الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الْحَجِّ]
مَسْأَلَةٌ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِمِيقَاتِهَا، إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا» " مَا مَعْنَاهُ؟ .
الْجَوَابُ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا ; أَيْ قَبْلَ مِيقَاتِهَا الْمُعْتَادِ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ ; لِأَنَّهُ صَلَّاهَا بِغَلَسٍ جِدًّا وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَكَانَتْ عَادَتُهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ التَّأْخِيرَ عَنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَلِيلًا، وَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَصَلَّاهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ بِأَنْ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ إِلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ وَصَلَّاهُمَا جَمِيعًا بِمُزْدَلِفَةَ. وَجَمْعٌ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ هِيَ مُزْدَلِفَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ: «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» ، أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ:" «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» " هَلْ هُوَ مُصِيبٌ أَوْ مُخْطِئٌ.
الْجَوَابُ: هُوَ مُخْطِئٌ أَشَدَّ الْخَطَأِ ; فَإِنَّ حَدِيثَ الْبَاذِنْجَانِ كَذِبٌ بَاطِلٌ مَوْضُوعٌ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابن الجوزي فِي الْمَوْضُوعَاتِ، والذهبي فِي الْمِيزَانِ، وَغَيْرُهُمَا، وَحَدِيثُ زَمْزَمَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قِيلَ: صَحِيحٌ، وَقِيلَ: حَسَنٌ، وَقِيلَ: ضَعِيفٌ، فَأَدْنَى دَرَجَاتِهِ الضَّعْفُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّهُ فِي حَدِّ الْوَضْعِ، قَالَ الشَّيْخُ بدر الدين الزركشي فِي كِتَابِهِ التَّذْكِرَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ: حَدِيثُ: الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ، بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَقَدْ لَهِجَ بِهِ الْعَوَامُّ حَتَّى سَمِعْتُ قَائِلًا مِنْهُمْ يَقُولُ: هُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ، قَالَ: وَهَذَا خَطَأٌ قَبِيحٌ، قَالَ: وَحَدِيثُ: " «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» " أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ جابر بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَرَوَاهُ الخطيب فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ بِإِسْنَادٍ قَالَ فِيهِ الْحَافِظُ شرف الدين الدمياطي: إِنَّهُ عَلَى رَسْمِ الصَّحِيحِ. انْتَهَى. وَقَدْ أَلَّفَ الحافظ ابن حجر جُزْءًا فِي حَدِيثِ: مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي تَخْرِيجِ الْأَذْكَارِ فَاسْتَوْعَبَ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَضَعَّفَهُ جَمَاعَةٌ وَصَحَّحَهُ آخَرُونَ، مِنْهُمُ الْحَافِظُ المنذري فِي
التَّرْغِيبِ، وَالْحَافِظُ الدمياطي، قَالَ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ حَسَنٌ لِشَوَاهِدِهِ، ثُمَّ أَوْرَدَهُ مِنْ طُرُقٍ مِنْ حَدِيثِ جابر وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ: وَحَدِيثُ جابر مُخَرَّجٌ فِي مُسْنَدِ أحمد وَمُسْنَدِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُصَنَّفِهِ وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَسُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ وَشُعَبِ الْإِيمَانِ لَهُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَمُسْتَدْرَكِ الحاكم، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا، لَكِنَّ سَنَدَهُ مَقْلُوبٌ، وَوَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ أَيْضًا عَنْ معاوية مَوْقُوفًا بِسَنَدٍ حَسَنٍ لَا عِلَّةَ لَهُ، وَلَهُ شَوَاهِدُ أُخَرُ مَرْفُوعَةٌ وَمَوْقُوفَةٌ تَرَكْتُهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ. وَلَمَّا نَظَرَ المنذري والدمياطي إِلَى كَثْرَةِ شَوَاهِدِهِ مَعَ جَوْدَةِ طَرِيقِ أبي الزبير عَنْ جابر حَكَمَا لَهُ بِالصِّحَّةِ.
مَسْأَلَةٌ:
مَاذَا جَوَابُ إِمَامٍ فَاقَ أَعْصُرَهُ
…
وَخَطُّهُ فَاقَ فِي الْإِفْتَاءِ مَنْ سَبَقَا
فِيمَنْ رَوَى أَنَّ بَاذِنْجَانَهُمْ وَرَدَتْ
…
فِيهِ الرِّوَايَةُ مِنْ قَوْلِ الَّذِي صَدَقَا
مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ قَاطِبَةً
…
صَلَّى عَلَيْهِ إِلَهُ الْعَرْشِ مَنْ خَلَقَا
إِنَّ الشِّفَاءَ بِهِ قَصْدًا لِآكِلِهِ
…
كَمَاءِ زَمْزَمَ دَامَ الْغَيْثُ مُنْدَفِقَا
مِنْ فَضْلِكُمْ هَلْ لِهَذَا صِحَّةٌ فَلَكَمْ
…
أَعْرَبْتُمُ عَنْ أُمُورٍ جَلَّ مَنْ خَلَقَا
أَوْضِحْ لَنَا أَمْرَهُ دَامَ السُّرُورُ بِكُمْ
…
يَا أَفْصَحَ النَّاسِ إِنْ أَفْتَى وَإِنْ نَطَقَا
لَازِلْتُمُ عُدَّةً لِلسَّائِلِينَ لَكُمْ
…
وَبَابُ جُودِكُمُ لِلنَّاسِ لَا غُلِقَا
الْجَوَابُ.
اللَّهَ أَشْكُرُ مِنْ نَعْمَائِهِ غَدَقَا
…
وَأُتْبِعُ الشُّكْرَ بِالتَّحْمِيدِ مُلْتَحِقَا
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى الْهَادِي النَّبِيِّ وَمَنْ
…
أَسْرَى بِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ثُمَّ رَقَى
أَبْطِلْ أَحَادِيثَ بَاذِنْجَانِهِمْ فَلَقَدْ
…
نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ الْمَوْضُوعُ مُخْتَلَقَا
وَمَاءُ زَمْزَمَ صَحِّحْ مَا رَوَوْهُ بِهِ
…
وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَمَّ الْقَوْلُ مُتَّسِقَا
مَسْأَلَةٌ:
يَا غُرَّةً فِي جَبْهَةِ الدَّهْرِ أَفْتِنَا
…
لَا زِلْتَ تُفْتِي كُلَّ مَنْ جَا يَسْأَلُ
فِي زَمْزَمَ أَوْ مَاءِ كَوْثَرَ حَشْرُنَا
…
مَنْ مِنْهُمَا يَا ذَا الْمَعَالِي أَفْضَلُ؟
جُوزِيتَ بِالْإِحْسَانِ عَنَّا كُلِّنَا
…
وَبِجَنَّةِ الْمَأْوَى جَزَاؤُكَ أَكْمَلُ
الْجَوَابُ:
لِلَّهِ حَمْدًا وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِي
…
مُحَمَّدٍ مَنْ لِلْبَرِيَّةِ يَفْضُلُ
مَا جَاءَنَا خَبَرٌ بِذَلِكَ ثَابِتٌ
…
فَالْوَقْفُ عَنْ خَوْضٍ بِذَلِكَ أَجْمَلُ
هَذَا جَوَابُ ابن السيوطي رَاجِيًا
…
مِنْ رَبِّهِ التَّثْبِيتَ لِمَا يُسْأَلُ
مَسْأَلَةٌ: قَالَ الجندي فِي فَضَائِلِ مَكَّةَ: ثَنَا عبد الرحمن بن محمد، ثَنَا عبد الرزاق، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَشَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ» ".
الْجَوَابُ: أبو معشر المدني هو نجيح السندي، رَوَى لَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ.
مَسْأَلَةٌ:
يَا عَالِمَ الْعَصْرِ لَا زَالَتْ أَنَامِلُكُمْ
…
تَهْمِي وَعِلْمُكُمُ فِي الْأَرْضِ يَنْتَشِرُ
هَلِ النَّبِيُّونَ حَجُّوا الْبَيْتَ كُلُّهُمُ
…
أَوْ لَمْ يَحُجَّ بِهِ بَعْضٌ كَمَا ذَكَرُوا؟
عَنْ صَالِحٍ مَعَ هُودٍ أَنَّ حَجَّهُمَا
…
لِلْبَيْتِ أُنْكِرَ يَا مَوْلًى لَهُ نَظَرُ
وَآدَمُ حِينَ حَجَّ الْبَيْتَ هَلْ أَحَدٌ
…
لِرَأْسِهِ حَالِقٌ إِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرُوا
هَلْ بِالْحَدِيدِ وَهَلْ جِبْرِيلُ فَاعِلُهُ
…
أَوْ جَوْهَرٍ أَوْ بِغَيْرٍ هَلْ لِذَا أَثَرُ؟
اكْشِفْ لَنَا وَأَبِنْ لَا زِلْتَ تُرْشِدُنَا
…
طُرُقَ الصَّوَابِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْعُمُرُ
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرٍ
…
مَا دَامَ لِلْبَيْتِ حُجَّاجٌ وَمُعْتَمِرُ
الْجَوَابُ: نَعَمْ، وَرَدَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ هُودٍ وَصَالِحٍ تَشَاغَلَا بِأَمْرِ قَوْمِهِمَا حَتَّى قَبَضَهُمَا اللَّهُ وَلَمْ يَحُجَّا، أَخْرَجَهُ ابن إسحاق فِي الْمُبْتَدَأِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ، وَقِصَّتُهُ أَنَّ جِبْرِيلَ حَلَقَ رَأْسَ آدَمَ عليهما السلام حِينَ حَجَّ بِيَاقُوتَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ، رُوِّينَاهَا فِي تَارِيخِ الخطيب مِنْ طَرِيقِ جعفر بن محمد عَنْ آبَائِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.