الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِعْلِ مَا نَوَاهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ. مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ، أَوْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ، وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ «عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَشْيَاءُ كُنْتُ أَفْعَلُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنَ الْخَيْرِ. قُلْتُ: فَوَاللَّهِ لَا أَدَعُ شَيْئًا مَنَعْتُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، إِلَّا فَعَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَهُ» .
قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِدَلَالَةِ الْإِشَارَةِ اسْتِدْرَاكُ مَا فَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا صَدَرَ مِنْهُ مَا صَدَرَ مِنَ الْقُرُبَاتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا تَامَّةً لِفَقْدِ وَصْفِ الْإِسْلَامِ فَأَعَادَ فِعْلَهَا فِي الْإِسْلَامِ اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَ مِنْ وَصْفِ التَّمَامِ، وَأَخْرَجَ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ هشام عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَعْتَقَ حكيم مِائَةَ رَقَبَةٍ وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا أَسْلَمَ أَعْتَقَ مِائَةً وَحَمَلَ عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ.
هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِوَفَائِهِ بِمَا وَعَدَ بِهِ. وَمِنْهَا مَا رُوِيَ «أَنَّ أبا سفيان لَمَّا أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَتْرُكُ مَوْقِفًا قَاتَلْتُ فِيهِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا قَاتَلْتُ مِثْلَهُ الْكُفَّارَ، وَلَا دِرْهَمًا أَنْفَقْتُهُ فِي الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا أَنْفَقْتُ مِثْلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ بِمَنْطُوقِهِ فِي اسْتِدْرَاكِ تَكْفِيرِ مَا مَضَى فِي الْكُفْرِ مِنْ فِعْلِ الْمَنَاهِي، وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَيُؤْخَذُ مِنْ فَحْوَاهُ اسْتِحْبَابُ اسْتِدْرَاكِ مَا مَضَى فِي الْكُفْرِ مِنْ تَرْكِ الْأَوَامِرِ.
وَأَخْرَجَ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَصَحَّحَهُ «عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ جِئْتُ: مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ، مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَدَعُ نَفَقَةً أَنْفَقْتُهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ مِثْلَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . هَذَا أَيْضًا مِنِ اسْتِدْرَاكِ تَكْفِيرِ مَا مَضَى مِنْ فِعْلِ الْمَنْهِيَّاتِ فِي حَالِ الْكُفْرِ.
[بَابُ الْمَوَاقِيتِ]
مَسْأَلَةٌ: فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ النواس بن سمعان قَالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ إِلَى أَنْ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ تَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: لَا، اقْدُرُوا لَهُ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ نَقَلَهُ القرطبي فِي التَّذْكِرَةِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَّ أَيَّامَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، السَّنَةُ كَنِصْفِ السَّنَةِ، وَالسَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَآخِرُ أَيَّامِهِ كَالشَّرَرَةِ يُصْبِحُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، فَلَا يَبْلُغُ بَابَهَا الْآخَرَ حَتَّى
يُمْسِيَ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْقِصَارِ؟ قَالَ:(تَقْدُرُونَ فِيهَا الصَّلَاةَ، كَمَا تَقْدُرُونَهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، ثُمَّ صَلُّوا) » .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ أسماء بنت يزيد بن السكن قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَمْكُثُ الدَّجَّالُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَالْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمُ كَاضْطِرَامِ السَّعَفَةِ فِي النَّارِ» .
فَهَلْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا مُتَسَاوِيَةٌ فِي الصِّحَّةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ بَيْنَهَا تَنَافٍ أَمْ لَا؟ وَهَلْ لَيَالِي تِلْكَ الْأَيَّامِ كُلُّهَا عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ كَلَيَالِينَا هَذِهِ؟ أَمْ تَتْبَعُ كُلُّ لَيْلَةٍ يَوْمَهَا فِي الطُّولِ وَغَيْرِهِ؟ وَمَا كَيْفِيَّةُ التَّقْدِيرِ فِي الْقِصَرِ؟ هَلْ هُوَ مَثَلًا إِذَا كَانَ الْيَوْمُ ثَلَاثَةَ دَرَجٍ فَتَكُونُ حِصَّةُ الصُّبْحِ دَرَجَةً وَالظُّهْرُ كَذَلِكَ وَالْعَصْرُ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَجْرِي عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْقِصَرِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا فِي النَّهَارِ الْمُتَّصِفِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ؟ وَإِذَا لَمْ يَسَعِ الْوَقْتُ الْمُقَسَّطُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقْضِيهَا؟ وَمَا كَيْفِيَّةُ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْقَصِيرِ؟ وَمَا طَرِيقُ حِسَابِ مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ؟ وَمَا كَيْفِيَّةُ الصَّوْمِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَيَّامِ؟ وَهَلِ الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مُخْتَصَّةٌ بِالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الْأُولَى، أَوِ السَّبْعَةُ وَالثَّلَاثُونَ مُتَسَاوِيَةُ الطُّولِ؟ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثَيْنِ الْآخَرَيْنِ هَلْ يَخْتَصُّ الْقِصَرُ بِالْيَوْمِ الْأَخِيرِ أَمْ يَكُونُ الْقِصَرُ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ وَهَلِ التَّقْدِيرُ مُخْتَصٌّ بِصَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقَطْ، وَالصُّبْحُ مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَمْ يُشَارِكُهُمَا، أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَهَلْ مَا وَرَدَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَالْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَالْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَالسَّاعَةُ كَالضَّرْبِ بِالنَّارِ» ) دَاخِلٌ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ أَمْ هُوَ حَدِيثٌ بِرَأْسِهِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الدَّجَّالِ؟
الْجَوَابُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُتَسَاوِيَةً فِي الصِّحَّةِ، بَلِ الْأَوَّلُ مِنْهَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالثَّانِي أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة، وَقَدْ نَبَّهَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِيهِ تَخْبِيطٌ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ التَّخْبِيطُ، فَقَدْ تَضَافَرَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ مُدَّةَ لُبْثِهِ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا لَا أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَرَدَ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَجُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: " «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ، لَا أَدْرِي
أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا» " الْحَدِيثَ، قَالَ الْحَافِظَ ابن حجر فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَالْجَزْمُ بِأَنَّهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا مُقَدَّمٌ عَلَى التَّرْدِيدِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ: "«فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا» ".
وَجَزَمَ الْحَافِظُ ابن كثير فِي تَارِيخِهِ أَيْضًا بِذَلِكَ، وَقَالَ: مُعَدَّلُ إِقَامَتِهِ سَنَةٌ وَشَهْرَانِ وَنِصْفٌ، وَأَمَّا اللَّيَالِي، وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ التَّقْدِيرِ إِذَا كَانَ الْيَوْمُ مَثَلًا ثَلَاثَ دَرَجٍ، فَلَا تَتَسَاوَى فِيهِ حِصَّةُ الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، بَلْ يَتَفَاوَتُ عَلَى حَسَبِ تَفَاوُتِهَا الْآنَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الصُّبْحِ الْآنَ إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، وَمِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ إِلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَيُقَدَّرُ إِذْ ذَاكَ عَلَى حَسَبِ هَذَا التَّفَاوُتِ وَيُجْعَلُ وَقْتُ الظُّهْرِ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ، وَهُوَ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ مِنْ دَرَجَةٍ وَنِصْفٍ إِذَا كَانَ الثَّلَاثُ دَرَجٍ مُقَدَّرَةً مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَبَعْدَ مُضِيِّ دَرَجَةٍ وَنِصْفٍ.
وَأَمَّا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَيُقَدَّرَانِ فِي الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، الَّذِي كَسَنَةٍ وَالَّذِي كَشَهْرٍ وَالَّذِي كَجُمُعَةٍ، فَيُصَلِّي فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَسَنَةٍ أَلْفَ صَلَاةٍ وَثَمَانِمِائَةِ صَلَاةٍ وَثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ صُبْحًا وَثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ ظُهْرًا وَثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ عَصْرًا وَثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ مَغْرِبًا وَثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ عِشَاءً مِقْدَارُ كَلِّ صَلَاةٍ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ بِالدَّرَجِ وَالدَّقَائِقِ عَلَى حِسَابِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ وَقْتَ اللَّيْلِ صَارَ نَهَارًا.
وَأَمَّا فِي الْأَيَّامِ الْقِصَارِ، فَإِنَّ كُلَّ اللَّيْلِ عَلَى طُولِهِ الْمُعْتَادِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَبِعَ النَّهَارَ فِي الْقِصَرِ نُظِرَ إِنْ وَسِعَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ الْخَمْسَ الصَّلَوَاتِ وَجَبَتْ، وَإِنْ لَمْ يَسَعْ فَمُقْتَضَى حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ أَنَّهَا تَجِبُ، وَقَدْ سُئِلَ مُتَأَخِّرُو أَصْحَابِنَا عَنْ بِلَادٍ يَطْلُعُ فِيهَا الْفَجْرُ عَقِبَ مَا تَغْرُبُ الشَّمْسُ فَأَجَابَ البرهان الفزاري بِوُجُوبِ الْعِشَاءِ عَلَيْهِمْ وَيَقْضُونَهَا، وَأَفْتَى مُعَاصِرُوهُ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ سَبَبِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِمْ، وَهُوَ الْوَقْتُ، فَعَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الفزاري لَا إِشْكَالَ وَعَلَى مَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُهُ قَدْ يُقَالُ: هَذَا نَصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَصِحَّ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مِمَّا غَلِطَ فِيهِ الرَّاوِي كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ هَذَا مِنْ نَصِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ أَنْ تَتَّسِعَ بِقَدْرِ مَا تُؤَدَّى فِيهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَلَا تَقْصُرُ عَنْ ذَلِكَ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ عِنْدِي أَرْجَحُ، بَلْ مُتَعَيِّنٌ. وَأَمَّا إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي الْيَوْمِ الْقَصِيرِ فَوَاضِحٌ مِمَّا تَقَدَّمَ تُقَامُ بَعْدَ