الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَبَسَّطْنا على الآثامِ لمَّا
…
رأيْنا العفوَ من ثَمَرِ الذُّنوبِ
وقال:
تَكثَّرْ ما اسْتَطَعْتَ مِنَ الخَطايا
…
فإنَّك بالِغٌ رَبَّاً غَفورا
سَتُبْصِرُ إنْ وَرَدْتَ عليهِ عَفْواً
…
وتَلْقَى سيِّداً مَلِكاً كَبيرا
تَعَضُّ نَدامةً كفّيْك ممّا
…
تركتَ مخافةَ النّارِ السُّرُورا
وفي الأثر: ما أُحِبُّ أنَّ ليَ الدُّنيا وما فيها بهذه الآية: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} . . . وقال ابن عباس لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أيُّ آيةٍ أرجى؟ قال: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} ، فقال: إنَّ هذه لمَرْجوّةٌ، وأرجى منها قوله تعالى:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} . . وقال أعرابي لابن عباس: من يحاسب الخلقَ يوم القيامة؟ قال: يحاسبهم الله تعالى قال: نجونا وربِّ الكعبة، فقال: كيف! قال: إنَّ الكريمَ إذا قدر غَفَر. . . وسمع أعرابي عبد الله بن عباس يقرأ قولَ اللهِ تعالى: {وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا} ، فقال: والله ما أنقذنا منها وهو يريد أن يلقينا فيها! فقال ابن عباس: خُذوه من غَيْرِ فقيهٍ. . .
العبادة لا طلباً للثواب ولا خوفاً من العقاب
وقد تقدّم لنا آنفاً في ذلك ونزيد فنوردُ طرفاً من عبقريّاتهم في هذا المعنى: قال الشّبلي: من عبَدَه رجاءَ الجنَّة فهو عبدُها، أو خوفَ النار، فهو عبدُها، لأنَّ من خاف شيئاً أو رجاه فهو معبودُه، وقال بعضهم: من عبدَ
الله بعوضٍ فهو لئيم، وقال آخر: اللَّهمَّ إن كنتَ تعلم أني أعبدُك خوفاً من نارِك فأحرقني، أو طمعاً في جنّتك فاحرمنيها، وإن كنتَ تعلمُ أنّي أعبدك حبّاً لك وشوقاً إلى لقائِك فأبِحْنيه. . وقيل لرابعةَ العدوية: ما لكِ لا تسألينَ اللهَ الجنَّة في
دعائِك؟ فقالت: الجارُ ثمَّ الدار. . . تعني بالجار: ذا الجلالِ والإكرام وقد أوردنا بيتَ المعرّي:
ولْتَفْعَلِ النَّفْسُ الجميلَ لأنّه
…
خيرٌ وأحسنُ لا لأجلِ ثوابِها
غير مرَّةٍ فيما أسلفنا، وقال بعضهم في قوله صلى الله عليه وسلم:(أكثر أهل الجنّة البُلْهُ)، قال: لأنهم في شغلٍ فاكهون، شغلهم النَّعيمُ عن المُنْعم، ومن رضيَ بالجنّة عنِ اللهِ فهو أبْلَهُ. أقول: حديث: أكثر أهل الجنة البُلْهُ: حديث ضعيف انظر شرح الجامع الصغير للمناوي وعلى أنّه ضعيفٌ فقد أوّلوه تأويلاً حسناً: فقال الأزهري: الأبله: الذي طُبِعَ على الخير، فهو غافلٌ عن الشرِّ لا يعرفه - أقول: أو يعرفه ولكن يتجنَّبه - وقال النَّضْرُ بن شُمَيل: الأبله: الميّت الداء، أي أن شرَّه ميّتٌ لا ينبه له. والمرأة بَلْهاء، قال الشاعر:
ولقدْ لَهوْتُ بِطِفْلةٍ مَيَّالَةٍ
…
بَلْهاَء تُطْلِعُني على أسرارِها
أراد: أنّها غِرٌّ لا دهاءَ لها فهي تخبرني بأسرارِها ولا تفطنُ لما في ذلك عليها. وقال الزِّبْرقان ابن بدر: خيرُ أولادِنا الأبْلَه العَقول، يعني: أنّه لشدَّة حيائِه كالأبله وهو عقول مبالغةٌ من العقل وقال الزمخشري في صفة الصلحاء: هيّنون ليّنون، غير أن لا هوادةَ في الحقِّ ولا دهانةَ، بُلْهٌ، غوصهم على الحقائقِ يعمرُ الألبابَ والأذهانَ، وذلك لأنّهم أغفلوا أمرَ دنياهم فجهلوا حِذْقَ التصرّف فيها فأقبلوا على آخرتِهم فشُغلوا بها فاستحقّوا أن يكونوا أكثرَ أهلِها.