الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ)
(وَلَا) يُجزئُ أن (تُدْفَعُ إِلَى هَاشِمِيٍّ)، أي: مَن يُنسبُ إلى هاشمٍ بأن يكونَ مِنْ سلالتِه، فدخل: آل عباسٍ، وآل عليٍّ، وآل جعفرَ، وآل عقيلٍ، وآل الحارثِ بنِ عبدِ المطلبِ، وآل أبي لَهَبٍ؛ لقولِه عليه السلام:«إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» أخرجه مسلم (1).
لكن تُجزئُ إليه إنْ كان غازياً، أو غارماً لإصلاحِ ذاتِ بَيْنِ، أو مؤلَّفاً.
(وَ) لا إلى (مُطَّلِبيٍّ)؛ لمشاركتِهم لبني هاشمٍ في الخُمُسِ، اختاره القاضي وأصحابُه، وصحَّحه ابنُ المنجَّا (2)، وجزم به في الوجيزِ وغيرِه (3).
(1) رواه مسلم (1072)، من حديث المطلب بن ربيعة.
(2)
الإنصاف (3/ 262).
(3)
الوجيز (ص 120)، وجزم به في المبهج، والإيضاح، والإفادات، والتسهيل. ينظر: الإنصاف 3/ 262.
والأصحُّ: تُجزئُ إليهم، اختاره الخرقيُّ (1)، والشيخان وغيرُهم (2)، وجزم به في المنتهى والإقناعِ (3)(4)؛ لأنَّ آيةَ الأصنافِ وغيرَها مِنَ العموماتِ تتناولُهم، ومشاركتُهم لبني هاشمٍ في الخُمُسِ ليس لمجردِ قرابتِهم، بدليلِ: أنَّ بني نوفلٍ وبني عبدِ شمسٍ مثلُهم، ولم يعطَوا شيئاً مِنَ الخُمُسِ، وإنما شاركوهم بالنصرةِ مع القرابةِ، كما أشار إليه عليه السلام بقولِه:«لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ» (5)، والنصرةُ لا تَقتضي حِرمانَ الزكاةِ.
(1) مختصر الخرقي (ص 136).
(2)
المغني لابن قدامة (2/ 490)، والمحرر للمجد (1/ 224)، واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وغيره. ينظر: الإنصاف 3/ 262.
(3)
منتهى الإرادات (1/ 152)، الإقناع (1/ 480).
(4)
قوله: (وجزم به في المنتهى والإقناعِ) سقطت من (ع).
(5)
رواه أحمد (16741)، وأبو داود (2980)، والنسائي (4137)، من طريق محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن جبير بن مطعم، قال: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، أتيته أنا وعثمان بن عفان فقلنا: يا رسول الله، هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله به منهم، أرأيت بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا، فإنما نحن وهم منك بمنزلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» ، وشبك بين أصابعه. وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث في رواية البيهقي (13075)، قال البرقاني:(وهو على شرط مسلم)، وصححه ابن الملقن، والألباني.
وأصله في البخاري (3140)، من طريق عقيل ويونس، عن ابن شهاب به، دون قوله:«إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام» . ينظر: البدر المنير 7/ 317، التلخيص الحبير 3/ 219، الإرواء 5/ 78.
(وَ) لا إلى (مَوَالِيهِمَا)؛ لقولِه عليه السلام: «وَإِنَّ مَوْلَى (1) القَوْمِ مِنْهُمْ» رواه أبو داودَ، والنسائي، والترمذي وصحَّحه (2)، لكنْ على الأصحِّ: تُجزئُ إلى موالي بني المطَّلبِ كإليهِم.
ولكلٍّ أخذُ صدقةِ تطوعٍ، ووصيةٍ أو نذرٍ لفقراءَ، لا كفارةٍ.
(وَلَا إِلَى فَقِيرَةٍ تَحْتَ غَنِيٍّ مُنْفِقٍ)، ولا إلى فقيرٍ يُنفِقُ عليه مَن وجبت عليه نفقتُه مِن أقاربِه؛ لاستغنائِه بذلك.
(وَلَا إِلَى فَرْعِهِ)، أي: ولدِه وإن سَفَل (3)، مِن ولدِ الابنِ أو ولدِ البنتِ، (وَ) لا إلى (أَصْلِهِ)، كأبيه، وأمِّه، وجدِّه، وجدَّتِه مِن قِبَلِهما وإن علوا، إلا أن يكونوا عمالاً، أو مُؤلَّفين، أو غُزاةً، أو غارِمين لذاتِ بينٍ.
(1) في (أ) و (ب) و (ع): موالي.
(2)
رواه أبو داود (1650)، والنسائي (2612)، ورواه أحمد (23863)، والترمذي (657)، وابن خزيمة (2344)، وابن حبان (3293)، والحاكم (1468)، من طريق الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي رافع، عن أبي رافع مرفوعاً. صححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الملقن، والألباني، وقال الحاكم:(حديث صحيح على شرط الشيخين)، ووافقه الذهبي. ينظر: البدر المنير 7/ 388، الإرواء 3/ 387.
(3)
في تاج العروس (29/ 204): (وإنْ سَفَلَ: أي: نزل، يقال: سفَل -بفتح الفاء- من النزول، وبضمها: إتَّضع قدره بعد رفعه، وقال الجوهري: السَّفَالَةُ: النذالة، وقد سَفُلَ بالضم).
ولا تُجزئُ أيضاً إلى سائرِ مَن تلزمُه نفقتُه، ما لم يكن عاملاً، أو غازياً، أو مؤلَّفاً، أو مكاتَباً، أو ابنَ سبيلٍ، أو غارِماً لإصلاحِ ذاتِ بينٍ.
وتُجزئُ إلى مَن تبرَّع بنفقتِه بضمِّه إلى عيالِه، أو تعذَّرت نفقتُه مِن زوجٍ أو قريبٍ بنحوِ غيبةٍ أو امتناعٍ.
(وَلَا) تُجزئُ (إِلَى عَبْدٍ) كاملِ رقٍّ، غيرَ عاملٍ ومكاتَبٍ.
(وَ) لا إلى (زَوْجٍ)، فلا يُجزئُها دفعُ زكاتِها إليه، ولا بالعكسِ.
وتُجزئُ إلى ذوي أرحامِه مِن غيرِ عَمودَي النسبِ.
(وَإِنْ أَعْطَاهَا لِمَنْ ظَنَّهُ غَيْرَ أَهْلٍ) لأخْذِها (فَبَانَ أَهْلاً)؛ لم تُجزئْهُ؛ لعدمِ جَزْمِه بنيةِ الزكاةِ حالَ دفْعِها لمن ظنَّه غيرَ أهلٍ لها.
(أَوْ بِالعَكْسِ)، بأن دَفَعها لغيرِ أهلِها ظانًّا أنَّه أهلُها؛ (لَمْ يُجْزِئْه)؛ لأنَّه لا يخفى حالُه غالِباً، وكدَيْنِ الآدميِّ، (إَلَّا) إذا دفعها (لِغَنِيٍّ ظَنَّهُ فَقِيراً) فتجزئُه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين الجَلْدَين، وقال:«إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا مِنْهَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا قَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» (1).
(1) رواه أحمد (17972)، وأبو داود (1633)، والنسائي (2598)، من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن رجلين من الصحابة. قال الإمام أحمد:(ما أحسنه وأجوده من حديث)، وقال الهيثمي:(رجاله رجال الصحيح)، وصححه ابن عبد البر، والذهبي، وابن عبد الهادي، وابن الملقن، والألباني. ينظر: التمهيد لابن عبد البر 4/ 109، مجمع الزوائد 3/ 92، تنقيح التحقيق للذهبي ص 362، تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي 3/ 169، البدر المنير 7/ 361، الإرواء 3/ 381.
(وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مُسْتَحَبَّةٌ)، حثَّ اللهُ عليها في كتابِه العزيزِ في آياتٍ كثيرةٍ، وقال عليه السلام:«إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ» رواه الترمذي وحسَّنه (1).
(وَ) هي (فِي رَمَضَانَ)، وكلِّ زمانٍ ومكانٍ فاضلٍ -كالعشرِ والحَرمين- أفضلُ؛ لقولِ ابنِ عباسٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ
…
» الحديث، متفق عليه (2)، (وَ) في (أَوْقَاتِ الحَاجَاتِ أَفْضَلُ)، وكذا على ذي رحمٍ، لا سِيمَّا مع عداوةٍ، وجارٍ؛ لقولِه تعالى:(يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)[البلد: 15 - 16]، ولقولِه عليه السلام:«الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ، وَصِلَةٌ» (3).
(1) رواه الترمذي (664)، وابن حبان (3309)، من طريق عبد الله بن عيسى الخزاز، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قال الترمذي:(حديث حسن غريب من هذا الوجه)، وليس في بعض نسخ الترمذي:(حسن)، وأعلَّه ابن عدي، وابن طاهر، وابن القطان، وابن الملقن، والألباني، وعلته: الخزاز، قال أبو زرعة وغيره:(منكر الحديث). ينظر: بيان الوهم 3/ 431، التلخيص الحبير 3/ 248، الإرواء.
(2)
رواه البخاري (6)، ومسلم (2308).
(3)
تقدم تخريجه صفحة .... الفقرة ....
(وَتُسَنُّ) الصدقةُ (بِالفَاضِلِ عَن كِفَايَتِهِ وَ) كفايةِ (مَنْ يَمُونُهُ)؛ لقولِه عليه السلام: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» متفق عليه (1).
(وَيَأْثَمُ) مَنْ تصدَّق (بِمَا يُنْقِصُهَا)، أي: يُنْقِصُ مؤنةً تلزمُه، وكذا لو أضرَّ بنفسِه أو غريمِه أو كفيلِه؛ لقولِه عليه السلام:«كَفَى بِالمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» (2).
ومَن أراد الصدقةَ بمالِه كلِّه وله عائلةٌ لهم كفايةٌ أو يَكفيهِم بمكسبِه؛ فله ذلك؛ لقصةِ الصِّديقِ (3).
وكذا لو كان وحدَه ويعلمُ مِن نفسِه حُسْنَ التَّوكلِ والصَّبرِ على المسألةِ، وإلا حَرُم.
(1) تقدم تخريجه (1/ 552)، حاشية (3).
(2)
رواه أحمد (6495)، وأبو داود (1692)، والحاكم (1515)، من طريق وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. ووهب وثقه ابن معين، والعجلي، وابن حبان، وقال فيه ابن المديني وغيره:(مجهول)، فحديثه قابل للتحسين، وصحح الحديث الحاكم، والبغوي، والنووي، والذهبي، وحسَّنه الألباني بشواهده. ينظر: شرح السنة 9/ 342، المجموع 6/ 234، تهذيب التهذيب 11/ 160.
وروى مسلم (996)، من طريق طلحة بن مصرف، عن خيثمة، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ:«كفى بالمرء إثما أن يحبس، عمن يملك قوته» .
(3)
رواه أبو داود (1678)، والترمذي (3675)، والحاكم (1510)، والبزار (270)، من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أبقيت لأهلك؟ » ، قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أبقيت لأهلك؟ » قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً). وأشار إليه البخاري في باب (لا صدقة إلا عن ظهر غنى)، بقوله:(كفعل أبي بكر رضي الله عنه حين تصدق بماله)، وصححه الترمذي، وقال الحاكم:(صحيح على شرط مسلم)، ووافقه الذهبي، والألباني، وصححه النووي، وابن الملقن، وقواه البزار.
وضعَّفه ابن حزم بهشام بن سعد، وقال:(هو ضعيف)، قال البزار:(وهشام بن سعد حدث عنه جماعة كثيرة من أهل العلم، ولم أر أحداً توقف عن حديثه بعلة توجب التوقف عنه)، وقد احتج به مسلم واستشهد به البخاري، وقال ابن حجر في التقريب:(صدوق له أوهام)، وقال أبو داود:(هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم) وهذا الحديث من روايته عن زيد بن أسلم. ينظر: المحلى 6/ 260، البدر المنير 7/ 413، التلخيص الحبير 3/ 249، تهذيب الكمال 30/ 208، تقريب التهذيب ص 572، صحيح أبي داود 5/ 366.