الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(19)
تحقيق نِسبة (العندي)
(1)
(1)
من حاشية تحقيق كتاب "الإكمال"(6/ 322 - 331) لابن ما كولا.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال العلامة المعلمي تعليقًا على قول ابن ماكولا في "الإكمال": "وأما العندي بنون ساكنة
…
".
قال: "بياض في النسخة ولم أجد هذا الاسم (العندي) فيما لدي من كتب المؤتلف والأنساب، وتقدم في باب عبدة ونحوه قال: "وأما عنْدة بنون ساكنة فامرأة من مهرة، هي أم علقمة بن سلمة بن مالك بن معاوية الأكرمين وهو ابن عنْدة، ولقبه الزوير" وفي بعض الكتب في نسبة الأديب الأبيني "العندي" ويأتي النظر فيه في (العيدي) ".
ثم قال: "في "المشتبه" بإضافة من "التوضيح": "و [أما] العيدي ــ بالكسر [مع إهمال الدال] نسبة إلى العيد [فهو] جلال الدين محمد بن أحمد بن عمر البخاري، في آبائه من ولد في العيد فنسب إليه، بارع في الفقه والأصلين، أخذ عنه الفرضي، وقال: مات سنة ثمان وستين وستمائة". تعقبه "التوضيح" بقوله: "لم يجزم أبو العلاء الفرضي بوفاته، إنما قال فيما وجدته بخطه: توفي فيما أظن في شهر رمضان سنة ثمان وستين وستمائة".
قال المعلمي: كأن الذهبي فهم أن التردّد مُنصبّ على الشهر فقط، وهو قريب.
ثم قال في "التوضيح" عن الفرضي: "وأخوه صاحبنا كمال الدين عمر بن أحمد بن عمر العيدي، تفقه على أخيه وقرأ الفرائض والحساب على شيخي الإمام نجم الدين عمر بن أحمد بن عمر الكاخُشْتُواني البخاري رحمه الله. انتهى".
قال في "التوضيح": "وأبو الحسين يحيى بن علي بن القاسم العيدي عن أبي بكر الحنيفي وعنه أبو طاهر السِّلَفي في "معجم السفر". ونسبةً إلى العيدي بن نَدَغى بن مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، منها ذهبن بن فرضم بن العجيل بن قثاث بن قمومي بن بَقْلُل بن العيدي، صحابي له وفادة، ذكره ابن الكلبي في "الجمهرة"، وقال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه لبعد مسافته. انتهى". وقد تقدم ذهبن بنسبه 3/ 388 ولم أستوف هناك النظر في الأسماء، وسترى ذلك إن شاء الله تعالى في رسم (قثاث).
ومنه أنه وقع هناك تبعًا للأصول "ابن العيذي" بنقط الذال، وكذا وقع في الأصل في رسم (قثاث) مع شكله بفتح العين وبسكون الياء. وإنما الصواب بكسر العين وسكون التحتية تليها دال مهملة، قال ابن دُريد في "الاشتقاق" ص 552 في أسماء مهرة بن حيدان:"ومنهم بنو عيدي تنسب إليهم الإبل العيدية" وقال في "جمهرته" 2/ 286 في مادة (ع ود): "العيدية نجائب منسوبة إلى العيد، وهو قبيلة من مهرة بن حيدان" وذكرها غيره من أهل المعاجم، وفي "الإكليل" 1/ 193 في نسب مهرة "وقبائل نادغم (هو الذي سماه ابن دريد وغيره: ندغى) العقار
…
والعيدي، وإليهم تنسب الإبل العيدية". وقال ص 194:"وولد نادغم العيد" كأنه يقال له: "العيد" ويقال: "العيدي" وهو الأكثر.
وفي "التوضيح" عقب ما مرَّ عنه: "وأبو بكر أحمد بن محمد العيدي الأبيني الأديب، شاعر، ذكره عمارة بن الحسن اليمني الشاعر" والعطف على قوله: "منها ذهبن
…
" أي: ومن بني العيدي بن ندغى "أبو بكر
…
".
وفي شأن هذا الأديب الأبيني اختلاف في موضعين، الأول: ذكر هنا في
"التوضيح" كما ترى: "أبو بكر أحمد بن محمد"، ومثله في "معجم البلدان" في رسم:(أبين) و (الإسكندرية) و (عدن)، وفي "تكملة ابن الصابوني" ص 92:"الأديب أحمد بن محمد" وكذا نقل في رسم (الخلي) من "التوضيح" وتقدم نقله 1/ 116.
لكني رأيته في "العَسْجد المسبوك" مخطوطة مكتبة الحرم المكي يذكره بلفظ: "أبو بكر بن أحمد" في مواضع منها ص 97 وص 153، وكذا في نسختين أخريين بالمكتبة المحمودية في المدينة الشريفة، وكذا في "قرة العيون" مخطوطة مكتبة الحرم أيضًا في ذكر توران شاه ابن أيوب قال: "ولما دخل عدن أنشده الأديب أبو بكر بن أحمد العبدي (كذا) قصيدة بلغة فصيحة يقول فيها:
أعساكرًا أسريتها وجنودا
…
أم أنجمًا أطلعتهن سعودا"
وفي تعليقات المحقق النحرير الأستاذ فؤاد سيد على "طبقات فقهاء اليمن" ص 169 في ذِكْر هذا الأديب ما لفظه: "ترجم له عمارة في "المفيد" 180 - 232 ترجمة مطولة
…
وذكر اسمه: فخر الدين أبو العتيق أبو بكر بن أحمد العبدي (كذا)
…
وترجم له الجندي أيضًا لوحة 156
…
وذكر أنّ اسمه أبو العتيق أبو بكر بن أحمد العبدي (كذا)
…
". وكتب إليّ الأستاذ فؤاد سيد جوابًا عن سؤال في شأن هذا الرجل وفيه: "في خريدة القصر
…
قسم شعراء الشام .. المطبوع أخيرًا سنة 1964
…
يذكر الاسم فيها: "أبو بكر بن أحمد بن محمد العيدي"، وأرى أن ما تقدم كاف للجزم بأنه "أبو بكر بن أحمد" وأن من قال:"أبو بكر أحمد" إنما بنى على الغالب المألوف أن قولهم: (أبو بكر) كنية يتبعها الاسم. وقد اتضح أنها هنا اسم وأن كنيه هذا
الرجل أبو العتيق.
الموضع الثاني: النسبة (العيدي) كيف ضبطها؟ فقد جاءت على أوجه:
الوجه الأول: (العبدي) بعين ودال مهملتين بينهما موحدة هكذا في عدة نسخ من "العسجد المسبوك" مرت الإشارة إليها. وفي "قرة العيون"، وفي كتاب "المفيد في أخبار زبيد" لعمارة و"السلوك" للجندي أفادني عنهما الصديق الحميم الأستاذ فؤاد سيد في كتابه، وفي مواضع من المخطوطات تثبت مع النقطة التي تحت الموحدة نقطة أخرى تحت الدال علامة للإهمال كما ثبتت هذه العلامة في تلك الكتب في غير هذه الكلمة. ويلاحظ: أن هذه النقطة قد تقرب من الأولى فيقرأ: (العيدي) بتحتية بين المهملتين، وقد يستغرب هذا؛ لأن المتقدمين لم يذكروه فيظن الصواب (العيذي) بتحتية فمعجمة. وليس من المحتَّم أن لا تكون نسبة (العبدي) بالموحدة بين المهملتين إلا إلى عبد القيس، بل من الجائز أن تكون في بعض الجهات إلى عبد آخر.
الوجه الثاني: (العِيدي) بالتحتية بين المهملتين تقدم ذلك عن "التوضيح" وكذا وقع في مواضع من "معجم البلدان": (أبّه ــ أبين ــ الإسكندرية ــ عدن) وفيه في رسم (أبين) ما لفظه: "قال عمارة بن الحسن اليمني الشاعر: أبين موضع في جبل عدن منه الأديب أبو بكر أحمد (كذا) بن محمد العيدي القائل منسوب إلى قبيلة يقال لها عيد، ويقال عيدي بن ندعي (كذا) بن مهرة بن عيدان (كذا)، وهي التي تنسب إليها الإبل العيدية؛ وأشار بعضهم يقول:
ليت ساري المزن من وادي منى
…
بان عن عيني فيسقي أبينا"
ذكر الأبيات، وكل من (عيدي بن ندغي) و (الإبل العيدية) لا نزاع أنه بتحتية بين مهملتين، وكنت رأيت أن هذا الضبط من كلام عمارة نفسه فيكون نصًّا قاطعًا لأنه صاحب هذا الأديب، ثم قلت: إن لم يكن من كلام عمارة فهو من كلام ياقوت، ثم لما تأملت العبارة رابني فيها أن قوله:(وهو القائل) غير متصل بما بعده، وأن قوله:"وأشار بعضهم يقول" عبارة ركيكة لا تليق بعمارة ولا ياقوت، وأن الأبيات هي لذاك الأديب الأبيني نفسه كما في "خريدة القصر" وغيرها، ولو أنك حذفت ما بين (وهو القائل) والأبيات وقلتَ: "وهو القائل: ليت ساري المزن من وادي منى
…
"؛ لوجدت العبارة مستقيمة. فأخشى أن يكون هذا هو الأصل وأن بعضهم كتب بهامش بعض النسخ حاشية قوله: "منسوب إلى قبيلة
…
الإبل العيدية" فجاء آخر فأدرج هذه الحاشية في المتن وزاد من عنده قوله: "وأشار بعضهم يقول" ليصل العبارة بما بعدها. غير أن موافقة هذا الضبط "للتوضيح" تدل أن له أصلاً متينًا.
الوجه الثالث: (العَيْذي) بمهملة فتحتية فمعجمة كذا وقع في "تكملة ابن الصابوني" ص 92 في رسم (الخلي) ولفظه بعد أن ذكر أبا الربيع سليمان بن محمد الخلي وأنه سأله عن مولده فذكره وأنه بخلة قرية قبْلي عدن "حدثنا أبو الربيع .. الخلي
…
من لفظه بدمشق قال: أنبأنا عبد الله بن محمد بن يحيى الإسحاقي بعدن قال: كنت يومًا عند الأديب أحمد بن محمد العيذي بعد أن عمي
…
" وهكذا نقلت هذه العبارة عن التكملة في التوضيح وعلى كلمة (العيذي) "صح". فهذا يدل أنها بهذا النقط صحيحة عن ابن الصابوني، وهو روى هذه الحكاية عن عالم عدني عن آخر كذلك من أصحاب هذا الأديب نفسه، فيبعد أن تكون خطأ.
وقد يُعارض هذا بأن ياقوت قال في رسم (الإسكندرية): "حدثني القاضي المفضل أبو الحجاج
…
قال حدثني الفقيه أبو العباس أحمد بن محمد الأبي
…
قال: أذكر ليلةً وأنا أمشي مع الأديب أبي بكر أحمد بن محمد العيدي
…
" فذكره بالتحتية بين المهملتين مع أن هذا السند أقصر، ويهون أمرهما معًا أنه وقع فيهما معًا اسم الأديب "أحمد بن محمد" وإنما هو أبو بكر بن أحمد كما مر. وقد يخدش في الوجهين الثاني والثالث معًا؛ بأن في عبارة الجندي كما يأتي: "العبدي
…
من قومه الأعبود" فلو كانت هذه الصيغة (الأعبود) مأخوذة من (عيد) أو (عيذ) لكانت (الأعيود) أو (الأعيوذ) والضمة على الياء ثقيلة مع أنه كان ينبغي أن يقال: (الأعوود) أو (الأعووذ)؛ لأنهما من (ع ود) و (ع وذ) وسبب القلب غير موجود في الصيغة، ويجاب: بأن الضمة محتملة، وفي رسم (قين) من "الإكمال": "وأما قين أوله قاف بعدها ياء معجمة باثنتين من تحتها فهو القين بن فهم
…
وولده يقال لهم الأقيُون" على أن الجندي من أهل القرن الثامن لا يلزم التزامه لمقتضى التصريف، على أن العرب قد جمعوا العيد على لفظه فقالوا:(أعياد) و (والعيدي بن ندغى) اسم حميري قديم لا يجب أن يكون من (ع ود) ومادة (ع ي د) موجودة ومنها قولهم للنخلة: عيدانة.
الوجه الرابع: (العندي) بنون بين المهملتين ذكره لي الأخ العلامة الناقد حمد الجاسر وأنه يقال: إن مسجد هذا الرجل موجود بعدن يعرف بمسجد العندي، وأشار عليّ باستقصاء البحث فاستعنت بالسيد الفاضل المؤرخ هادون العطاس فكتب إليّ السيد الفاضل العالم طاهر بن علوي بن طاهر الحداد وهو بعدن، فعاد جوابه وفيه ما لفظه:"العندي صاحب مسجد العندي بعدن. ظهر لنا بعد أن ظفرنا بترجمة العندي في كتاب "هدية الزمن"
للأمير أحمد فضل العبدلي أن من سميتموه ونقلتم ترجمته من كتاب الصابوني رجل آخر، أما العند وصاحب مسجد العندي بعدن فهاكم ترجمته: قال أحمد فضل في كتابه ص 72 قال الأهدل في "التحفة": الأديب أبو بكر بن أحمد العندي نسبة إلى الأعنود قوم يسكنون لَحْج أبين وعدن، أثنى عليه عمارة
…
وكانت وفاة الأديب بعدن سنة 580 تقريبًا وكان من آثاره مسجده المعروف بمسجد العندي بعدن" فشكرته على إفادته ورجوت من السيد هادون أن يكتب إليه بالشكر الجزيل ورجاء المزيد بالبحث عن المسجد والقوم أمعروف بعدن الآن مسجد يقال له: مسجد العندي ــ أو ما يشبه هذه الكلمة؟ فإن كان، ففي أي موضع من عدن؟ أمعروف في تلك الجهات الآن قوم يقال لهم: الأعنود، أو نحو هذا مما يقرب منه؟ فلم يرد جواب منه، وأحسب السيد هادون كرر المكاتبة ولكن لم يفدني بشيء، فحدستُ: أن ذاك الفاضل بحث فلم يجد وخشي أن يجيب بالنفي ويكون هناك شيء يعثر عليه غيره. ثم سمى لي السيد هادون فاضلاً آخر، فكتبت إليه فلم يجب وأحسبه: بحث فلم يجد وخشي ما خشيه الأول، ولا أدري ما مستند أحمد فضل في النقط أوَجَده كذلك في النسخة التي نقل عنها من "تحفة الأهدل"؟ أم نظر على أن هناك قرية يقال لها (العند) ويسوغ أنه يقال لسكانها (الأعنود) كما يأتي بعد؟
ومن جهة أخرى كتبت إلى الصديق الحميم الأستاذ فؤاد سيد أمين المخطوطات بدار الكتب المصرية فعاد جوابه مبسوطًا، وفيه ما لفظه: والزيادات المقوسة منه:
"أولا: في "تاريخ ثغر عدن" لبامخرمة المطبوع سنة 1950 يذكر
صاحبنا في مواضع كثيرة باسم ــ العَيّدِي ــ مضبوطة بالشكل ويذكر في الحواشي القراءات الأخرى التي يراها لهذا الاسم وهي: العبدي ــ العَيْذي ــ العَيِذي ــ العِيّدي.
ثانيًا: في "خريدة القصر" لابن العماد الأصفهاني قسم شعراء الشام واليمن والحجاز المطبوع أخيرًا سنة 1964 بتحقيق الدكتور شكري فيصل ترجمة لا بأس بها للرجل مع أشعار كثيرة له نقلها ابن العماد عن كتاب "المفيد" لعمارة اليمني، وتبدأ هذه الترجمة من ص 145 ويذكر الاسم فيها: أبو بكر أحمد بن محمد العِيدي اليمني. وفي الحواشي يورد الروايات الأخرى التي رآها وهي: العَبدي ــ العيذي.
ثالثًا: رجعت إلى مخطوطة "المفيد في أخبار زبيد" لعمارة اليمني فرأيت أن الناسخ يذكر الاسم: العبدي ــ وترجمته هناك مطولة وحافلة بشعره من ورقة 180 - 232.
رابعًا: في كتاب ابن المجاور .. المستبصر ص 46، يذكر باسم: العبدي، وفي الحاشية: العيدي.
خامسًا: وعند الجندي في السلوك ترجمة له في لوحة 156 بقوله: ومنهم أبو العتيق أبو بكر بن أحمد العبدي (بنقطة تحت الموحدة ونقطة تحت الدال للإهمال) نسبًا، الأبيني بلدًا، من قومه الأعود (كذا بدون نقط) جماعة يسكنون أبين ولحج وعدن
…
، وقد أنهى الجندي الترجمة بقوله: وكانت وفاة الأديب بعدن سنة ثمانين وخمسمائة تقريبًا ومن آثاره في عدن المسجد الذي يعرف بمسجد العبدي (كذا بنقط الموحدة). ويبدو أن هذه الترجمة هي التي نقل منها الأهدل".
قال المعلمي: مما استفدنا من هذا أن المخطوطات مطبقة على (العبدي) بموحدة بين مهملتين وأن العبارة التي مر نقلها عن كتاب أحمد فضل عن "تحفة الأهدل" أصلها للجندي. فالجندي هو الذي ذكر المسجد، لكن السيد هادون جزاه الله خيرًا أوقفني على كتاب تاريخ عدن وجنوب الجزيرة لحمزة علي إبراهيم لقمان، وفيه ص 268 في آثار عدن ما لفظه:"مسجد العندي ــ بناه الشاعر الأديب السياسي العدني أبو بكر بن أحمد العندي قبل وفاته سنة 580". فظاهر هذا أن لقمان وهو عدني من أهل هذا العصر عرف المسجد، لكن رابني أنه لم يبين موضعه! فهل أخذ من كتاب أحمد فضل؟ فعلى هذا يكون المسجد كان معروفًا في زمن الجندي أي في صدر القرن الثامن، وكان الجندي بعدن ولي بها الحسبة. وهل كان المسجد معروفًا في زمن الأهدل؟ لا ندري، وكان الأهدل بزبيد أو ما يقرب منها، ولا يظهر من ترجمته أنه عرف عدن، وإنما لخص كتاب الجندي مع زيادات. ووفاته سنة 855.
ثم كتبت إلى علامة الجنوب فضيلة الشيخ محمد بن سالم البيحاني رئيس الجمعية الإسلامية للتربية والتعليم بعدن فأجاب مشكورًا، وقال في جوابه: "المذكور هو أبو بكر بن أحمد بن محمد العندي بفتح العين المهملة والنون المنقوطة من أعلى مفتوحة أيضًا وبعدها دال مهملة، وهكذا ينطق بهذا الاسم، وهي نسبة إلى قرية يقال لها (العند) شمال حوطة لحج العاصمة على بعد عشرين ميلاً تقريبًا، وهي تقرب من الشققة بفتح الشين وسكون القاف، وبها سكان قليل، وقال لي أحد أمراء لحج: إنها كانت قلعة حربية، وكان فيها معسكر صغير للجيش البريطاني، والمسؤول عنه أديب
…
، أما مسجده الذي ذكره حمزة لقمان في ص 268 من كتابه "تاريخ
عدن والجنوب العربي" فهو غير معروف اليوم، وقد سألت الكبار من أهل عدن عن هذا المسجد فلم يعرفوا عنه ولا عن موقعه قليلاً ولا كثيرًا، والمذكور هو أستاذ الشيخ نجم الدين عمارة اليمني، ونسبته إلى الأعنود قبيلة تسكن عدن وأبين ولحج غير صحيحة، ولو كان الأمر كذلك لقيل له: الأعنودي، وإنما هو منسوب إلى قرية العند، وفي جهتنا ينسب السكان إلى مساكنهم بهذه الصيغة، فيقال في أهل قَدَس: الأقدوس، وفي أهل الحكم ــ بسكون الكاف ــ: الأحكوم، وفي أهل العند: الأعنود، وهكذا، وكل ما ورد في ضبط اسمه غير ما ذكرناه فهو مغيّر ومصحف فليس هو بالعبدي ولا العيذي ولا العيدي، وليس هو أبو بكر أحمد بن محمد، وإنما هو أبو بكر بن أحمد العندي فاضبطوه فضلاً لا أمرًا، وإذا تيسر لكم الوقوف على كتاب "التحفة السنية" للأهدل أو "تاريخ الجندي" أو "ثغر عدن" لبامخرمة أو كتاب النسب ــ بكسر النون ــ لبامخرمة أيضًا فستجدون أكثر وأحسن مما تيسر لي في هذه الخلاصة".
قال المعلمي: أما "تحفة الأهدل" فقد تقدم النقل عنها، ولم يكن الأهدل بعده وإنما لخص كتاب الجندي، و"تاريخ الجندي" و"ثغر عدن" قد تقدم ما فيهما في إفادة الأستاذ فؤاد سيد، وكتاب "النسب" لبامخرمة أراه كتاب النسبة إلى البلدان، رأيت منه نسخة في المكتبة المحمودية بالمدينة الشريفة ولم أجد فيه ما يفيد في قضيتنا هذه. والذي يتحصل من الجواب:
1 -
أنه لا يعرف الآن بعدن مسجد ينسب إلى هذا الأديب.
2 -
أنه لا يعرف قوم يكونون بأبين وعدن ولحج يقال: لهم (الأعنود) إلا أنه يسوغ أن يقال لسكان تلك القرية (الأعنود).
3 -
أن ذاك الأديب يعرف الآن بين علماء عدن وأدبائها بقولهم (العندي) بفتح أوله وثانيه.
4 -
أن فضيلة المجيب يجزم بذلك، وبأن ما عداه تصحيف.
5 -
أنه يجزم بأنها نسبة إلى قرية (العند) التي توجد الآن في تلك الجهة بها سكان قليل، وأفاد بعض أمراء لحج أنها كانت قلعة حربية وكان بها معسكر صغير للجيش البريطاني.
6 -
أنه يجزم بعدم صحة ما قيل: إن النسبة إلى الأعنود قبيلة تسكن عدن وأبين ولحج، ويرى أنه لو كان كذلك لَقيل: الأعنودي.
قال المعلمي: أما الأمر السادس فقد مرت عبارة الأهدل، ولا يبعد خطاؤه؛ لأنه متأخر عن الأديب بأكثر من قرنين ولم يكن بعدن ولكنه استند إلى عبارة الجندي، وقد مرّت عبارة الجندي وهي أصرح، والجندي كان بعدن واليًا للحسبة في صدر القرن الثامن. ولا يسعني تأخير إرسال المسودة إلى الهند بعد الآن حتى أراجع فضيلة المجيب، ولعل أعماله المهمة تشغله عن البحث مكررًا، فإذا لم يصنع كما صنع السيد الفاضل طاهر بن علوي، فكما صنع الصديق الحبيب الأستاذ فؤاد سيد فإني بعد إفادته الأولى الممتعة راجعته فلم تسمح له أعماله بأكثر من جواب مقتضب مع وريقة كتبها صديقنا العلامة حمد الجاسر، سأثبتها مع ما أحالت عليه وأختم البحث بذلك شاكرًا لهم جميعًا. وراجع ما تقدم 3/ 75، و 134، والأنساب 4/ 27.
كتب الأخ حمد ما لفظه: "أبو بكر العَنْدي (شكلها بفتح العين وسكون النون) لا العيدي ولا العبدي ولا العيذي.
1 -
أول من غلط وخلط في نسبة هذا الشاعر ياقوت في "معجم البلدان"، وفي "معجم الأدباء" وقد أورد له نسبتين مختلفتين.
2 -
ثم جاء ابن الصابوني فوقع في الغلط، وزاده تخليطًا وغلطًا الأستاذ الدكتور مصطفى جواد بتعليقة حاول فيها أن يصحح فما أصاب.
3 -
ثم الدكتور شكري فيصل في تصحيحه للجزء الثالث من كتاب "خريدة القصر" ــ أو الثاني ــ وقد أشار في آخر الجزء أنني نبهته إلى الصواب إشارة مبهمة.
4 -
أن الصواب في نسبة الشاعر هو: العَنْدي (شكله كما مر) بالعين المهملة بعدها نون فدال مهملة، كما ورد بذلك نص صريح في كتاب "تاريخ عدن" للسلطان الفضل منسوب إلى الأعنود، وأن في عدن مسجدًا ينسب إلى الشاعر المذكور، وقد نقلت نصَّه في تعليقي على دائرة معارف البستاني المنشور في جريدة الرياض في المحرم سنة 1385 وصفر سنة 1385".
قال المعلمي: هو في جريدة الرياض العدد 44 بتاريخ يوم الأحد 21 صفر سنة 1385، ذكر هناك كتاب أحمد فضل ثم قال: "فوجدت في الكتاب نصًّا صحيحًا صريحًا ص 72 هو: قال الأهدل في التحفة الأديب أبو بكر بن أحمد العندي نسبة إلى الأعنود قوم يسكنون لحج وأبين وعدن أثنى عليه عمارة ــ إلى أن قال ص 73: وكانت وفاة الأديب بعدن سنة 580 تقريبًا، وكان من آثاره مسجده المعروف بمسجد العندي بعدن. اهـ.
فهل بعد هذا يبقى شك في صحة النسب؟ وانظر زيادة عليه مخطوطة دار الكتب المصرية من "تاريخ عمارة" رقم 8048 ج تاريخ".
قال المعلمي: قد أمللتُ القارئ ولم أمل، وحسبي أن يكون ما أثبته نموذجًا لما يقاسيه المعنيون بتحقيق الكتب، وإن أحدهم ليتعب نحو هذا التعب في مواضع كثيرة جدًّا ولكنه في الغالب ينتهي إلى أحد أمرين: إما عدم الظفر بشيء فيكتفي بالسكوت، أو بأن يقول:(كذا) أو نحوها ولا يرى موجبًا لذكر ما عاناه في البحث والتنقيب، وإما الظفر بنتيجة حاسمة فيقدمها للقراء لقمة سائغة ولا يهمه أن يشرح ما قاساه حتى حصل عليها والله المستعان.