الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ» فَهَذَا تَفْسِيرُ صَحَابِيٍّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ.
الثَّانِي: عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ، فَالْآيَةُ فِي الدُّعَاءِ لَا فِي الذِّكْرِ، وَالدُّعَاءُ بِخُصُوصِهِ الْأَفْضَلُ فِيهِ الْإِسْرَارُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجَابَةِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 3] وَمِنْ ثَمَّ اسْتُحِبَّ الْإِسْرَارُ بِالِاسْتِعَاذَةِ فِي الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ، فَإِنْ قُلْتَ: فَقَدْ نُقِلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُهَلِّلُونَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَا أَرَاكُمْ إِلَّا مُبْتَدِعِينَ، حَتَّى أَخْرَجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِدِ. قُلْتُ: هَذَا الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ سَنَدِهِ وَمَنْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ فِي كُتُبِهِمْ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الثَّابِتَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، ثُمَّ رَأَيْتُ مَا يَقْتَضِي إِنْكَارَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: ثَنَا حسين بن محمد، ثَنَا المسعودي، عَنْ عامر بن شقيق، عَنْ أبي وائل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عبد الله كَانَ يَنْهَى عَنِ الذِّكْرِ، مَا جَالَسْتُ عبد الله مَجْلِسًا قَطُّ إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ فِيهِ. وَأَخْرَجَ أحمد فِي الزُّهْدِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ ذِكْرِ اللَّهِ لَيَجْلِسُونَ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِنَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْآثَامِ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، وَإِنَّهُمْ لَيَقُومُونَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَا عَلَيْهِمْ مِنْهَا شَيْءٌ.
[الدُّرُّ الْمُنَظَّمُ فِي الِاسْمِ الْأَعْظَمِ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلْيَا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الْمَخْصُوصِ بِالشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ذَوِي الْمَقَامِ الْأَسْنَى، وَبَعْدُ، فَقَدْ سُئِلْتُ عَنِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَتَبَّعَ مَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَالْأَقْوَالِ، فَقُلْتُ: فِي الِاسْمِ الْأَعْظَمِ أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ، بِمَعْنَى أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى كُلَّهَا عَظِيمَةٌ لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ قَوْمٌ، مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ مالك وَغَيْرِهِ: لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْأَسْمَاءِ عَلَى بَعْضٍ، وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ مَا وَرَدَ مِنْ ذِكْرِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَظِيمُ، وَعِبَارَةُ الطَّبَرِيِّ: اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي تَعْيِينِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ، وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا صَحِيحَةٌ؛ إِذْ لَمْ يَرِدْ فِي خَبَرٍ مِنْهَا أَنَّهُ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ، وَلَا
شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: كُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِي يَجُوزُ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ أَعْظَمَ، فَيَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى عَظِيمٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الْأَعْظَمِيَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَخْبَارِ الْمُرَادُ بِهَا: مَزِيدُ ثَوَابِ الدَّاعِي بِذَلِكَ، كَمَا أُطْلِقَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَزِيدُ ثَوَابِ الدَّاعِي وَالْقَارِئِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَفِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ وَفِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ (هُوَ) نَقَلَهُ الإمام فخر الدين عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكَشْفِ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ كَلَامٍ عَظِيمٍ بِحَضْرَتِهِ لَمْ يَقُلْ: أَنْتَ قُلْتَ كَذَا، وَإِنَّمَا يَقُولُ: هُوَ؛ تَأَدُّبًا مَعَهُ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: (اللَّهُ) لِأَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يُطْلَقْ عَلَى غَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَمِنْ ثَمَّ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا الحسن بن محمد بن الصباح، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أبي رجاء، حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ جابر بن عبد الله بن زيد أَنَّهُ قَالَ: اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ يَقُولُ:{اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [الحشر: 22] وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ: حَدَّثَنَا إسحاق بن إسماعيل، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مسعر قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ: يَا اللَّهُ.
الْقَوْلُ الْخَامِسُ: (اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) قَالَ الحافظ ابن حجر فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ «عَنْ عائشة أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعَلِّمَهَا الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَصَلَّتْ وَدَعَتْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ اللَّهَ وَأَدْعُوكَ الرَّحْمَنَ وَأَدْعُوكَ الرَّحِيمَ، وَأَدْعُوكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: إِنَّهُ لَفِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَوْتِ بِهَا» . قَالَ: وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ. انْتَهَى. قُلْتُ: أَقْوَى مِنْهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ مَا أَخْرَجَهُ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ إِلَّا كَمَا بَيْنَ سَوَادِ الْعَيْنِ وَبَيَاضِهَا مِنَ الْقُرْبِ» ، وَفِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ للديلمي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي سِتِّ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ» .
الْقَوْلُ السَّادِسُ: (الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أسماء بنت يزيد أَنَّهُ عليه السلام قَالَ: «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] » .
الْقَوْلُ السَّابِعُ: (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ والحاكم عَنْ أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَفَعَهُ: «الِاسْمُ الْأَعْظَمُ فِي ثَلَاثِ سُوَرٍ: الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه، قَالَ القاسم الرَّاوِي عَنْ أبي أمامة: الْتَمَسْتُهُ فِيهَا فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» ، وَقَوَّاهُ الفخر الرازي وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى صِفَاتِ الْعَظَمَةِ بِالرُّبُوبِيَّةِ مَا لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُمَا كَدَلَالَتِهِمَا.
الْقَوْلُ الثَّامِنُ: (الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) لِحَدِيثِ أحمد وأبي داود وَابْنِ حِبَّانَ والحاكم «عَنْ أَنَسٍ " أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» .
الْقَوْلُ التَّاسِعُ: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) أَخْرَجَ أبو يعلى مِنْ طَرِيقِ السري بن يحيى عَنْ رَجُلٍ مِنْ طَيِّئٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُرِيَنِي الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فَرَأَيْتُ مَكْتُوبًا فِي الْكَوَاكِبِ فِي السَّمَاءِ: يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
الْقَوْلُ الْعَاشِرُ: (ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ معاذ «سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَقُولُ: يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، فَقَالَ: قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّمْلِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الِاسْمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ: يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَاحْتَجَّ لَهُ الفخر بِأَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْإِلَهِيَّةِ؛ لِأَنَّ فِي الْجَلَالِ إِشَارَةً إِلَى جَمِيعِ السُّلُوبِ، وَفِي الْإِكْرَامِ إِشَارَةً إِلَى جَمِيعِ الْإِضَافَاتِ.
الْقَوْلُ الْحَادِي عَشَرَ: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) لِحَدِيثِ أبي داود وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ والحاكم عَنْ بريدة «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ " وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ أبي داود: لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ» ، قَالَ الحافظ ابن حجر: وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ السَّنَدُ عَنْ جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي عَشَرَ: (رَبِّ رَبِّ) أَخْرَجَ الحاكم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَا: اسْمُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ رَبِّ رَبِّ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عائشة مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا:«إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَبَّيْكَ عَبْدِي سَلْ تُعْطَ» .
الْقَوْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ: - وَلَمْ أَدْرِ مَنْ ذَكَرَهُ (مَالِكُ الْمُلْكِ) أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] إِلَى قَوْلِهِ: {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 27] » .
الْقَوْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ) لِحَدِيثِ النَّسَائِيِّ والحاكم عَنْ فضالة بن عبيد رَفَعَهُ: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ معبد مَرْفُوعًا:«اسْمُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى: دَعْوَةُ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» ، وَأَخْرَجَ الحاكم عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَرْفُوعًا:«أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ؟ دُعَاءُ يُونُسَ، فَقَالَ رَجُلٌ: هَلْ كَانَتْ لِيُونُسَ خَاصَّةً؟ فَقَالَ: أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] » وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ كثير بن معبد قَالَ: سَأَلْتُ الحسن عَنِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ قَالَ: أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَوْلُ ذِي النُّونِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] .
الْقَوْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ: (كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ) نَقَلَهُ عياض.
الْقَوْلُ السَّادِسَ عَشَرَ: نَقَلَ الفخر الرازي عَنْ زين العابدين أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُعَلِّمَهُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، فَرَأَى فِي النَّوْمِ: هُوَ اللَّهُ اللَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
الْقَوْلُ السَّابِعَ عَشَرَ: هُوَ مَخْفِيٌّ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عائشة الْمُتَقَدِّمُ لَمَّا دَعَتْ بِبَعْضِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، قَالَ: إِنَّهُ لَفِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَوْتِ بِهَا.
الْقَوْلُ الثَّامِنَ عَشَرَ: إِنَّهُ كُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى دَعَا الْعَبْدُ بِهِ رَبَّهُ مُسْتَغْرِقًا بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي فِكْرِهِ حَالَةَ إِذْ غَيْرُ اللَّهِ؛ فَإِنَّ مَنْ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى بِهَذِهِ الْحَالَةِ كَانَ قَرِيبَ الْإِجَابَةِ، وَأَخْرَجَ أبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْبَسْطَامِيِّ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَحْدُودٌ، إِنَّمَا هُوَ فَرَاغُ قَلْبِكَ بِوَحْدَانِيَّتِهِ، فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ فَافْزَعْ إِلَى أَيِّ اسْمٍ شِئْتَ؛
فَإِنَّكَ تَسِيرُ بِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَأَخْرَجَ أبو نعيم أَيْضًا عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ عَنِ اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ قَالَ: تَعْرِفُ قَلْبَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا رَأَيْتَهُ قَدْ أَقْبَلَ وَرَقَّ فَسَلِ اللَّهَ حَاجَتَكَ، فَذَاكَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ.
وَأَخْرَجَ أبو نعيم أَيْضًا عَنِ ابن الربيع السائح أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: عَلِّمْنِي الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، فَقَالَ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَطِعِ اللَّهَ يُطِعْكَ كُلُّ شَيْءٍ.
الْقَوْلُ التَّاسِعَ عَشَرَ: (اللَّهُمَّ) حَكَاهُ الزركشي فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ، وَالْمِيمَ دَالَّةٌ عَلَى الصِّفَاتِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ، ذَكَرَهُ ابن مظفر، وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: اللَّهُمَّ، مَجْمَعُ الدُّعَاءِ، وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ، فَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ.
الْعِشْرُونَ: (الم) أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الم هُوَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الم اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الم قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى.
تَمَّ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنَ الْحَاوِي لِلْفَتَاوِي.
وَيَلِيهِ الْجُزْءُ الثَّانِي، أَوَّلُهُ الْمِنْحَةُ فِي السُّبْحَةِ.