الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدولة وهو ابن أكثم، أنه قال: قد أردت أن يأمره الخليفة أن يكفر عن يمينه، ويحدث. فسمعت أبا عبد اللَّه يقول لرجل من قبل صاحب الكلام: لو ضربت ظهري بالسياط، ما حدثت.
"سير أعلام النبلاء" 11/ 310
31 - فصل في عودته من العسكر
قال صالح: وجاء رسول المتوكل إلى أبي يقول: لو سلم أحد من الناس سلمت، رفع رجل إلى وقت كذا أن عَلويا قدم من خراسان، وأنك وجهت إليه بمن يلقاه، وقد حبست الرجل وأردت ضربه وكرهت أن تغتم، فمر فيه. فقال: هذا باطل، تخلي سبيله.
قال: وكان رسول المتوكل يأتي أبي يبلغه السلام ويسأله عن حاله فنسر نحن بذلك، وتأخذه نفضة حتى ندثره. ويقول: واللَّه لو أن نفسي في يدي لأرسلتها، ويضم أصابعه ويفتحها.
"السيرة" لصالح ص 111
قال صالح: وقدم المتوكل فنزل الشماسية يريد المدائن. فقال أبي: يا صالح أحب ألا تذهب اليوم ولا تنبه علي. فلما كان بعد يوم، وأنا قاعد خارجًا وكان يومًا مطيرًا إذا يحيى بن خاقان قد جاء والمطر عليه في موكب عظيم فقال: سبحان اللَّه لم تصل إلينا حتى تبلغ أمير المؤمنين عن شيخك حتى وجَّه بي. ثم نزل خارج الزقاق فجهدت به أن يدخل على الدابة فلم يفعل، فجعل يخوض في المطر، فلما صار إلى الباب نزع جرموقه، وكان على خفه ودخل، وأبي في الزاوية قاعد عليه كساء مرقع وعمامة، والستر الذي على باب البيت قطعة خيش، فسلم عليه وقبل جبهته وسأله عن حاله. وقال: أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول: كيف أنت في نفسك، وكيف حالك؟ قد أنست بقربك، ويسألك أن تدعو له.
فقال: ما يأتي علي يوم إلا وأنا أدعو اللَّه عز وجل له.
ثم قال: قد وجه معي ألف دينار تفرقها على أهل الحاجة.
فقال له: يا أبا زكريا أنا في البيت منقطع عن الناس، وقد أعفاني من كل أكرهه. فقال: يا أبا عبد اللَّه الخلفاء لا يتحملون هذا.
فقال: يا أبا زكريا تلطف في ذلك. فدعا له ثم قام، فلما صار إلى الدار رجع وقال: أهكذا كنت لو وجه إليك بعض إخوانك تفعل؟ قال: نعم.
فلما صرنا إلى الدهليز قال: أمرني أمير المؤمنين أن أدفعها إليك تفرقها. فقلت: تكون عندك إلى أن تمضي هذِه الأيام.
"السيرة" لصالح ص 118 - 119
قال صالح: وقد كان وجه محمد بن عبد اللَّه بن طاهر إلى أبي في وقت قدومه بالعسكر: أحبُّ أن تصير إليَّ وتعلمني الذي تعزم عليه حتى لا يكون عندي أحد. فوجَّه إليه: أنا رجل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين مما أكره، وهذا مما أكره، فجهد أن يصير إليه، فأبى.
"السيرة" لصالح ص 120
قال صالح: وكان أبي قد أدمن الصوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدسم، وكان قبل ذلك يشتري له شحم بدرهم فيأكل منه شهرا، فترك أكل الشحم، وأدام الصوم والعمل، وتوهمت أنه قد كان جعل على نفسه ذلك إن سلم. وكان قد حمل أبي إلى المتوكل سنة سبع وثلاثين ومائتين ثم مكث إلى سنة إحدى وأربعين، وقلَّ يوم يمضي إلا ورسول المتوكل يأتيه.
"السيرة" لصالح ص 121
قال حنبل (1): سمعت أبا عبد اللَّه رضي الله عنه، وذكر المحنة، فقال: رأيت في
(1) وفي "طبقات الحنابلة" 3/ 123 من رواية عبد اللَّه.
المنام علي بن عاصم [قبل أن يؤذن لي بالانحدار، يعني من العسكر أيام المتوكل بليلتين فسألته عن شيء نسيته](1) فأولها: علي علوًا، وعاصم عصمة من اللَّه، والحمد للَّه على ذلك.
"ذكر المحنة" لحنبل ص 34
قال عبد اللَّه: سمعت أبي يقول: لقد تمنيت الموت وهذا أمر أشد علي من ذلك، ذاك فتنة الدين الضرب والحبس كنت أحتمله في نفسي، وهذِه فتنة الدنيا. أو كما قال.
"حلية الأولياء" 9/ 184، "المناقب" ص 460، "السير" 11/ 215
قال صالح: وكتب إلي إسحاق بن راهويه إني دخلت على طاهر بن عبد اللَّه فقال: يا أبا يعقوب كتب إلي محمد أنه وجه إلى أحمد ليصير إليه فلم يأته. فقلت: أصلح اللَّه الأمير، إن أحمد قد حلف أن لا يحدث فلعله كره أن يصير إليه فيسأله أن يحدثه.
فقال: ما تقول؟ قال: فقلت: نعم.
قال صالح: فأخبرت أبي بذلك، فسكت.
"المناقب" لابن الجوزي ص 463
قال عبد اللَّه: لما أطلق أبي من المحنة خشي أن يجيءَ إليه إسحاق ابن راهويه. فرحل بي إليه، فلما بلغ الريَّ دخل إلى مسجد فجاءه مطر كأفواه القرب فلما كانت العتمة قالوا له: اخرج من المسجد فإنا نريد أن نغلقه. فقال لهم: هذا مسجد اللَّه وأنا عبد اللَّه.
فقيل له: أيما أحب إليك أن تخرج أو تجرَّ برجْلك؟
قال أحمد: فقلت: سلاما. فخرجت من المسجد والمطر والرعد والبرق فلا أدري أين أضع رجلي ولا أين أتوجه، فإذا رجل قد خرج من داره فقال
(1) من "الآداب الشرعية" 3/ 433.
لي: يا هذا، أين تمر في هذا الوقت؟
فقلت: لا أدري أين أمر؟
فقال لي: ادخل! فأدخلني دارًا، ونزع ثيابي وأعطوني ثيابا جافة، وتطهرت للصلاة، فدخلت إلى بيت فيه كانون فحم ولبود ومائدة منصوبة. فقيل لي: كُلْ، فأكلت معهم فقال لي: من أين أنت؟
قلت: أنا من بغداد. فقال لي: تعرف رجلًا يقال له: أحمد بن حنبل؟ فقلت: أنا أحمد بن حنبل.
فقال لي: وأنا إسحاق بن راهويه (1).
"المناقب" لابن الجوزي ص 464
قال إبراهيم بن أبي طالب: دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة غير مرة، وذاكرته رجاء أن آخذ عنه حديثا، إلى أن قلت: يا أبا عبد اللَّه، حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار"(2).
فقال: قيل: عن الزهري، عن أبي سلمة.
فقلت: من عن الزهري؟ قال: أبو الجهم.
فقلت: من رواه عن أبي الجهم؟ فسكت، فلما عاودته فيه.
قال: اللهم سلم.
"سير أعلام النبلاء" 11/ 260
(1) قال الذهبي في "السير" 11/ 321: حكاية موضوعة، لم يستحي ابن الجوزي من إيرادها.
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 9/ 235 من طريق هشيم، عن أبي الجهم به، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(1251).