الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ التَّيَمُّمِ]
مَسْأَلَةٌ: تُرَابُ الْمَسْجِدِ إِذَا تَيَمَّمَ بِهِ شَخْصٌ وَقُلْتُمْ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ هَلْ يَسْتَبِيحُ بِهِ مَا نَوَاهُ؟ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ كَاسْتِعْمَالِ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالثَّوْبِ الْحَرِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُ؟ .
الْجَوَابُ: نَعَمْ يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ كَالْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَالتَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ، وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُسْبَلِ لِلشُّرْبِ صَحِيحٌ مَعَ تَحْرِيمِهِ، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ فَقَدْ فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِفُرُوقٍ مِنْهَا أَنَّ نَجَاسَةَ مَحَلِّ النَّجْوِ نَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ مُوجِبَةٌ لِلتَّيَمُّمِ، فَلَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا - كَذَا فَرَّقَ الداركي وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ النووي فِي شَرْحِهِ.
وَمِنْهَا أَنَّ نَجَاسَةَ غَيْرِ الِاسْتِنْجَاءِ لَا تَزُولُ إِلَّا بِالْمَاءِ، فَلَوْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُزِيلَهَا، لَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ بِخِلَافِ الِاسْتِنْجَاءِ ; لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ بِالْحَجَرِ فَيُمْكِنُهُ تَقْدِيمُ الْحَجَرِ حَتَّى يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ فَلَزِمَهُ - كَذَلِكَ فَرَّقَ المتولي فِي التَّتِمَّةِ، قَالَ صَاحِبُ الْوَافِي: وَهَذَا فَرْقٌ دَقِيقٌ نَفِيسٌ.
مَسْأَلَةٌ: لَوْ تَيَمَّمَ فِي مَوْضِعٍ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَوْضِعٍ الْغَالِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، أَوْ عَكْسُهُ فَهَلِ الْمُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ مَوْضِعُ التَّيَمُّمِ، أَوْ مَوْضِعُ الصَّلَاةِ، أَوْ هُمَا، وَهَلْ فِي ذَلِكَ نَقْلٌ لِلْأَصْحَابِ؟ .
الْجَوَابُ: هَذَا السُّؤَالُ غَيْرُ مُوَجَّهٍ ; لِأَنَّ الِانْتِقَالَ يُوجِبُ تَجْدِيدَ طَلَبِ الْمَاءِ وَيُبْطِلُ التَّيَمُّمَ إِذَا تَوَهَّمَهُ، فَإِنْ فُرِضَ تَعَيَّنَ الْعَدَمُ بِحَيْثُ لَا يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ، وَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الطَّلَبِ فَالْعِبْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَفْهُومِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْجَبَائِرِ يَمْسَحُ عَلَيْهَا وَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ، مَا الْمُرَادُ بِالطُّهْرِ هَلْ هُوَ عَنِ الْجَنَابَةِ، أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؟ .
الْجَوَابُ: الْمُرَادُ جِنْسُ الطُّهْرِ الَّذِي تَيَمَّمَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْغُسْلِ فَالْمُرَادُ طُهْرُ الْجَنَابَةِ، أَوْ فِي الْوُضُوءِ فَالْمُرَادُ طُهْرُ الْحَدَثِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَكَذَا اسْتِدَامَتُهَا إِلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنَ الْوَجْهِ هَلِ اسْتِدَامَتُهَا إِلَى الْوَجْهِ وَاجِبٌ ذِكْرًا؟ حَتَّى أَنَّهَا لَوْ عَزَبَتْ بَعْدَ النَّقْلِ، وَقَبْلَ الْوَجْهِ وَاسْتَحْضَرَهَا عِنْدَهُ لَا تَكْفِي، أَمِ الْوَاجِبُ اسْتِحْضَارُهَا عِنْدَ النَّقْلِ وَعِنْدَ الْوَجْهِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا كَفَى،
وَإِذَا تَيَمَّمَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ فَهَلْ لَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ؟
الْجَوَابُ: الْمُتَّجَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَصَرَّحَ بِهِ أبو خلف الطبري الِاكْتِفَاءُ بِهَا عِنْدَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ، وَلَوْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا، وَلَا مَفْهُومَ لِتَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ بِالِاسْتِدَامَةِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لَمَسَ الْمُصْحَفَ فَلَيْسَ لَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ، صَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا تَيَمَّمَ الْخَطِيبُ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، هَلْ يَقُولُ: نَوَيْتُ اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الْخُطْبَةِ أَمْ مَاذَا يَنْوِي؟ وَمَا كَيْفِيَّةُ نِيَّةِ الْمُتَيَمِّمِ، الْعَاجِزِ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا إِذَا تَيَمَّمَ، وَغَاسِلُ الْمَيِّتِ إِذَا أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ النِّيَّةَ، أَوْ قُلْتُمْ بِاسْتِحْبَابِهَا كَيْفَ يَقُولُ فِي الْغُسْلِ؟ وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَيَمَّمَ الْمَيِّتَ كَيْفَ يَنْوِي؟
الْجَوَابُ: يَنْوِي الْخَطِيبُ اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الْخُطْبَةِ، أَوِ اسْتِبَاحَةَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ يَنْوِي الْمُتَيَمِّمُ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُسْتَبَاحُ إِلَّا بِالطَّهَارَةِ وَيَنْوِي الْعَاجِزُ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ التَّيَمُّمَ عَنْ سُنَّةِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ قُلْتُهُ تَفَقُّهًا، وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا، وَأَمَا غَاسِلُ الْمَيِّتِ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ نصر المقدسي وَصَاحِبُ الْبَيَانِ: صِفَةُ النِّيَّةِ أَنْ يَنْوِيَ بِقَلْبِهِ عِنْدَ إِفَاضَةِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ أَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ، وَقَالَ الْقَاضِي أبو الطيب فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ: يَنْوِي الْغُسْلَ الْوَاجِبَ، أَوِ الْفَرْضَ، أَوْ غُسْلَ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا إِذَا يَمَّمَ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا يَمَّمَ الْمَيِّتَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ كَمَا لَا يَحْتَاجُ غُسْلُهُ إِلَى نِيَّةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ كَمَا قَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ النِّيَّةَ لَا تَجِبْ فِي الْوُضُوءِ، وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ. وَمَعَ ذَلِكَ أَوْجَبُوا النِّيَّةَ فِي التَّيَمُّمِ عَنْهُمَا، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ: طَهَارَتَانِ أَنَّى يَفْتَرِقَانِ؟ وَهَذَا النَّصُّ إِذَا تُمُسِّكَ بِإِطْلَاقِهِ عَضَّدَ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ تَيَمُّمُ الْمَيِّتِ إِلَى نِيَّةٍ، فَإِنْ قُلْنَا يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، أَوْ يُسْتَحَبُّ نَوَى التَّيَمُّمَ الْوَاجِبَ، أَوِ الْبَدَلَ مِنَ الْغُسْلِ، أَوِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: قَوْلُهُمْ فِي الْجَبِيرَةِ إِنْ وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ لَمْ يَقْضِ، هَلِ الْمُرَادُ طُهْرُ مَحَلِّهَا فَقَطْ، أَوْ تَمَامُ الْوُضُوءِ؟ .
الْجَوَابُ: قَالَ الزركشي فِي الْخَادِمِ مَا نَصُّهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الْمُرَادِ بِالطُّهْرِ هَلْ هُوَ طُهْرٌ كَامِلٌ؟ وَهُوَ مَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ كَالْخُفِّ، أَوِ الْمُرَادُ طَهَارَةُ الْمَحَلِّ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِالْأَوَّلِ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي، وَقَالَ ابن الأستاذ: يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى وُضُوءٍ كَامِلٍ، كَمَا فِي لُبْسِ الْخُفِّ انْتَهَى.