجُوسٌ وَيَهُود ، فَأَحْدِثْ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ أَمْرَكَ ، " فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكَ مَهْمَا تُصْلِحُ ، فَلَنْ نَعْزِلَكَ عَنْ عَمَلِكَ ، وَمَنْ أَقَامَ عَلَى يَهُوديَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ ، فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ ، وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَجُوسِ هَجَرَ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَبَوْا ، أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ ، وَبِأَنْ لَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا هُرَيْرَةَ مَعَ الْعَلاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ، وَأَوْصَاهُ بِهِ خَيْرًا، وَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَلاءِ فَرَائِضَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالثِّمَارِ وَالأَمْوَالِ "، فَقَرَأَ الْعَلاءُ كِتَابَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخَذَ صَدَقَاتِهُمْ. (12)
(1) أَيْ: وعاء.
(2)
النَّحْزُ: الضَّرْبُ والدَّفْع. لسان العرب - (ج 5 / ص 414)
(3)
الجَلَد: القُوّة والصَّبْر.
(4)
القهرمان: الخازن الأمين المحافظ على ما في عهدته.
(5)
الفَرِيصة: اللحم الذي بين الكتف والصدر ، ترتعد عند الفزع.
(6)
الأبْناءُ في الأصل: جمع ابن ، ويُقال لأولاد فارس: الأبناء ، وهم الذين أرسلهم كسرى مع سيف بن ذي يَزَن لَمَّا جاء يَسْتَنْجِدُه على الحبشة ، فنصروه وملَكوا اليمن ، وتَدَيَّرُوها وتزوَّجوا في العرب ، فقيل لأولادهم: الأبناء ، وغلب عليهم هذا الاسم ، لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم. النهاية (ج 1 / ص 18)
(7)
الدُّلْدُل: القُنْفُذ ، ومنه الحديث " كان اسْم بَغْلَتِه صلى الله عليه وسلم دُلْدُلاً " النهاية في غريب الأثر - (ج 2 / ص 309)
(8)
أَيْ: اتركه.
(9)
السَّيَابة: البلَحَةُ. النهاية في غريب الأثر - (ج 2 / ص 1050)
(10)
الجعرانة: بين مكة والطائف، وهي إلى مكة أقرب. وقال الفاكهي: بينها وبين مكة بريد ، وَهو اثْنَا عَشَرَ مِيلًا، وقال الباجي: ثمانية عشر ميلا.
(11)
(الْبَحْرَيْنِ) هِيَ الْبَلَدُ الْمَشْهُورُ بِالْعِرَاقِ، وَهُوَ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَهَجَرَ. فتح (9/ 426)
(12)
أخرجه (ابن سعد)(1/ 258 - 260)، انظر الصَّحِيحَة: 1429
(خ)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِكِتَابِهِ رَجُلًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى " ، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ ، " فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ "(1)
(1)(خ) 64 ، 2781 ، 4162 ، 6836 ، (حم) 2781 ، انظر فقه السيرة ص356
(تاريخ الطبري)، وَعَنْ مُحَّمَدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ:" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه إِلَى كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ مَلِكِ فَارِسٍ وَكَتَبَ: " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسٍ ، سَلامُ اللهِ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، وَآَمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ اللهِ عز وجل فَإِنِّي أنا رَسُولُ اللهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ، وَيِحِقُّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ، فَأَسْلِم تَسْلَمْ فَإِنْ أَبَيْتَ، فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ " ، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَقَّقَهُ وَقَالَ: يَكْتُبُ إِلَيَّ بِهَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ عَبْدِي؟ ، فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّهُ شَقَّقَ كِتَابَهُ: " مُزِّقَ مُلْكُهُ "، ثُمَّ كَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَانَ - وَهُوَ عَلَى الْيَمَنِ - أَنِ ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ رَجُلَيْنِ مِنْ عِنْدِكَ جَلْدَيْنِ (1) فَلْيَأتِيَانِي بِهِ، فَبَعَثَ بَاذَانُ قَهْرَمَانَهُ (2) - وَهُوَ ابْنُ بَابَوَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبًا حَاسِبًا - وَبَعَثَ بِرَجُلٍ مِنَ الْفُرْسِ ، يُقَالَ لَهُ: خَرَخْسَرَه، وَكَتَبَ مَعُهَما إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأمُرُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعَهُمَا إِلَى كِسْرَى، وَقَالَ لِبَابَوَيْهِ: وَيْلَكَ انْظُرْ مَا الرَّجُلُ ، وَكَلِّمْهُ ، وَأتِنِي بِخَبَرِهِ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الطَّائِفَ، فَسَأَلا عَنْهُ ، فَقَالُوا: هُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَاسْتَبْشَرُوا (3) وَقَالُوا: قَدْ نَصَبَ لَهُ كِسْرَى مَلِكُ الْمُلُوكِ، كُفِيْتُمُ الرَّجُلَ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَهُ بَابَوَيْهِ ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ شَاهَانْشَاهَ مَلِكَ الْمُلُوكِ كِسْرَى قَدْ كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ بَاذَانَ يَأمُرُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ بِأَمْرِهِ أَنْ يَأتِيَهُ بِكَ، وَقَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِتَنْطَلِقَ مَعِي، فَإِنْ فَعَلْتَ ، كُتِبَ فِيكَ إِلَى مَلِكِ الْمُلُوكِ بِكِتَابٍ يَنْفَعُكَ ، وَيُكُفُّ عَنْكَ بِهِ، وَإِنْ أَبَيْتَ ، فَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ، فَهُوَ مُهْلِكُكَ وَمُهْلِكُ قَوْمِكَ ، وَمُخْرِبُ دِيَارِكَ - وَكَانَا قَدْ دَخَلا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ حَلَقَا لِحَاهُمَا ، وَأَعْفَيَا شَوَارِبَهُمَا - " فَكَرِهَ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا ، وَقَالَ: وَيْلَكُمَا ، مَنْ أَمَرَكُمَا بِهَذَا؟ "، قَالا: أَمَرَنَا بِهَذَا رَبُّنَا - يَعْنِيَانِ كِسْرَى - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي بِإِعْفَاءِ لِحْيَتِي وَقَصِّ شَارِبِي، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: ارْجِعَا حَتَّى تَأتِيَانِي غَدًا ، وَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ أَنَّ اللهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى كِسْرَى ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ ، فَقَتَلَهُ فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا، مِنْ لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا مِنَ اللَّيْلِ " ، فَلَمَّا أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمَا: " إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّكُمَا لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا، مِنْ شَهْرِ كَذَا وَكَذَا، بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ، سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ " (4)
(1) أَيْ: قويين.
(2)
القَهْرَمَان: هو كالخازِن والوكيل والحافظ لما تحت يده ، والقائم بأمور الرجُل ، بلُغَة الفُرس. النهاية (ج 4 / ص 213)
(3)
أَيْ: أهل الطائف.
(4)
تاريخ الطبري (2/ 296) ، وحسنه الألباني في فقه السيرة ص359