الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْآيَةِ مِنَ الصِّفَاتِ لَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنَ الصِّفَاتِ، فَالْمَعْطُوفَاتُ مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ لَا مِنْ عَطْفِ الذَّوَاتِ، وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْبَالِغُونَ دَرَجَةَ الْكَمَالِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَدِّ أَكْمَلُ مَا أَعَدَّ بِدَلِيلِ تَنْكِيرِ مَغْفِرَةِ الدَّالِّ عَلَى التَّعْظِيمِ، وَتَنْكِيرِ أَجْرِ الدَّالِّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَوَصْفِهِ تَعْظِيمًا وَإِذَا قَالَ اللَّهُ لِشَيْءٍ: عَظِيمٌ؛ فَهُوَ عَظِيمٌ جِدًّا، لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ مَا أُعِدَّ لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَّصِفُوا بِكُلِّ هَذِهِ الصِّفَاتِ، أَوْ بِبَعْضِهَا فَإِنَّ أَجْرَهُمْ دُونَ ذَلِكَ، هَذَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْبَاطُ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْمَعَانِي، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ عَنِ الْعُلَمَاءِ فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: إِنَّ الْمَوْعُودَ فِي الْقُرْآنِ بِالْجَنَّةِ لَمْ يَقَعْ مُرَتَّبًا عَلَى مُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْإِيمَانِ، بَلْ لَمْ يَقَعْ فِيهِ إِلَّا مَقْرُونًا بِاشْتِرَاكِ انْضِمَامِ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الْحَثِّ عَلَى الْأَعْمَالِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الْوَاقِعَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كُلٌّ مِنْهَا جُزْءُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كُلٌّ مِنْهَا مَحْكُومًا عَلَيْهِ اسْتِقْلَالًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْبَاطُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلُّ فَرْدٍ مَحْكُومًا عَلَيْهِ اسْتِقْلَالًا لَزِمَ الْحُكْمُ عَلَى فَرْدٍ مِنَ الْأَعْمَالِ كَالصَّوْمِ أَوِ الصَّدَقَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ مُجَرَّدًا عَنِ الْوَصْفِ الْمُصَدَّرِ بِهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَالْإِيمَانُ، وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا، وَإِذَا بَطَلَ اللَّازِمُ بَطَلَ الْمَلْزُومُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا مُسْتَثْنًى لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِهِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ خَارِجٍ؛ قُلْنَا: وَالْبَاقِي أَيْضًا دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ مَجْمُوعِهِ الْقَوَاعِدُ الْعَرَبِيَّةُ وَالْبَيَانِيَّةُ، وَالسِّيَاقُ يُرْشِدُ إِلَيْهِ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحِسَابِ وَالْوَزْنِ وَالتَّقَاصِّ إِذَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا بِلَفْظِهَا مَعَ مُرَاعَاةِ قَوَاعِدِ الِاسْتِدْلَالِ وَأَسَالِيبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الِاجْتِهَادِ أَنْتَجَتْ لِلْمُجْتَهِدِ أَنَّ الْإِعْدَادَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[سُورَةُ سَبَأٍ]
مَسْأَلَةٌ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَارِي الْخَلْقِ وَالنَّسَمِ
…
وَمُنْزِلِ الْكُتْبِ لِلتَّبْيِينِ لِلْأُمَمِ
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَبْعُوثِ مِنْ مُضَرٍ
…
مُحَمَّدِ الْمُصْطَفَى الْهَادِي مِنَ الظُّلَمِ
وَآلِهِ وَصِحَابٍ ثُمَّ شِيعَتِهِ
…
وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ لِأَثَرِهِمِ
مَاذَا تَقُولُ مَوَالِينَا وَسَادَتُنَا
…
وَقُدْوَةُ الْخَلْقِ لِلرَّحْمَنِ بِالْحِكَمِ؟
مَنْ مَدْحُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ مُنْتَظِمٌ
…
بِفَاطِرٍ وَسِوَاهَا أَيَّ مُنْتَظِمِ
أَبْقَاهُمُ اللَّهُ فِي خَيْرٍ وَفِي دَعَةٍ
…
وَفِي ازْدِيَادِ عُلُومٍ فَوْقَ عِلْمِهِمِ
هَلْ جَازَ أَنْ يَقْرَأَ الْإِنْسَانُ فِي سَبَأٍ
مِنْسَاتِهِ وَبِجَرِّ الْهَاءِ كَالْقَسَمِ
…
وَهَلْ يُجَازَى بِهَا بِالْيَاءِ إِنْ ضُمِمَتْ
بِكَسْرِ زَايٍ وَضَمِّ الرَّاءِ فِي الْكَلِمِ
…
وَهَلْ هِشَامٌ قَرَا فِي نَصِّ مَذْهَبِهِ
عَنِ ابْنِ عَامِرٍ ابْرَاهَامَ مُلْتَزِمِ؟
…
فِي سُورَةِ الْحَجِّ أَوْ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَمَا
تَرَوْنَ فِيمَنْ قَرَا هَذَا بِلَا كَتَمِ؟
…
وَحَالِفٍ بِطَلَاقٍ مِنْ حَلِيلَتِهِ
بِأَنَّ ذَا لَيْسَ مِنْ سَبْعٍ عَلَى الْأُمَمِ
الْجَوَابُ: أَمَّا مَنْ قَرَأَ (مِنْسَأَتِهِ) بِالْجَرِّ فَهُوَ لَاحِنٌ مُخْطِئٌ غَالِطٌ جَاهِلٌ ; لِأَنَّهَا مَفْعُولُ تَأْكُلُ، وَالْمِنْسَأَةُ: الْعَصَا، وَأَمَّا (وَهَلْ يُجَازَى إِلَّا الْكَفُورُ) فَفِيهِ قِرَاءَتَانِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَرَفْعِ الْكَفُورِ نَائِبًا عَنِ الْفَاعِلِ، وَبِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَنَصْبِ الْكَفُورِ مَفْعُولًا، وَلَيْسَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إِبْرَاهَامُ فِي الْحَجِّ وَالْأَنْبِيَاءِ فَلَمْ يَرِدْ مِنْ طَرِيقِ التَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ، لَكِنَّ ابن الجزري ذَكَرَ فِي النَّشْرِ أَنَّ عياشا رَوَى عَنِ ابن عامر أَنَّهُ قَرَأَ إِبْرَاهَامَ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ، وَقَدْ ذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقِرَاءَاتِ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِيمَا فِي التَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ، لَكِنْ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مِنْ شَوَاذِّ السَّبْعَةِ، فَقَدْ ذَكَرَ السبكي وَغَيْرُهُ أَنَّ عِنْدَهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا شَاذًّا، وَأَمَّا الْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ أَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَيْسَتْ مِنَ السَّبْعِ فَأَقُولُ: إِنْ كَانَ مِنَ الْمُبْتَدِئِينَ فِي هَذَا الْفَنِّ مِمَّنْ أَخَذَ بِالتَّيْسِيرِ وَالشَّاطِبِيَّةِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ مُرَادَهُ لَيْسَتْ مِنَ السَّبْعِ مِنْ طَرِيقِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا الْآنَ الْمُعَوَّلُ، فَيَمِينُهُ مَخْصُوصَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُتَبَحِّرِينَ مِمَّنْ أَمْكَنَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِي النَّشْرِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَصِلَ إِلَى دَرَجَةِ التَّرْجِيحِ بِحَيْثُ يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ شُذُوذُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَعَدَمُ إِثْبَاتِهَا، فَلَا يَحْنَثُ حِينَئِذٍ، وَقُلْتُ فِي الْجَوَابِ نَظْمًا:
الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْأَفْضَالِ وَالنِّعَمِ
…
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَبْعُوثِ لِلْأُمَمِ
مَنْ قَالَ فِي سَبَأٍ مِنْسَاتِهِ وَأَتَى
…
بِالْجَرِّ فَهْوَ حِمَارٌ قُدْهُ بِاللُّجُمِ
وَمَنْ قَرَا هَلْ نُجَازِي نُونٌ أَوَّلُهُ
…
وَكَسْرُ زَايٍ فَنَصْبُ الرَّاءِ عَنْهُ نُمِي
وَلَيْسَ فِي الْحَجِّ إِبْرَاهَامُ وَاقْتَرَبَا
…
لَا فِي الْقَصِيدِ وَلَا التَّيْسِيرِ فَاحْتَكِمِ
لَكِنَّ فِي النَّشْرِ عَنْ عَيَّاشِ يَأْثِرُهُ
…
عَنِ ابْنِ عَامِرِهِمْ يَا طِيبَ نَشْرِهِمِ
وَحَالِفٌ بِطَلَاقٍ إِذْ نَفَاهُ مِنَ السَّ
…
بْعِ الْجَوَابُ لَهُ التَّفْصِيلُ فَارْتَسِمِ
إِنْ كَانَ مُبْتَدِئًا لَا حِنْثَ يَلْحَقُهُ
…
إِذْ نَفْيُهُ بِيَمِينٍ وَفْقَ ظَنِّهِمِ