الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]
مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِ إِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: الْمَاءُ الْمُطْلَقُ: إِنَّهُ الَّذِي يَقُولُ رَائِيهِ: هَذَا مَاءٌ، وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الْأَصْحَابُ هَلْ يُنَافِي قَوْلَ كَثِيرٍ مِنْ شَارِحِي الْمِنْهَاجِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ وَلَا تَغَيُّرَ فَطَهُورٌ إِنَّهُ نَكَّرَ الْمَاءَ لِيَشْمَلَ الطَّهُورَ وَالطَّاهِرَ وَالْمُتَنَجِّسَ حَيْثُ جَعَلَ التَّنْكِيرَ وَالْعُرْيَ عَنِ الْقَيْدِ وَصْفًا لِلْمَاءِ فِي الْأَوَّلِ بِالْإِطْلَاقِ دُونَ الثَّانِي إِذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ؟.
الْجَوَابُ: إِنَّ الْمَذْكُورَ فِي حَدِّ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ: " إِنَّهُ الَّذِي يَقُولُ رَائِيهِ: هَذَا مَاءٌ " رَاجِعٌ إِلَى الْعُرْفِ، وَالْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَإِنَّ الْمَاءَ فِي اللُّغَةِ يَصْدُقُ بِالطَّهُورِ وَبِالطَّاهِرِ وَبِالنَّجِسِ، وَلِهَذَا قَالُوا فِي قَوْلِ التَّنْبِيهِ بَابُ الْمِيَاهِ إِنَّهُ جَمَعَ الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ، وَاسْمُ الْجِنْسِ لَا يُجْمَعُ إِلَّا عِنْدَ اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ ; لِأَنَّ أَنْوَاعَ الْمَاءِ مُخْتَلِفَةٌ، فَيَتَنَوَّعُ إِلَى طَهُورٍ، وَطَاهِرٍ، وَنَجِسٍ، وَحَرَامٍ، وَمَكْرُوهٍ. فَعُلِمَ بِذَلِكَ صِدْقُهُ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ لُغَةً، وَأَمَّا الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِّ الْمُطْلَقِ فَإِنَّمَا أُخِذَ مِنَ الْعُرْفِ لِاعْتِبَارِ الشَّارِعِ لَهُ، وَالْعُرْفُ لَا يُطْلِقُ الْمَاءَ عَلَى مَا عَدَا الْمُطْلَقَ إِلَّا مُقَيَّدًا، لَا مُطْلَقًا بِأَنْ يَقُولَ: مَاءٌ نَجِسٌ، أَوْ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ، أَوْ مَاءُ زَعْفَرَانٍ، وَيُؤَكِّدُ كَوْنَهُمْ نَظَرُوا فِي ضَابِطِ الْمُطْلَقِ إِلَى الْعُرْفِ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِي سَلْبِهِ عَنِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمُخَالَطِ فِي الْكَثِيرِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ =مَاءً لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِهِ ; لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا الْعُرْفُ، وَالْعُرْفُ لَا يُسَمِّي هَذَا مَاءًا، وَقَوْلُهُمْ فِي قَاعِدَةِ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلَا اللُّغَةِ: إِنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ فَعُلِمَ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ ; لِأَنَّ الْأَوَّلَ ضَابِطٌ جَرَى عَلَى الْمُصْطَلَحِ الْعُرْفِيِّ، وَالثَّانِيَ تَعْبِيرٌ جَرَى عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، وَالْمُنَكَّرُ بِوَضْعِهِ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي الْقَطِرَانِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْقِرَبِ إِذَا تَغَيَّرَ بِهِ طَعْمُ الْمَاءِ، أَوْ لَوْنُهُ، أَوْ رِيحُهُ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لَهُ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ حَتَّى يَسْلُبَ الطَّهُورِيَّةَ؟ وَهَلْ هُوَ مُجَاوِرٌ، أَوْ مُخَالِطٌ، وَالزِّفْتُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْجِرَارِ إِذَا غَيَّرَ الْمَاءَ هَلْ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ أَمْ لَا؟ .
الْجَوَابُ: قَالَ النووي رحمه الله فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي