الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعِوَضُ فَاسِدًا بِأَنْ ذَكَرَ خَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ، أَوْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَمْلًا عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْإِبْرَاءِ لَا يَصِحُّ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟
الْجَوَابُ: إِذَا قَالَتْ: إِنْ طَلَّقْتَنِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي، لَمْ يَحْصُلِ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ بَاطِلٌ، وَهَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ، أَوْ بَائِنًا وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؟ وَجْهَانِ جَزَمَ الرافعي والنووي بِالْأَوَّلِ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ أَبْوَابِ الْخُلْعِ، وَجَزَمَا بِالثَّانِي نَقْلًا عَنِ القاضي حسين وَأَقَرَّاهُ فِي الْفُرُوعِ الْمَنْثُورَةِ آخِرَ الْخُلْعِ، وَذَكَرَ الإسنوي فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرافعي فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، لَكِنْ مَالَ فِي الْكَبِيرِ إِلَى الثَّانِي بَحْثًا، وَبِهِ أَجَابَ القفال فِي فَتَاوِيهِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابن الصلاح.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تُبْرِئَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ يُشْتَرَطُ عِلْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ أَوْ عِلْمُ الزَّوْجِ فَقَطْ؟ أَوِ الزَّوْجَةِ فَقَطْ؟ وَإِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ قَبْلَ صُدُورِ الْإِبْرَاءِ هَلْ يَبْطُلُ حُكْمُهُ؟
الْجَوَابُ: الرَّاجِحُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وُقُوعُهُ بَائِنًا، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزركشي فِي قَوَاعِدِهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ تَنْوِيَ الزَّوْجَةُ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِمَا الشَّيْخُ ولي الدين العراقي فِي فَتَاوِيهِ.
[بَابُ الطَّلَاقِ]
[مسائل متفرقة]
بَابُ الطَّلَاقِ
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا فَلَقِيَهُ شَخْصٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلْتَ بِزَوْجَتِكَ؟ قَالَ: طَلَّقْتُهَا سَبْعِينَ، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ؟
الْجَوَابُ: نَعَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مُؤَاخَذَةً بِإِقْرَارِهِ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا إِنْ آذَيْتِنِي يَكُونُ سَبَبَ الْفِرَاقِ بَيْنِي وَبَيْنَكِ، فَاخْتَلَسَتْ لَهُ نِصْفَ فِضَّةٍ، فَمَا يَقَعُ عَلَيْهِ.
الْجَوَابُ: يُطَلِّقُهَا حِينَئِذٍ طَلْقَةً، فَيَبَرُّ مِنْ حَلِفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَنَامُ بِحِذَاءِ زَوْجَتِهِ، فَجَاءَتْ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ فِي النَّوْمِ وَاضْطَجَعَتْ حِذَاءَهُ وَأَيْقَظَتْهُ، فَقَامَ مِنْ نَوْمِهِ وَلَمْ يَنَمْ بِحِذَائِهَا، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟
الْجَوَابُ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ، فَقَالَتْ لَهُ: قُلْ لِي: طَالِقٌ، فَقَالَ: طَالِقٌ، بِلَا نِيَّةٍ، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ؟
الْجَوَابُ: لَا يَقَعُ حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَنْتِ أَوْ زَوْجَتِي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: شَاهِدٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي وَرَقَةٍ رَسْمَ شَهَادَةٍ، فَكَتَبَ الْحَالِفُ أَوَّلًا، ثُمَّ كَتَبَ الْآخَرُ.
الْجَوَابُ: إِنْ لَمْ تَكُنْ أَصْلُ الْوَرَقَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِخَطِّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ تَوَاطُؤٌ وَلَا عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهَا - لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ.
مَسْأَلَةٌ
مَا قَوْلُكُمْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالتُّقَى
…
بَقِيتُمْ فِي عِزَّةٍ وَفِي ارْتِقَا
فِي رَجُلٍ طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ
…
زَوْجَتَهُ يَا قُرَّةً لِعَيْنِ
ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِشَخْصٍ، فَإِذَا
…
مَا طُلِّقَتْ مِنْهُ، فَهَلْ مِنْ بَعْدِ ذَا
لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ هَلْ تَعُودُ
لَا، فَارَقَتْ أَبْوَابَكَ السُّعُودُ
…
عَلَى ثَلَاثٍ مِثْلَ مَا قَدْ كَانَتْ
أَوْ بِالَّذِي يَبْقَى بُعَيْدَ بَانَتْ
…
وَمَا هُوَ الْحُكْمُ أَفْتِنَا مَأْجُورَا
،
فَطَالِعُ السَّعْدِ يُضِيءُ نُورَا
الْجَوَابُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ وَفَّقَا
…
إِلَى الْجَوَابِ بِالصَّوَابِ الْمُنْتَقَى
ثُمَّ عَلَى نَبِيِّنَا الْأَمِينِ
…
صَلَاتُهُ تُشْرِقُ كُلَّ حِينِ
إِنْ طَلْقَتَيْنِ طَلَّقَ الزَّوْجُ وَذَا
…
مِنْ بَعْدِ مَا تَزَوَّجَتْ قَدْ أَخَذَا
فَإِنَّهَا بِطَلْقَةٍ تَعُودُ
…
قَدْ قَالَهُ إِمَامُنَا الْمُفِيدُ
وَلَيْسَ حَقًّا بِالثَّلَاثِ عَادَتْ
،
فَافْهَمْ جَوَابِي، فَهْمَ حَبْرٍ قَانِتْ
…
وابن السيوطي الشافعي يَرْتَجِي
مِنْ رَبِّهِ مَغْفِرَةً وَيَلْتَجِي
مَسْأَلَةٌ: قَوْلُ الْمِنْهَاجِ فِي الطَّلَاقِ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ، وَلَا يَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ، هَلْ هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَوْ بِفَتْحِهَا، وَمَا مَعْنَاهُ؟
الْجَوَابُ: هُوَ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ التَّعَبُ مِنَ الْقَوْلِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْعِيُّ خِلَافُ الْبَيَانِ.
مَسْأَلَةٌ: شَخْصٌ أَرَادَ أَنْ يَحْبِسَ رَجُلًا بَدَيْنٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ طَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ بَائِنًا لَمْ
أَحْبِسْكَ، أَوْ قَالَ لَهُ: إِنْ لَمْ تُطَلِّقْهَا بَائِنًا حَبَسْتُكَ، فَطَلَّقَهَا بِمَالٍ خَوْفًا مِنَ الْحَبْسِ، هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَتَهْدِيدُهُ بِالْحَبْسِ عَلَى الدَّيْنِ إِكْرَاهٌ بِحَقٍّ، فَلَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَهُوَ ظُلْمٌ؛ لِأَنَّ حَبْسَ الْمُعْسِرِ لَا يَجُوزُ، فَهُوَ إِكْرَاهٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ.
مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: تَكُونِي طَالِقًا، هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا؟ لِاحْتِمَالِ هَذَا اللَّفْظِ الْحَالَ وَالِاسْتِقْبَالَ، وَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ أَمْ كِنَايَةٌ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فِي الْحَالِ، فَمَتَى يَقَعُ، أَبِمُضِيِّ لَحْظَةٍ أَمْ لَا يَقَعُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ مُبْهَمٌ.
الْجَوَابُ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كِنَايَةٌ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ طَلُقَتْ، أَوِ التَّعْلِيقَ احْتَاجَ إِلَى ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ؛ ثُمَّ بَحَثَ بَاحِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، فَقَالَ: الْكِنَايَةُ مَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَقُلْتُ: بَلْ هُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ إِنْشَاءَ الطَّلَاقِ وَالْوَعْدَ بِهِ، فَقَالَ: إِذَا قَصَدَ الِاسْتِقْبَالَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ كَالْمُعَلَّقِ عَلَى مُضِيِّ زَمَانٍ، فَقُلْتُ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْلِيقِ، وَلَا بُدَّ فِي التَّعْلِيقَاتِ مِنْ ذِكْرِ الْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْفِعْلُ أَوِ الزَّمَنُ مَثَلًا، وَهُنَا لَمْ يَقَعْ ذِكْرُ الزَّمَانِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، قَالَ: هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِعْلِ، وَهُوَ: تَكُونِي، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحَدَثِ وَالزَّمَانِ. قُلْتُ: دَلَالَتُهُ عَلَيْهِمَا لَيْسَتْ بِالْوَضْعِ وَلَا لَفْظِيَّةً، وَلِهَذَا قَالَ النُّحَاةُ: إِنَّ الْفِعْلَ وُضِعَ لِحَدَثٍ مُقْتَرِنٍ بِزَمَانٍ، وَلَمْ يَقُولُوا: إِنَّهُ وُضِعَ لِلْحَدَثِ وَالزَّمَانِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ جِنِّي فِي الْخَصَائِصِ بِأَنَّ الدَّلَالَاتِ فِي عُرْفِ النُّحَاةِ ثَلَاثٌ: لَفْظِيَّةٌ وَصِنَاعِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ، فَالْأُولَى كَدَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَى الْحَدَثِ، وَالثَّانِيَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الزَّمَانِ، وَالثَّالِثَةُ كَدَلَالَتِهِ عَلَى الْفِعَالِ، وَصَرَّحَ ابن هشام الخضراوي فِي الْإِفْصَاحِ بِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَفْعَالِ عَلَى الزَّمَانِ لَيْسَتْ لَفْظِيَّةً، بَلْ هِيَ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ أُصُولِ النَّحْوِ، وَدَلَالَاتُ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْأَقَارِيرِ وَنَحْوِهَا، بَلْ لَا يُعْتَمَدُ فِيهَا إِلَّا عَلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ وَالدَّلَالَةُ اللَّفْظِيَّةُ، فَثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ وَعْدٌ، وَهُوَ مُضَارِعٌ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ حَرْفُ التَّنْفِيسِ لَقِيلَ: سَوْفَ تَكُونِينَ طَالِقًا، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ وَعْدٌ بِلَا شَكٍّ، فَكَذَا عِنْدَ تَجَرُّدِهِ مِنْ سَوْفَ، فَإِنْ قِيلَ: لَفْظُ السُّؤَالِ: تَكُونِي، بِحَذْفِ النُّونِ، قُلْتُ: لَا فَرْقَ، فَإِنَّهُ لُغَةٌ، وَعَلَى تَقْرِيرِ أَنْ يَكُونَ لَحْنًا، فَلَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَيْنَ الْمُعْرَبِ وَالْمَلْحُونِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَمْرَ، عَلَى حَذْفِ اللَّامِ؛ أَيْ لِتَكُونِي، فَهُوَ إِنْشَاءٌ، فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ بِلَا شَكٍّ.
مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ دَخَلَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ إِلْزَامِهِ، فَدَخَلَ فَوَجَدَهَا قَائِمَةً مَشْدُودَةَ الْوَسَطِ، فَقَالَ: صِرْتِ خَدِيمَةَ الطَّلَاقِ، يَلْزَمُنِي مَا بَقِيتُ تَدْخُلِي مِنْ هَذِهِ الْعَتَبَةِ، ثُمَّ إِنْ صَاحِبَةَ الْبَيْتِ انْتَقَلَتْ إِلَى دَارٍ أُخْرَى، فَهَلْ إِذَا دَخَلَتِ الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا الدَّارَ الثَّانِيَةَ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟
الْجَوَابُ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ الدَّارِ الثَّانِيَةِ، وَيَقَعُ بِدُخُولِ الْأُولَى مِنْ تِلْكَ الْعَتَبَةِ وَلَوْ بَعْدَ النُّقْلَةِ؛ لِأَجْلِ التَّعْيِينِ بِالْإِشَارَةِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِشَخْصٍ، فَطَالَبَهُ، فَحَلَفَ الْمَدْيُونُ بِالطَّلَاقِ مَتَى أَخَذْتَ مِنِّي هَذَا الْمَبْلَغَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَا أَسْكُنُ فِي هَذِهِ الْحَارَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَوَّضَ فِي الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قُمَاشًا وَانْتَقَلَ مِنْ وَقْتِهِ، فَهَلْ إِذَا عَادَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: هُنَا أَمْرَانِ يُتَكَلَّمُ فِيهِمَا: الْأَوَّلُ كَوْنُهُ تَعَوَّضَ بِالْمَبْلَغِ قُمَاشًا، وَالْحَلِفُ عَلَى أَخْذِ هَذَا الْمَبْلَغِ، فَالْإِشَارَةُ إِلَى الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ نَقْدٌ وَالْمَأْخُوذُ غَيْرُ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَقَعْ أَخْذُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْأَخْذِ مُطْلَقَ الِاسْتِيفَاءِ، فَيَقَعُ حِينَئِذٍ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، الثَّانِي الْعُودُ بَعْدَ النُّقْلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ وَهُوَ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ، فَوَاضِحٌ، وَإِنْ وَقَعَ وَهُوَ فِي صُورَةِ قَصْدِ مُطْلَقِ الِاسْتِيفَاءِ، فَالْحَلِفُ قَدْ وَقَعَ عَلَى السُّكْنَى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، فَيَحْنَثُ بِالسُّكْنَى فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَتَى غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِلَا نَفَقَةٍ كَانَتْ طَالِقًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ أَبُوهَا وَأَخَذَهَا مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَسَافَرَ بِهَا إِلَى قُطْرٍ آخَرَ، فَجَاءَ الزَّوْجُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَسَأَلَ عَنْ زَوْجَتِهِ، فَأُخْبِرَ بِمَا وَقَعَ، فَتَخَلَّفَ الرَّجُلُ عَنِ السَّفَرِ إِلَيْهِمْ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ لِأَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَيَنْزِلُ قَوْلُهُ: بِلَا نَفَقَةٍ، عَلَى النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ تَحْصُلِ الْغَيْبَةُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنَّمَا حَصَلَتْ مِنْ جِهَتِهَا، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنَ الْمَنْقُولِ مَنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ، فَفَارَقَهُ الْغَرِيمُ وَهُوَ وَاقِفٌ لَمْ يَتْبَعْهُ، لَمْ يَحْنَثْ، سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ لَمْ تَحْصُلْ مِنْ جِهَتِهِ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنِّي أَجْوَدُ مِنْ فُلَانٍ، فَهَلْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ؟ وَرَجُلٌ حَلَفَ أَنَّ هَذَا الشَّاشَ لِغَيْرِهِ، الَّذِي عَلَى رَأْسِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو، وَأَشَارَ إِلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ الشَّاشَ لِغَيْرِهِ،
وَكَانَ الْحَالِفُ عَهِدَ شَاشَ عَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ، فَهَلْ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْإِشَارَةِ عَلَى الظَّنِّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟ وَرَجُلٌ أَكْرَهَ زَيْدًا عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِي مَجْلِسِهِ بِطَلْقَةٍ، فَلَمْ يُوقِعْهَا فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ فِي التَّرْسِيمِ وَخَلَعَ زَوْجَتَهُ بِطَلْقَةٍ عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ، فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ إِكْرَاهًا وَلَا يَحْنَثُ؟ أَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِصَرِيحِ الْخُلْعِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ؟ وَمَا هُوَ الْأَجْوَدُ هَلِ الْأَفْضَلُ دِينًا أَوِ النَّسَبُ أَوِ الْأَكْرَمُ؟
الْجَوَابُ: الْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ: تَارَةً يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّ الْحَالِفَ أَجْوَدُ؛ أَيْ: أَدْيَنُ مِنَ الْآخَرِ، فَلَا حِنْثَ. وَتَارَةً يَعْرِفُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَدْيَنُ مِنْهُ، فَيَحْنَثُ. وَتَارَةً لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِمَا مُتَقَارِبَيْنِ فِي الدِّينِ أَوِ الْجِنْسِ، وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا أَمْيَزُ، فَلَا حِنْثَ؛ لِلشَّكِّ.
وَمَسْأَلَةُ الشَّاشِ يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ عِنْدِي، وَلِي فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفٌ، وَمَسْأَلَةُ الْخَالِعِ يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ اشْتَرَى خِرْقَةَ جُوخٍ، فَقَطْعَ بَعْضَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، فَقَالَ الْبَائِعُ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا يَلْبَسُهَا إِلَّا أَنَا؛ أَيِ: الْخِرْقَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَا نِيَّةَ لِلْحَالِفِ أَصْلًا، ثُمَّ اتَّفَقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يُفَصِّلَ الْخِرْقَةَ الْمَذْكُورَةَ وَيَخِيطَهَا، فَلَمَّا فُصِّلَتْ وَخِيطَتْ جِيءَ بِهَا وَعَلَّقَ فِيهَا مَا خَرَجَ مِنْهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِهِ عِنْدَ الْخَيَّاطِ مِنْ قُوَارَةٍ وَمَا يُقْطَعُ مِنَ الذَّيْلِ وَغَيْرِهِ لِلْإِصْلَاحِ، وَلَبِسَهَا الْبَائِعُ ثُمَّ نَزَعَهَا وَقَلَعَ مِنْهَا مَا عَلَّقَهُ فِيهَا مِنَ الْقُوَارَةِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا لِلْمُشْتَرِي، فَلَبِسَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ، فَهَلِ الْيَمِينُ تَعَلَّقَتْ بِحَمْلِهِ هَذِهِ الْخِرْقَةَ حَتَّى لَا يَحْنَثَ الْحَالِفُ بِلُبْسِ غَيْرِهِ لَهَا بَعْدَ إِزَالَةِ مَا ذُكِرَ، أَوْ يُحْمَلُ الْيَمِينُ عَلَى خِلَافِ الْقُوَارَةِ وَغَيْرِهَا، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْيَمِينُ؟ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ فُتَاتِ الْخُبْزِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَكَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ: إِذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ، فَخَيَّطَهُ قَمِيصًا أَوْ قِبَاءً أَوْ جُبَّةً أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ جَعَلَ الْخُفَّ نَعْلًا، حَنِثَ بِالْمُتَّخَذِ مِنْهُ، حَتَّى يَحْنَثَ الْبَائِعُ بِلُبْسِهَا بَعْدَ إِزَالَةِ مَا ذُكِرَ؟
الْجَوَابُ: يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صِيغَةِ الْحَصْرِ، حَيْثُ حَلَفَ لَا يَلْبَسُهَا إِلَّا هُوَ، وَلَا يُفِيدُ فِي دَفْعِ الْحِنْثِ إِزَالَةُ مَا ذَهَبَ بِالتَّفْصِيلِ مِنْ قُوَارَةٍ وَقُصَاصَةٍ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِإِزَالَةِ ذَلِكَ فِي حَالِ التَّفْصِيلِ؛ لِيَحْصُلَ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ فِي مِثْلِهَا، وَهَذَا مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَا وَقْفَةَ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرَّغِيفَ، فَأَكَلَهُ إِلَّا لُقْمَةً، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُمَارَسَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ: إِحْدَى زَوْجَاتِي طَالِقٌ، وَكَرَّرَ ذَلِكَ، يَقَعُ عَلَيْهِ بِكُلِّ
مَرَّةٍ طَلْقَةٌ؟ وَعِنْدَ قَوْلِهِ لَهُنَّ: إِحْدَى هَؤُلَاءِ طَالِقٌ، وَكَرَّرَ ذَلِكَ، لَا يَقَعُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدَةٍ وَلَا يَقَعُ بِالتَّكْرَارِ شَيْءٌ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِرَادَةُ إِنْشَاءٍ أَوْ إِخْبَارٍ، فَمَا هُوَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ التَّكْرَارِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَهَلِ الْحُكْمُ فِي الْعِتْقِ كَالْحُكْمِ فِي الطَّلَاقِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟
الْجَوَابُ: [هَذِهِ] الْمَسْأَلَةُ لَا وُجُودَ لَهَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي شُرُوحِ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَا حُكْمًا وَلَا تَصْوِيرًا، وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ اسْتِوَاءُ الصُّورَتَيْنِ، وَأَنَّهُ إِنْ قَصَدَ فِيهِمَا الِاتِّحَادَ لَمْ تَطْلُقْ غَيْرُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوِ التَّعَدُّدَ، وَقَعَ بِحَسَبِ مَا عَدَّدَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ، هَذَا بِحَسَبِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَأَمَّا عَدَدُ الطَّلَقَاتِ فَمَرْتَبَةٌ ثَانِيَةٌ، فَإِنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ فَوَاحِدَةٌ، أَوِ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ، فَثَلَاثٌ فِي صُورَتَيْ مَا إِذَا لَمْ يَقْصِدْ إِلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً بِلَا شَكٍّ أَوْ أَطْلَقَ، فِيمَا بَحَثْنَاهُ وَلَمْ نَرَهُ مَنْقُولًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ وَزَوْجَتِي كَذَلِكَ، هَلْ تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ؟
الْجَوَابُ: ذَكَرَ الرافعي أَنَّهُ لَوْ قَالَ: نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ، وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي، لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى نِسْوَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَأَنْتِ يَا أُمَّ أَوْلَادِي، لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ، قَالَ الإسنوي فِي التَّمْهِيدِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ، حَتَّى إِذَا أَشَارَ إِلَى أَجْنَبِيَّةٍ فَقَالَ: طَلَّقْتُ هَذِهِ وَزَوْجَتِي، لَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ. انْتَهَى.
فَقَدْ يَقِفُ الْوَاقِفُ عَلَى هَذَا النَّقْلِ، فَيَظُنُّ أَنَّهُ الصُّورَةُ الْمَسْؤُولُ عَنْهَا، فَيُبَادِرُ إِلَى الْجَوَابِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الصُّورَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الرافعي وَالَّتِي ذَكَرَهَا الإسنوي فِي الْعَطْفِ خَاصَّةٌ، وَهُوَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي، أَوْ قَوْلِهِ: وَزَوْجَتِي، وَأَمَّا الصُّورَةُ الَّتِي فِي السُّؤَالِ، فَلَيْسَتْ عَطْفًا بَلْ جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ، حَيْثُ ضَمَّ إِلَيْهَا قَوْلَهَ: كَذَلِكَ؛ أَيْ طَالِقٌ، فَالَّذِي يُقَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: إِنَّهَا صِيغَةُ كِنَايَةٍ، إِنْ نَوَى طَلَاقَهَا بِذَلِكَ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ هُوَ أَوْ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتَ كَهِيَ، فَإِنْ نَوَى طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا، فَقَالَتْ: يَكْفِينِي وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: الْبَاقِي لِضَرَّتِكِ، فَإِنَّهُ إِنْ نَوَى وَقَعَ عَلَى الضَّرَّةِ طَلْقَتَانِ وَإِلَّا فَلَا، فَقَوْلُهُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ: وَزَوْجَتِي كَذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ كَهِيَ، وَكَقَوْلِهِ: الْبَاقِي لِضَرَّتِكِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّخْرِيجَ مِنْ أَصْلِهِ مَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى
طَلَاقِ حَفْصَةَ مَثَلًا، فَقَالَ لَهَا وَلِعَمْرَةَ: طَلَّقْتُكُمَا، فَإِنَّهُمَا يَطْلُقَانِ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: طَلَّقْتُ حَفْصَةَ وَطَلَّقْتُ عَمْرَةَ، أَوْ حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ، لَمْ تَطْلُقِ الْمُكْرَهُ عَلَيْهَا وَهِيَ حَفْصَةُ وَتَطْلُقُ الْأُخْرَى، فَانْظُرْ كَيْفَ فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالْجُمَلِ الْمُسْتَقِلَّةِ فِي الْحُكْمِ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَكَّلْتُكِ فِي تَطْلِيقِ نَفْسِكِ، وَأَتَى بِهَذَا اللَّفْظِ؛ أَيْ لَفْظِ التَّوْكِيلِ، فَهَلْ يَكُونُ هَذَا تَوْكِيلًا حَتَّى لَوْ طَلَّقَتْ بَعْدَ شَهْرٍ نَفَذَ، أَوْ تَمْلِيكًا حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ الْفَوْرُ؟
الْجَوَابُ: ذَهَبَ القاضي حسين فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إِلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِيهِ وَإِنْ صَرَّحَ بِالتَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَشُوبُهُ شُعْبَةٌ مِنَ التَّمْلِيكِ، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ، وَلَكِنَّهُ مُتَفَرِّدٌ بِهِ بَيْنَ الْأَصْحَابِ، هَكَذَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَهُ الرافعي فِي الشَّرْحِ بِاخْتِصَارٍ والنووي فِي الرَّوْضَةِ بِأَخْصَرَ مِمَّا فِي الشَّرْحِ.
مَسْأَلَةٌ: شَخْصٌ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَخْبِزُ فَطِيرًا عِنْدَ الْجِيرَانِ، فَعَجَنَتْ دَقِيقًا وَجَعَلَتْ فِيهِ خَمِيرًا، ثُمَّ خَبَزَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ عِنْدَ الْجِيرَانِ، وَقَصْدُهُ مَنْعُهَا مَنْ خَبْزِ الْفَطِيرِ عِنْدَهُمْ، فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِي ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ قِيلَ لَهُ: إِنْ لَمْ تَطَأْ زَوْجَتَكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ تَكُونُ طَالِقًا، فَقَالَ: إِي، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَلَمْ يَطَأْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إِي، حَرْفُ جَوَابٍ كَنَعَمْ، يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَبَرِ وَفِي الْإِنْشَاءِ، قَالَ تَعَالَى فِي الْإِنْشَاءِ:{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53] وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ نَعَمْ صَرِيحَةٌ فِي الْإِنْشَاءِ كَالْخَبَرِ، فَكَذَلِكَ إِي، فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِلَا نِيَّةٍ إِلَّا أَنَّ عِنْدِي فِيهِ وَقْفَةً مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَعْلِيقٌ لَا تَنْجِيزٌ، فَقَدْ يُقَالُ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ، إِلَّا أَنَّ الْأَقْرَبَ عَدَمُ الْفَرْقِ، خُصُوصًا وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ السُّؤَالَ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ.