المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قطف الثمر في موافقات عمر] - الحاوي للفتاوي - جـ ١

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌[الفتاوى الفقهية] [

- ‌مقدمة المؤلف]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْآنِيَةِ]

- ‌[بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ]

- ‌[بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ]

- ‌[بَابُ الْغُسْلِ]

- ‌[بَابُ النَّجَاسَةِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[تُحْفَةُ الْأَنْجَابِ بِمَسْأَلَةِ السِّنْجَابِ]

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[الْحَظُّ الْوَافِرُ مِنَ الْمَغْنَمِ فِي اسْتِدْرَاكِ الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ]

- ‌[بَابُ الْمَوَاقِيتِ]

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[ذِكْرُ التَّشْنِيعِ فِي مَسْأَلَةِ التَّسْمِيعِ]

- ‌[بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌[قَوْلُهُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ هَلْ هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ بِالْمُعْجَمَةِ]

- ‌[جُزْءٌ فِي صَلَاةِ الضُّحَى]

- ‌[ذِكْرُ اسْتِنْبَاطِهَا مِنَ الْقُرْآنِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا]

- ‌[الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَمْرِ بِهَا وَالتَّرْغِيبِ فِيهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[بَسْطُ الْكَفِّ فِي إِتْمَامِ الصَّفِّ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[اللُّمْعَةُ فِي تَحْرِيرِ الرَّكْعَةِ لِإِدْرَاكِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[ضَوْءُ الشَّمْعَةِ فِي عَدَدِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ اللِّبَاسِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[الْجَوَابُ الْحَاتِمُ عَنْ سُؤَالِ الْخَاتَمِ]

- ‌[ثَلْجُ الْفُؤَادِ فِي أَحَادِيثِ لُبْسِ السَّوَادِ]

- ‌[بَابُ الْعِيدِ]

- ‌[وُصُولُ الْأَمَانِي بِأُصُولِ التَّهَانِي]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْفَضَائِلِ الْعَلِيَّةِ وَالْمَنَاقِبِ الدِّينِيَّةِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالتَّوْبَةِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعَافِيَةِ مِنَ الْمَرَضِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِتَمَامِ الْحَجِّ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْقُدُومِ مِنَ الْحَجِّ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْقُدُومِ مِنَ الْغَزْوِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالنِّكَاحِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْمَوْلُودِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِشَهْرِ رَمَضَانَ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالثَّوْبِ الْجَدِيدِ]

- ‌[التَّهْنِئَةُ بِالصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ سَقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَمْ يَخْتَلِجْ وَقَدْ بَلَغَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا هَلْ تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَوَائِدُ الْمُمْتَازَةُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[بَذْلُ الْعَسْجَدِ لِسُؤَالِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[كِتَابُ الْبَيْعِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[بَابُ الْخِيَارِ]

- ‌[بَابُ الْإِقَالَةِ]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[أَسْلَمَ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ إِرْدَبًّا أُرْزًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَأَقْبَضَ]

- ‌[قَدْحُ الزَّنْدِ فِي السَّلَمِ فِي الْقَنْدِ]

- ‌[بَابُ الْقَرْضِ] [

- ‌اقْتَرَضَ جَارِيَةً مَجُوسِيَّةً]

- ‌[قَطْعُ الْمُجَادَلَةِ عِنْدَ تَغْيِيرِ الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[بَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ]

- ‌[بَابُ الْإِبْرَاءِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[بَذْلُ الْهِمَّةِ فِي طَلَبِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ]

- ‌[بَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[هَدْمُ الْجَانِي عَلَى الْبَانِي]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ]

- ‌[ذِكْرُ نَقُولِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[الْبَارِعُ فِي إِقْطَاعِ الشَّارِعِ]

- ‌[الْجَهْرُ بِمَنْعِ الْبُرُوزِ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ]

- ‌[ذِكْرُ نُقُولِ مَذْهَبِنَا]

- ‌[ذِكْرُ نُقُولِ الْمَالِكِيَّةِ]

- ‌[ذِكْرُ نُقُولِ الْحَنَفِيَّةِ]

- ‌[ذِكْرُ نُقُولِ الْحَنَابِلَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ وَطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَابُ الْوَقْفِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[الْإِنْصَافُ فِي تَمْيِيزِ الْأَوْقَافِ]

- ‌[كَشْفُ الضَّبَابَةِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِنَابَةِ]

- ‌[الْمَبَاحِثُ الزَّكِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الدِّوْرِكِيَّةِ]

- ‌[الْقَوْلُ الْمُشَيَّدُ فِي وَقْفِ الْمُؤَيَّدِ]

- ‌[بَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[الْبَدْرُ الَّذِي انْجَلَى فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَا]

- ‌[بَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[تَقْبِيلُ الْخُبْزِ هَلْ هُوَ بِدْعَةٌ أَمْ لَا]

- ‌[حُسْنُ الْمَقْصِدِ فِي عَمَلِ الْمَوْلِدِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[الْقَوْلُ الْمُضِيُّ فِي الْحِنْثِ فِي الْمُضِيِّ]

- ‌[فَتْحُ الْمَغَالِقِ مِنْ أَنْتِ تَالِقٌ]

- ‌[الْمُنْجَلِي فِي تَطَوُّرِ الْوَلِيِّ]

- ‌[بَابُ اللِّعَّانِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[النُّقُولُ الْمُشْرِقَةُ فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ]

- ‌[تَنْزِيهُ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تَسْفِيهِ الْأَغْبِيَاءِ]

- ‌[بَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ] [

- ‌الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ فِي الْفَلَوَاتِ عَلَى الطُّيُورِ]

- ‌[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ عَلَى دَارٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَمْلِكُ جَمِيعَهَا]

- ‌[حُسْنُ التَّصْرِيفِ فِي عَدَمِ التَّحْلِيفِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ]

- ‌[مسائل متفرقة]

- ‌[الْقَوْلُ الْمَشْرِقُ فِي تَحْرِيمِ الِاشْتِغَالِ بِالْمَنْطِقِ]

- ‌[رَفْعُ الْبَاسِ وَكَشْفُ الِالْتِبَاسِ فِي ضَرْبِ الْمَثَلِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالِاقْتِبَاسِ]

- ‌[ذِكْرُ مَنِ اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ غَيْرِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ]

- ‌[وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مِنِ اسْتِعْمَالِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَقَعَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَقَعَ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَقَعَ لِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيِّ مِنَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ]

- ‌[ذِكْرُ مَا اسْتَعْمَلَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي خُطْبَةِ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ تَضْمِينِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا اسْتَعْمَلَهُ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ مِنْ ذَلِكَ فِي خُطْبَةِ كِتَابِ عَرُوسِ الْأَفْرَاحِ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْمِفْتَاحِ]

- ‌[ذِكْرُ مَا اسْتَعْمَلَهُ الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ الْوَرْدِيِّ فِي مَقَامَتِهِ الْحُرْقَةِ لِلْخِرْقَةِ]

- ‌[أَسْئِلَةٌ وَارِدَةٌ مَنِ التَّكْرُورِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ]

- ‌[الْفَتَاوَى الْأُصُولِيَّةُ]

- ‌[الْفَتَاوَى الْقُرْآنِيَّةُ] [

- ‌سُورَةُ الْفَاتِحَةِ] [

- ‌سبب افتتاح القرآن الكريم بها]

- ‌[الْقُذَاذَةُ فِي تَحْقِيقِ مَحَلِّ الِاسْتِعَاذَةِ]

- ‌[سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ]

- ‌[سُورَةُ النِّسَاءِ]

- ‌[سُورَةُ الْأَعْرَافِ]

- ‌[سُورَةُ بَرَاءَةَ]

- ‌[سُورَةُ يُونُسَ]

- ‌[سُورَةُ هُودٍ]

- ‌[سُورَةُ يُوسُفَ] [

- ‌أسئلة عن سورة يوسف]

- ‌[دَفْعُ التَّعَسُّفِ عَنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ]

- ‌[سُورَةُ الْحِجْرِ]

- ‌[سُورَةُ النَّحْلِ]

- ‌[سُورَةُ الْإِسْرَاءِ]

- ‌[سُورَةُ الْكَهْفِ]

- ‌[سُورَةُ طه]

- ‌[سُورَةُ الْفُرْقَانِ]

- ‌[سُورَةُ الشُّعَرَاءِ]

- ‌[سُورَةُ الْأَحْزَابِ]

- ‌[سُورَةُ سَبَأٍ]

- ‌[سُورَةُ يس]

- ‌[سُورَةُ الصَّافَّاتِ]

- ‌[سُورَةُ الْفَتْحِ]

- ‌[سُورَةُ الْوَاقِعَةِ]

- ‌[سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ]

- ‌[سُورَةُ الْمُلْكِ]

- ‌[سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ]

- ‌[سُورَةُ وَالْمُرْسَلَاتِ]

- ‌[سُورَةُ اللَّيْلِ] [

- ‌سبب نزول لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى

- ‌[الْحَبْلُ الْوَثِيقُ فِي نُصْرَةِ الصِّدِّيقِ]

- ‌[سُورَةُ الْقَدْرِ]

- ‌[الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةُ] [

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[الْأَخْبَارُ الْمَأْثُورَةُ فِي الِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ]

- ‌[حكم الِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَنَوَّرَ]

- ‌[ذِكْرُ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ]

- ‌[ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَنَوَّرْ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[الْجَوَابُ الْحَزْمُ عَنْ حَدِيثِ التَّكْبِيرُ جَزْمٌ]

- ‌[الْمَصَابِيحُ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجِّ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَدَبِ وَالرَّقَائِقِ] [

- ‌مسائل متفرقة]

- ‌[الْقَوْلُ الْجَلِيُّ فِي حَدِيثِ الْوَلِيِّ]

- ‌[قَطْفُ الثَّمَرِ فِي مُوَافَقَاتِ عُمَرَ]

- ‌[إِعْمَالُ الْفِكْرِ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ]

- ‌[نَتِيجَةُ الْفِكْرِ فِي الْجَهْرِ بِالذِّكْرِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بِالذِّكْرِ تَصْرِيحًا أَوِ الْتِزَامًا]

- ‌[الدُّرُّ الْمُنَظَّمُ فِي الِاسْمِ الْأَعْظَمِ]

الفصل: ‌[قطف الثمر في موافقات عمر]

مَسْأَلَةٌ: هَلِ الشَّمْعُ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوِ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ؟ وَهَلِ الِاسْتِضَاءَةُ بِهِ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْأَدْهَانِ يَقُومُ مَقَامَهُ تُعَدُّ إِسْرَافًا؟

الْجَوَابُ: الشَّمْعُ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ قَدِيمٍ مِنْ زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ العسكري فِي الْأَوَائِلِ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أُوقِدَ لَهُ الشَّمْعُ جذيمة بن مالك الأبرش، وَهُوَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ بِدَهْرٍ، وَلَيْسَ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ إِسْرَافًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنَهَى عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُبَاحٌ، بَلْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ أُوقِدَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ دَفْنِهِ عبد الله ذا البجادين، وَقَدْ أَلَّفْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ مُؤَلَّفًا سَمَّيْتُهُ: مُسَامَرَةَ السَّمُوعِ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ.

[قَطْفُ الثَّمَرِ فِي مُوَافَقَاتِ عُمَرَ]

سُئِلْتُ عَنْ مُوَافَقَاتِ عمر رضي الله عنه فَنَظَمْتُ فِيهَا هَذِهِ الْأَبْيَاتَ:

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ

عَلَى نَبِيِّهِ الَّذِي اجْتَبَاهُ

يَا سَائِلِي وَالْحَادِثَاتُ تَكْثُرُ

عَنِ الَّذِي وَافَقَ فِيهِ عمر

وَمَا يُرَى أُنْزِلَ فِي الْكِتَابِ

مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ الصَّوَابِ

خُذْ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ فِي أَبْيَاتِ

مَنْظُومَةٍ تَأْمَنُ مِنْ شَتَاتِ

فَفِي الْمَقَامِ وَأُسَارَى بَدْرِ

وَآيَتَيْ تَظَاهُرٍ وَسَتْرِ

وَذِكْرِ جِبْرِيلَ لِأَهْلِ الْغَدْرِ

وَآيَتَيْنِ أُنْزِلَا فِي الْخَمْرِ

وَآيَةِ الصِّيَامِ فِي حِلِّ الرَّفَثْ

وَقَوْلِهِ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ يُبَثْ

وَقَوْلِهِ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى

يُحَكِّمُوكَ إِذْ بِقَتْلٍ أَفْتَى

وَآيَةٍ فِيهَا لِبَدْرٍ أَوْبَهْ

وَلَا تَصِلْ آيَةً فِي التَّوْبَةْ

وَآيَةٍ فِي النُّورِ هَذَا بُهْتَانُ

وَآيَةٍ فِيهَا بِهَا الِاسْتِئْذَانُ

وَفِي خِتَامِ آيَةٍ فِي الْمُؤْمِنِينَ

تَبَارَكَ اللَّهُ بِحِفْظِ الْمُتَّقِينَ

وَثُلَّةٌ مِنْ فِي صِفَاتِ السَّابِقِينَ

وَفِي سَوَاءِ آيَةِ الْمُنَافِقِينَ

وَعَدَّدُوا مِنْ ذَاكَ نَسْخَ الرَّسْمِ

لِآيَةٍ قَدْ نَزَلَتْ فِي الرَّجْمِ

وَقَالَ قَوْلًا هُوَ فِي التَّوْرَاةِ قَدْ

نَبَّهَهُ كعب عَلَيْهِ فَسَجَدْ

ص: 452

وَفِي الْأَذَانِ الذِّكْرُ لِلرَّسُولِ

رَأَيْتُهُ فِي خَبَرٍ مَوْصُولِ

وَفِي الْقُرْآنِ جَاءَ بِالتَّحْقِيقِ

مَا هُوَ مِنْ مُوَافِقِ الصِّدِّيقِ

كَقَوْلِهِ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي

عَلَيْكُمُ أَعْظِمْ بِهِ مِنْ فَضْلِ

وَقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْمُجَادَلَهْ

لَا تَجِدُ الْآيَةَ فِي الْمُخَالَلَهْ

نَظَمْتُ مَا رَأَيْتُهُ مَنْقُولَا

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَى

مَسْأَلَةٌ: حَدِيثُ: " الْغِنَاءُ يُنْبِتُ فِي الْقَلْبِ الْقَسْوَةَ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ " هَلْ وَرَدَ؟

الْجَوَابُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ ذَمِّ الْمَلَاهِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: " «الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ» " وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لَفْظَةَ الْغِنَى بِالْقَصْرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ غِنَى الْمَالِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ، وَصَوَّبَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ بِالْمَدِّ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّغَنِّي، وَلِهَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ ذَمِّ الْمَلَاهِي، وَاسْتَدَلَّ لِصِحَّةِ هَذَا بِأَنَّ ابْنَ أَبِي الدُّنْيَا أَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا قَالَ:" الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ، وَالذِّكْرُ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ " فَمُقَابَلَةُ الْغِنَاءِ بِالذِّكْرِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّغَنِّي.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَجِيءِ المهدي مِنَ الْغَرْبِ، هَلْ وَرَدَ فِيهِ أَثَرٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ؟ وَهَلْ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ الْآنَ بِالْمَغْرِبِ صِحَّةٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ مَجِيئُهُ قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى عليه السلام؟ وَهَلْ نُزُولُ عِيسَى مُؤَقَّتٌ بِوَقْتٍ؟ وَهَلْ يُقِيمُ بِالدُّنْيَا إِذَا نَزَلَ وَيَتَزَوَّجُ وَيُولَدُ لَهُ وِلْدَانٌ يُسَمِّي أَحَدَهُمَا محمدا وَالْآخَرَ أبا موسى؟ وَيُدْفَنُ بِإِزَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ وَهَلِ الْمَقَالَةُ الْحَاصِلَةُ بَيْنَ النَّاسِ: إِنَّهُ يَنْزِلُ بِالشَّامِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَإِنَّ بَغْلَةً تُشَدُّ لَهُ كُلَّ جُمُعَةٍ انْتِظَارًا لِنُزُولِهِ، لَهَا صِحَّةٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ نُزُولُهُ قَبْلَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَوْ بَعْدَهُ؟ وَمَا طُولُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ؟ وَمِنْ أَيْنَ خُرُوجُهُمْ، وَمَا مِقْدَارُ إِقَامَتِهِمْ؟ وَمَا صِفَةُ الدَّابَّةِ الَّتِي تَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَمِنْ أَيْنَ خُرُوجُهَا؟ وَأَيْنَ تَصِلُ؟ وَهَلْ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى أَوْ بَعْدَهُ؟ وَهَلِ الْحُورُ الْعِينُ وَالْمَلَائِكَةُ يَمُوتُونَ أَوْ لَا؟ وَمَنْ يَتَوَلَّى قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ؟

الْجَوَابُ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ: الْأَحَادِيثُ فِي الْمَهْدِيِّ مُخْتَلِفَةٌ، وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ، فَفِي بَعْضِهَا:" «لَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ» "، وَأَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، ثُمَّ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ فاطمة، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ العباس، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ حَمَلَهُ عَلَى الْمَهْدِيِّ ثَالِثِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ الَّذِي تَوَلَّى الْخِلَافَةَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي، وَالَّذِي تَرَجَّحَ عِنْدِي مِنْ

ص: 453

أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ خَلِيفَةٌ يَقُومُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَأَنَّهُ مِنْ وَلَدِ فاطمة، وَقَدْ ثَبَتَ فِي أَحَادِيثَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَأَنَّهُ يُبَايَعُ لَهُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَأَنَّهُ يَدْخُلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَأَنَّهُ يَمْكُثُ سَبْعَ سِنِينَ، وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ أَنَّ النَّاسَ يَقْتَتِلُونَ عَلَى الْمُلْكِ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَمِيرُكُمْ فُلَانٌ، فَيُبَايِعُونَ لَهُ، وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الْآنَ، فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَوْجُودٌ الْآنَ بِالْمَغْرِبِ، وَفِي الْأَحَادِيثِ أَنَّ عِيسَى عليه السلام يَنْزِلُ فِي حَيَاتِهِ فَيُسَلِّمُ المهدي الْأَمْرَ لَهُ، وَنُزُولُ عِيسَى عليه السلام مُؤَقَّتٌ بِوَقْتٍ وَهُوَ خُرُوجُ الدجال، فَإِنَّهُ يَنْزِلُ فِي أَيَّامِهِ وَيَقْتُلُهُ، وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَمْكُثُ سَبْعَ سِنِينَ، وَفِي رِوَايَةٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَأَنَّهُ يَتَزَوَّجُ وَيُولَدُ لَهُ وَيَحُجُّ وَيُدْفَنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَةُ وَلَدِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ يَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ. وَأَمَّا شَدُّ الْبَغْلَةِ كُلَّ جُمُعَةٍ فَلَا أَصْلَ لَهُ، وَنُزُولُهُ قَبْلَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ فِي أَوَاخِرِ أَيَّامِهِ. وَأَمَّا طُولُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَفِي أَثَرٍ أَخْرَجَهُ ابن المنذر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا أَنَّهُمْ شِبْرٌ وَشِبْرَانِ وَثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ. وَفِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ مَرْفُوعٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُمْ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ مِنْهُمْ طُولُ الْأَرْزِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَصِنْفٌ مِنْهُمْ يَفْتَرِشُ بِأُذُنِهِ وَيَلْتَحِفُ بِالْأُخْرَى، وَأَمَّا خُرُوجُهُمْ فَمِنْ خَلْفِ السَّدِّ أَقْصَى بِلَادِ التُّرْكِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مُقَدِّمَتَهُمْ بِالشَّامِ وَسَاقَتَهُمْ بِخُرَاسَانَ، وَأَمَّا مُدَّةُ إِقَامَتِهِمْ فَيَسِيرَةٌ فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ فِي زَمَنِ عِيسَى وَيَهْلِكُونَ فِي زَمَنِهِ، وَأَمَّا صِفَةُ الدَّابَّةِ فَذَاتُ زَغَبٍ وَرِيشٍ، لَهَا أَرْبَعَةُ قَوَائِمَ، وَمَسَافَةُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهَا مَسِيرَةُ فَرْسَخٍ لِلرَّاكِبِ، وَخُرُوجُهَا مِنْ صَدْعٍ فِي الصَّفَا بِمَكَّةَ، وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ بَعْضِ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ، فَتَدُورُ الْأَرْضَ بِأَسْرِهَا، وَاخْتَلَفَتِ الْأَحَادِيثُ هَلْ خُرُوجُهَا قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى أَوْ بَعْدَهُ.

وَأَمَّا الْحُورُ الْعِينُ وَالْوِلْدَانُ وَزَبَانِيَةُ النَّارِ فَلَا يَمُوتُونَ، وَهُمْ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ:{إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [النمل: 87] ، وَأَمَّا الْمَلَائِكَةُ فَيَمُوتُونَ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ، وَيَتَوَلَّى قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ مَلَكُ الْمَوْتِ، وَيَمُوتُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِلَا مَلَكِ الْمَوْتِ. هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَسْئِلَةِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ، وَسَرْدُ الْأَدِلَّةِ فِي ذَلِكَ وَالْأَحَادِيثِ يَحْتَمِلُ كَرَارِيسَ كَثِيرَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ: فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّاعُونَ وَخْزُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ الْإِخْوَانِ؟ وَكَيْفَ سُمُّوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْوَانًا، وَكَذَا فِي حَدِيثِ الْعَظْمِ؟ وَلَيْسُوا مِنْ بَنِي آدَمَ، وَهَلْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ بِلَفْظِ: وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ شَهَادَةً مَعَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَ

ص: 454

مِنْهُ؟ وَهَلْ وُجِدَتْ أَدْعِيَةٌ تَمْنَعُ مِنْهُ؟ وَهَلْ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤْلَفْ صِحَّةٌ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْمَحْفُوظُ فِي الْحَدِيثِ: " «وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» " هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وأبو يعلى فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَهُ أبو يعلى مِنْ حَدِيثِ عائشة، كُلُّهُمْ بِلَفْظِ:" أَعْدَائِكُمْ " وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ بِلَفْظِ: إِخْوَانِكُمْ، قَالَ الحافظ ابن حجر فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: يَقَعُ فِي أَلْسِنَةِ النَّاسِ بِلَفْظِ: وَخْزُ إِخْوَانِكُمْ، وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ بَعْدَ التَّتَبُّعِ الطَّوِيلِ التَّامِّ، لَا فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَلَا فِي الْأَجْزَاءِ الْمَنْثُورَةِ، فَزَالَ الْإِشْكَالُ الْمَذْكُورُ.

وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُمْ إِخْوَانًا فِي حَدِيثِ الْعَظْمِ فَبِاعْتِبَارِ الْإِيمَانِ ; فَإِنَّ الْأُخُوَّةَ فِي الدِّينِ لَا تَسْتَلْزِمُ الِاتِّحَادَ فِي الْجِنْسِ. وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَ مِنْهُ، فَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا وَرَدَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْهُ، بَلِ الْوَارِدُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِهِ وَطَلَبَهُ لِأُمَّتِهِ، فَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " «اللَّهُمَّ طَعْنًا وَطَاعُونًا» " أَخْرَجَهُ أبو يعلى، وَأَخْرَجَ أحمد عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:" «إِنَّ الطَّاعُونَ شَهَادَةٌ وَرَحْمَةٌ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ» " قَالَ أبو قلابة: فَعَرَفْتُ الشَّهَادَةَ وَعَرَفْتُ الرَّحْمَةَ، وَلَمْ أَدْرِ مَا دَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ حَتَّى أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يُصَلِّي إِذْ قَالَ فِي دُعَائِهِ:" «فَحُمَّى إِذَنْ وَطَاعُونًا» " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ سَمِعْتُكَ اللَّيْلَةَ تَدْعُو بِدُعَاءٍ؟ قَالَ: وَسَمِعْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا غَيْرَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُلْبِسَهُمْ شِيَعًا وَلَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَأَبَى عَلَيَّ، فَقُلْتُ: فَحُمَّى إِذَنْ أَوْ طَاعُونًا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَأَخْرَجَ أحمد وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «اللَّهُمَّ [اجْعَلْ] فَنَاءَ أُمَّتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ» " وَلِلْحَدِيثِ طُرُقٌ أُخْرَى صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ دَعَا بِهِ، لَا أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْهُ، وَلَمْ يَرِدْ دُعَاءٌ يَمْنَعُ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ أَصْلًا، وَلَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يُؤْلَفُ تَحْتَ الْأَرْضِ أَوْ لَا يُؤْلَفُ.

مَسْأَلَةٌ وَرَدَتْ نَظْمًا:

أَظُنُّ النَّاسَ بِالْآثَامِ بَاءُوا

فَكَانَ جَزَاءَهُمْ هَذَا الْوَبَاءُ

أَسَيِّدٌ مَنْ لَهُ قَانُونُ طِبٍّ

بِحِيلَةِ بُرْئِهِ يُرْجَى الشِّفَاءُ

أَآجَالُ الْوَرَى مُتَقَارِبَاتٌ

بِهَذَا الْفَصْلِ أَمْ فَسَدَ الْهَوَاءُ

ص: 455

أَمِ الْأَفْلَاكُ أَوْجَبَتِ اتِّصَالًا

بِهِ فِي النَّاسِ قَدْ عَاثَ الْفَنَاءُ

أَمِ اسْتِعْدَادُ أَمْزِجَةٍ جَفَاهَا

جَمِيلُ الطَّبْعِ وَاخْتَلَفَ الْغِذَاءُ

أَمِ اقْتَرَبَتْ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ

عَقَائِدُنَا فَلِلزَّمَنِ انْقِضَاءُ

أَفِدْنَا مَا حَقِيقَةُ مَا نَرَاهُ

فَمَا الْأَذْهَانُ أَحْرُفُهَا سَوَاءُ

وَقُلْ مَا صَحَّ عِنْدَكَ عَنْ يَقِينٍ

بِحَقٍّ لَا يُعَارِضُهُ رِيَاءُ

فَإِنِّي غَيْرُ مُفْشٍ سِرَّ حَبْرٍ

مِنَ الْمُتَشَرِّعِينَ بِهِ حَيَاءُ

وَلَا تُخْلِ الْأَحِبَّةَ مِنْ دُعَاءٍ

فَمِنْكَ الْيَوْمَ يُلْتَمَسُ الدُّعَاءُ

الْجَوَابُ:

بِحَمْدِ اللَّهِ يَحْسُنُ الِابْتِدَاءُ

وَلِلْمُخْتَارِ يَنْعَطِفُ الثَّنَاءُ

سَأَلْتَ فَخُذْ جَوَابَكَ عَنْ يَقِينٍ

فَمَا أَوْرَدْتَ عِنْدَهُمُ هَبَاءُ

فَمَا الطَّاعُونُ أَفْلَاكًا وَلَا إِذْ

مِزَاجٌ سَاءَ أَوْ فَسَدَ الْهَوَاءُ

رَسُولُ اللَّهِ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا

بِوَخْزِ الْجِنِّ يَطْعَنُنَا الْعَدَاءُ

يُسَلِّطُهُمْ إِلَهُ الْخَلْقِ لَمَّا

بِهِمْ تَفْشُو الْمَعَاصِي وَالزِّنَاءُ

يَكُونُ شَهَادَةً فِي أَهْلِ خَيْرٍ

وَرِجْسًا لِلْأُلَى بِالشَّرِّ بَاءُوا

أَتَانَا كُلُّ هَذَا فِي حَدِيثٍ

صَحِيحٍ مَا بِهِ ضَعْفٌ وَدَاءُ

وَمَنْ يَتْرُكْ حَدِيثًا عَنْ نَبِيٍّ

كَمَا قَالَ الْفَلَاسِفَةُ الْجَفَاءُ

فَذَلِكَ مَا لَهُ فِي الْعَقْلِ حَظٌّ

وَمِنْ دِينِ النَّبِيِّ هُوَ الْبَرَاءُ

وَنَاظِمُهُ ابْنُ الْأَسْيُوطِيِّ يَدْعُو

بِكَشْفِ الْكَرْبِ إِنْ نَفَعَ الدُّعَاءُ

مَسْأَلَةٌ: فِي الْحَدِيثِ الَّذِي وَرَدَ: «لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 13] بَكَى عمر وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ وَمَنْ يَنْجُو مِنَّا قَلِيلٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39] ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عمر فَقَالَ: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا قُلْتَ، فَقَالَ عمر: رَضِينَا عَنْ رَبِّنَا وَتَصْدِيقِ نَبِيِّنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مِنْ آدَمَ إِلَيْنَا ثُلَّةٌ، وَمِنِّي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُلَّةٌ، فَلَا يَسْتَتِمُّهَا إِلَّا أَسْوَدَانِ مِنْ رُعَاةِ الْإِبِلِ مِمَّنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» .

ص: 456

الْجَوَابُ: هَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الواحدي فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ مَقْطُوعًا هَكَذَا بِلَا إِسْنَادٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ مَرْفُوعًا مُرْسَلًا، وَوَصَلَهُ ابن عساكر فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عبد ربه بن صالح، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} [الواقعة: 1] ذُكِرَ فِيهَا: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 13] قَالَ عمر: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَّا؟ قَالَ: فَأُمْسِكَ آخِرُ السُّورَةِ سَنَةً، ثُمَّ نَزَلَ:{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عمر تَعَالَ فَاسْمَعْ مَا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39] أَلَا وَإِنَّ مِنْ آدَمَ إِلَيَّ ثُلَّةٌ، وَأُمَّتِي ثُلَّةٌ، وَلَنْ تُسْتَكْمَلَ ثُلَّتُنَا حَتَّى نَسْتَعِينَ بِالسُّودَانِ مِنْ رُعَاةِ الْإِبِلِ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» ، فَقَوْلُهُ: بِالسُّودَانِ هُوَ جَمْعُ أَسْوَدَ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي السُّؤَالِ: إِلَّا سُودَانٌ هِيَ إِلَّا الَّتِي لِلِاسْتِثْنَاءِ، وَسُودَانٌ جَمْعُ أَسْوَدَ، وَلَيْسَ تَثْنِيَةَ أَسْوَدَ مُعَرَّفًا كَمَا ظُنَّ.

مَسْأَلَةٌ: فِيمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ فِي الدُّرَّةِ الْفَاخِرَةِ فِي كَشْفِ عُلُومِ الْآخِرَةِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَوْتِ: وَذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَكَّلَ أَعْوَانَهُ وَاسْتَعْمَلَهُمْ بِالْمَيِّتِ، فَيَأْتُونَهُ عَلَى صِفَةِ أَبَوَيْهِ عَلَى صِفَةِ الْيَهُودِيَّةِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مُتْ يَهُودِيًّا، فَإِنِ انْصَرَفَ عَنْهُمْ جَاءَ أَقْوَامٌ آخَرُونَ عَلَى صِفَةِ النَّصَارَى، حَتَّى يُعْرَضَ عَلَيْهِ كُلُّ عَقَائِدِ كُلِّ مِلَّةٍ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ جِبْرِيلَ فَيَطْرُدُ الشَّيْطَانَ وَجُنْدَهُ، فَيَبْتَسِمُ الْمَيِّتُ وَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ الَّذِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيَّ بِكَ فِي دَارِ غُرْبَتِي؟ فَيَقُولُ: أَنَا جِبْرِيلُ، وَهَؤُلَاءِ أَعْدَاؤُكَ مِنَ الشَّيَاطِينِ، مُتْ عَلَى الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ وَالشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، فَمَا شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى الْإِنْسَانِ وَأَفْرَحَ مِنْهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] . وَقَالَ رَجُلٌ: الدُّرَّةُ الْفَاخِرَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْغَزَالِيِّ، وَلَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنَ الْإِحْيَاءِ، وَإِنَّ جِبْرِيلَ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَجِدُنِي يَا أَمِينَ اللَّهِ وَجِعًا، مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: مَلَكُ الْمَوْتِ، وَهَذَا آخِرُ عَهْدِي بِالدُّنْيَا بَعْدَكَ وَآخِرُ عَهْدِكَ بِهَا، وَلَنْ آسَى عَلَى شَيْءٍ هَالِكٍ مِنْ بَنِي آدَمَ بَعْدَكَ، وَلَنْ أَهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ بَعْدَكَ لِأَحَدٍ أَبَدًا. فَهَلِ الدُّرَّةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْغَزَالِيِّ أَمْ لَا؟ وَهَلِ الْحَدِيثُ الْمُعَارِضُ لَهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عِنْدَ نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُرَدُّ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ بِالْحَدِيثِ الْمُعَارِضِ أَمْ لَا؟

ص: 457

الْجَوَابُ: أَمَّا الْمَذْكُورُ أَوَّلًا مِنْ فِتْنَةِ الْمَوْتِ إِلَى آخِرِهِ، فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ هَكَذَا، وَإِنَّمَا وَرَدَ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ، فَأَخْرَجَ أبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «احْضُرُوا مَوْتَاكُمْ وَلَقِّنُوهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَبَشِّرُوهُمْ بِالْجَنَّةِ؛ فَإِنَّ الْحَلِيمَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ يَتَحَيَّرُونَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَصْرَعِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ مِنِ ابْنِ آدَمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَصْرَعِ» "، وَأَخْرَجَ الحارث بن أبي أسامة فِي مُسْنَدِهِ مِنْ مُرْسَلِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «مُعَالَجَةُ مَلَكِ الْمَوْتِ أَشَدُّ مِنْ أَلْفِ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ، وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ إِلَّا وَكُلُّ عِرْقٍ مِنْهُ يَأْلَمُ عَلَى حِدَةٍ، وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْهُ تِلْكَ السَّاعَةَ» " مُرْسَلٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ مُرْسَلًا نَحْوَهُ، فَهَذَا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى حُضُورِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَمَّا حُضُورُ جِبْرِيلَ فَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ «عَنْ ميمونة بنت سعد قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَنَامُ الْجُنُبُ؟ قَالَ: " مَا أُحِبُّ أَنْ يَنَامَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ؛ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُتَوَفَّى فَلَا يَحْضُرُهُ جِبْرِيلُ» ، دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام يَحْضُرُ الْمَوْتَى، خُصُوصًا مَنْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَاسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ طَهَارَةَ الْجَنَابَةِ كَافِيَةٌ فِي حُضُورِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَأَنَّ الْجُنُبَ إِذَا تَوَضَّأَ يُرْجَى لَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَحُضُورُهُ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الدُّرَّةَ الْفَاخِرَةَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْغَزَالِيِّ، فَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَقَدْ نَسَبَهَا إِلَيْهِ الْأَكَابِرُ، مِنْهُمُ القرطبي فِي التَّذْكِرَةِ، وَيَنْقُلُ مِنْهَا الصَّفْحَةَ وَالْوَرَقَةَ بِحُرُوفِهَا، وَمِنْهُمْ خَاتِمَةُ الْحُفَّاظِ أبو الفضل ابن حجر فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. نَعَمِ الدُّرَّةُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَلْفَاظٍ رَكِيكَةٍ وَأَشْيَاءَ غَيْرِ مُسْتَقِيمَةِ الْإِعْرَابِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَغْيِيرِ النُّسَّاخِ لِكَثْرَةِ تَدَاوُلِ أَيْدِي الْعَوَامِّ عَلَيْهَا، فَزَادُوا فِيهَا وَنَقَصُوا وَحَرَّفُوا وَغَيَّرُوا، وَقَدْ نَقَلَ الحافظ ابن حجر فِي التَّخْرِيجِ عَنْهَا شَيْئًا لَيْسَ مَوْجُودًا فِيهَا الْآنَ، فَكَأَنَّهُ مِمَّا أَسْقَطَهُ النُّسَّاخُ، وَقَدْ أَمْلَيْتُ عَلَيْهَا تَخْرِيجًا فِي خَمْسِينَ مَجْلِسًا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، حَرَّرْتُ فِيهِ مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ، وَبَيَّنْتُ مَا لَهُ أَصْلٌ وَمَا لَا أَصْلَ لَهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْوَفَاةِ وَقَوْلُ جِبْرِيلَ: هَذَا آخِرُ وَطْأَتِي بِالْأَرْضِ، فَضَعِيفٌ جِدًّا، وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُعَارَضَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ عَهْدِهِ بِإِنْزَالِ الْوَحْيِ. وَأَمَّا نُزُولُهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر: 4] قَالُوا: الْمُرَادُ بِالرُّوحِ جِبْرِيلُ، وَرَوَى فِيهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا

ص: 458

" «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ نَزَلَ جِبْرِيلُ فِي كَبْكَبَةٍ مِنَ السَّمَاءِ يُصَلُّونَ وَيُسَلِّمُونَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ أَوْ قَاعِدٍ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى» ".

وَأَمَّا نُزُولُهُ عَلَى عِيسَى عليه السلام فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ النواس بن سمعان قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدجال، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الدجال وَنُزُولَ عِيسَى وَقَتْلَهُ إِيَّاهُ، قَالَ:" «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ فِي قِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ» " الْحَدِيثَ، فَقَوْلُهُ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى، ظَاهِرٌ فِي نُزُولِ جِبْرِيلَ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَهَلْ يُرَدُّ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ بِالْحَدِيثِ الْمُعَارِضِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَصْلًا، ثُمَّ يَحْمِلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

مَسْأَلَةٌ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.

الْجَوَابُ: الْجَدُّ، بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، وَمَعْنَاهُ فِيمَا ذَكَرَ الخطابي: الْغِنَى، وَفِيمَا ذَكَرَ غَيْرُهُ: الْحَظُّ، قَالَ الخطابي: وَ (مِنْ) هُنَا بِمَعْنَى الْبَدَلِ، وَالْمَعْنَى لَا يَنْفَعُ صَاحِبَ الْغِنَى غِنَاهُ بِذَلِكَ، وَقَالَ الجوهري فِي الصِّحَاحِ:(مِنْكَ) هُنَا بِمَعْنَى عِنْدَكَ، أَيْ: لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى عِنْدَكَ غِنَاهُ، إِنَّمَا يَنْفَعُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَقَالَ ابن التين: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْبَدَلِ وَلَا بِمَعْنَى عِنْدَ، بَلْ هُوَ كَمَا تَقُولُ: لَا يَنْفَعُكَ مِنِّي شَيْءٌ إِنْ أَنَا أَرَدْتُكَ بِسُوءٍ، وَأَوْضَحَهُ ابن دقيق العيد فَقَالَ: يَنْفَعُ هُنَا قَدْ ضُمِّنَ مَعْنَى يَمْنَعُ وَمَا قَارَبَهُ، وَ (مِنْ) مُتَعَلِّقٌ بِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِالْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ مِنْهُ تَعَالَى نَافِعٌ. انْتَهَى. وَعَلَى هَذَا (فَمِنْ) لِلتَّعْدِيَةِ أَوْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَمِنَ الْغَرِيبِ مَا حَكَاهُ الرَّاغِبُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ هُنَا أَبُو الْأَبِ، أَيْ لَا يَنْفَعُ أَحَدًا نَسَبُهُ، وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَا حَكَاهُ القرطبي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ الْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ ذَا الِاجْتِهَادِ اجْتِهَادُهُ، وَأَنْكَرَهُ الطَّبَرِيُّ، وَوَجَّهَ القزاز إِنْكَارَهُ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ فِي الْعَمَلِ نَافِعٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ دَعَا الْخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ، فَكَيْفَ لَا يَنْفَعُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاجْتِهَادَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَتَضْيِيعَ أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ بِمُجَرَّدِهِ مَا لَمْ يُقَارِنْهُ الْقَبُولُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، كَمَا وَرَدَ:" «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمُ الْجَنَّةَ عَمَلُهُ» " وَقِيلَ: الْمُرَادُ عَلَى رِوَايَةِ الْكَسْرِ: السَّعْيُ التَّامُّ فِي الْحِرْصِ، أَوِ الْإِسْرَاعُ فِي الْهَرَبِ، قَالَ النووي: الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ

ص: 459

الْحَظُّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ أَوِ الْوَلَدِ أَوِ الْعَظَمَةِ أَوِ السُّلْطَانِ، وَالْمَعْنَى: لَا يُنْجِيهِ حَظُّهُ مِنْكَ وَإِنَّمَا يُنْجِيهِ فَضْلُكَ وَرَحْمَتُكَ.

مَسْأَلَةٌ:

مَاذَا الْجَوَابُ مِنَ الْبَحْرِ الْمُفِيدِ لَنَا

فِي مُشْكِلٍ وَإِلَيْهِ يُهْرَعُ الْبَشَرُ

عِنْدَ الْحَوَادِثِ أَنْ قَالَ الْأَكَابِرُ لَا

تُفْتَى وَقَصَّرَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ نَظَرُ

فِي الْكَاسِ وَالطَّاسِ وَالسَّاقِي وَشَارِبِهِمْ

وَفِي النَّدِيمِ وَقَوْلٍ قَالَهُ عمر

أَعْنِي بِهِ الْعَالِمَ الْمَعْرُوفَ نِسْبَتُهُ

لِفَارِضٍ قَبْرُهُ بِالسُّحْبِ مُنْهَمِرُ

فِي سَقْيِهِ مِنْ حُمَيَّا كَأْسِ خَمْرَتِهِ

مَا الصَّفْوُ مَا سُقْيُهُ مَا الْكَاسُ مَا الْخَمْرُ

وَأَهْلُ مَكَّةَ قَالُوا فِي سُؤَالِهِمُ

بِالْهَاشِمِيِّ الْمُصْطَفَى لَمَّا لَهُ حَضَرُوا

قُبَيْلَ خَلْقِ السَّمَا وَالْأَرْضِ أَيْنَ ثَوَى

إِلَهُكَ الْحَقُّ يَا مُخْتَارُ يَا طَهِرُ

أَجَابَهُمْ فِي عَمَاءٍ كَانَ وَهْوَ كَذَا

مَا هُوَ الْعَمَاءُ وَمَا مَعْنَاهُ يَا مَهِرُ

وَمَنْ تَوَالَدَ مَخْتُونًا وَعِدَّتُهُمْ

فِي الْأَنْبِيَاءِ سِوَى طَهَ وَهَلْ حُصِرُوا

بِالْفَضْلِ مِنْكَ أَجِبْ هَذَا السُّؤَالَ بَدَا

قَدِمًا تَصَوُّرُهُ بِالنَّقْلِ مُشْتَهِرُ

بَيْنَ الْأَكَابِرِ لَكِنْ لَا جَوَابَ لَهُمْ

عَلَيْهِ يَا عَالِمًا أَلْفَاظُهُ دُرَرُ

وَحَازَ كُلَّ فَخَارٍ بِالْعُلُومِ وَقَدْ

أَضْحَتْ بِهِ مِصْرُ تَزْهُو ثُمَّ تَفْتَخِرُ

الْجَوَابُ: أَمَّا قَوْلُ وَلِيِّ اللَّهِ الشَّيْخِ [الْعَارِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى] عُمَرَ بْنِ الْفَارِضِ، فَلَا نَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ، بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُ فَلْيَجُعْ جُوعَهُ وَيَسْهَرْ سَهَرَهُ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَهُوَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُخَاضُ فِي مَعْنَاهُ، قَالَ أبو عبيد فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ: لَا نَدْرِي كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ أَمْرٍ لَا تُدْرِكُهُ عُقُولُ بَنِي آدَمَ وَلَا يَبْلُغُ كُنْهَهُ الْوَصْفُ وَالْفَطِنُ، وَقَالَ الأزهري: نَحْنُ نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُكَيِّفُهُ بِصِفَةٍ. وَأَمَّا مَنْ خُلِقَ مَخْتُونًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَسَبْعَةَ عَشَرَ: آدَمُ وَشِيثُ وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَسَامٌ وَلُوطٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَشُعَيْبٌ وَسُلَيْمَانُ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وحنظلة بن صفوان، وَخَاتَمُهُمْ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

مَسْأَلَةٌ: هَلْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «اللَّهُمَّ مَنْ دَعَوْتُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَاجْعَلْهُ رَحْمَةً لَهُ» " وَمَا التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقِ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ» " فَإِنَّهُ يَنْحَلُّ وَيُؤَوَّلُ إِلَى الدُّعَاءِ لَهُمْ لَا عَلَيْهِمْ، وَهُوَ لَا يَدْعُو لِمَنْ يُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ.

ص: 460

الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ: " «اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا أَنْ لَا تُخْلِفَنِيهِ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَصَلَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» " وَأَخْرَجَ أحمد فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ إِلَى حفصة رَجُلًا وَقَالَ: احْتَفِظِي بِهِ، فَغَفَلَتْ عَنْهُ وَمَضَى فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَطَعَ اللَّهُ يَدَكِ " فَفَزِعَتْ فَقَالَ: " إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي تبارك وتعالى أَيُّمَا إِنْسَانٍ مِنْ أُمَّتِي دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ مَغْفِرَةً» قَالَ ابن العاص مِنْ أَصْحَابِنَا وَتَبِعَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ شَاءَ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَيَكُونُ فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ، وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ عَلَى الْوَالِي إِذَا شَقَّ وَنَحْوَهُ دُعَاءٌ بِسَبَبٍ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَأَيْضًا فَالْمَقْصُودُ بِالْأَوَّلِ الدُّعَاءُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَهَذَا عَلَى مُبْهَمٍ.

مَسْأَلَةٌ: " «أَذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ، وَلَا تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ» " هَلْ هُوَ وَارِدٌ؟ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ نجم الدين الْكَبْرَا أَنَّ الذِّكْرَ يَقْطَعُ لُقَيْمَاتِ الْحَرَامِ، هَلْ لَهُ مَحْمَلٌ؟ وَهَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَارِدٌ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ، وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةً مِنْ حَدِيثِ عائشة مَرْفُوعًا، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ نجم الدين الْكَبْرَا جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَمَحْمَلُهُ عَلَى لُقَيْمَاتٍ يَسِيرَةٍ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: لُقَيْمَاتٌ - بِالتَّصْغِيرِ - يَأْكُلُهَا الْإِنْسَانُ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْحَرَامِ عَلَى الدُّنْيَا، كَمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُبَاحُ لَهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابن عبد السلام وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ عَمَّ الْحَرَامُ الدُّنْيَا جَازَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ قَدْرَ الْقُوتِ، كَمَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَفِي مَعْنَاهُ قِيلَ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا دَمًا عَبِيطًا كَانَ قُوتُ الْمُؤْمِنِ مِنْهَا حَلَالًا، وَمَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ فَإِنَّهُ يُورِثُ ظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} [المائدة: 100] فَالذِّكْرُ يُنَوِّرُهُ وَيَمْحَقُ تِلْكَ الظُّلْمَةَ كَمَا أَنَّ الدَّوَاءَ يُذْهِبُ الْأَخْلَاطَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنَ الْغِذَاءِ الْمَذْمُومِ وَيَقْطَعُهَا {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] .

مَسْأَلَةٌ: حَدِيثُ " «مَرَّ بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَى عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ: وَجَبَتْ» " إِلَى آخِرِهِ، هَلْ هُوَ صَحِيحٌ يُعْمَلُ بِظَاهِرِهِ؟ وَهَلْ يَكُونُ ثَنَاءُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مُوجِبًا لِلْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ بِحَسَبِ الثَّنَاءِ؟ أَوِ الْعِبْرَةُ بِثَنَاءِ الْأَكْثَرِ؟

ص: 461

الْجَوَابُ: الْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ بِظَاهِرِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الثَّنَاءُ مِنْ عَدْلٍ خَيِّرٍ صَالِحٍ لِلتَّزْكِيَةِ، كَذَا حَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ ثَنَاءُ مَنْ ذُكِرَ مُوجِبًا لِذَاتِهِ بَلْ عَلَامَةٌ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ لِلْعَبْدِ بِإِخْبَارِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ثَنَاءِ الْأَكْثَرِ، بَلْ ثَنَاءُ الِاثْنَيْنِ كَافٍ، وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ، وَفِي حِفْظِي أَنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّهُ يَكْفِي ثَنَاءُ الْوَاحِدِ أَيْضًا، وَلَا يَحْضُرُنِي الْآنَ مَنْ خَرَّجَهُ لِأَنِّي كَتَبْتُ هَذِهِ الْأَحْرُفَ عَلَى عَجَلٍ.

مَسْأَلَةٌ: فِيمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] قَالَ: سَبْعُ أَرَضِينَ، فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمِكُمْ وَنُوحٌ كَنُوحِكُمْ وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمِكُمْ وَعِيسَى كَعِيسَاكُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنِّي لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الضُّحَى مُتَابِعًا، فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَهَلْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ مِنَ الْبَشَرِ أَوْ مِنَ الْجِنِّ أَوْ خَلْقٌ آخَرُ؟ وَهَلْ كَلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ مُقَارِنًا لِمِثْلِهِ مِنْ أَنْبِيَاءِ الْبَشَرِ فِي الزَّمَانِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟

الْجَوَابُ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ بِمَرَّةٍ، وَهَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْبَيْهَقِيِّ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ صِحَّةُ الْمَتْنِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَصِحَّ الْإِسْنَادُ وَيَكُونُ فِي الْمَتْنِ شُذُوذٌ أَوْ عِلَّةٌ تَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَإِذَا تَبَيَّنَ ضَعْفُ الْحَدِيثِ أَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَأْوِيلِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَقَامِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ الْأَحَادِيثُ الضَّعِيفَةُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَوَّلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمُ النُّذُرُ الَّذِينَ كَانُوا يُبَلِّغُونَ الْجِنَّ عَنْ أَنْبِيَاءِ الْبَشَرِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمْ بِاسْمِ النَّبِيِّ الَّذِي بَلَّغَ عَنْهُ.

مَسْأَلَةٌ: هَلْ تَنَامُ الْمَلَائِكَةُ؟

الْجَوَابُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] أَنَّهُمْ لَا يَنَامُونَ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْحَدِيثِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ، قَالَ ابن عساكر فِي تَارِيخِهِ: أَنَا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَا: أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، ثَنَا أبو الفتح المظفر بن أحمد بن برهان المقري، ثَنَا أبو بكر

ص: 462

محمد بن أيوب الداراني، ثَنَا الحسن بن علي بن خلف الصيدلاني، ثَنَا سليمان بن عبد الرحمن، حَدَّثَنِي عثمان بن حصن بن عبيدة بن علاق، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا: رَبَّنَا خَلَقْتَنَا وَخَلَقْتَ بَنِي آدَمَ، فَجَعَلْتَهُمْ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَشْرَبُونَ الشَّرَابَ وَيَلْبَسُونَ الثِّيَابَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ وَيَرْكَبُونَ الدَّوَابَّ وَيَنَامُونَ وَيَسْتَرِيحُونَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لَنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةَ، فَقَالَ عز وجل: لَا أَجْعَلُ مَنْ خَلَقْتُهُ بِيَدِي وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ: كُنْ فَكَانَ» .

مَسْأَلَةٌ: هَلْ وَرَدَ فِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَحِفْظِكَ وَجِوَارِكَ وَتَحْتَ كَنَفِكَ.

الْجَوَابُ: أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَدْعُو، فَذَكَرَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَرْفُوعًا.

مَسْأَلَةٌ: هَلْ وَرَدَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ شَيْءٌ؟ وَهَلْ يَقْرَأُ عِنْدَ تَسْرِيحِهَا شَيْئًا؟

الْجَوَابُ: وَرَدَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ أَحَادِيثُ، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ [الْقِنَاعَ، يَعْنِي] التَّطَيْلُسَ، وَيُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ، وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ بِالْمَاءِ» . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ» . وَأَخْرَجَ الخطيب فِي الْجَامِعِ مِنْ حَدِيثِ الحسن مُرْسَلًا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ بِالْمُشْطِ» . وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عِنْدَ تَسْرِيحِهَا فَلَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ وَلَا أَثَرٌ.

مَسْأَلَةٌ: فِي حَدِيثِ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى الْحَفَظَةَ أَنْ لَا تَكْتُبَ عَلَيْهِ سَيِّئَةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ، هَلْ وَرَدَ؟

الْجَوَابُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ.

ص: 463