المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌ مولده

- ‌ طلبه العلم:

- ‌ شيوخه:

- ‌ رحلاته:

- ‌ الرواة عنه:

- ‌ الثناء عليه:

- ‌ الأمير والأدب:

- ‌ الأمير والخطيب وهذا الفن:

- ‌ مؤلفات الأمير:

- ‌الإكمال ووصفه

- ‌ نُسَخ الإكمال:

- ‌ منهج الكتاب:

- ‌ الاصطلاحات والرموز:

- ‌قضايا فيها نظر

- ‌(2)مقدمةكتاب "الأنساب"لأبي سعد السمعاني

- ‌ فنّ الأنساب والحاجة إليه:

- ‌ التأليف فيه:

- ‌ أنساب السمعاني:

- ‌ الكتب التي تلته:

- ‌ ذِكْر سَلَفه

- ‌ اسمه ونسبه

- ‌ مولده ونشأته:

- ‌ رحلته:

- ‌ رجوعه إلى وطنه:

- ‌ بعض شيوخه:

- ‌ عدد شيوخه ومعاجمه:

- ‌ ثناء أهل العلم عليه:

- ‌ بعض الآخذين عنه:

- ‌ مؤلفات أبي سعد

- ‌ مكاتب السمعانيين:

- ‌ وفاة أبي سعد:

- ‌كتاب الأنساب

- ‌ النسخ التي طُبِع عنها وقُوبل عليها:

- ‌ التحقيق والتعليق:

- ‌ علم الجرح والتعديل:

- ‌ النقد والنُّقاد:

- ‌ أئمة النقد:

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده ونشأته وطلبه للعلم:

- ‌ مشايخه والرواة عنه:

- ‌ ثناء أهل العلم عليه:

- ‌ مصنفاته:

- ‌كتاب تَقْدِمة المعرفة للجرح والتعديل ومَزيَّته

- ‌كتاب الجرح والتعديل ومَزيَّته

- ‌ ترتيب الكتاب:

- ‌ البياضات:

- ‌ الأوهام:

- ‌ الأصول المطبوع عنها:

- ‌ تجزئة الكتاب لأجل الطبع:

- ‌ النقل عن الكتاب:

- ‌شُكر

- ‌ ابتداء التأليفات في التواريخ وكتب الرجال وأصنافها:

- ‌ جُرجان وكثرة علمائها:

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌ طلبه العلم، رحلته، شيوخه، الرواة عنه:

- ‌ مكانته في العلم، وتثبته، وثناء الأئمة عليه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌تاريخ جُرجان وترتيبه، ورواته، والنقل عنه

- ‌ النقل عن تاريخ جُرجان:

- ‌ من مزايا الكتاب:

- ‌ وصف النسخة الأصل:

- ‌كيفية التصحيح

- ‌(5)مقدمة"مُوَضِّح أوهام الجَمْع والتفريق"للخطيب البغدادي

- ‌تاريخ البخاري والتوهيمات

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌ الموضوع والفائدة:

- ‌ النظر في تعقبات الرازيين:

- ‌ حكم الخطأ هنا:

- ‌ النسخة الأصل:

- ‌ طريقتنا في تحقيق الكتاب:

- ‌(7)مقدمة"المعاني الكبير"لابن قتيبة الدينوري

- ‌ مكانة الشعر القديم:

- ‌ تدوين الشعر:

- ‌أبيات المعاني

- ‌ المؤلفون في هذا الفن:

- ‌التعريف بابن قتيبة

- ‌ مبدأ أمره:

- ‌ شيوخه:

- ‌ الرواة عنه:

- ‌ مكانته في معرفة الشعر:

- ‌ اختيار الشعر:

- ‌ أقسام الشعر:

- ‌ مكانته في علوم الأدب وغيرها:

- ‌ غضّ بعضهم منه:

- ‌ حياته:

- ‌ وفاته:

- ‌ تراثه العلمي ومؤلفاته:

- ‌كتاب المعاني الكبير

- ‌(8)مقدمة"الفوائد المجموعة"للشوكاني

- ‌ المؤلفات في الموضوعات:

- ‌ قواعد يحسن تقديمها:

- ‌(11)مقدمة"كشف المُخدَّرات والرياض المزهراتشرح أخصر المختصرات"لزين الدين البعلي الدمشقي

- ‌(12)«البحث عن كتاب الكنى»(1)للإمام البخاري

- ‌(14)خاتمة طبع«نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر»لعبد الحي الحسني

- ‌(15)خاتمة طبع«معجم الأمكنة لنزهة الخواطر»لمعين الدين الندوي

- ‌(16)تقريظ"فضل الله الصَّمَد في توضيح الأدب المفرد"للسيد فضل الله الجيلاني

- ‌(17)تقريظ"مسند الصحيحين"لعبد الحق الهاشمي

- ‌(18)تحقيق في لفظة (أبنا) و (أنبأ)الواقعة في"السنن الكبرى للبيهقي

- ‌(19)تحقيق نِسبة (العندي)

الفصل: ‌ ذكر سلفه

ابن السمعاني

ينبغي أن نقدّم هنا‌

‌ ذِكْر سَلَفه

، وحسبي أن أسوق ما قاله هو في رسم "السمعاني" من "الأنساب" قال: "السَّمعاني ــ بفتح السين المهملة وسكون الميم وفتح العين المهملة وفي آخرها النون ــ وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه؛ وأمّا سمعان الذي ننتسب إليه فهو بطن من تميم، هكذا سمعت سَلَفي يذكرون ذلك، فأوّل من حدّث من سَلَفِنا

ثم القاضي الإمام أبو منصور محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عبد الجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله السمعاني التميمي، كان إمامًا فاضلًا ورعًا متقنًا، أحكمَ العربيةَ واللغة وصنّف فيها التصانيف المفيدة

وولداه: أبو القاسم علي، وأبو المظفر منصور جدِّي؛ أمّا أبو القاسم علي بن محمد بن عبد الجبار السمعاني [الحنفي] فكان فاضلًا عالمًا ظريفًا كثير المحفوظ، خرج إلى كرمان وحظي عند ملكها، وصاهر الوزير بها ورُزِق الأولاد، وكان قد سمع مع والده من شيوخه، ولما انتقل أخوه جَدّنا الإمام أبو المظفر من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي ــ رحمهما الله ــ هجره أخوه أبو القاسم وأظهر الكراهة، وقال: خالفت مذهب الوالد وانتقلت عن مذهبه! فكتب كتابًا إلى أخيه وقال: ما تركت المذهب الذي كان عليه والدي ــ رحمه الله ــ في الأصول بل انتقلت عن مذهب القدرية، فإنّ أهل مرو صاروا في أصول اعتقادهم إلى رأي القدر، وصنّف كتابًا يزيد على عشرين جزءًا في الرد على القدرية، وأهداه إليه، فرضي عنه، وطاب قلبه، ونفَّذ ابنه أبا العلاء علي بن علي السمعاني إليه للتفقه عليه، فأقام عنده مدّة يتعلّم ويتدرّس الفقه، وسمع الحديث من أبي

ص: 78

الخير محمد بن موسى بن عبد الله الصفَّار المعروف بابن أبي عِمران رواية "صحيح البخاري" عن أبي الهيثم الكُشْميهني، ورجع إلى كرمان، ولما مات والده فُوّض إليه ما كان إلى والده من المدرسة وغيره؛ ورزق أبو العلاء الأولاد، وإلى الساعة له بكرمان ونواحيها أولاد فضلاء علماء.

وجَدُّنا الإمام أبو المظفّر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني إمام عصره بلا مدافعة، وعديم النظير في فنه، ولا أقدر على أن أصف بعضَ مناقبه، ومن طالع تصانيفه وأنصف عَرَف محلّه من العلم. صنّف "التفسير" الحسن المليح الذي استحسنه كلُّ من طالعه، وأملى المجالس في الحديث، وتكلّم على كل حديث بكلام مفيد، وصنّف التصانيف في الحديث مثل "منهاج أهل السنة" و"الانتصار" و"الرد على القدرية" وغيرها، وصنّف في أصول الفقه "القواطع" وهو مُغْن عما صُنّف في ذلك الفن، وفي الخلاف "البرهان" وهو مشتمل على قريب من ألف مسألة خلافية، و"الأوساط" و"المختصر" الذي سار في الآفاق والأقطار، الملقب بـ"الاصطلام"، وردّ فيه على أبي زيد الدَّبوسي، وأجاب عن "الأسرار" التي جمعها. وكان فقيهًا مناظرًا، فانتقل بالحجاز في سنة اثنتين وستين وأربعمائة إلى مذهب الشافعي رحمه الله، وأخفى ذلك وما أظهره إلى أن وصل إلى مرو، وجرى له في الانتقال مِحَن ومخاصمات، وثبت على ذلك ونَصَر ما اختاره، وكان مجالس وعظه كثير النكت والفوائد، سمع الحديث الكثير في صغره وكبره، وانتشرت عنه الرواية، وكثر أصحابه وتلامذته، وشاع ذكره.

سمع بمرو أباه وأبا غانم أحمد بن علي بن الحسين الكراعي، وأبا بكر محمد بن عبد الصمد الترابي، المعروف بابن الهيثم، وجماعة كثيرة

ص: 79

بخراسان والعراق وجرجان والحجاز، وقد جمع الأحاديث الألف الحِسَان من مسموعاته عن مائة شيخ له، عن كل شيخ عشرة أحاديث، أدركت جماعة من أصحابه وتفقهت على صاحبيه أبي حفص عمر بن محمد بن علي السرخسي، وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد المروروذي، والله يرحمهما، وروى لي عنه الحديث أبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني بمرو، وأبو القاسم الجُنيد بن محمد بن علي القايني بهراة، وأبو طاهر محمد بن أبي بكر السّنْجي ببلخ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن بشّار الخرجردي بنيسابور، وأبو البدر حسّان بن كامل بن صخر القاضي بطوس، وأبو منصور محمد بن أحمد بن عبد المنعم بن ماشاذه بأصبهان، وجماعة كثيرة تزيد على خمسين نفرًا.

وكانت ولادته في ذي الحجة سنة ست وعشرين وأربعمائة، وتوفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ودُفِن بأقصى سجذان إحدى مقابر مرو، ورُزِق من الأولاد خمسة: أبو بكر محمد والدي، وأبو محمد الحسن، وأبو القاسم أحمد، وابن رابع وبنت، ماتا عقب موته بمدة يسيرة.

فأمّا والدي [الإمام] أبو بكر محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني رحمة الله عليه، ابن أبيه، وكان والده يفتخر به ويقول على رؤوس الأشهاد في مجلس الإملاء:"ابني محمد أعلم منّي وأفضل منّي" تفقّه عليه، وبرع في الفقه، وقرأ الأدب على جماعة، وفاق أقرانه، وقرض الشعر المليح وغَسَله في آخر أيامه، وشرع في عدة مصنفات ما تمّمَ شيئًا منها؛ لأنّه لم يُمتّع بعمره، واستأثر الله تعالى بروحه، وقد جاوز الأربعين

ص: 80

بقليل، سافر إلى العراق والحجاز، ورحل إلى أصبهان لسماع الحديث، وأدرك الشيوخ والأسانيد العالية، وحصَّل النسخَ والكتب، وأملى مائة وأربعين مجلسًا في الحديث، من طالعها عرف أن أحدًا لم يسبقه إلى مثلها. سمع بمرو أباه، وأبا الخير بن أبي عِمران الصفار، وأبا سعيد الطاهري، وبنيسابور أبا الحسن علي ابن أحمد المؤذن المديني، وبهَمَذان أبا الحسن فِيد بن عبد الرحمن الشعراني، وببغداد أبا المعالي ثابت بن بندار البقال، وبالكوفة أبا البقاء المعمر بن محمد بن علي الكوفي الحبال، وبمكة أبا شاكر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العثماني، وبأصبهان أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ، وجماعة كثيرة من هذه الطبقة. كتب لي الإجازة بجميع مسموعاته، وشاهدت خطه بذلك، وحدّث بهراة. وكانت ولادته في جمادى الأولى سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي يوم الجمعة الثالث من صفر سنة عشر وخمسمائة، ودُفِن عند والده، وكان شيخنا أبو الفتح محمد بن علي النَّطَنْزي إذا ذكره أنشد:

زين الشباب أبو فرا

سٍ لم يمتّع بالشباب

وعمِّي الأكبر أبو محمد الحسن بن أبي المظفر السمعاني، كان إمامًا زاهدًا ورعًا كثير العبادة والتهجد، نظيفًا منورًا مليح الشيبة، منقبضًا عن الخلق، قلَّما يخرج عن داره إلّا في أيام الجمع للصلاة، تفقه على والده، وكان تِلْو والدي رحمهم الله وسمع معه الحديث ــ وظنّي أنّه ولد بعده بسنتين ــ وأفاده والدي عن جماعة من الشيوخ، ورحل معه إلى نيسابور، وسمع بمرو أباه، وأبا سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، وأبا القاسم إسماعيل بن محمد بن أحمد الزاهري، وأبا محمد كامكار بن عبد الرزاق

ص: 81

الأديب، وأبا الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي الجرجاني، وبنيسابور أبا الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني، وأبا إبراهيم محمد بن الحسين البالوي، وأبا سعيد عبد الواحد بن أبي القاسم القشيري، وأبا علي نصر الله بن أحمد الخشنامي، وجماعة سواهم. سمعت منه الكثير، وكان يكرمني ويحبني، وقرأت عليه الكتب المصنفة مثل كتاب "الجامع" لمعمر بن راشد، وكتاب "التاريخ" لأحمد بن سيار، و"الأمالي" و"الانتصار" و"الأحاديث الألف" لجدي بروايته عنه، "وأمالي أبي زكريا المزكي وأبي القاسم السراج" بروايته عن أبي الحسن المديني، وأبي العباس عبد الصمد، وغير ذلك من الأجزاء والفوائد، ورُزِق ثواب الشهداء في آخر عمره ودخل عليه اللصوص لوديعة كانت لإنسان عند زوجته وخنقوه ليلة الاثنين

سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ــ والله تعالى يرحمه ــ وصل إليّ نعيه وأنا بأصبهان.

وولده ــ ابن عمي ــ أبو منصور محمد بن الحسن السمعاني، كان شابًّا فاضلًا ظريفًا، قرأ الأدب وبرع فيه، وكانت له يد باسطة في الشعر باللسانين غير أنّه اشتغل بما لم يشتغل سلفه من الجلوس مع الشبان والجري في ميدانهم وموافقتهم فيما هم فيه، والله تعالى يتجاوز عنّا وعنه، سمعت من شعره الكثير، وتوفي بعد والده بسنتين واخترمته المنية في حال شبابه وما استكمل الأربعين، وذلك ليلة عرفة من سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.

وعمّي الآخر الأصغر أُستاذي، ومن أخذت عنه الفقه، وعلقت عليه الخلاف وبعض المذهب، أبو القاسم أحمد بن منصور السمعاني، كان إمامًا فاضلًا عالمًا مناظرًا مفتيًا واعظًا مليح الوعظ، شاعرًا حسن الشعر، له فضائل

ص: 82

جمة ومناقب كثيرة، وكان حييًا وقورًا ثابتًا حمولًا صبورًا، تفقه على والدي ــ رحمهما الله ــ وأخذ عنه العلم، وخَلَفه بعده فيما كان مفوّضًا إليه، سمع بمرو أخاه ــ والدي ــ وأبا محمد كامكار بن عبد الرزاق الأديب، وأبا نصر محمد بن محمد الماهاني وطبقتهم. انتخبتُ عليه أوراقًا وقرأت عليه عن شيوخه وخرجت معه إلى سرخس وانصرفنا إلى مرو وخرجنا في شوال سنة تسع وعشرين إلى نيسابور، وكان خروجه بسببي لأني رغبت في الرحلة لسماع حديث مسلم بن الحجاج القشيري فسمع معي الصحيح، وعزم على الرجوع إلى الوطن، وتأخّرت عنه مختفيًا لأقيم بنيسابور بعد خروجه، فصبر إلى أن ظهرت ورجعت معه إلى طوس، وانصرفت بإذنه إلى نيسابور، ورجع هو إلى مرو، وأقمت أنا بنيسابور سنة وخرجت منها إلى أصبهان ولم أره بعد ذلك. وكانت ولادته في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من شوال سنة أربع وثلاثين خمسمائة، وصل إليّ نعيه وأنا ببغداد وعقدنا له العزاء بها.

وأمة الله حرة أختي، امرأة صالحة عفيفة كثيرة الدرس للقرآن مُديمة للصوم راغبة في الخير وأعمال البر، حصَّل لها والدي الإجازة عن أبي غالب محمد بن الحسن الباقلاني البغدادي، قرأت عليها أحاديث وحكايات بإجازتها عنه، وكانت ولادتها في رجب من سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. فهذه الجماعة الذين حدثوا من بيتنا، والله تعالى يرحمهم".

ومن أحبّ الزيادة في أخبارهم فليراجع تراجمهم في طبقات الشافعية وغيرها.

ص: 83