الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) في أحكامِ الإمامةِ
(الأَوْلَى بِالإِمَامَةِ الأَقْرَأُ) جودةً، (العالِمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ)؛ لقولِه عليه السلام:«يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا» رواه مسلم (1).
(ثُمَّ) إن استووا في القراءةِ (الأَفْقَهُ (2)؛ لما تقدَّم، فإن اجتمع فقيهان قارئان وأحدُهما أفقهُ أو أقرأُ؛ قُدِّم، فإن كانَا قارِئَيْن قُدِّم أجودُهما قراءةً، ثم أكثرُهما قرآناً.
ويُقدَّم قارئٌ لا يَعرفُ أحكامَ صلاتِه على فقيهٍ أمِّيٍّ.
وإنْ اجتمع فقيهان أحدُهما أعلمُ بأحكامِ الصَّلاةِ؛ قُدِّم؛ لأنَّ عِلْمَه يؤثِّرُ في تكميلِ الصَّلاةِ.
(ثُمَّ) إن استووا في القراءةِ والفقهِ (الأَسَنُّ)؛ لقولِه عليه السلام: «وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» متفق عليه (3).
(1) رواه مسلم (673)، من حديث أبي مسعود الأنصاري.
(2)
في (أ): فالأفقه.
(3)
رواه البخاري (628)، ومسلم (674)، من حديث مالك بن الحويرث.
(ثُمَّ) مع الاستواء في السنِّ (الأَشْرَفُ)، وهو القُرُشِيُّ، وتُقَدَّم بنو هاشِمٍ على سائرِ قريشٍ؛ إلحاقاً للإمامةِ الصغرى بالكبرى (1)، ولقولِه عليه السلام:«قَدِّمُوا قُرَيْشاً، وَلَا تَقَدَّمُوهَا» (2).
ثُمَّ الأقدمُ هِجرةً، أو إسلاماً.
(ثُمَّ) مع الاستواءِ فيما تقدَّم (الأَتْقَى)؛ لقولِه تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[الحجرات: 13].
(ثُمَّ) إن استووا في الكلِّ يُقدَّم (مَنْ قَرَعَ) إنْ تشاحُّوا؛ لأنَّهم تساوَوا في الاستحقاقِ، وتَعذَّرَ الجمعُ، فأُقرع بينهم كسائرِ الحقوقِ.
(وَسَاكِنُ البَيْتِ وَإِمَامُ المَسْجِدِ أَحَقُّ) إذا كانَا أهلاً للإمامةِ ممن حَضَرَهم، ولو كان في الحاضرين مَنْ هو أقرأُ أو أفقهُ؛ لقولِه عليه السلام:
(1) في (ب): بالإمامة الكبرى.
(2)
رواه الشافعي (ص 278) بسند صحيح عن الزهري مرسلاً، قال الحافظ:(أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، لكنه مرسل وله شواهد)، قال ابن الصلاح:(وهذا الحديث وإن كان مرسلاً جيداً لا يبلغ درجة الصحيح)، وقال الألباني:(فإن مجيئه مرسلاً بسند صحيح كما سبق، مع اتصاله من طرق أخرى يقتضي صحته اتفاقاً).
وبعضهم يجعل من شواهده ما في البخاري (3495)، ومسلم (1818) من حديث أبي هريرة مرفوعاً:«الناس تبع لقريش في هذا الشأن» ، قال ابن الملقن:(وهذا الحديث وإن كان وارداً في الخلافة، فيستنبط منه إمامة الصلاة). ينظر: البدر المنير 4/ 466، فتح الباري 6/ 530، إرواء الغليل 2/ 297.
«لَا يُؤَمَّنَّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ، وَلَا فِي سُلْطَانِهِ» رواه أبو داودَ عن ابنِ مسعودٍ (1)، (إِلَّا مِنْ ذِي سُلْطَانٍ)، فيقدَّمُ عليهما؛ لعمومِ وِلَايته، ولما تقدَّم مِن الحديثِ (2).
والسَّيدُ أَوْلَى بالإمامةِ في بيتِ عبدِه؛ لأنَّه صاحبُ البيتِ.
(وَحُرٌّ) بالرفعِ على الابتداءِ، (وَحَاضِرٌ)، أي: حَضَري، وهو الناشئُ في المدنِ والقرى، (وَمُقِيمٌ، وَبَصِيرٌ، وَمَخْتُونٌ)، أي: مقطوعُ القُلْفَةِ، (وَمَنْ لَهُ ثِيَابٌ)، أي: ثَوْبَان وما يَسترُ به رأسَه؛ (أَوْلَى مِنْ ضِدِّهِمْ)، خبرٌ عن (حرٍّ) وما عُطف عليه، فالحُرُّ أَوْلى مِن العبدِ والمُبَعَّضِ، والحَضَريُّ أَوْلى مِن البَدوي الناشئِ بالباديةِ، والمقيمُ أَوْلى مِن المسافرِ؛ لأنَّه ربما يَقصُرُ فيفوتُ المأمومين بعضُ الصَّلاةِ في جماعةٍ، وبصيرٌ أَوْلى مِن أعمى، ومختونٌ أَوْلى مِن أَقْلَفَ، ومَن له مِن الثِّيابِ ما ذُكر أَوْلى مِن مستورِ العورةِ مع أحدِ العاتِقين فقط، وكذا المُبَعَّضُ أَوْلى مِن العبدِ، والمتوضئُ أَوْلى مِن المتيممِ، والمستأجِرُ في البيتِ المُؤَجَّرِ أَوْلى مِن المُؤَجِّرِ، والمُعِيرُ أَوْلى مِن المستعيرِ.
وتُكره إمامةُ غيرِ الأَوْلى بلا إذنِه؛ لحديثِ: «إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ القَوْمَ
(1) رواه أبو داود (582)، من حديث أبي مسعود الأنصاري، وليس من حديث ابن مسعود، وهو في مسلم (673)، بلفظ:«ولا يَؤمَّن الرجلُ الرجلَ في سلطانه» .
(2)
في (ب) زيادة: وهو قوله عليه السلام: «ولا في بيته» .
وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ» (1)، ذكره أحمدُ في رسالتِه (2)، إلا إمامَ المسجدِ وصاحبَ البيتِ؛ فَتَحرُمُ.
(وَلَا تَصِحُّ) الصَّلاةُ (خَلْفَ فَاسِقٍ)، سواءٌ كان فِسقُه مِن جهةِ الأفعالِ أو الاعتقادِ، إلا في جمعةٍ وعيدٍ تعذَّرَا خلفَ غيرِه؛ لقولِه عليه السلام:«لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً، وَلَا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِراً، وَلَا فَاجِرٌ مُؤْمِناً، إِلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَوْطَهُ وَسَيْفَهُ» رواه ابنُ ماجه عن جابرٍ (3).
(كَكَافِرٍ)، أي: كما لا تَصحُّ خلفَ كافرٍ، سواءٌ عَلِمَ بكفرِه في الصَّلاةِ أو بعدَ الفراغِ منها.
وتصِحُّ خلْفَ المُخالفِ في الفروعِ.
وإذا تَرَك الإمامُ ما يَعتقِدُه واجباً وحدَه عمداً؛ بطلت صلاتُهما،
(1) رواه الطبراني في الأوسط (4582)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 355)، من حديث ابن عمر بلفظ:«من أمَّ قوماً وفيهم أقرأ لكتاب الله منه وأعلم لم يزل في سفال إلى يوم القيامة» ، قال الطبراني:(لا يروى هذا الحديث عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد)، وفيه الهيثم بن عقاب، قال العقيلي:(حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به).
(2)
رسالة الصلاة، وقد أوردها ابن أبي يعلى في طبقاته (1/ 359).
(3)
رواه ابن ماجه (1081)، وقال ابن عبد البر:(هذا الحديث واهي الإسناد)، فيه علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، وعبد الله بن محمد العدوى وهو متروك، ولذا ضعفه الدارقطني، والبيهقي، والعقيلي، وابن رجب، والنووي، والألباني. ينظر: خلاصة الأحكام 2/ 695، فتح الباري لابن رجب 6/ 195، البدر المنير 4/ 433، التلخيص الحبير 2/ 85، إرواء الغليل 3/ 51.
وإن كان عندَ مأمومٍ وحدَه؛ لم يُعِدْ.
ومن تَرَك ركناً (1) أو شرطاً أو واجباً مُختلفاً فيه بلا تأويلٍ ولا (2) تقليدٍ؛ أعاد.
(وَلَا) تصحُّ صلاةُ رجلٍ وخُنْثى (خَلْفَ امْرَأَةٍ)؛ لحديثِ جابرٍ السابِقِ، (وَ) لَا خلفَ (خُنْثَى لِلرِّجَالِ) والخناثى؛ لاحتمالِ أن يكونَ امرأةً.
(وَلا) إمامةُ (صَبِيٍّ لِبَالِغٍ) في فرضٍ؛ لقولِه عليه السلام: «لَا تُقَدِّمُوا صِبْيَانَكُم» (3)، قاله في المبدعِ (4).
وتصحُّ في نفلٍ، وإمامةُ صبيٍّ بمثلِه.
(وَ) لا إمامةُ (أَخْرَسَ) ولو بمثلِه؛ لأنَّه أخلَّ بفرضِ الصَّلاةِ لغيرِ بدلٍ.
(وَلا) إمامةُ (عَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ قُعُودٍ) إلا لمثلِه.
(1) في (ب): ركناً كطمأنينة.
(2)
في (أ): أو. مكان: (ولا).
(3)
قال ابن الجوزي: (رواه أصحابنا من حديث علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقدموا صبيانكم ولا سفهاءكم في صلاتكم، فإنهم وفدكم إلى الله تعالى»)، قال ابن عبد الهادي معلقاً:(هذا حديث لا يصح، ولا يعرف له إسناد صحيح، بل روي بعضه بإسناد مظلم). ينظر: تنقيح التحقيق 2/ 469.
(4)
(2/ 82).
(أَوْ قِيَامٍ)، أي: ولا تصحُّ إمامةُ العاجزِ عن القيامِ لقادرٍ عليه (1)، (إِلَّا إِمَامَ الحَيِّ)، أي: الراتِبِ بمسجدٍ، (المَرْجُوَّ زَوَالُ عِلَّتِهِ)؛ لئلا يُفضي إلى تركِ القيامِ على الدَّوامِ، (وَيُصَلُّونَ وَرَاءَهُ جُلُوساً نَدْباً)، ولو كانوا قادرين على القيامِ؛ لقولِ عائشةَ: صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتِه وهو شاكٍ، فصلَّى جالساً، وصلَّى وراءه قومٌ قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلمَّا انصرف، قال:«إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، إلى قوله:«وَإِذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أَجْمَعُونَ (2)» (3)، قال ابنُ عبدِ البر:(رُوي هذا مرفوعاً مِن طرقٍ متواترةٍ)(4).
(فَإِنْ ابْتَدَأَ بِهِمْ) الإمامُ الصَّلاةَ (قَائِماً ثُمَّ اعْتَلَّ)، أي: حَصَلت له علةٌ عَجَز معها عن القيامِ (فَجَلَسَ؛ أَتَمُّوا خَلْفَهُ قِيَاماً وُجُوباً)؛ «لأَنَّهُ عليه السلام صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِداً، وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَاماً» متفقٌ عليه عن عائشةَ (5)، وكان أبو بكرٍ ابتدأ (6) بهم قائماً، كما أجاب به الإمامُ (7).
(1) زاد في (أ) و (ب): إلا بمثله. وفي (ق): إلا لمثله.
(2)
في (ب): أجمعين.
(3)
رواه البخاري (688)، ومسلم (412).
(4)
التمهيد (6/ 138).
(5)
رواه البخاري (664)، ومسلم (418)، وفيه:«وكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد» .
(6)
في (ب): قد ابتدأ.
(7)
قال الإمام أحمد في مسائل صالح (3/ 240): (والذي احتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قاعداً إذ جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر بالنبي والناس يأتمون بأبي بكر؛ فهذا الموضع كان المبتدئ بالصلاة أبو بكر، فكانوا يأتمون بأبي بكر، وأبو بكر يأتم وهم قيام، وحيث أومأ إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقعدوا كان هو المبتدئ للصلاة، فقال: اقعدوا، فقعدوا، وليس ثَمَّ إمام غير النبي صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته قعوداً وهو قاعد).
(وَتَصِحُّ خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ بِمِثْلِهِ)؛ كالأميِّ بمثلِه.
(وَلَا تَصِحُّ خَلْفَ مُحْدِثٍ) حدثاً أصغرَ أو أكبرَ، (وَلَا) خلفَ (مُتَنَجِّسٍ) نجاسةً غيرَ معفوٍّ عنها إذا كان (يَعْلَمُ ذَلِكَ)؛ لأنَّه لا صلاةَ له في نفسِه.
(فَإِنْ جَهِلَ هُوَ)، أي: الإمامُ، (وَ) جَهِل (مَأْمُومٌ (1) حَتَّى انْقَضَتْ؛ صَحَّتْ) الصَّلاةُ (لِمَأْمُومٍ وَحْدَهُ)؛ لقولِه عليه السلام:«إِذَا صَلَّى الجُنُبُ بِالقَوْمِ أَعَادَ صَلَاتَهُ، وتَمَّتْ لِلقَوْمِ صَلَاتُهُمْ» رواه محمدُ بنُ الحسينِ الحَرَّاني عن البراءِ بنِ عازبٍ (2).
وإنْ عَلِم هو أو المأموم فيها؛ استأنف، وإنْ عَلِمَ معه واحدٌ
(1) في (ب): المأموم.
(2)
كتاب محمد بن الحسين غير موجود، وقد رواه الدارقطني بنحوه (1367)، من طريق جويبر، عن الضحاك، عن البراء مرفوعاً بلفظ:«إذا صلى الإمام بالقوم وهو على غير وضوء، أجزأت صلاة القوم، ويعيد هو» ، قال الحافظ:(فيه جويبر، وهو متروك، وفي السند انقطاع أيضاً)، وضعفه ابن الجوزي، وابن الملقن، والألباني.
وفي الباب آثار صحاح عن الصحابة رواها الدارقطني: عن عمر (1371)، وعثمان (1372)، وابن عمر (1373)، وغيرهم، قال عبد الرحمن بن مهدي:(هذا المجتمع عليه، الجُنُب يعيد ولا يعيدون، ما أعلم فيه اختلافاً). ينظر: التحقيق 1/ 488، البدر المنير 4/ 441، التلخيص الحبير 2/ 88، السلسلة الضعيفة 5/ 397.
أعادَ الكلُّ.
وإنْ عَلِم أنَّه تَرَك واجباً عليه فيها سهواً، أو شكَّ في إخلالِ إمامِه بركنٍ أو شرطٍ؛ صحَّت صلاتُه معه، بخلافِ ما لو تَرَك السِّتارةَ أو الاستقبالَ؛ لأنَّه لا يخفى غالباً.
وإن كان أربعون فقط في جمعةٍ ومنهم واحدٌ محدثٌ أو نَجِسٌ؛ أعاد الكلُّ، سواءٌ كان إماماً أو مأموماً.
(وَلا) تصحُّ (إِمَامَةُ الأُمِّيِّ)، منسوبٌ إلى الأُمِّ، كأنَّه على الحالةِ التي ولدته عليها، (وَهُوَ)، أي: الأُميُّ (مَنْ لَا يُحْسِنُ)، أي: يحفظُ (الفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ فِيهَا مَا لَا يُدْغَمُ)، بأنْ يُدغِمَ حرفاً فيما لا يماثِلُه أو يقارِبُه، وهو الأَرَتُّ، (أَوْ يُبْدِلُ حَرْفاً) بغيرِه، وهو الأَلْثَغُ، كمَنْ يُبْدِلُ الراءَ غيناً، إلا (ضاد) المغضوبِ والضالين بـ (ظاء)، (أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْناً يُحِيلُ المَعْنَى)، ككسرِ كافِ (إياك)، وضمِّ تاءِ (أنعمت)، وفَتْحِ همزةِ (اهدنا)، فإن لم يُحِل المعنى؛ كفتحِ دالِ (نعبد)، ونونِ (نستعين)؛ لم يَكُن أُميًّا؛ (إِلَّا بِمِثْلِهِ) فتصحُّ لمساواتِه له.
ولا يَصحُّ اقتداءُ عاجزٍ عن نصفِ الفاتحةِ الأوَّلِ بعاجزٍ عن نصفِها الأخيرِ، ولا عكسُه، ولا اقتداءُ قادرٍ على الأقوالِ الواجبةِ بالعاجِزِ عنها.
(وَإِنْ قَدَرَ) الأُميُّ (عَلَى إِصْلَاحِهِ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ)، ولا صلاةُ مَن ائتم به؛ لأنَّه تَرَك ركناً مع القدرةِ عليه.
(وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ اللَّحَّانِ)، أي: كثيرِ اللَّحنِ الذي لا يُحيلُ المعنى، فإن أحاله في غيرِ الفاتحةِ لم يَمنعْ صحَّةَ إمامتِه إلا أن يَتعمدَه، ذكره في الشرحِ (1)، وإنْ أحاله في غيرِها سهواً أو جهلاً أو لآفةٍ؛ صحَّت صلاتُه.
(وَ) تُكره إمامةُ (الفَأْفَاءِ، وَالتَّمْتَامِ) ونحوُهما، والفأفاءُ: الذي يكرِّرُ الفاءَ، والتمتامُ: مَن (2) يكرِّرُ التاءَ.
(وَ) تُكره إمامةُ (مَنْ لَا يُفْصِحُ (3) بِبَعْضِ الحُرُوفِ)؛ كالقافِ والضادِ، وتصحُّ إمامتُه، أعجميًّا كان أو عربيًّا، وكذا أعمى أصمُّ، وأَقْلَفُ، وأقطعُ يدين أو رجلين (4) أو إحداهُما إذا قَدَر على القيامِ، ومن يُصْرَعُ؛ فتصحُّ إمامتُهم مع الكراهةِ؛ لما فيهم (5) مِن النَّقصِ.
(وَ) يُكره (أَنْ يَؤُمَّ) امرأةً (أَجْنَبِيَّةً فَأَكْثَرَ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ)؛ «لِنَهْيِهِ عليه السلام أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالأَجْنَبِيَّةِ» (6)، فإنْ أَمَّ محارمَه، أو أجنبياتٍ
(1)(2/ 57).
(2)
في (ب): الذي.
(3)
قال في المطلع (ص 127): (يفصح: بضم الياء، من يفصح لا غير).
(4)
في (ب): أو أقلف أو أقطع اليدين أو الرجلين.
(5)
في (ق): فيه.
(6)
رواه البخاري (3006)، ومسلم (1341)، من حديث ابن عباس مرفوعاً:«لا يخلونَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» .
معهُنَّ رجلٌ؛ فلا كراهةَ؛ لأنَّ النِّساءَ كُنَّ يَشهدْنَ مع النَّبي صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ (1).
(أَوْ) أنْ يَؤُمَّ (قَوْماً أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ بِحَقٍّ)؛ كخللٍ في دينِه أو فضلِه؛ لقولِه عليه السلام: «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» رواه الترمذي (2)،
وقال في المبدعِ: (حسنٌ غريبٌ، وفيه لينٌ)(3)، فإن كان ذا دينٍ وسُنَّةٍ وكرهوه لذلك؛ فلا كراهةَ في حقِّه.
(وَتَصِحُّ إِمَامَةُ وَلَدِ الزِّنَا والجُنْدِيِّ إِذَا سَلِمَ دِينُهُمَا)، وكذا اللَّقيطُ والأعرابيُّ حيثُ صَلَحُوا لها؛ لعمومِ قولِه عليه السلام:«يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» (4).
(1) رواه البخاري (578)، ومسلم (645)، من حديث عائشة:«كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطِهِنَّ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس» .
(2)
رواه الترمذي (360)، من حديث أبي أمامة، وحسّنه الترمذي، والنووي، والألباني.
وضعفه البيهقي بقوله: (وروي أيضاً عن أبي غالب، عن أبي أمامة وليس بالقوي)، وسند الترمذي حسن، وأبو غالب قال عنه في التقريب:(صدوق يخطئ)، وباقي رواته ثقات، وللحديث شواهد موصولة ومرسلة قوية. ينظر: السنن الكبرى 3/ 183، خلاصة الأحكام 2/ 704، صحيح الجامع 1/ 586.
(3)
(2/ 87).
(4)
تقدم تخريجه (1/ 344) حاشية (1).
(وَ) تصحُّ إمامةُ (مَنْ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِمَنْ يَقْضِيهَا، وَعَكْسُهُ): مَن يَقضي الصَّلاةَ بمن يؤدِّيها؛ لأنَّ الصَّلاةَ واحدةٌ، وإنَّما اختلف الوقتُ، وكذا لو قضى ظُهْرَ يومٍ خَلْفَ ظهرِ يومٍ آخرَ.
(لا) ائتمامُ (مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ)؛ لقولِه عليه السلام: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» (1).
ويصحُّ النَّفلُ خلفَ الفرضِ.
(وَلَا) يصحُّ ائتمامُ (مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَنْ يُصَلِّي العَصْرَ أَوْ غَيْرَهَا)، ولو جمعةً في غيرِ المسبوقِ إذا أدرك دونَ ركعةٍ، قال في المبدعِ:(فإن كانت أحدُهُما (2) تُخالفُ الأخرى؛ كصلاةِ كسوفٍ واستسقاءٍ وجنازةٍ وعيدٍ؛ مُنِع فرضاً، وقيل: نفلاً؛ لأنَّه يؤدي إلى المخالفةِ في الأفعالِ) انتهى (3)، فيُؤخَذُ منه: صحَّةُ نفلٍ خلفَ نفلٍ آخرَ لا يُخالِفُه في أفعالِه، كشفعِ وترٍ خلفَ تراويحَ، حتى على القولِ الثاني.
(1) رواه البخاري (722)، ومسلم (414)، من حديث أبي هريرة.
(2)
في (أ) و (ب) و (ق): إحداهما.
(3)
(2/ 89).