الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ نَواقِضِ الوُضُوءِ)
أي: مفسداتِه، وهي ثمانيةٌ:
أحدُها: الخارجُ مِن سبيلٍ، وأشار إليه بقولِه:(يَنْقُضُ) الوضوءَ (مَا خَرَجَ مِنْ سَبِيلٍ)، أي: مَخْرَجِ بولٍ أو غائطٍ، ولو نادِراً أو طاهِراً؛ كولَدٍ بلا دمٍ، أو مُقَطَّراً (1) في إحْلِيلِه، أو مُحْتَشىً وابْتَلَّ، لا الدَّائمَ كالسَّلَسِ والاستحاضةِ، فلا يَنقُضُ؛ للضرورةِ.
(وَ) الثاني: (خَارجٌ مِنْ بَقِيَّةِ البَدَنِ) سِوى السبيلِ (إِنْ كَان بَوْلاً أو غَائِطاً)، قليلاً كان أو كثيراً، (أَوْ) كان (كَثِيراً نَجِساً غَيْرَهُمَا)، أي: غيرَ البولِ والغائطِ، كقَيءٍ ولو بحالِه؛ لما روى الترمذي:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَتَوَضَّأ» (2)،
والكثيرُ: ما فَحُش في نفْسِ كلِّ أحدٍ بحسبِه.
(1) بفتح الطاء المشددة، بأن قطَّر في إحليله دهنا، ثم خرج. ينظر: شرح المنتهى للبهوتي 1/ 69.
(2)
رواه الترمذي (87)، ورواه أحمد (27502)، وابن خزيمة (1956)، وابن الجارود (8)، وابن حبان (1097)، والحاكم (1553)، من طريق حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد المخزومي، عن أبيه، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء. قال الترمذي:(وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب)، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم الذهبي وابن حجر والألباني، واحتج به أحمد في رواية ابن هانئ، وقال ابن منده:(: إسناده صحيح متصل).
وضعَّفه البيهقي والنووي بالاضطراب، وأجاب عن الاضطراب الإمام أحمد، قال الأثرم:(قلت لأحمد: قد اضطربوا في هذا الحديث، فقال: حسين المعلم يجوده)، وقال الترمذي:(حديث حسين أرجح شيء في هذا الباب)، قال الزيلعي:(اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره). ينظر: السنن الكبرى 1/ 224، طبقات الحنابلة 1/ 67، المجموع 2/ 55، تنقيح التحقيق لابن عبدالهادي 1/ 283، التلخيص الحبير 2/ 411، نصب الراية 1/ 41، الإرواء 1/ 147.
وإذا استدَّ المَخرَجُ وانْفَتَحَ غيرُه؛ لم يَثبتْ له أحكامُ المُعتادِ.
(وَ) الثالثُ: (زَوَالُ العَقْلِ)، أو (1) تغطيته، قال أبو الخطَّابِ وغيرُه:(ولو تلَجَّمَ ولم يَخرُجْ شيءٌ (2)؛ إلحاقاً بالغالبِ) (3)، (إِلَاّ يَسِيرَ نَوْمٍ مِنْ قَاعِدٍ وقَائِمٍ)، غيرِ مُحْتَبٍ، أو مُتَّكِئٍ، أو مُستَنِدٍ.
وعُلم مِن كلامِه: أنَّ الجنونَ والإغماءَ والسُّكرَ يَنقضُ كثيرُها ويسيرُها (4)، ذكره في المبدعِ إجماعاً. (5)
ويَنقضُ أيضاً النومُ مِن مُضطَجِعٍ وراكعٍ وساجدٍ مطلقاً، كمُحْتَبٍ ومتكئٍ ومُستندٍ، والكثيرُ مِن قائمٍ وقاعدٍ؛ لحديثِ:«العَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه أحمدُ وغيرُه (6)،
والسَّه: حَلْقةُ الدُّبرِ.
(1) في (ق): أي.
(2)
في (ب) و (ق): منه شيء.
(3)
انظر: الفروع (1/ 224)، والمبدع (1/ 134).
(4)
في (ب): يسيرها وكثيرها.
(5)
(1/ 134).
(6)
رواه أحمد (887)، وأبو داود (203)، وابن ماجه (477)، من طرق عن بقية بن الوليد، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن علي، وأُعِلَّ الحديث بثلاث علل: الأولى: تدليس بقية، وأجيب: بأنه صرح بالتحديث في رواية أحمد. والثانية: ضَعْف الوضين، وأجيب: بأن ابن عدي قال: (لا أرى بأحاديثه بأساً)، فأقل ما يقال بأن حديثه حسن. والثالثة: الإرسال، قال أبو زرعة:(ابن عائذ عن علي مرسل)، قال ابن حجر:(في هذا النفي نظر؛ لأنه يروي عن عمر كما جزم به البخاري).
وله شاهد من حديث معاوية: رواه الدارقطني (597)، وابن عدي (2/ 209)، والبيهقي (579)، من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن عطية بن قيس الكلاعي ، عن معاوية مرفوعاً. وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف، وقد خالفه مروان بن جناح، فرواه عن معاوية موقوفاً عند ابن عدي، وقال:(قال الوليد - يعني: ابن مسلم -: ومروان أثبت من ابن أبي مريم)، ورواه عبد الله بن أحمد (مسند أحمد 28/ 92)، وِجادة في كتاب أبيه بخط يده، وقال:(أظنه كان في المحنة قد ضرب على هذا الحديث في كتابه).
وحديث علي حسَّنه المنذري وابن الصلاح والنووي والألباني، وقال الإمام أحمد:(حديث علي أثبت من حديث معاوية)، وأما أبو حاتم فقال عن حديث علي وحديث معاوية:(ليسا بقويين). ينظر: علل الحديث لابن أبي حاتم 1/ 561، نصب الراية 1/ 45، التلخيص الحبير 1/ 333، إرواء الغليل 1/ 58.
(وَ) الرابعُ: (مَسُّ ذَكَرِ) آدميٍّ، تعمَّده أوْ لَا، (مُتَّصلٍ)، ولو أشلَّ، أو قُلفةً، أو مِن ميتٍ، لا الأُنْثَيَيْن، ولا بائنٍ، أو مَحَلِّه.
(أَوْ) مسُّ (قُبُلٍ) مِن امرأةٍ، وهو فرجُها الذي بين إسْكَتَيْها (1)؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم:«مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه مالكٌ، والشافعي وغيرُهما (2)، وصحَّحه أحمدُ والترمذي (3)،
وفي لفظٍ: «مَنْ مَسَّ
(1) الإِسْكَتان: بكسر الهمزة وفتحها: شفر الرحم، وقيل: جنباه مما يلي شفريه. ينظر: المطلع ص 445.
(2)
في (أ): وأحمد وغيرهما.
(3)
رواه مالك (127)، والشافعي في المسند (ص 12)، أحمد (27295)، وأبو داود (181)، والترمذي (82)، والنسائي (447)، وابن خزيمة (33)، وابن الجارود (16)، وابن حبان (1112)، والحاكم (472)، من حديث بسرة بنت صفوان. صححه أحمد وابن معين والترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي والحازمي والذهبي والنووي وابن الملقن والألباني، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال:(هو أصح شيء في الباب).
وقد أعلَّه علي بن المديني وإبراهيم الحربي: بأن عروة بن الزبير لم يسمعه من بسرة، وأجيب عن ذلك: بأن ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة قد جزموا بأن عروة سمعه من بسرة، على أن الواسطة بين عروة وبسرة في بعض الطرق هو مروان بن الحكم، وهو الذي أُعل به الحديث، ومروان احتج به البخاري في صحيحه، قال البيهقي:(فهو صحيح على شرط البخاري بكل حال، وإذا ثبت سؤال عروة بسرة عن هذا الحديث، كان الحديث صحيحاً على شرط البخاري ومسلم جميعاً، وقد مضت الدلالة على سؤاله إياها عن الحديث، وتصديقها مروان فيما روى عنها). ينظر: معرفة السنن والآثار 1/ 412، خلاصة الأحكام 1/ 133، تنقيح التحقيق 1/ 263، البدر المنير 2/ 452، نصب الراية 1/ 54، التلخيص الحبير 1/ 340، صحيح أبي داود 1/ 327.
فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» صحَّحه أحمدُ (1).
ولا ينقُضُ مسُ شُفْرَيْها (2)، وهما حافتَا فرجِها.
ويَنقضُ المسُّ (3) بِيَدٍ بلا حائلٍ، ولو كانت زائدةً، سواءٌ كان
(1) رواه أحمد في المسند (27294)، والنسائي (444)، من حديث بسرة أيضاً، بسند صحيح، وقد ورد هذا اللفظ من حديث أم حبيبة عند ابن ماجه (481)، قال الخلال:(صحح أحمد حديث أم حبيبة). ينظر: التلخيص الحبير 1/ 344، إرواء الغليل 1/ 150.
(2)
الشُّفر: بوزن القُفل: شفر المرأة، وهو: أحد شفريها، وقد حكي فيه الفتح. ينظر: المطلع ص 439.
(3)
في (ب): اللمس.
(بِظَهْرِ كَفِّهِ، أَوْ بَطْنِه)، أو حَرْفِه، مِن رؤوسِ الأصابعِ إلى الكوعِ؛ لعمومِ حديثِ:«مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى ذَكَرِهِ لَيْسَ دُونَهُ سِتْرٌ؛ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ» رواه أحمدُ (1)، لكن لا يَنقضُ مسُّه بالظُّفرِ.
(وَ) يَنقضُ (لَمْسُهُمَا)، أي: لمسُ الذَّكرِ والقُبلِ معاً (مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ)، لشهوةٍ أوْ لا، إذْ أحدُهما أصليٌّ قطعاً.
(وَ) يَنقضُ أيضاً (لَمْسُ ذَكَرٍ ذَكَرَهُ)، أي: ذَكر الخُنثى المُشْكلِ لشهوةٍ؛ لأنَّه إنْ كان ذكَراً فقد مسَّ ذَكَره، وإنْ كان امرأةً فقد لمسَها لشهوةٍ، فإن لم يمسَّه لشهوةٍ، أو مسَّ قُبُلَه؛ لم يَنتقضْ (2)، (أَوْ أُنْثَى قُبُلَهُ)، أي: وينقضُ لمسُ أُنثى قُبُلَ الخُنثى المُشْكلِ، (لِشَهْوَةٍ
(1) رواه أحمد (8404)، وابن حبان (1118)، والدارقطني (532)، من طريق يزيد بن عبد الملك، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً. ويزيد ضعَّفه البخاري جداً، وقال أحمد:(عنده مناكير).
تابعه نافع بن أبي نعيم القارئ عند ابن حبان (1118)، والطبراني في الصغير (110)، ونافع صدوق، ولم يرتضه أحمد، قال الساجي:(صدوق اختلف فيه أحمد ويحيى)، فبإسناد نافع يكون الحديث حسناً، وتعضده الشواهد، ولذا صحح الحديث مرفوعاً ابن حبان والحاكم وابن السكن وعبد الحق الأشبيلي، وقال ابن عبد البر:(هذا إسناد صالح صحيح).
ورواه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 216) من طريق جميل بن بشير عن أبي هريرة موقوفاً، ورجحه الدارقطني، إلا أن جميلاً قال عنه أبو حاتم:(مجهول). ينظر: علل الدارقطني 8/ 131، البدر المنير 2/ 474، خلاصة الأحكام 1/ 134، التلخيص الحبير 1/ 347.
(2)
في (ب) و (ح) و (ق): ينقض.
فِيهِمَا)، أي: في هذه والتي قبلَها؛ لأنَّه إنْ كان أنثى فقد مسَّت فرجَها، وإنْ كان ذَكَراً فقد لَمِسَتْه لشهوةٍ، فإنْ كان المسُّ لغيرِها، أو مسَّت ذَكَره؛ لم يَنقُضْ وضوءَها (1).
(وَ) الخامسُ: (مَسُّهُ)، أي: الذَّكَرِ (امْرَأَةً بشهوةٍ)؛ لأنَّها التي تدعو إلى الحَدَث، والباءُ: للمصاحبةِ.
والمرأةُ شاملةٌ للأجنبيةِ، وذاتِ المَحْرَمِ، والميتةِ، والكبيرةِ، والصغيرةِ المميِّزةِ، وسواءٌ كان المسُّ باليدِ (2) أو غيرِها، ولو بزائدٍ لزائدٍ أو أشَلَّ.
(أَوْ تَمَسُّهُ بِهَا)، أي: يَنقضُ مسُّها للرَّجُلِ بشهوةٍ، كعكسِه السابقِ.
(وَ) يَنقضُ (مَسُّ حَلْقَةِ دُبُرٍ)؛ لأنَّه فَرْجٌ، سواءٌ كان منه أو مِن غيرِه.
(لا مَسُّ شَعرٍ، وَسِنٍّ، وَظُفُرٍ)، منه أو منها، ولا المسُّ بها، (وَ) لا مسُّ رجلٍ لـ (أَمْرَدَ)، ولو بشهوةٍ، (وَلَا) المسُّ (مَعَ حَائِلٍ)؛ لأنَّه لم يَمسَّ البشرةَ.
(وَلَا) يَنتقِضُ وضوءُ (مَلْمُوسٍ بَدَنُهُ، وَلَوْ وُجِدَ مِنْهُ شَهْوَةٌ)،
(1) في (أ): لم ينتقض وضوؤها.
(2)
في (ق): بيد.
ذكراً كان أو أنثى.
وكذا لا يَنتقِضُ وضوءُ مَلمُوسٍ فرجِه.
(وَيَنْقُضُ غَسْلُ (1) مَيِّتٍ (2)، مُسلماً كان أو كافراً، ذكَراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً؛ رُوي عن ابنِ عمرَ (3)، وابنِ عباسٍ (4):«أَنَّهُمَا كَانَا يَأْمُرَانِ غَاسِلَ المَيِّتِ بِالوُضُوءِ» .
والغاسِلُ: هو (5) مَن يُقلِّبُه ويُباشِرُه ولو مرَّةً، لا مَن يَصُبُّ عليه الماءُ، ولا مَن يَمَّمه (6)، وهذا هو السادسُ.
(وَ) السابعُ: (أَكْلُ اللَّحْمِ خَاصَّةً مِنَ الجَزُورِ)، أي: الإبلِ،
(1) قال في تاج العروس (30/ 98): (غسله يغسله غسلاً: بالفتح ويضم، أو بالفتح مصدر من غسلت، وبالضم اسم من الاغتسال، قال شيخنا: فهو خلاف الوضوء، وقيل: العكس، بالضم مصدر وبالفتح اسم، وقيل غير ذلك).
(2)
في (ب): الميت.
(3)
رواه عبدالرزاق (6107)، والبيهقي في السنن الكبرى (1465)، من طريق عبدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، وعبدالله بن عمر ضعيف. ينظر: تقريب التهذيب 1/ 314.
(4)
رواه عبدالرزاق (6101)، والبيهقي في السنن الكبرى (1459)، من طريق ابن جريج عن عطاء عنه، وابن جريج وإن كان مدلساً إلا أن روايته عن عطاء تحمل على السماع كما قال يحيى بن سعيد. ينظر: تهذيب التهذيب 6/ 406.
(5)
سقطت من (ح).
(6)
في (ب) و (ق): ييممه.
فلا تَنقُضُ بقيَّةُ أجزائِها (1) كالكبدِ (2)، وشُرْبِ لبَنِها، ومَرَقِ لحمِها، وسواءٌ كان نِيّاً أو مطبوخاً، قال أحمدُ:(فيه حديثان صحيحان، حديثُ البراءِ وحديثُ (3) جابرِ بنِ سمرةَ) (4).
(وَ) الثامنُ: المشارُ إليه بقولِه: (كُلُّ مَا أَوْجَبَ غُسْلاً)؛ كإسلامٍ، وانتقالِ مَنيٍّ ونحوِهما؛ (أَوْجَبَ وُضُوءاً إِلَّا المَوْتَ)، فيُوجبُ الغسلَ دونَ الوضوءِ.
ولا نقْضَ بغيرِ ما مرَّ، كالقذفِ، والكذبِ، والغيبةِ ونحوِها، والقهقهةِ ولو في الصلاةِ، وأكلِ ما مَسَّت النَّارُ غيرَ لحمِ الإبلِ، ولا يُسنُّ الوضوءُ منهما.
(ومَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ)، أي: تردَّد (فِي الحَدَثِ، أَوْ بِالْعَكْسِ)؛ بأن تَيقَّن الحدَث وشكَّ في الطهارةِ؛ (بَنَى عَلَى اليَقِينِ)، سواءٌ كان في الصلاةِ أو خارِجَها، تساوى عندَه الأمران أو غلَبَ على ظنِّه أحدُهما؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجِدَ رِيحاً» متفقٌ عليه (5).
(1) في (أ) و (ح): فلا نقض ببقية أجزائها. وفي (ب): فلا ينقض بقية أجزائها.
(2)
الكبد فيها ثلاث لغات: فتح أوله وكسر ثانيه، وسكون ثانيه مع فتح أوله، وكسره. ينظر: المطلع ص 41.
(3)
قوله: (حديث) سقطت من (ح).
(4)
مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبدالله (ص 18).
(5)
رواه البخاري (137)، ومسلم (361)، من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.
(فِإِنْ تَيَقَّنَهُمَا)، أي: تَيقَّن الطهارةَ والحدثَ، (وَجَهِلَ السَّابِقَ) منهما؛ (فَهُوَ بِضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا) إن علِمهما (1)، فإنْ كان قبلَهما مُتطهراً فهو الآن محدِثٌ، وإن كان محدِثاً فهو الآن مُتطهرٌ؛ لأنَّه قد تيقَّن زوالَ تلك الحالةِ إلى ضدِها، وشكَّ في بقاءِ ضدِّها وهو الأصلُ، وإن لم يَعْلم حالَه قبلَهما؛ تطهَّر.
وإذا سمِع اثنان صوتاً، أو شمَّا ريحاً مِن أحدِهما لا بعينِه؛ فلا وُضوءَ عليهما، ولا يأتَمُّ أحدُهما بصاحبِه، ولا يصافِفُه في الصلاةِ وحدَه، وإن كان أحدُهما إماماً؛ أعادا صلاتَهما.
(وَيَحْرُمُ عَلَى المُحْدِثِ مَسُّ المُصْحَفِ) أو بعضِه، حتى جِلْدِه وحواشيه، بِيَدٍ وغيرِها بلا حائلٍ.
لا حَمْلُه بعِلاقتِه (2)، أو في كيسٍ، أو كُمٍّ مِن غيرِ مسٍّ، ولا تصفُّحُهُ بكُمِّه أو عُودٍ، ولا صغيرٍ لَوْحاً فيه قرآنٌ من الخالي مِن الكتابةِ، ولا مسُّ تفسيرٍ ونحوِه.
ويحرُمُ أيضاً مسُّ مصحفٍ بعضوٍ متنجسٍ، وسفرٌ به لدارِ حربٍ، وتوسُّدُه، وتوسُّدُ كتبٍ فيها قرآنٌ، ما لم يخَفْ سرقةً.
ويحرُمُ أيضاً كَتْبُ القرآنِ بحيثُ يُهانُ.
(1) في (أ) و (ق): علمها.
(2)
في (ب) و (ق): بعلاقة.
وكُرِه مدُّ رِجْلٍ (1) إليه، واستدبارُه، وتخطِّيه، وتَحْلِيَتُه بذهبٍ أو فضةٍ.
وتحرمُ تَحْلِيةُ كتبُ العلمِ.
(وَ) يحرُمُ على المحدثِ أيضاً (الصَّلَاةُ) ولو نفلاً، حتى صلاةُ جنازةٍ، وسجودُ تلاوةٍ وشكرٍ، ولا يَكْفُر من صلَّى محدِثاً.
(وَ) يحرمُ على المحدثِ أيضاً (الطَّوافُ)؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَبَاحَ فِيهِ الكَلَامَ» رواه الشافعي في مسندِه. (2)
(1) في (ب): الرجل.
(2)
رواه الشافعي في المسند (ص 127)، عن ابن عمر موقوفاً ولم يروه مرفوعاً، ورواه الترمذي (960) قريباً من هذا اللفظ عن ابن عباس مرفوعاً، والموقوف والمرفوع جميعها من طريق طاوس عن ابن عباس، رواه عنه مرفوعاً: عطاء بن السائب، وقد اختلف فيه على عطاء رفعاً ووقفاً، وممن رفعه سفيان الثوري كما عند الحاكم (1686)، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط اتفاقاً، وعطاء بن السائب صدوق اختلط، وتابعه على رفعه ليث بن أبي سليم عند البيهقي (9304)، وليث ضعيف.
أما الموقوف فقد رواه عن طاوس كلٌ من: عبد الله بن طاوس عند البيهقي (9305)، وإبراهيم بن ميسرة عند البيهقي (9306)، وهما ثقات، أوثق من عطاء وليث، ولذا رجح جماعة من الحفاظ الموقوف، كالنسائي والدارقطني والبيهقي والمنذري وابن الصلاح وابن تيمية والنووي.
وصحَّح المرفوع: ابن السكن وابن خزيمة وابن حبان والألباني، ومال إليه ابن دقيق العيد، وقووا المرفوع بروايةٍ عند أحمد (15423)، والنسائي (2922)، من طريق الحسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه سلم ورفعه، وقالوا: غالب الظن أنه ابن عباس، إلا أن الحفاظ لم يعتمدوها متابعةً، ولذا قال البيهقي:(رفعه عطاء وليث بن أبي سليم، ووقَّفه عبد الله بن طاوس وإبراهيم بن ميسرة في الرواية الصحيحة). ينظر: صحيح ابن خزيمة، صحيح ابن حبان، علل الدارقطني، السنن الكبرى، المجموع، مجموع الفتاوى 21/ 274، البدر المنير، التلخيص الحبير 1/ 359، إرواء الغليل 1/ 154.