الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خِلَافَتُهُ رضي الله عنه
-
(خ م)، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ ، " فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ "، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ؟ - كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ - فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأتِي أَبَا بَكْرٍ "(1)
(1)(خ) 3459، (م) 10 - (2386)، (ت) 3676
(د)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا اسْتُعِزَّ (1) بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، دَعَاهُ بِلَالٌ إِلَى الصَلَاةِ فَقَالَ:" مُرُوا مَنْ يُصَلِّي لِلنَّاسِ "، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ رضي الله عنه فِي النَّاسِ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه غَائِبًا ، فَقُلْتُ: يَا عُمَرُ ، قُمْ فَصَلِّ بِالنَّاسِ ، فَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ ، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ - وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مُجْهِرًا - قَالَ:" فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ ، يَأبَى اللهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ ، يَأبَى اللهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ ، لِيُصَلِّ لِلنَّاسِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ - يَقُولُ ذَلِكَ مُغْضَبًا - " ، فَبُعِثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَلَاةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. (2)
(1) أَيْ: اِشْتَدَّ بِهِ الْمَرَض. عون المعبود - (ج 10 / ص 177)
(2)
(د) 4660 ، (حم) 18926، انظر الصَّحِيحَة تحت حديث: 690
(خ م ت د جة حم)، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ:(دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: بَلَى)(1)(" أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها)(2)(وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ بِبَابِي ، مِمَّا يُلْقِي الْكَلِمَةَ يَنْفَعُ اللهُ عز وجل بِهَا فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ مَرَّ أَيْضًا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - " ، فَقُلْتُ: يَا جَارِيَةُ، ضَعِي لِي وِسَادَةً عَلَى الْبَابِ، وَعَصَبْتُ رَأسِي)(3)(" فَرَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جِنَازَةٍ بِالْبَقِيع (4)) (5)(فَمَرَّ بِي ")(6)(فَوَجَدَنِي أَقُولُ: وَارَأسَاهُ)(7)(فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، مَا شَأنُكِ؟ ")(8)(فَقُلْتُ: أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأسِي)(9)(فَقَالَ: " بَلْ أَنَا يَا عَائِشَةُ وَارَأسَاهُ ، ثُمَّ قَالَ: مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي؟، فَقُمْتُ عَلَيْكِ فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ)(10)(وَأَسْتَغْفِرَ لَكِ، وَأَدْعُوَ لَكِ)(11)(وَدَفَنْتُكِ؟ ")(12)(فَقُلْتُ لَهُ - غَيْرَى -:)(13)(وَاثُكْلِيَاهْ، وَاللهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي وَلَوْ)(14)(فَعَلْتُ ذَلِكَ ، لَقَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي ، فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ، قَالَتْ: " فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ)(15)(قَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ ، أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ)(16)(حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا)(17)(فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى)(18)(ثُمَّ قُلْتُ:)(19)(يَأبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ")(20)
المقطع 1.01
(1)(خ) 655، (م) 90 - (418)
(2)
(م) 91 - (418)
(3)
(حم) 25883 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(4)
الْبَقِيع: مَقْبَرَة الْمُسْلِمِينَ بالمدينة.
(5)
(حم) 25950 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث حسن.
(6)
(حم) 25883
(7)
(جة) 1465، (خ) 5342
(8)
(حم) 25883
(9)
(حم) 25950
(10)
(جة) 1465، (خ) 5342
(11)
(خ) 5342
(12)
(جة) 1465
(13)
(حم) 25156، انظر تلخيص أحكام الجنائز: 99
(14)
(خ) 5342
(15)
(حم) 25950، (مي) 80، (خ) 5342
(16)
(خ) 5342
(17)
(م) 11 - (2387)، (خ) 5342
(18)
(م) 11 - (2387)، (خ) 5342
(19)
(خ) 6791
(20)
(م) 11 - (2387)، (حم) 25156
(حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ ? قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: ائْتِنِي بِكَتِفٍ أَوْ لَوْحٍ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ "، فَلَمَّا ذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَقُومَ قَالَ:" أَبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أَنْ يُخْتَلَفَ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ "(1)
(1)(حم) 24245 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 24 ، الصَّحِيحَة: 690
(حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" قُبِضَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا، وَلَوْ كَانَ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا ، لَاسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ "(1)
(1)(حم) 24391 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(خ م س حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:(كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى - وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا (1) - إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ؟ ، يَقُولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ ، لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا (2) فَوَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً (3) فَتَمَّتْ ، فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي إِنْ شَاءَ اللهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ (4) قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ (5) فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً ، يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ (6) وَأَنْ لَا يَعُوهَا ، وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا (7) فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا ، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ، لَأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ) (8)(فَلَمَّا صَدَرَ عُمَرُ مِنْ مِنًى ، أَنَاخَ بِالْأَبْطَحِ ، ثُمَّ كَوَّمَ كَوْمَةَ بَطْحَاءَ ، ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي ، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ وَلَا مُفَرِّطٍ)(9)(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عُقْبِ ذِي الْحَجَّةِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ ، فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه جَالِسًا إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلًا قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ: لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ ، فَأَنْكَرَ عَلَيَّ وَقَالَ: مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ (10)؟ ، فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ ، قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً ، قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا ، فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا ، فلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ) (11)(إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ ، وَإِنِّي لَا أُرَاهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي)(12)(فَقَصَصْتُهَا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما فَقَالَتْ: يَقْتُلُكَ رَجُلٌ مِنْ الْعَجَمِ)(13)(وَإِنَّ أَقْوَامًا يَأمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ ، وَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَلَا خِلَافَتَهُ ، وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ ، فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ (14) الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ) (15)(فَمَنْ بَايَعْتُمْ مِنْهُمْ ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا)(16)(وَإِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَقْوَامًا مِنْكُمْ يَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ)(17)(أَنَا قَاتَلْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ)(18)(فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ ، فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللهِ ، الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ (19)) (20)(فلَا يَغْتَرَّنَّ امْرُؤٌ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ ، أَلَا وَإِنَّهَا (21) قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّ اللهَ وَقَى شَرَّهَا (22) وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الْأَعْنَاقُ إِلَيْهِ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ (23) مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، فلَا يُبَايَعُ هُوَ ، وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا (24) وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْأَنْصَارَ خَالَفُونَا (25) وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، وَخَالَفَ عَنَّا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا (26) وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ (27) فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ (28) فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ ، لَقِيَنَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ) (29)(شَهِدَا بَدْرًا (30)) (31)(فَذَكَرَا مَا تَمَالْأَ (32) عَلَيْهِ الْقَوْمُ ، فَقَالَا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ ، اقْضُوا أَمْرَكُمْ (33) فَقُلْتُ: وَاللهِ لَنَأتِيَنَّهُمْ ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ (34) بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ (35) فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟، فَقَالُوا: هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ ، قَالُوا: يُوعَكُ ، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا ، تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ ، وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ (36) وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ (37) وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ (38) فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا (39) مِنْ أَصْلِنَا (40) وَأَنْ يَحْضُنُونَا (41) مِنْ الْأَمْرِ (42) فَلَمَّا سَكَتَ ، أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ - وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ (43) مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ ، وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ - فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ (44) فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ، فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ ، وَاللهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ، فَقَالَ: مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ ، فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ) (45)(فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أُنْزِلَ فِي الْأَنْصَارِ ، وَلَا ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ شَأنِهِمْ إِلَّا وَذَكَرَهُ ، وَقَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا ، وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ وَادِيًا ، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: " قُرَيْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ ")(46)(وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا)(47)(فَنَحْنُ الْأُمَرَاءُ ، وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ)(48)(فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ ، نَحْنُ الْوُزَرَاءُ ، وَأَنْتُمْ الْأُمَرَاءُ)(49)(قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ - وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا - فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا ، وَوَاللهِ لَقَدْ كَانَ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي ، لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ ، أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُسَوِّلَ إِلَيَّ نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لَا أَجِدُهُ الْآنَ)(50)(فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَاللهِ لَا نَفْعَلُ ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ)(51)(يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ (52)) (53)(فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا ، وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ ، وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا ، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا)(54)(فَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ ، حَتَّى فَرِقْتُ (55) مِنْ الِاخْتِلَافِ) (56)(فَتَشَهَّدْتُ فَقُلْتُ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَدْبُرَنَا (57) فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ (58) كَمَا هَدَى اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَانِيَ اثْنَيْنِ ، فَإِنَّهُ أَوْلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ) (59)(أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ؟ ، فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ ، فَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ)(60)(فَقُلْتُ: فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ)(61)(ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الْأَنْصَارُ ، وَنَزَوْنَا (62) عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، قَالَ عُمَرُ: وَإِنَّا وَاللهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ ، أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلًا مِنْهُمْ بَعْدَنَا ، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى ، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ) (63) وفي رواية:(فَتَكُونَ فِتْنَةٌ تَكُونُ بَعْدَهَا رِدَّةٌ)(64)(وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ (65) قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِأَبِي بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ: اصْعَدْ الْمِنْبَرَ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ) (66)(فَتَشَهَّدَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، فَاخْتَارَ اللهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي عِنْدَهُ عَلَى الَّذِي عِنْدَكُمْ ، وَهَذَا الْكِتَابُ الَّذِي هَدَى اللهُ بِهِ رَسُولَكُمْ ، فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا ، وَإِنَّمَا هَدَى اللهُ بِهِ رَسُولَهُ)(67)(فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً)(68)(قَالَ عُمَرُ: فَمَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، فلَا يُتَابَعُ هُوَ ، وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ ، تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا)(69).
(1) كَانَ ذَلِكَ سَنَة ثَلَاث وَعِشْرِينَ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(2)
هُوَ طَلْحَة بْن عُبَيْد الله. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(3)
أَيْ: فَجْأَة، وَجَاءَ عَنْ سَحْنُون عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولهَا بِضَمِّ الْفَاء وَيُفَسِّرهَا بِانْفِلَاتِ الشَّيْء مِنْ الشَّيْء وَيَقُول: إِنَّ الْفَتْح غَلَط ، وَإِنَّهُ إِنَّمَا يُقَال فِيمَا يُنْدَم عَلَيْهِ وَبَيْعَة أَبِي بَكْر مِمَّا لَا يَنْدَم عَلَيْهِ أَحَد، وَتُعُقِّبَ بِثُبُوتِ الرِّوَايَة بِفَتْحِ الْفَاء ، وَلَا يَلْزَم مِنْ وُقُوع الشَّيْء بَغْتَة أَنْ يَنْدَم عَلَيْهِ كُلّ أَحَد ، بَلْ يُمْكِن النَّدَم عَلَيْهِ مِنْ بَعْض دُون بَعْض، وَإِنَّمَا أَطْلَقُوا عَلَى بَيْعَة أَبِي بَكْر ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرهَا فِي الْحَال الْأَوَّل. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(4)
الْمُرَاد أَنَّهُمْ يَثْبُتُونَ عَلَى الْأَمْر بِغَيْرِ عَهْد وَلَا مُشَاوَرَة، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْد عَلِيّ وِفْق مَا حَذَّرَهُ عُمَر رضي الله عنه.فتح الباري
(5)
الرَّعَاع بِفَتْحِ الرَّاء: الْجَهَلَة الرُّذَلَاء، وَالْغَوْغَاء: أَصْله صِغَار الْجَرَاد حِين يَبْدَأ فِي الطَّيَرَان، وَيُطْلَق عَلَى السِّفْلَة الْمُسْرِعِينَ إِلَى الشَّرّ. فتح الباري (ج19ص257)
(6)
أَيْ: ينقلوها عنك.
(7)
أَيْ: يَحْمِلُونَهَا عَلَى غَيْر وَجْههَا، وَلَا يَعْرِفُونَ الْمُرَاد بِهَا. فتح (ج19ص257)
(8)
(خ) 6442
(9)
(ط) 1506، (ك) 4513
(10)
أَرَادَ اِبْن عَبَّاس أَنْ يُنَبِّه سَعِيدًا ، مُعْتَمِدًا عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ عَبْد الرَّحْمَن ، لِيَكُونَ عَلَى يَقَظَة ، فَيُلْقِيَ بَاله لِمَا يَقُولهُ عُمَر ، فَلَمْ يَقَع ذَلِكَ مِنْ سَعِيد مَوْقِعًا ، بَلْ أَنْكَرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَم بِمَا سَبَقَ لِعُمَر ، وَعَلَى بِنَاء أَنَّ الْأُمُور اِسْتَقَرَّتْ. فتح (19/ 257)
(11)
(خ) 6442
(12)
(م) 78 - (567)
(13)
(حم) 89 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(14)
مَعْنَى (شُورَى) أَيْ: يَتَشَاوَرُونَ فِيهِ ، وَيَتَّفِقُونَ عَلَى وَاحِد مِنْ هَؤُلَاءِ السِّتَّة: عُثْمَان ، وَعَلِيّ ، وَطَلْحَة ، وَالزُّبَيْر وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَلَمْ يُدْخِل سَعِيد بْن زَيْد مَعَهُمْ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَشَرَة؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقَارِبه، فَتَوَرَّعَ عَنْ إِدْخَاله ، كَمَا تَوَرَّعَ عَنْ إِدْخَال اِبْنه عَبْد الله رضي الله عنهم.شرح النووي (ج2 / ص 332)
(15)
(م) 78 - (567)
(16)
(حم) 89
(17)
(م) 78 - (567)
(18)
(حم) 89، (م) 78 - (567)
(19)
مَعْنَاهُ: إِنْ اِسْتَحَلُّوا ذَلِكَ ، فَهُمْ كَفَرَة ضُلَّال، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلُّوا ذَلِكَ ، فَفِعْلهمْ فِعْل الْكَفَرَة. شرح النووي (ج2 / ص 332)
(20)
(م) 78 - (567)، (حم) 89
(21)
أَيْ: بَيْعَة أَبِي بَكْر. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(22)
قَوْله: (وَلَكِنَّ الله وَقَى شَرّهَا) إِيمَاءٌ إِلَى التَّحْذِير مِنْ الْوُقُوع فِي مِثْل ذَلِكَ ، حَيْثُ لَا يُؤْمَن مِنْ الْعَجَلَة غَالِبًا وُقُوع الشَّرّ وَالِاخْتِلَاف، لِأَنَّ مِنْ الْعَادَة أَنَّ مَنْ لَمْ يَطَّلِع عَلَى الْحِكْمَة فِي الشَّيْء الَّذِي يُفْعَل بَغْتَة لَا يَرْضَاهُ، وَقَدْ بَيَّنَ عُمَرُ سَبَب إِسْرَاعهمْ بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْر ، لَمَّا خَشَوْا أَنْ يُبَايِع الْأَنْصَارُ سَعْد بْن عُبَادَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: عَاجَلُوا بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْر ، خِيفَة اِنْتِشَار الْأَمْر ، وَأَنْ يَتَعَلَّق بِهِ مَنْ لَا يَسْتَحِقّهُ ، فَيَقَعَ الشَّرّ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(23)
يُرِيد أَنَّ السَّابِق مِنْكُمْ الَّذِي لَا يُلْحَق فِي الْفَضْل ، لَا يَصِل إِلَى مَنْزِلَة أَبِي بَكْر، فَلَا يَطْمَع أَحَد أَنْ يَقَع لَهُ مِثْل مَا وَقَعَ لِأَبِي بَكْر مِنْ الْمُبَايَعَة لَهُ أَوَّلًا فِي الْمَلَأ الْيَسِير ، ثُمَّ اِجْتِمَاع النَّاس عَلَيْهِ ، وَعَدَم اِخْتِلَافهمْ عَلَيْهِ ، لَمَّا تَحَقَّقُوا مِنْ اِسْتِحْقَاقه فَلَمْ يَحْتَاجُوا فِي أَمْره إِلَى نَظَر وَلَا إِلَى مُشَاوَرَة أُخْرَى، وَلَيْسَ غَيْره فِي ذَلِكَ مِثْله وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى التَّحْذِير مِنْ الْمُسَارَعَة إِلَى مِثْل ذَلِكَ ، حَيْثُ لَا يَكُون هُنَاكَ مِثْل أَبِي بَكْر ، لِمَا اِجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ الصِّفَات الْمَحْمُودَة مِنْ قِيَامه فِي أَمْر الله، وَلِين جَانِبه لِلْمُسْلِمِينَ، وَحُسْن خُلُقه، وَمَعْرِفَته بِالسِّيَاسَةِ، وَوَرَعه التَّامّ ، مِمَّنْ لَا يُوجَد فِيهِ مِثْل صِفَاته ، لَا يُؤْمَن مِنْ مُبَايَعَته عَنْ غَيْر مَشُورَة ، الِاخْتِلَافُ الَّذِي يَنْشَأ عَنْهُ الشَّرّ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ " تُقْطَع الْأَعْنَاق " لِكَوْنِ النَّاظِر إِلَى السَّابِق تَمْتَدّ عُنُقُهُ لِيَنْظُر، فَإِذَا لَمْ يَحْصُل مَقْصُوده مِنْ سَبْق مَنْ يُرِيد سَبْقه ، قِيلَ: اِنْقَطَعَتْ عُنُقه، أَوْ لِأَنَّ الْمُتَسَابِقَيْنِ تَمْتَدّ إِلَى رُؤْيَتهمَا الْأَعْنَاق ، حَتَّى يَغِيب السَّابِق عَنْ النَّظَر، فَعَبَّرَ عَنْ اِمْتِنَاع نَظَره بِانْقِطَاعِ عُنُقه، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي مَعْشَر الْمَذْكُورَة:" وَمِنْ أَيْنَ لَنَا مِثْل أَبِي بَكْر تُمَدُّ أَعْنَاقُنَا إِلَيْهِ ".فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(24)
أَيْ: حَذَرًا مِنْ الْقَتْل، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، فَقَدْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَبِصَاحِبِهِ وَعَرَّضَهُمَا لِلْقَتْلِ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(25)
أَيْ: لَمْ يَجْتَمِعُوا مَعَنَا فِي مَنْزِل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(26)
فِي رِوَايَة مَالِك وَمَعْمَر " وَأَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْر وَمَنْ كَانَ مَعَهُمَا ، تَخَلَّفُوا فِي بَيْت فَاطِمَة بِنْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(27)
زَادَ فِي رِوَايَة جُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِك " فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَنْزِل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا بِرَجُلٍ يُنَادِي مِنْ وَرَاء الْجِدَار: اُخْرُجْ إِلَيَّ يَا اِبْن الْخَطَّاب، فَقُلْت إِلَيْك عَنِّي فَإِنِّي مَشْغُول، قَالَ: اُخْرُجْ إِلَيَّ ، فَإِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، إِنَّ الْأَنْصَار اِجْتَمَعُوا ، فَأَدْرِكُوهُمْ قَبْل أَنْ يُحْدِثُوا أَمْرًا يَكُون بَيْنكُمْ فِيهِ حَرْبٌ، فَقُلْت لِأَبِي بَكْر: اِنْطَلِقْ ".فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(28)
زَادَ جُوَيْرِيَةُ " فَلَقِيَنَا أَبُو عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْر بِيَدِهِ ، يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنه ".فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(29)
(خ) 6442
(30)
هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ ، وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ. (خ) 3796
(31)
(خ) 3796
(32)
(تَمَالْأَ) أَيْ: اِتَّفَقَ، وَفِي رِوَايَة مَالِك " الَّذِي صَنَعَ الْقَوْم ، أَيْ: مِنْ اِتِّفَاقهمْ عَلَى أَنْ يُبَايِعُوا لِسَعْدِ بْن عُبَادَةَ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(33)
فِي رِوَايَة سُفْيَان: " امْهَلُوا حَتَّى تَقْضُوا أَمْركُمْ) وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَنْصَار كُلّهَا لَمْ تَجْتَمِع عَلَى سَعْد بْن عُبَادَةَ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(34)
(مُزَمَّلٌ) أَيْ: مُلَفَّف.
(35)
أَيْ: فِي وَسَطهمْ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(36)
الْكَتِيبَة: هِيَ الْجَيْش الْمُجْتَمِع الَّذِي لَا يَتَقَشَّر، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ مُبَالَغَة ، كَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ مُجْتَمَع الْإِسْلَام. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(37)
أَيْ: قَلِيل، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَال لِلْعَشَرَةِ فَمَا دُونهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَة الرَّهْط ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ عَلَيْهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ ، أَيْ: أَنْتُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا قَلِيل، لِأَنَّ عَدَد الْأَنْصَار فِي الْمَوَاطِن النَّبَوِيَّة الَّتِي ضُبِطَتْ ، كَانُوا دَائِمًا أَكْثَرَ مِنْ عَدَد الْمُهَاجِرِينَ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْمُهَاجِرِينَ ، مَنْ كَانَ مُسْلِمًا قَبْل فَتْح مَكَّة وَهُوَ الْمُعْتَمَد، وَإِلَّا فَلَوْ أُرِيدَ عُمُوم مَنْ كَانَ مِنْ غَيْر الْأَنْصَار ، لَكَانُوا أَضْعَاف أَضْعَاف الْأَنْصَار. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(38)
(دَافَّةٌ) أَيْ: عَدَد قَلِيل، وَأَصْلُه مِنْ الدَّفِّ ، وَهُوَ السَّيْر الْبَطِيء فِي جَمَاعَة ، يُرِيد أَنَّكُمْ قَوْم طُرَأَة غُرَبَاء ، أَقْبَلْتُمْ مِنْ مَكَّة إِلَيْنَا ، ثُمَّ أَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْتَأثِرُوا عَلَيْنَا. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(39)
أَيْ: يَقْتَطِعُونَا عَنْ الْأَمْر وَيَنْفَرِدُوا بِهِ دُوننَا. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(40)
الْمُرَاد هُنَا بِالْأَصْلِ: مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ الْأَمْر. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(41)
يُقَال: حَضَنَهُ وَاحْتَضَنَهُ عَنْ الْأَمْر: أَخْرَجَهُ فِي نَاحِيَة عَنْهُ ، وَاسْتَبَدَّ بِهِ ، أَوْ حَبَسَهُ عَنْهُ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(42)
حَاصِل مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامه ، أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ طَائِفَة مِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَرَادُوا أَنْ يَمْنَعُوا الْأَنْصَار مِنْ أَمْر تَعْتَقِد الْأَنْصَار أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَهُ ، وَإِنَّمَا عَرَّضَ بِذَلِكَ بِأَبِي بَكْر وَعُمَر ، وَمَنْ حَضَرَ مَعَهُمَا. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(43)
أَيْ: هَيَّأتُ وَحَسَّنْت. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(44)
أَيْ: عَلَى مَهَلِكَ بِفَتْحَتَيْنِ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(45)
(خ) 6442
(46)
(حم) 18، انظر الصَّحِيحَة: 1156
(47)
(خ) 6442
(48)
(خ) 3467
(49)
(حم) 18
(50)
(خ) 6442
(51)
(خ) 3467
(52)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحَامِل لِلْقَائِلِ " مِنَّا أَمِير وَمِنْكُمْ أَمِير " أَنَّ الْعَرَب لَمْ تَكُنْ تَعْرِف السِّيَادَة عَلَى قَوْم إِلَّا لِمَنْ يَكُون مِنْهُمْ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَبْلُغهُ حُكْم الْإِمَارَة فِي الْإِسْلَام ، وَاخْتِصَاص ذَلِكَ بِقُرَيْشٍ ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ، أَمْسَكَ عَنْ قَوْله ، وَبَايَعَ هُوَ وَقَوْمه أَبَا بَكْرٍ. فتح الباري (ج 19 / ص 257)
(53)
(خ) 6442
(54)
(خ) 3467
(55)
أَيْ: خِفْت.
(56)
(خ) 6442
(57)
يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ وَفَاةً.
(58)
يَعْنِي " الْقُرْآن " وَوَقَعَ بَيَانه فِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ فِي أَوَائِل الِاعْتِصَام بِلَفْظِ " وَهَذَا الْكِتَاب الَّذِي هَدَى الله بِهِ رَسُولكُمْ فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا كَمَا هَدَى الله بِهِ رَسُوله صلى الله عليه وسلم " فتح الباري (ج 20 / ص 263)
(59)
(خ) 6793
(60)
(س) 777، (حم) 133، حسنه الألباني في ظلال الجنة: 1159
(61)
(خ) 6793
(62)
أَيْ: وثبنا.
(63)
(خ) 6442
(64)
هذه الجملة قالها أبو بكر ، وليس عمر ، رواها (حم) 42 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده جيد.
(65)
أَيْ: فِي الْيَوْم الْمَذْكُور، وَهُوَ صَبِيحَة الْيَوْم الَّذِي بُويِعَ فِيهِ فِي سَقِيفَة بَنِي سَاعِدَةَ. فتح الباري (ج 20 / ص 263)
(66)
(خ) 6793
(67)
(خ) 6841
(68)
(خ) 6793
(69)
(خ) 6442
(ت)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَلَسْتُ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ؟ ، أَلَسْتُ صَاحِبَ كَذَا؟. (1)
(1)(ت) 3667، (حب) 6863، صححه الألباني في صحيح السيرة ص120 وقال: وقد ثبت في (صحيح البخاري) ، عَنْ أبي الدرداء في حديث ما كان بين أبي بكر وعمرب من الخصومة ، وفيه:(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ)(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ " ، قَالَ: فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا)، وهذا كالنص على أنه أول من أسلم رضي الله عنه.
وثبت في (صحيح البخاري)، عَنْ عمار بن ياسر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إِلَّا خمسة أعبُد وامرأتان وأبو بكر. أ. هـ
(حم)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ خُطَبَاءُ الْأَنْصَارِ ، فَجَعَلَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْكُمْ ، قَرَنَ مَعَهُ رَجُلًا مِنَّا " فَنَرَى أَنْ يَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ رَجُلَانِ ، أَحَدُهُمَا مِنْكُمْ ، وَالْآخَرُ مِنَّا ، قَالَ: فَتَتَابَعَتْ خُطَبَاءُ الْأَنْصَارِ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه فَقَالَ:" إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ " ، وَإِنَّمَا الْإِمَامُ يَكُونُ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ ، وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ ، كَمَا كُنَّا أَنْصَارَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ: جَزَاكُمْ اللهُ خَيْرًا مِنْ حَيٍّ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، وَثَبَّتَ قَائِلَكُمْ ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْ فَعَلْتُمْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمَا صَالَحْنَاكُمْ. (1)
(1)(حم) 21657، (ش) 37040 ، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
قلت: والله ما أظن أبا بكر قال هذا الكلام حرصا منه على الإمارة ، وإنما تنفيذا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن " الخلافة لَا تكون إِلَّا في قريش ، ما كان في الناس اثنان " ، وكما فعل رضي الله عنه مع فاطمة) بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله عليه وآله وسلم رضي الله عنهم سدد خطاكم رضي الله عنها رضي الله عنها صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم صلى الله عليه وسلم سدد خطاكم) عندما طلبت منه ميراث أبيها ، فقال لها: لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنا معشر الأنبياء لا نُورَث ، وكما فعل رضي الله عنه مع المرتدين ، حين قال له عمر: كيف تقاتل الناس .. فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. وكما فعل رضي الله عنه ببعث أسامة ، حيث قام بإنفاذ البعث ، ورفض أن يَحُلَّ لواءً عقده النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه كان في أمسِّ الحاجة لجيش أسامة ، من أجل محاربة المرتدين ، فهو رضي الله عنه البارُّ الراشد ، قد زهد في الدنيا وما فيها ، ودفع ماله كله في سبيل الله ، فلا يظنن بعد هذا ظانٌّ أنه رضي الله عنه إنما أراد الشرف والملك ، ولو أراد ذلك ، لاستخلف ولده عبد الرحمن بن أبي بكر من بعده ، لكنه لم يفعل ، بل أعطى الخلافة لمن يستحقها ، ولمن هو أقدر على تسيير أمور المسلمين ، وإدارة شئون الدولة الناشئة الحديثة العهد ، التي يحيط بها أعداؤها من كل جانب ، ويتربصون بها الدوائر. ع
(خ م ت حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه)(1)(جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ)(2)(تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ (3) وَفَدَكٍ (4) وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ) (5)(فَقَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ يَرِثُكَ؟ ، قَالَ: أَهْلِي وَوَلَدِي ، قَالَتْ: فَمَا لِي لَا أَرِثُ أَبِي؟ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:)(6)(" إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ)(7)(لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي (8) فَهُوَ صَدَقَةٌ) (9)(إِنَّمَا يَأكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَالِ - يَعْنِي: مَالَ اللهِ - لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأكَلِ ")(10)(فَقَالَتْ فَاطِمَةُ لِأَبِي بَكْرٍ: فَأَيْنَ سَهْمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ عز وجل إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً (11) ثُمَّ قَبَضَهُ ، فَهِيَ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ (12) " ، فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) (13)(وَإِنِّي وَاللهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)(14)(فَأَعُولُ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُولُهُ ، وَأُنْفِقُ عَلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلَيْهِ)(15)(فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ (16)) (17)(وَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا)(18)(فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: فَأَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمُ)(19)(وَغَضِبَتْ)(20)(عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ (21) وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ) (22)(لَمْ يُؤْذِنْ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِهَا أَبَا بَكْرٍ ، وَصَلَّى عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَدَفَنَهَا لَيْلًا (23) وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ وَجْهٌ فِي حَيَاةِ فَاطِمَةَ (24) فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ بَايِعَ تِلْكَ الْأَشْهُرَ (25) فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ ائْتِنَا ، وَلَا يَأتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ - كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه (26) - فَقَالَ عُمَرُ: لَا وَاللهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ (27) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي؟ ، وَاللهِ لآتِيَنَّهُمْ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ (28) وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ (29) وَكُنَّا نَرَى) (30)(لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا (31) مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (32) فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ ، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصِلَ قَرَابَتِي وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (33) مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ (34) فَلَمْ آلُ (35) فِيهَا عَنْ الْحَقِّ ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ (36) لِلْبَيْعَةِ ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرَ ، رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ (37) فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنْ الْبَيْعَةِ ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَلَا إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ ، وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ نَصِيبًا ، فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ ، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا ، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ ، فَكَانَ النَّاسُ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا (38) حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ) (39).
الشرح (40)
(1)(حم) 77 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(2)
(ت) 1608 ، (م) 1759
(3)
أَيْ: مِنْ أَمْوَال بَنِي النَّضِير كَالنَّخْلِ ، وَكَانَتْ قَرِيبَة مِنْ الْمَدِينَة. عون المعبود (ج 6 / ص 449)
(4)
فَدَك: بَلَدٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاث مَرَاحِلَ، وَكَانَ مِنْ شَأنِهَا مَا ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي قَاطِبَةً أَنَّ أَهْل فَدَكَ كَانُوا مِنْ يَهُود، فَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَر أَرْسَلَ أَهْلُ فَدَكَ يَطْلُبُونَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْأَمَانَ ، عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا الْبَلَدَ وَيَرْحَلُوا.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ اِبْن إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيِّ وَغَيْره قَالُوا: " بَقِيَتْ بَقِيَّة مِنْ خَيْبَرَ تَحَصَّنُوا، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُسَيِّرَهُمْ فَفَعَلَ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَهْل فَدَكَ فَنَزَلُوا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّة ".فتح (9/ 345)
(5)
(خ) 3998 ، (م) 1759
(6)
(ت) 1608
(7)
(حم) 9973 ، (خ) 3508 ، وقال الأرناءوط: إسناده صحيح.
(8)
قِيلَ: هُوَ الْقَائِمُ عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَات، وَالنَّاظِرُ فِيهَا، وَقِيلَ: كُلُّ عَامِل لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ خَلِيفَةٍ وَغَيْره؛ لِأَنَّهُ عَامِلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَائِبٌ عَنْهُ فِي أُمَّته.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض فِي تَفْسِير صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَذْكُورَة فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث ، قَالَ: صَارَتْ إِلَيْهِ بِثَلَاثَةِ حُقُوق: أَحَدُهَا: مَا وُهِبَ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ وَصِيَّةُ مُخَيْرِيق الْيَهُودِيّ لَهُ عِنْد إِسْلَامِهِ يَوْم أُحُد، وَكَانَتْ سَبْعَ حَوَائِطَ فِي بَنِي النَّضِير، وَمَا أَعْطَاهُ الْأَنْصَارُ مِنْ أَرْضِهِمْ ، وَهُوَ مَا لَا يَبْلُغهُ الْمَاء، وَكَانَ هَذَا مِلْكًا لَهُ صلى الله عليه وسلم. الثَّانِي: حَقُّهُ مِنْ الْفَيْءِ مِنْ أَرْضِ بَنِي النَّضِير حِين أَجْلَاهُمْ ، كَانَتْ لَهُ خَاصَّة، لِأَنَّهَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَاب، وَأَمَّا مَنْقُولَاتُ بَنِي النَّضِير ، فَحَمَلُوا مِنْهَا مَا حَمَلَتْهُ الْإِبِلُ غَيْرَ السِّلَاحِ كَمَا صَالَحَهُمْ، ثُمَّ قَسَمَ صلى الله عليه وسلم الْبَاقِي بَيْن الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ الْأَرْضُ لِنَفْسِهِ، وَيُخْرِجُهَا فِي نَوَائِب الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ نِصْفُ أَرْضِ فَدَك، صَالَحَ أَهْلهَا بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ أَرْضهَا، وَكَانَ خَالِصًا لَهُ، وَكَذَلِكَ ثُلُثُ أَرْضِ وَادِي الْقُرَى، أَخَذَهُ فِي الصُّلْحِ حِين صَالَحَ أَهْلُهَا الْيَهُود. وَكَذَلِكَ حِصْنَانِ مِنْ حُصُونِ خَيْبَر، وَهُمَا الْوَطِيخ ، وَالسَّلَالِم، أَخَذَهُمَا صُلْحًا. الثَّالِث: سَهْمُهُ مِنْ خُمُسِ خَيْبَر، وَمَا افْتَتَحَ فِيهَا عَنْوَة ، فَكَانَتْ هَذِهِ كُلُّهَا مِلْكًا لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم خَاصَّة ، لَا حَقَّ فِيهَا لِأَحَدٍ غَيْره، لَكِنْ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَسْتَأثِرُ بِهَا ، بَلْ يُنْفِقهَا عَلَى أَهْلِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَلِلْمَصَالِحِ الْعَامَّة، وَكُلُّ هَذِهِ صَدَقَاتٌ مُحَرَّمَاتُ التَّمَلُّكِ بَعْدَه. شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 211)
(9)
(خ) 2624 ، (حم) 9982
(10)
(خ) 3508 ، (م) 1759
(11)
أَيْ: مَأكَلَة، وَالْمُرَاد الْفَيْء وَنَحْوه. عون المعبود - (ج 6 / ص 452)
(12)
أَيْ: بِالْخِلَافَةِ ، أَيْ يَعْمَل فِيهَا مَا كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَعْمَل ، لَا أَنَّهَا تَكُون لَهُ مِلْكًا. عون المعبود - (ج 6 / ص 452)
(13)
(حم) 14 ، (د) 2973
(14)
(خ) 3998 ، (م) 1759
(15)
(ت) 1608
(16)
الزيغ: البعد عن الحق، والميل عن الاستقامة.
(17)
(خ) 2926 ، (م) 1759
(18)
(خ) 3998 ، (م) 1759
(19)
(حم) 14
(20)
(خ) 2926
(21)
قال الألباني في الإرواء: ج5 ص77 ح1241: قال الحافظ ابن كثير في " تاريخه "(5/ 289): " فَفِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ، وَلَعَلَّهُ روي بمعنى ما فهمه بعض الرواة، وفيهم مَنْ فِيهِ تَشَيُّعٌ ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ.
وَأَحْسَنُ مَا فِيهِ قَوْلُهَا: " أَنْتَ وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " ، وَهَذَا هُوَ الصواب والمظنون بِهَا، وَاللَّائِقُ بِأَمْرِهَا وَسِيَادَتِهَا وَعِلْمِهَا وَدِينِهَا) بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله عليه وآله وسلم رضي الله عنهم سدد خطاكم رضي الله عنها رضي الله عنها صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم صلى الله عليه وسلم سدد خطاكم).
وَكَأَنَّهَا سَأَلَتْهُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَجْعَلَ زَوْجَهَا نَاظِرًا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَةِ ، فَلَمْ يُجِبْهَا إِلَى ذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، فَتَعَتَّبَتْ عَلَيْهِ بسبب ذلك ، وهي امرأة من بنات آدَمَ ، تَأسَفُ كَمَا يَأسَفُونَ ، وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةِ الْعِصْمَةِ ، مَعَ وُجُودِ نَصِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمُخَالَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ أنه تَرَضَّا فَاطِمَةَ وَتَلَايَنَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَرَضِيَتْ) بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله عليه وآله وسلم رضي الله عنهم سدد خطاكم رضي الله عنها رضي الله عنها صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم صلى الله عليه وسلم سدد خطاكم) ". أ. هـ
(22)
(خ) 3998 ، (م) 1759
(23)
كَانَ ذَلِكَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا لِإِرَادَةِ الزِّيَادَةِ فِي التَّسَتُّرِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يُعْلِمْ أَبَا بَكْر بِمَوْتِهَا لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَنْهُ. فتح الباري (ج 12 / ص 55)
(24)
أَيْ: كَانَ النَّاس يَحْتَرِمُونَهُ إِكْرَامًا لِفَاطِمَة، فَلَمَّا مَاتَتْ وَاسْتَمَرَّ عَلَى عَدَمِ الْحُضُورِ عِنْدَ أَبِي بَكْر ، قَصَرَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ الِاحْتِرَامِ ، لِإِرَادَةِ دُخُولِهِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ:" لَمَّا جَاءَ وَبَايَعَ كَانَ النَّاس قَرِيبًا إِلَيْهِ حِين رَاجَعَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ " ، وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْذِرُونَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ أَبِي بَكْر فِي مُدَّةِ حَيَاةِ فَاطِمَةَ ، لِشَغْلِهِ بِهَا ، وَتَمْرِيضِهَا ، وَتَسْلِيَتِهَا عَمَّا هِيَ فِيهِ مِنْ الْحُزْنِ عَلَى أَبِيهَا صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا لَمَّا غَضِبَتْ مِنْ رَدِّ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهَا فِيمَا سَأَلَتْهُ مِنْ الْمِيرَاثِ ، رَأَى عَلِيٌّ أَنْ يُوَافِقَهَا فِي الِانْقِطَاعِ عَنْهُ. فتح الباري (12/ 55)
(25)
قَالَ الْمَازِرِيّ: الْعُذْرُ لِعَلِيٍّ فِي تَخَلُّفِهِ مَعَ مَا اِعْتَذَرَ هُوَ بِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي بَيْعَةِ الْإِمَامِ أَنْ يَقَعَ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ ، وَلَا يَجِب الِاسْتِيعَاب، وَلَا يَلْزَمُ كُلُّ أَحَدٍ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ ، وَيَضَع يَدَهُ فِي يَدِهِ، بَلْ يَكْفِي اِلْتِزَامُ طَاعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لَهُ ، بِأَنْ لَا يُخَالِفَهُ ، وَلَا يَشُقَّ الْعَصَا عَلَيْهِ، وَهَذَا كَانَ حَالُ عَلِيٍّ ، لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إِلَّا التَّأَخُّرُ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ أَبِي بَكْر، وَقَدْ ذَكَرْتُ سَبَبَ ذَلِكَ. فتح الباري (12/ 55)
(26)
وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ مَا أَلِفُوهُ مِنْ قُوَّةِ عُمَرَ وَصَلَابَتِهِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَكَانَ أَبُو بَكْر رَقِيقًا لَيِّنًا، فَكَأَنَّهُمْ خَشَوا مِنْ حُضُورِ عُمَرَ كَثْرَةَ الْمُعَاتَبَةِ الَّتِي قَدْ تُفْضِي إِلَى خِلَافِ مَا قَصَدُوهُ مِنْ الْمُصَافَاةِ. فتح الباري (ج 12 / ص 55)
(27)
أَيْ: لِئَلَّا يَتْرُكُوا مِنْ تَعْظِيمك مَا يَجِب لَك. فتح الباري (ج 12 / ص 55)
(28)
أَيْ: لَمْ نَحْسُدْك عَلَى الْخِلَافَة. (فتح) - (ج 12 / ص 55)
(29)
أَيْ: لَمْ تُشَاوِرْنَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ الْخِلَافَةُ. فتح الباري (ج 12 / ص 55)
(30)
(خ) 3998 ، 3508 ، (م) 1759
(31)
أَيْ: لِأَجْلِ قَرَابَتنَا. فتح الباري (ج 12 / ص 55)
(32)
قَالَ الْمَازِرِيّ: وَلَعَلَّ عَلِيًّا أَشَارَ إِلَى أَنَّ أَبَا بَكْر اِسْتَبَدَّ عَلَيْهِ بِأُمُورٍ عِظَامٍ كَانَ مِثْلُهُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَهُ فِيهَا وَيُشَاوِرَهُ، أَوْ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَشِرْهُ فِي عَقْدِ الْخِلَافَةِ لَهُ أَوَّلًا، وَالْعُذْرُ لِأَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ خَشِيَ مِنْ التَّأَخُّرِ عَنْ الْبَيْعَةِ الِاخْتِلَافَ ، لِمَا كَانَ وَقَعَ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ فَلَمْ يَنْتَظِرُوهُ. فتح الباري (12/ 55)
(33)
أَيْ: وَقَعَ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ. (فتح) - (ج 12 / ص 55)
(34)
أَيْ: الَّتِي تَرَكَهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ وَغَيْرِهَا.
(35)
أَيْ: لَمْ أُقَصِّرْ.
(36)
أَيْ: بَعْدَ الزَّوَالِ. (فتح) - (ج 12 / ص 55)
(37)
أَيْ: عَلَاهُ. فتح الباري (ج 12 / ص 55)
(38)
أَيْ: كَانَ وُدُّهُمْ لَهُ قَرِيبًا. (فتح) - (ج 12 / ص 55)
(39)
(م) 1759 ، (خ) 3998
(40)
أَيْ: مِنْ الدُّخُولِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاس.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَنْ تَأَمَّلَ مَا دَارَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ وَمِنْ الِاعْتِذَارِ ، وَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ مِنْ الْإِنْصَافِ ، عَرَفَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَعْتَرِفُ بِفَضْلِ الْآخَرِ، وَأَنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ مُتَّفِقَةً عَلَى الِاحْتِرَام وَالْمَحَبَّة، وَإِنْ كَانَ الطَّبْعُ الْبَشَرِيُّ قَدْ يَغْلِبُ أَحْيَانًا ، لَكِنَّ الدِّيَانَةَ تَرُدُّ ذَلِكَ ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ.
وَقَدْ تَمَسَّكَ الرَّافِضَةُ بِتَأَخُّرِ عَلِيٍّ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْر إِلَى أَنْ مَاتَتْ فَاطِمَة، وَهَذَيَانُهُمْ فِي ذَلِكَ مَشْهُور ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْفَعُ فِي حُجَّتِهمْ.
وَقَدْ صَحَّحَ اِبْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِه أَنَّ عَلِيًّا بَايَعَ أَبَا بَكْر فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي مُسْلِم " عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: لَمْ يُبَايِعْ عَلِيٌّ أَبَا بَكْرٍ حَتَّى مَاتَتْ فَاطِمَة، قَالَ: لَا ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِم ". فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يُسْنِدْهُ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمَوْصُولَةَ عَنْ أَبِي سَعِيد أَصَحّ، وَجَمَعَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ بَايَعَهُ بَيْعَةً ثَانِيَةً مُؤَكِّدَةً لِلْأُولَى ، لِإِزَالَةِ مَا كَانَ وَقَعَ بِسَبَبِ الْمِيرَاثِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ " لَمْ يُبَايِعهُ عَلِيٌّ فِي تِلْكَ الْأَيَّام " عَلَى إِرَادَةِ الْمُلَازَمَةِ لَهُ ، وَالْحُضُورِ عِنْدَهُ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ فِي اِنْقِطَاع مِثْلِهِ عَنْ مِثْلِهِ مَا يُوهِمُ مَنْ لَا يَعْرِفُ بَاطِنَ الْأَمْرِ أَنَّهُ بِسَبَبِ عَدَمِ الرِّضَا بِخِلَافَتِهِ ، فَأَطْلَقَ مَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ أَظْهَر عَلِيٌّ الْمُبَايَعَةَ الَّتِي بَعْدَ مَوْتِ فَاطِمَةَ) بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله عليه وآله وسلم رضي الله عنهم سدد خطاكم رضي الله عنها رضي الله عنها صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم صلى الله عليه وسلم سدد خطاكم) لِإِزَالَةِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ. فتح الباري (12/ 55)
(د)، وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَحَقَّ بِالْوِلَايَةِ مِنْهُمَا ، فَقَدْ خَطَّأَ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَالْمُهَاجِرِينَ ، وَالْأَنْصَارَ، وَمَا أُرَاهُ يَرْتَفِعُ لَهُ مَعَ هَذَا عَمَلٌ إِلَى السَّمَاءِ. (1)
(1)(د) 4630، وقال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد مقطوع.
(خ م حم)، وَعَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:(لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ)(1)(أَرَادَ أَبُو بَكْرٍ قِتَالَهُمْ)(2)(فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ)(3)(كَيْفَ تُقَاتِلُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَهُمْ يُصَلُّونَ؟)(4)(وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله (5) "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَلَاةِ وَالزَّكَاةِ (6) فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ (7) وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا (8) وفي رواية: (عِقَالًا)(9) كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا، قَالَ عُمَرُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ (10)) (11).
(1)(خ) 6526 ، (م) 20
(2)
(حم) 10852 ، (س) 3975
(3)
(خ) 6526 ، (م) 20
(4)
(حم) 10852 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(5)
قَالَ الْخَطَّابِيّ: زَعَمَ الرَّوَافِضُ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ مُتَنَاقِضٌ ، لِأَنَّ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُمْ كَفَرُوا ، وَفِي آخِرِهِ أَنَّهُمْ ثَبَتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ ، إِلَّا أَنَّهُمْ مَنَعُوا الزَّكَاة، فَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، فَكَيْفَ اِسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ وَسَبْيَ ذَرَارِيّهمْ؟ ، وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا ، فَكَيْف احْتَجَّ عَلَى عُمَرَ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْن الصَّلَاة وَالزَّكَاة؟، فَإِنَّ فِي جَوَابِهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالصَّلَاةِ.
قَالَ: وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ نُسِبُوا إِلَى الرِّدَّةِ كَانُوا صِنْفَيْنِ، صِنْفٌ رَجَعُوا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَان، وَصِنْفٌ مَنَعُوا الزَّكَاة ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالهمْ صَدَقَة تُطَهِّرهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} ، فَزَعَمُوا أَنَّ دَفْعَ الزَّكَاةِ خَاصٌّ بِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُطَهِّرُهُمْ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِمْ ، فَكَيْف تَكُونُ صَلَاتُهُ سَكَنًا لَهُمْ؟، وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بِقَوْلِهِ الصِّنْفَ الثَّانِي ، لِأَنَّهُ لَا يَتَرَدَّدُ فِي جَوَازِ قَتْلِ الصِّنْفِ الْأَوَّل، كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَرَدَّدُ فِي قِتَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ وَالنِّيرَاِن وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، قَالَ: وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مِنْ الْحَدِيثِ إِلَّا الْقَدْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ ، وَقَدْ حَفِظَ غَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَعًا، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَعْقُوب بِلَفْظٍ يَعُمُّ جَمِيعَ الشَّرِيعَةِ ، حَيْثُ قَالَ فِيه:" وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ " ، فَإِنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَدُعِيَ إِلَيْهِ ، فَامْتَنَعَ وَنَصَبَ الْقِتَالَ ، أَنَّهُ يَجِبُ قِتَالُه ، وَقَتْلُه إِذَا أَصَرَّ، قَالَ: وَإِنَّمَا عَرَضَتْ الشُّبْهَةُ لِمَا دَخَلَهُ مِنْ الِاخْتِصَارِ وَكَأَنَّ رَاوِيهِ لَمْ يَقْصِدْ سِيَاقَ الْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِه ، وَإِنَّمَا أَرَادَ سِيَاقَ مُنَاظَرَةِ أَبِي بَكْر وَعُمَر ، وَاعْتَمَدَ عَلَى مَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ بِأَصْلِ الْحَدِيث، اِنْتَهَى.
قُلْت: وَفِي هَذَا الْجَوَاب نَظَر، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ فِي الْحَدِيث " حَتَّى يُقِيمُوا الصَّلَاة ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاة " مَا اسْتَشْكَلَ قِتَالَهُمْ ، لِلتَّسْوِيَةِ فِي كَوْنِ غَايَةِ الْقِتَالِ تَرْكَ كُلٍّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَإِقَامِ الصَّلَاة ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاة.
قَالَ عِيَاض: حَدِيثُ اِبْن عُمَر نَصٌّ فِي قِتَالِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يُزَكِّ ، كَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَاحْتِجَاجُ عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَجَوَابُ أَبِي بَكْرٍ ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا فِي الْحَدِيثِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ ، إِذْ لَوْ سَمِعَهُ عُمَرُ ، لَمْ يَحْتَجَّ عَلَى أَبِي بَكْر ، وَلَوْ سَمِعَهُ أَبُو بَكْر ، لَرَدَّ بِهِ عَلَى عُمَر وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى الِاحْتِجَاج بِعُمُومِ قَوْله " إِلَّا بِحَقِّهِ ".
قُلْت: إِنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي قَوْله " بِحَقِّهِ " لِلْإِسْلَامِ ، فَمَهْمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْإِسْلَام تَنَاوَلَهُ، وَلِذَلِكَ اِتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِ مَنْ جَحَدَ الزَّكَاة. فتح (19/ 382)
(6)
الْمُرَاد بِالْفَرْقِ: مَنْ أَقَرَّ بِالصَّلَاةِ ، وَأَنْكَرَ الزَّكَاةَ جَاحِدًا ، أَوْ مَانِعًا مَعَ الِاعْتِرَافِ وَإِنَّمَا أُطْلِقَ فِي أَوَّلِ الْقِصَّة الْكُفْرُ ، لِيَشْمَل الصِّنْفَيْنِ، فَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ جَحَدَ حَقِيقَة ، وَفِي حَقِّ الْآخَرِينَ مَجَازٌ تَغْلِيبًا، وَإِنَّمَا قَاتَلَهُمْ الصِّدِّيقُ وَلَمْ يَعْذُرْهُمْ بِالْجَهْلِ ، لِأَنَّهُمْ نَصَبُوا الْقِتَال ، فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ مَنْ دَعَاهُمْ إِلَى الرُّجُوع، فَلَمَّا أَصَرُّوا قَاتَلَهُمْ.
قَالَ الْمَازِرِيّ: ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ مُوَافِقًا عَلَى قِتَالِ مَنْ جَحَدَ الصَّلَاة ، فَأَلْزَمَهُ الصِّدِّيقُ بِمِثْلِهِ فِي الزَّكَاة ، لِوُرُودِهِمَا فِي الْكِتَاب وَالسُّنَّة مَوْرِدًا وَاحِدًا. فتح الباري (ج 19 / ص 382)
(7)
قوله (فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ) يُشِيرُ إِلَى دَلِيلِ مَنْعِ التَّفْرِقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَنَّ حَقَّ النَّفْسِ الصَّلَاة ، وَحَقَّ الْمَالِ الزَّكَاة، فَمَنْ صَلَّى عَصَمَ نَفْسَه، وَمَنْ زَكَّى عَصَمَ مَالَه، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ ، قُوتِلَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاة، وَمَنْ لَمْ يُزَكِّ ، أُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْ مَالِهِ قَهْرًا، وَإِنْ نَصَبَ الْحَرْبَ لِذَلِكَ ، قُوتِلَ ، وَهَذَا يُوَضِّحُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَمِعَ فِي الْحَدِيث " وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة " لَمَا احْتَاجَ إِلَى هَذَا الِاسْتِنْبَاط، لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ ، وَاسْتَظْهَرَ بِهَذَا الدَّلِيلِ النَّظَرِيّ. فتح الباري (19/ 382)
(8)
العَناق: الأنثى من المَعْزِ إذا قَوِيَت ، ما لم تَستكمل سنة.
(9)
(خ) 6855 ، (م) 20
العِقال: الحبل الذي تُربط به الإبل ونحوها.
(10)
فِي هذا الحديثِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى شَجَاعَةِ أَبِي بَكْر رضي الله عنه وَتَقَدُّمِهِ فِي الشَّجَاعَةِ وَالْعِلْمِ عَلَى غَيْرِه ، وهُوَ أَكْبَرُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْد رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ ثَبَتَ لِلْقِتَالِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ الْعَظِيم ، وَاسْتَنْبَطَ رضي الله عنه مِنْ الْعِلْمِ بِدَقِيقِ نَظَرِهِ ، وَرَصَانَةِ فِكْرِهِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الِابْتِدَاءِ بِهِ غَيْره ، فَلِهَذَا وَغَيْرِه مِمَّا أَكْرَمَهُ الله تَعَالَى بِهِ ، أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ أُمَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاء رضي الله عنهم فِي مَعْرِفَةِ رُجْحَانِهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مَشْهُورَة. شرح النووي (ج1ص94)
(11)
(خ) 6526 ، (م) 20