الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَاتُهُ رضي الله عنه
-
(خ م)، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ:(كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه)(1)(فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ (2)؟ ، فَقُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ) (3)(قَالَ: فَهَاتِ ، إِنَّكَ لَجَرِيءٌ (4)) (5)(فَقُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ (6) عُودًا عُودًا (7) كَالْحَصِيرِ (8) فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا (9) نُكِتَ (10) فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا (11) نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى يَصِيرَ الْقَلْبُ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا (12) لَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا (13) كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا (14) - وَأَمَالَ كَفَّهُ - لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا ، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا ، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ") (15) (فَقَالَ عُمَرُ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ) (16)(وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ؟ ، قَالُوا: أَجَلْ ، قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (17) لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ ، إِنَّمَا أُرِيدُ الْفِتْنَةَ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ (18)) (19) (فَقُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا (20) فَقَالَ عُمَرُ: أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟) (21)(فَقُلْتُ: لَا ، بَلْ يُكْسَرُ ، قَالَ: فَإِنَّهُ إِذَا كُسِرَ لَمْ يُغْلَقَ أَبَدًا ، فَقُلْتُ: أَجَلْ)(22)(قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ (23) قَالَ أَبُو وَائِلٍ: فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ عَنْ الْبَابِ ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ (24): سَلْهُ ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ (25)) (26).
(1)(خ) 502
(2)
مَعْنَى الْفِتْنَةِ فِي الْأَصْلِ: الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَان، ثُمَّ اِسْتُعْمِلَتْ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَكْشِفُهُ الِامْتِحَانُ عَنْ سُوء ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْكُفْرِ، وَالْغُلُوِّ فِي التَّأوِيلِ الْبَعِيدِ، وَعَلَى الْفَضِيحَةِ ، وَالْبَلِيَّة ، وَالْعَذَابِ ، وَالْقِتَالِ، وَالتَّحَوُّلِ مِنْ الْحَسَنِ إِلَى الْقَبِيحِ ، وَالْمَيْلِ إِلَى الشَّيْءِ وَالْإِعْجَابِ بِهِ، وَتَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرّ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فِتْنَة} . فتح الباري (ج 2 / ص 291)
(3)
(خ) 1368
(4)
أَيْ: شَجِيعٌ عَلَى حِفْظِه ، قَوِيٌّ عَلَيْهِ. (النووي - ج 1 / ص 268)
(5)
(خ) 3393
(6)
أَيْ: أَنَّهَا تُلْصَقُ بِعَرْضِ الْقُلُوب ، أَيْ: جَانِبِهَا. (النووي - ج 1 / ص 268)
(7)
أَيْ: تُعَادُ وَتُكَرَّرُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. (النووي - ج 1 / ص 268)
(8)
أَيْ: كَمَا يُنْسَجُ الْحَصِيرُ عُودًا عُودًا ، وَشَظِيَّةً بَعْد أُخْرَى ، وَذَلِكَ أَنَّ نَاسِجَ الْحَصِيرِ عِنْدَ الْعَرَبِ كُلَّمَا صَنَعَ عُودًا ، أَخَذَ آخَرَ وَنَسَجَهُ ، فَشَبَّهَ عَرْضَ الْفِتَنِ عَلَى الْقُلُوبِ وَاحِدَةً بَعْد أُخْرَى بِعَرْضِ قُضْبَانِ الْحَصِيرِ عَلَى صَانِعِهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِد. (النووي - ج 1 / ص 268)
(9)
أَيْ: دَخَلَتْ فِيهِ دُخُولًا تَامًّا وَأُلْزِمَهَا ، وَحَلَّتْ مِنْهُ مَحَلَّ الشَّرَاب ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبهمْ الْعِجْل} أَيْ: حُبَّ الْعِجْل، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ثَوْبٌ مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ: أَيْ خَالَطَتْهُ الْحُمْرَةُ مُخَالَطَةً لَا اِنْفِكَاكَ لَهَا. النووي (1/ 268)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ} أَيْ: أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْعِجْلِ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْعِجْلَ أُحْرِقَ ثُمَّ ذُرِّيَ فِي الْمَاءِ فَشَرِبُوهُ ، فَلَمْ يَعْرِفْ كَلَامِ الْعَرَبِ، لِأَنَّهَا لَا تَقُولُ فِي الْمَاءِ: أُشْرِبَ فُلَانٌ فِي قَلْبِهِ. فتح (10/ 192)
(10)
أَيْ: نُقِطَ نُقْطَة ، قَالَ: اِبْن دُرَيْدٍ: كُلُّ نُقْطَةٍ فِي شَيْءٍ بِخِلَافِ لَوْنِهِ ، فَهُوَ نَكْت. (النووي - ج 1 / ص 268)
(11)
أَيْ: رَدَّهَا.
(12)
الصَّفَا: هُوَ الْحَجْرُ الْأَمْلَسُ الَّذِي لَا يَعْلَقُ بِهِ شَيْء.
(13)
الرُّبْدَة: لَوْن أَكْدَر ، وَمِنْهُ (اِرْبَدَّ لَوْنُه) إِذَا تَغَيَّرَ وَدَخَلَهُ سَوَاد. النووي (1/ 268)
(14)
أَيْ: مَائِلًا ، قَالَ ابْن سَرَّاج: لَيْسَ قَوْلُهُ كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا تَشْبِيهًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ سَوَادِه ، بَلْ هُوَ وَصْفٌ آخَرُ مِنْ أَوْصَافِهِ ، بِأَنَّهُ قُلِبَ وَنُكِّسَ حَتَّى لَا يَعْلَقَ بِهِ خَيْرٌ وَلَا حِكْمَة. (النووي - ج 1 / ص 268)
(15)
(م) 144
(16)
(حم) 23328، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(17)
قَالَ بَعْض الشُّرَّاح: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَا مَعَهَا مُكَفِّرَةٌ لِلْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا ، لَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْر ، بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَثَلًا مُكَفِّرَةٌ لِلْفِتْنَةِ فِي الْأَهْل ، وَالصَّوْمُ فِي الْوَلَدِ ، إِلَخْ.
وَالْمُرَاد بِالْفِتْنَةِ: مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مَعَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْبَشَر؛ أَوْ الِالْتِهَاءِ بِهِمْ ، أَوْ أَنْ يَأتِيَ لِأَجْلِهِمْ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ ، أَوْ يُخِلَّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
وَاسْتَشْكَلَ اِبْنُ أَبِي جمْرَةَ وُقُوعَ التَّكْفِيرِ بِالْمَذْكُورَاتِ لِلْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَات وَالْإِخْلَالِ بِالْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الطَّاعَاتِ لَا تُسْقِطُ ذَلِكَ.
وَالْجَوَاب: اِلْتِزَام الْأَوَّل ، وَأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْ تَكْفِيرِ الْحَرَامِ وَالْوَاجِبِ مَا كَانَ كَبِيرَةً فَهِيَ الَّتِي فِيهَا النِّزَاع، وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَلَا نِزَاعَ أَنَّهَا تُكَفَّرُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ} .
وَقَالَ الزَّيْنُ بْن الْمُنِير: الْفِتْنَةُ بِالْأَهْلِ تَقَعُ بِالْمَيْلِ إِلَيْهِنَّ أَوْ عَلَيْهِنَّ فِي الْقِسْمَةِ وَالْإِيثَارِ حَتَّى فِي أَوْلَادهنَّ، وَمِنْ جِهَةِ التَّفْرِيطِ فِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لَهُنَّ، وَبِالْمَالِ يَقَعُ الِاشْتِغَالُ بِهِ عَنْ الْعِبَادَة ، أَوْ بِحَبْسِهِ عَنْ إِخْرَاجِ حَقِّ الله، وَالْفِتْنَةُ بِالْأَوْلَادِ تَقَعُ بِالْمَيْلِ الطَّبِيعِيّ إِلَى الْوَلَدِ ، وَإِيثَارِهِ عَلَى كُلِّ أَحَد، وَالْفِتْنَةُ بِالْجَارِ تَقَعُ بِالْحَسَدِ وَالْمُفَاخَرَةِ ، وَالْمُزَاحَمَةِ فِي الْحُقُوقِ ، وَإِهْمَالِ التَّعَاهُد، ثُمَّ قَالَ: وَأَسْبَابُ الْفِتْنَةِ بِمَنْ ذُكِرَ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِيمَا ذَكَرْتُ مِنْ الْأَمْثِلَة، وَأَمَّا تَخْصِيصُ الصَّلَاةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا بِالتَّكْفِيرِ دُونَ سَائِرِ الْعِبَادَات، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ قَدْرِهَا، لَا نَفْيُ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْحَسَنَاتِ لَيْسَ فِيهَا صَلَاحِيَّةُ التَّكْفِير، ثُمَّ إِنَّ التَّكْفِيرَ الْمَذْكُورَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ بِنَفْسِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ الْمَذْكُورَة، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ بِالْمُوَازَنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَر.
وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة: خُصَّ الرَّجُلُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِب صَاحِبُ الْحُكْمِ فِي دَارِهِ وَأَهْلِه، وَإِلَّا فَالنِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ فِي الْحُكْم ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ التَّكْفِيرِ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَات، بَلْ نَبَّهَ بِهَا عَلَى مَا عَدَاهَا، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا يَشْغَلُ صَاحِبَهُ عَنْ اللهِ ، فَهُوَ فِتْنَة لَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُكَفِّرَات ، لَا تَخْتَصُّ بِمَا ذُكِرَ ، بَلْ نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا عَدَاهَا، فَذَكَرَ مِنْ عِبَادَةِ الْأَفْعَالِ: الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، وَمِنْ عِبَادَةِ الْمَالِ: الصَّدَقَةَ، وَمِنْ عِبَادَةِ الْأَقْوَالِ: الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ. فتح الباري (ج 10 / ص 391)
(18)
كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ شِدَّةِ الْمُخَاصَمَةِ ، وَكَثْرَة الْمُنَازَعَة ، وَمَا يَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الْمُشَاتَمَةِ وَالْمُقَاتَلَة. فتح الباري (ج10ص 391)
وانظر إلى حرص أمير المؤمنين على معرفة أوقات الفتن وكيفياتها ، ففيه دليل على استحباب معرفة كيفية ظهور الفتن وعلاماتها ، حتى يكون المؤمن على بيِّنة من أمرِه ، خصوصا في زمان كزماننا هذا ، حيث كَثُرت فيه الفتن والشبهات. ع
(19)
(م) 144
(20)
أَيْ: أَنَّ تِلْكَ الْفِتَنَ لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي حَيَاتِك. النووي (1/ 268)
(21)
(خ) 502
(22)
(خ) 1368
(23)
أَيْ: حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا صِدْقًا مُحَقَّقًا مِنْ حَدِيثِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَا عَنْ اِجْتِهَادٍ وَلَا رَأي. فتح الباري (ج 10 / ص 391)
(24)
هُوَ اِبْنُ الْأَجْدَعِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ ، وَكَانَ مِنْ أَخِصَّاءِ أَصْحَابِ اِبْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ.
(25)
أي أن الحائل بين الناس والفتن ، عمر رضي الله عنه فهو الباب ، فما دام حيًّا لا تدخل منه الفتن ، فإذا مات دخلت ، وهذا الذي حدث. ع
(26)
(خ) 502
(خ)، وَعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم. (1)
(1)(خ) 1791، (ط) 989
(خ م س حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى - وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا (1) - إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ؟ ، يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ ، لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا (2) فَوَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً (3) فَتَمَّتْ ، فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي إِنْ شَاءَ اللهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ (4) قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ (5) فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً ، يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ (6) وَأَنْ لَا يَعُوهَا ، وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا (7) فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا ، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ، لَأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ) (8)(فَلَمَّا صَدَرَ عُمَرُ مِنْ مِنًى ، أَنَاخَ بِالْأَبْطَحِ ، ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةَ بَطْحَاءَ ، ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي ، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ)(9)(حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلَاءِ الرَّكْبُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ)(10)(فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا)(11)(فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ)(12)(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عُقْبِ ذِي الْحَجَّةِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ ، فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه جَالِسًا إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ: لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ ، فَأَنْكَرَ عَلَيَّ وَقَالَ: مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ (13)؟ ، فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ ، قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً ، قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا ، فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا ، فلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ) (14)(إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ ، وَإِنِّي لَا أُرَاهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي)(15)(فَقَصَصْتُهَا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما فَقَالَتْ: يَقْتُلُكَ رَجُلٌ مِنْ الْعَجَمِ)(16)(وَإِنَّ أَقْوَامًا يَأمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ ، وَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَلَا خِلَافَتَهُ ، وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ ، فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ (17) الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ) (18)(فَمَنْ بَايَعْتُمْ مِنْهُمْ ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا)(19)(ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ ، أَنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ عَلَيْهِمْ لِيَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ ، وَلِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ ، وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ)(20)(قَالَ: فَخَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ)(21)(لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ)(22).
(1) كَانَ ذَلِكَ سَنَة ثَلَاث وَعِشْرِينَ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(2)
هُوَ طَلْحَة بْن عُبَيْد الله. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(3)
أَيْ: فَجْأَة، وَجَاءَ عَنْ سَحْنُون عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولهَا بِضَمِّ الْفَاء وَيُفَسِّرهَا بِانْفِلَاتِ الشَّيْء مِنْ الشَّيْء وَيَقُول: إِنَّ الْفَتْح غَلَط ، وَإِنَّهُ إِنَّمَا يُقَال فِيمَا يُنْدَم عَلَيْهِ وَبَيْعَة أَبِي بَكْر مِمَّا لَا يَنْدَم عَلَيْهِ أَحَد، وَتُعُقِّبَ بِثُبُوتِ الرِّوَايَة بِفَتْحِ الْفَاء ، وَلَا يَلْزَم مِنْ وُقُوع الشَّيْء بَغْتَة أَنْ يَنْدَم عَلَيْهِ كُلّ أَحَد ، بَلْ يُمْكِن النَّدَم عَلَيْهِ مِنْ بَعْض دُون بَعْض، وَإِنَّمَا أَطْلَقُوا عَلَى بَيْعَة أَبِي بَكْر ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرهَا فِي الْحَال الْأَوَّل. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(4)
الْمُرَاد أَنَّهُمْ يَثْبُتُونَ عَلَى الْأَمْر بِغَيْرِ عَهْد وَلَا مُشَاوَرَة، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْد عَلِيّ وِفْق مَا حَذَّرَهُ عُمَر رضي الله عنه.فتح الباري (19/ 257)
(5)
الرَّعَاع بِفَتْحِ الرَّاء: الْجَهَلَة الرُّذَلَاء، وَالْغَوْغَاء: أَصْله صِغَار الْجَرَاد حِين يَبْدَأ فِي الطَّيَرَان، وَيُطْلَق عَلَى السِّفْلَة الْمُسْرِعِينَ إِلَى الشَّرّ. فتح الباري (ج19ص257)
(6)
أَيْ: ينقلوها عنك.
(7)
أَيْ: يَحْمِلُونَهَا عَلَى غَيْر وَجْههَا، وَلَا يَعْرِفُونَ الْمُرَاد بِهَا. فتح (ج19ص257)
(8)
(خ) 6442
(9)
(ط) 1506، (ك) 4513
(10)
(خ) 1226 ، (م) 22 - (928)
(11)
(م) 22 - (928) ، (خ) 1226
(12)
(خ) 1226 ، (م) 22 - (928)
(13)
أَرَادَ اِبْن عَبَّاس أَنْ يُنَبِّه سَعِيدًا ، مُعْتَمِدًا عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ عَبْد الرَّحْمَن ، لِيَكُونَ عَلَى يَقَظَة ، فَيُلْقِيَ بَاله لِمَا يَقُولهُ عُمَر ، فَلَمْ يَقَع ذَلِكَ مِنْ سَعِيد مَوْقِعًا ، بَلْ أَنْكَرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَم بِمَا سَبَقَ لِعُمَر ، وَعَلَى بِنَاء أَنَّ الْأُمُور اِسْتَقَرَّتْ. فتح (ج19ص257)
(14)
(خ) 6442
(15)
(م) 78 - (567)
(16)
(حم) 89 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(17)
مَعْنَى (شُورَى) أَيْ: يَتَشَاوَرُونَ فِيهِ ، وَيَتَّفِقُونَ عَلَى وَاحِد مِنْ هَؤُلَاءِ السِّتَّة: عُثْمَان ، وَعَلِيّ ، وَطَلْحَة ، وَالزُّبَيْر وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَلَمْ يُدْخِل سَعِيد بْن زَيْد مَعَهُمْ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَشَرَة؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقَارِبه، فَتَوَرَّعَ عَنْ إِدْخَاله ، كَمَا تَوَرَّعَ عَنْ إِدْخَال اِبْنه عَبْد الله رضي الله عنهم.شرح النووي (ج2 / ص 332)
(18)
(م) 78 - (567)
(19)
(حم) 89
(20)
(م) 78 - (567)
(21)
(حم) 89
(22)
(حم) 341 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: صحيح.
(خ م حم حب يع ك)، وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه قَالَ:(كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَبْدًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه وَكَانَ يَصْنَعُ الأَرْحَاءَ (1) وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَسْتَغِلُّهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَلَقِيَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ أَثْقَلَ عَلَيَّ غَلَّتِي فَكَلِّمْهُ يُخَفِّفْ عَنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اتَّقِ اللهَ وَأَحْسِنْ إِلَى مَوْلاكَ - قَالَ: وَمِنْ نِيَّةِ عُمَرَ أَنْ يَلْقَ الْمُغِيرَةِ) (2)(فَيُكَلِّمُهُ فِي التَّخْفِيفِ عَنْهُ - فَغَضِبَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ)(3)(وَقَالَ: وَسِعَ عَدْلُهُ النَّاسَ كُلَّهُمْ غَيْرِي؟، فَأَضْمَرَ عَلَى قَتْلِهِ)(4)(فَصَنَعَ خِنْجَرًا لَهُ رَأسَانِ، وَشَحَذَهُ وَسَمَّهُ، ثُمَّ أَتَى بِهِ الْهُرْمُزَانَ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى هَذَا؟ ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تَضْرِبُ بِهَذَا أَحَدًا إِلَاّ قَتَلْتَهُ)(5)(قَالَ: وَتَحَيَّنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ، فَجَاءَهُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ (6) حَتَّى قَامَ وَرَاءَ عُمَرَ) (7)(وَكَانَ عُمَرُ لَا يُكَبِّرُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَلَاةُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ وَيَقُولَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ)(8)(قَالَ عَمْرُو بْنِ مَيْمُونٍ: إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَالَ: اسْتَوُوا ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِمْ خَلَلًا ، تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ ، وَرُبَّمَا قَرَأَ سُورَةَ يُوسُفَ أَوْ النَّحْلَ ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ)(9)(فَوَجَأَهُ (10) أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي كَتِفِهِ، وَوَجَأَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، فَسَقَطَ عُمَرُ) (11) (فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ حِينَ طَعَنَهُ: قَتَلَنِي الْكَلْبُ ، فَطَارَ الْعِلْجُ (12) بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ ، لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ ، حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، مَاتَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا ، فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ ، فَمَنْ يَلِي عُمَرَ ، فَقَدْ رَأَى الَّذِي أَرَى ، وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ ، فَإِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ ، وَهُمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللهِ ، سُبْحَانَ اللهِ ، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلَاةً خَفِيفَةً ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا ، قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي ، فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ: غُلَامُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ: الصَّنِعُ؟ ، قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللهُ ، لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا ، الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ - وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا - فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ - أَيْ: إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا - قَالَ: كَذَبْتَ بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ ، وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ ، وَحَجُّوا حَجَّكُمْ ، فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ ، فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ ، وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: لَا بَأسَ ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: أَخَافُ عَلَيْهِ) (13)(فَقَالَ عُمَرُ: أَرْسِلُوا إِلَيَّ طَبِيبًا يَنْظُرُ إِلَى جُرْحِي هَذَا ، فَأَرْسَلُوا إِلَى طَبِيبٍ مِنْ الْعَرَبِ ، فَسَقَى عُمَرَ نَبِيذًا ، فَشُبِّهَ النَّبِيذُ بِالدَّمِ حِينَ خَرَجَ مِنْ الطَّعْنَةِ الَّتِي تَحْتَ السُّرَّةِ ، قَالَ: فَدَعَوْتُ طَبِيبًا آخَرَ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي مُعَاوِيَةَ ، فَسَقَاهُ لَبَنًا ، فَخَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ الطَّعْنَةِ صَلْدًا أَبْيَضَ ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اعْهَدْ ، فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقَنِي أَخُو بَنِي مُعَاوِيَةَ ، وَلَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ كَذَّبْتُكَ ، قَالَ: فَبَكَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ ، فَقَالَ: لَا تَبْكُوا عَلَيْنَا ، مَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَخْرُجْ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟)(14)(قَالَ: " إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ)(15)(عَلَيْهِ ")(16)(ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ، انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ ، فَحَسَبُوهُ ، فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا ، فَقَالَ: إِنْ وَفَى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ ، فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، وَإِلَّا فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ ، فَسَلْ فِي قُرَيْشٍ ، وَلَا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ ، فَأَدِّ عَنِّي هَذَا الْمَالَ)(17)(قَالَ عَمْرُو بْنِ مَيْمُونٍ: وَجَاءَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ ، وَالنِّسَاءُ تَسِيرُ مَعَهَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهَا قُمْنَا ، فَوَلَجَتْ عَلَيْهِ ، فَبَكَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، وَاسْتَأذَنَ الرِّجَالُ ، فَوَلَجَتْ دَاخِلًا لَهُمْ ، فَسَمِعْنَا بُكَاءَهَا مِنْ الدَّاخِلِ)(18)(فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ: أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)(19)(فَوَلَجَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: احْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا يُدْرِكَنِي النَّاسُ ، أَمَّا أَنَا ، فَلَمْ أَقْضِ فِي الْكَلَالَةِ قَضَاءً ، وَلَمْ أَسْتَخْلِفْ عَلَى النَّاسِ خَلِيفَةً ، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي عَتِيقٌ)(20)(فَجَعَلَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، يَقُولُونَ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْتَ وَكُنْتَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ، وَيَجِيءُ قَوْمٌ آخَرُونَ فَيُثْنُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللهِ عَلَى مَا تَقُولُونَ، وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهَا كَفَافًا ، لَا لِي وَلَا عَلَيَّ، وَأَنَّ صُحْبَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَلِمَتْ لِي، فَتَكَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ- وَكَانَ عِنْدَ رَأسِهِ، وَكَانَ خَلِيطَهُ ، كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ - فَقَالَ: لَا وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا كَفَافًا)(21)(لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ ، فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَابَتَهُمْ ، فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ ، لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ)(22)(قَالَ: فَكَأَنَّ عُمَرَ اسْتَرَاحَ إِلَى كَلامِ ابْنِ عَبَّاسٍ)(23)(فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، كَرِّرْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ، فَكَرَّرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ)(24)(فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرِضَاهُ ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنْ اللهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنْ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ ، مَنَّ بِهِ عَلَيَّ ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي ، فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَبًا ، لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللهِ عز وجل قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ)(25)(ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ)(26)(وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللهِ ، كَانَ لَكَ مِنْ الْقِدَمِ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ ، فَقَالَ: لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا ، لَا عَلَيَّ وَلَا لِي)(27)(فَلَمَّا أَدْبَرَ الشَّابٌّ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الْأَرْضَ ، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلَامَ ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي ارْفَعْ ثَوْبَكَ ، فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوْبِكَ ، وَأَتْقَى لِرَبِّكَ)(28) قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ: (ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ ، ثُمَّ أُذِنَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ، فَدَخَلْتُ فِيمَنْ دَخَلَ ، فَكَانَ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ ، أَثْنَوْا عَلَيْهِ وَبَكَوْا ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ - وَقَدْ عَصَبَ بَطْنَهُ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَالدَّمُ يَسِيلُ - فَقُلْنَا: أَوْصِنَا - وَمَا سَأَلَهُ الْوَصِيَّةَ أَحَدٌ غَيْرُنَا - فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُوهُ، فَقُلْنَا: أَوْصِنَا، فَقَالَ: أُوصِيكُمْ)(29)(وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ خَيْرًا ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ)(30)(فَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ ، وَيَقِلُّونَ)(31)(وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا)(32)(الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم)(33)(فَإِنَّهُمْ شِعْبُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَجِئَ إِلَيْهِ)(34)(أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ ، وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ خَيْرًا ، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ ، وَجُبَاةُ الْمَالِ ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ ، وَأَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ ، وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْرًا ، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ ، وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ)(35)(وَإِخْوَانُكُمْ ، وَعَدُوُّ عَدُوِّكُمْ)(36)(أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ ، وَيُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللهِ تَعَالَى)(37)(فَإِنَّهُمْ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ ، وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ)(38)(أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ)(39)(وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ)(40)(قُومُوا عَنِّي ، قَالَ: فَمَا زَادَنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ)(41)(قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَتْ: أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ؟، قُلْتُ: مَا كَانَ لِيَفْعَلَ، قَالَتْ: إِنَّهُ فَاعِلٌ، فَحَلَفْتُ أَنِّي أُكَلِّمُهُ فِي ذَلِكَ، فَسَكَتُّ حَتَّى غَدَوْتُ وَلَمْ أُكَلِّمْهُ، فَكُنْتُ كَأَنَّمَا أَحْمِلُ بِيَمِينِي جَبَلًا، حَتَّى رَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْ حَالِ النَّاسِ وَأَنَا أُخْبِرُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ مَقَالَةً ، فَآلَيْتُ أَنْ أَقُولَهَا لَكَ ، زَعَمُوا أَنَّكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ ، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَكَ رَاعِي إِبِلٍ أَوْ رَاعِي غَنَمٍ ، ثُمَّ جَاءَكَ وَتَرَكَهَا ، رَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ، فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ، قَالَ: فَوَافَقَهُ قَوْلِي، فَوَضَعَ رَأسَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيَّ)(42)(فَقَالَ: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا؟ ، لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ ، لَا عَلَيَّ وَلَا لِي ، فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ ، فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ ، فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي - رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (43) -) (44)(وَإِنَّ اللهَ عز وجل يَحْفَظُ دِينَهُ)(45)(وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ)(46)(فَسَمَّى: عُثْمَانَ ، وَعَلِيًّا ، وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ - كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ -)(47)(وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثًا)(48)(فَمَنْ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الْخَلِيفَةُ ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا)(49)(فَإِنْ أَصَابَتْ الْإِمْرَةُ سَعْدًا ، فَهُوَ ذَاكَ ، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ)(50)(وَأَمَرَ عُمَرُ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ)(51)(ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ، انْطَلِقْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ ، وَلَا تَقُلْ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا ، وَقُلْ: يَسْتَأذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ ، فَسَلَّمَ وَاسْتَأذَنَ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا ، فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي ، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ ، وَيَسْتَأذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي ، وَلَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي)(52) (قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَتْ: لَا
وَاللهِ لَا أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا) (53)(فَلَمَّا أَقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بْنَ عُمَرَ ، قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ ، فَقَالَ: ارْفَعُونِي ، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ ، فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ ، قَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَذِنَتْ ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ)(54)(مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي)(55)(ثُمَّ سَلِّمْ ، فَقُلْ: يَسْتَأذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي ، وَإِنْ رَدَّتْنِي ، فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَمَّا قُبِضَ خَرَجْنَا بِهِ فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي ، فَسَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: يَسْتَأذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَقَالَتْ: أَدْخِلُوهُ ، فَأُدْخِلَ فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ ، اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ ، وَقَالَ طَلْحَةُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عُثْمَانَ ، وَقَالَ: سَعْدٌ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ؟ ، وَاللهُ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ ، لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ؟ ، فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ؟ ، وَاللهُ عَلَيَّ أَنْ لَا آلُ عَنْ أَفْضَلِكُمْ؟ ، فَقَالَا: نَعَمْ ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا ، فَقَالَ: لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقَدَمُ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ ، فَاللهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ ، وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ؟ ، ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ ، فَبَايَعَهُ ، وَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ)(56).
(1) هي جمع الرَّحَى: وهي الأداة التي يُطحن بها، وهي حجران مستديران ، يوضع أحدهما على الآخر، ويدور الأعلى على قطب.
(2)
(يع) 2731، (حب) 6905، انظر صحيح موارد الظمآن: 1835، التعليقات الحسان: 6866 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.
(3)
(ك) 4512
(4)
(حب) 6905
(5)
(ك) 4512
(6)
أي: صَلَاةِ الْفجر.
(7)
(حب) 6905
(8)
(ك) 4512
(9)
(خ) 3497
(10)
أَيْ: ضَربَه. لسان العرب - (ج 1 / ص 190)
(11)
(حب) 6905
(12)
العِلْج: الرَّجُلَ من كُفار العَجم وغيرهم. النهاية في غريب الأثر (3/ 552)
(13)
(خ) 3497
(14)
(حم) 294 ، صححه الألباني في الإرواء: 1639 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(15)
(خ) 1228 ، (م) 19 - (927)
(16)
(حم) 294 ، (ت) 1002
(17)
(خ) 3497
(18)
(خ) 3497
(19)
(حم) 363 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(20)
(حم) 322 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(21)
(حب) 6905
(22)
(خ) 3489
(23)
تاريخ دمشق - (44/ 413)، (حب) 6905
(24)
(حب) 6905، (يع) 2731
(25)
(خ) 3489، (حم) 322
(26)
(حم) 363
(27)
(خ) 1328
(28)
(خ) 3497
(29)
(حم) 363
(30)
(خ) 1328
(31)
(حم) 363
(32)
(خ) 3497
(33)
(خ) 4606
(34)
(حم) 363
(35)
(خ) 3497
(36)
(حم) 363
(37)
(خ) 3497
(38)
(خ) 2991
(39)
(خ) 3497
(40)
(خ) 1328
(41)
(حم) 363
(42)
(م) 12 - (1823)، (حم) 332
(43)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بن عمر: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ. (م) 11 - (1823)
(44)
(م) 11 - (1823)، (خ) 6792، (د) 2939
(45)
(م) 12 - (1823)
(46)
(خ) 1328
(47)
(خ) 3497
(48)
(حب) 6905
(49)
(خ) 1328
(50)
(خ) 3497
(51)
(حب) 6905
(52)
(خ) 3497
(53)
(خ) 6897
(54)
(خ) 3497
(55)
(خ) 1328
(56)
(خ) 3497
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(وُضِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى سَرِيرِهِ ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ ، وَيُثْنُونَ ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ ، وَأَنَا فِيهِمْ ، قَالَ: فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِي (1) مِنْ وَرَائِي ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتُ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ ، وَايْمُ اللهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ ، وَذَاكَ) (2) (لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:) (3)(" جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ " ، فَإِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللهُ مَعَهُمَا)(4).
(1) المنكب: مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد.
(2)
(م) 14 - (2389)، (خ) 3482
(3)
(خ) 3474، (م) 14 - (2389)
(4)
(م) 14 - (2389)، (خ) 3482، (جة) 98، (حم) 898
(حم)، وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ مُسَجًّى بِثَوْبِهِ ، قَدْ قَضَى نَحْبَهُ ، فَجَاءَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْكَ أَبَا حَفْصٍ ، فَوَاللهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللهَ تَعَالَى بِصَحِيفَتِهِ مِنْكَ. (1)
(1)(حم) 867 ، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره.
(خ)، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمْ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ ، فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ ، فَفَزِعُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ ، حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ: لَا وَاللهِ مَا هِيَ قَدَمُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا هِيَ إِلَّا قَدَمُ عُمَرَ رضي الله عنه. (1)
(1)(خ) 1326
(خ)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حِينَ قُبِضَ ، كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. (1)
(1)(خ) 3484