الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(16)
تقريظ
"فضل الله الصَّمَد في توضيح الأدب المفرد"
للسيد فضل الله الجيلاني
(ت 1399)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلّى الله على خاتم أنبيائه محمد وآله وصحبه وسلم.
قد أكثر العارفون بالإسلام المخلصون له من تقرير: أنّ كلَّ ما وقع فيه المسلمون من الضعف والخَوَر والتخاذل، وغير ذلك من وجوه الانحطاط إنّما كان لبعدهم عن حقيقة الإسلام. وأرى أنّ ذلك يرجع إلى أمور:
الأول: التباس ما ليس من الدين بما هو منه.
الثاني: ضعف اليقين بما هو من الدين.
الثالث: عدم العمل بأحكام الدين.
وأرى أنّ معرفة الآداب النبوية الصحيحة في العبادات والمعاملات، والإقامة والسفر، والمعاشرة والوحدة، والحركة والسكون، واليقظة والنوم، والأكل والشرب، والكلام والصمت، وغير ذلك ممّا يعرض للإنسان في حياته، مع تحري العمل بها كما يتيسّر= هو الدواء الوحيد لتلك الأمراض.
فإنّ كثيرًا من تلك الآداب سهل على النفس، فإذا عمل الإنسان بما يسهل عليه منها، تاركًا لما يخالفها، لم يلبث إن شاء الله تعالى أن يرغب في الازدياد، فعسى أن لا تمضي عليه مدة إلا وقد أصبح قدوة لغيره في ذلك. وبالاهتداء بذلك الهدي القويم، والتخلُّق بذلك الخلق العظيم ــ ولو إلى حدٍّ ما ــ يستنير القلب، وينشرح الصدر، وتطمئن النفس؛ فيرسخ اليقين، ويصلح العمل. وإذا كثر السالكون في هذا السبيل لم تلبث تلك الأمراض أن تزول إن شاء الله.
ومن أبسط مجموعات كتب السنة في الأدب النبوي كتاب (الأدب المفرد) للإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله، والإمام البخاري كالشمس في رابعة النهار شهرةً، وإلى مؤلفاته المنتهى في الجودة والصحة. وكتابه هذا ــ أعني الأدب المفرد ــ هو بعد كتابه "الجامع الصحيح" أولى كتبه بأن يَعتني به من يريد اتباع السنة، فإنّه جمع فأوعى، مع التحري والتوقّي والتنبيه على الدقائق.
ولكن الأمة ــ لسوء حظها ــ قصَّرت في حق هذا الكتاب، فنسخه المخطوطة عزيزة جدًّا، وقد طبع مرارًا ولكن قريبًا من العدم؛ لأنّها مشحونة بالأغلاط الكثيرة في الأسانيد والمتون، أغلاط لا يهتدي إلى صوابها إلا الرّاسخون.
وقد قيّض الله ــ وله الحمد ــ لخدمة هذا الكتاب صديقي العالم الفاضل السيد فضل الله بن السيد أحمد علي، فصرف في العناية به سنين عديدة.
أوّلاً: حقّق كلماته أسانيد ومتونًا حتى أقامها على الصواب مع صعوبة ذلك في كثير من المواضع.
ثانيًا: قام بوضع شرحٍ عليه يبين أحوال أسانيده، ويعرِّف بالمهم من أحوال رجاله، ويذكر من خرّجه، ثم يفيض في شرح المتن، واستنباط النكت والفوائد منه، ويشير إلى الأحاديث الواردة في معناه، وينبه على فوائد ذاك الأدب أو الخلق وحكمه وحكمته، مع الإلمام بما يوافق الحق من المشارب المتعددة كالفقهاء والصوفية والعصرية، باذلاً جهده في أن يجعل الحق أمامه غير متقيد بغيره ولا متحيِّز إلى سواه.
ثالثًا: اعتنى بوضع فهارس عديدة على الطراز الحديث لأبواب الكتاب وأحاديثه ورجاله وأعلامه وغير ذلك، وقد تعمّدت التقصير في الثناء عما هو عليه في نفس الأمر، حتى يرى من يطالعه إن شاء الله تعالى أنّه فوق ما وصفته.
والشارح ــ كغالب أهل العلم في هذا العصر ــ يستطيع أن يتعب نفسه السنين العديدة في خدمة العلم والدين، ثم يعجز عن نشر عمله، فعسى أن يقيض الله له من أصحاب المطابع أو محبّي العلم من ذوي الثروة من يقوم بهذا الغرض، والله الموفق.
وكتبه
عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
مصحح بدائرة المعارف في حيدراباد (الدكن)
19 جمادى الآخرة 1370 هـ