المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في الصلاة على الميت - الروض المربع بشرح زاد المستقنع - ط ركائز - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة صاحب زاد المستقنع

- ‌ اسمه:

- ‌ مولده ونشأته:

- ‌ فضائله وثناء العلماء عليه:

- ‌ مشايخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ وفاته:

- ‌ترجمة صاحب الروض المربع

- ‌ اسمه:

- ‌ صفاته وأخلاقه:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ وفاته:

- ‌توثيق اسم الكتاب

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌ نسخة المكتبة العباسية في البصرة:

- ‌ مجموع النسخ المعتمدة في هذه التحقيق ست نسخ، وهي كالتالي:

- ‌الأولى: النسخة المقروءة على المؤلف:

- ‌الثانية: نسخة الشيخ محمد بن إبراهيم بن سيف رحمه الله:

- ‌الثالثة: نسخة أحمد بن محمد اليونين البعلي رحمه الله:

- ‌الرابعة: نسخة الشيخ ابن سعدي رحمه الله:

- ‌الخامسة: نسخة الشيخ أبا الخيل رحمه الله:

- ‌السادسة: نسخة الشيخ ابن عايض رحمه الله:

- ‌منهج التحقيق والتخريج

- ‌نماذج من النسخ الخطية

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌(بَابُ الآنِيَةِ)

- ‌(بَابُ الاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ فُرُوضِ الوُضُوءِ وصِفَتِهِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الخُفَّيْنِ) وغيرِهما مِن الحوائلِ

- ‌(بَابُ نَواقِضِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الغُسْلِ)

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ) الحُكْمِيَّةِ

- ‌(بَابُ الحَيْضِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاة)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهُو)

- ‌(فَصْلٌ) في الكلامِ على السُّجودِ لنَقْصٍ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ التَّطوُّعِ)، وأوقاتِ النَّهي

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الإمامةِ

- ‌(فَصْلٌ) في موقفِ الإمامِ والمأمومين

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الاقتداءِ

- ‌(فَصْلٌ) في الأعذارِ المسقطةِ للجمعةِ والجماعةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)في قصر المسافر الصلاة

- ‌(فَصْلٌ)في الجمعِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجُمُعَةِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةُ العِيدَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الكُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في الكفن

- ‌(فَصْلٌ) في الصلاة على الميت

- ‌(فَصْلٌ) في حملِ الميِّتِ ودفنِه

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ البَقَرِ

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ الغَنمِ

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الحُبُوبِ وَالثِّمَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقدَينِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ العُرُوضِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ أَهْلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

الفصل: ‌(فصل) في الصلاة على الميت

(فَصْلٌ) في الصلاة على الميت

تَسقطُ بمكلَّفٍ.

وتُسَنُّ جماعةً، وأنْ لا تَنْقُصَ الصفوفُ عن ثلاثةٍ.

و(السُّنَّةُ أَنْ يَقُومَ الإِمَامُ عِنْدَ صَدْرِهِ)، أي: صدرِ ذَكَرٍ، (وَعِنْدَ وَسَطِهَا)، أي: وسَطِ أنثى، والخُنثى بين ذلك.

والأَوْلَى بها وصيُّه العدلُ، فسيِّدٌ بِرَقيقِه، فالسلطانُ، فنائبُه الأميرُ (1)، فالحاكمُ، فالأَوْلَى بغسلِ رَجُلٍ، فزوجٌ بعدَ ذوي الأرحامِ.

ومَن قدَّمَه وليٌّ بمنزلتِه، لا مَن قدَّمَه وصيٌّ.

وإذا اجتَمعت جنائزٌ قُدِّم إلى الإِمَامِ أفضلُهم، وتَقَدَّم (2)، فأَسَنُّ، فأَسْبَقُ، ويُقْرَعُ مع التساوي، وجَمعُهُم بصلاةٍ أفضلُ، ويُجعَلُ وسطُ أُنثى حِذَاءَ صدْرِ ذَكَرٍ، وخُنثى بَيْنهما.

(وَيُكَبِّرُ أَرْبَعاً)؛ «لِتَكْبِيرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّجَاشِي أَرْبَعاً» متفق عليه (3).

(1) في (أ) و (ب) و (ع) و (ق): الأمين.

(2)

انظر صفحة .... الفقرة ....

(3)

رواه البخاري (1245)، ومسلم (951)، من حديث أبي هريرة:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى، فصفَّ بهم وكبَّر أربعاً» .

ص: 479

(يَقْرَأُ فِي الأُولَى)، أي: بعد التَّكبيرةِ الأُولَى وهي تكبيرةُ الإحرامِ، (بَعْدَ التَّعَوُّذِ) والبسملةِ:(الفَاتِحَةَ) سِرًّا ولو ليلاً؛ لما روى ابنُ ماجه عن أُمِّ شريكٍ الأنصاريةِ قالت: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الجَنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ» (1)، ولا يستَفْتِحُ، ولا يَقْرَأُ سورةً معها.

(وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي)، أي: بعد التكبيرةِ (2)(الثَّانِيَةِ، كـ) الصلاةِ في (التَّشَهُّدِ) الأخيرِ؛ لما روى الشافعيُّ عن أبي أُمامةَ بنِ سهلٍ: أنَّه أخبَرَه رجلٌ مِن أصحابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم: «أَنَّ السُّنَّةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلمَيِّتِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ» (3).

(1) رواه ابن ماجه (1496)، من طريق حماد بن جعفر العبدي، حدثني شهر بن حوشب، قال: حدثتني أم شريك الأنصارية به. ضعّفه البخاري، وقال ابن عدي في حماد بن جعفر:(منكر الحديث)، وعَدَّ هذا الحديث من مناكيره، وقال الحافظ:(وفي إسناده ضعف يسير). ينظر: العلل الكبير للترمذي 1/ 145، الكامل 3/ 9، التلخيص الحبير 2/ 279.

(2)

في (ب): التكبير في.

(3)

رواه الشافعي (ص 359)، والحاكم (1331)، من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة، عن رجل من الصحابة. قال الحاكم:(حديث صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي والنووي، وصححه ابن القيم، وابن حجر، والألباني.

ورواه النسائي (1989)، من طريق ابن شهاب عن أبي أمامة من قوله، وصوَّبه الدارقطني.

وأبو أمامة عدَّه جماعة في الصحابة، وقال البخاري:(أدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه). ينظر: علل الدارقطني 12/ 259، الاستيعاب 4/ 1602، خلاصة الأحكام 2/ 975، جلاء الأفهام ص 109، فتح الباري لابن حجر 3/ 204، الإصابة في تمييز الصحابة 1/ 326، إرواء الغليل 3/ 180.

ص: 480

(وَيَدْعُو فِي الثَّالِثَةِ)؛ لما تقدَّم، (فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا (1) وَمَثْوَانَا، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا) رواه أحمدُ، والترمذيُّ، وابنُ ماجه من حديثِ أبي هريرة (2)،

لكنْ زاد

(1) في الأصل: متقلبنا. والمثبت موافق لبقية النسخ وكتب الأصحاب.

(2)

رواه أحمد (8809)، والترمذي (1024)، وابن ماجه (1498)، ورواه أبو داود (3201)، والحاكم (1326)، من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلّى على الجنازة، قال:«اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان» ، قال الحاكم:(حديث صحيح على شرط الشيخين)، ووافقه الذهبي، وابن الملقن، والألباني.

وروي عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مرسلاً، ورجّحه البخاري، وأبو حاتم، والدارقطني، والبيهقي، قال أبو حاتم:(هذا خطأ؛ الحفاظ لا يقولون: أبو هريرة، إنما يقولون: أبو سلمة: أن النبي)، وقال البيهقي:(رواه هشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، ورواه هقل بن زياد، وشعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، بإسناده عن أبي هريرة موصولاً).

قال البخاري: (وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة وعائشة وأبي قتادة في هذا الباب غير محفوظ، وأصح شيء في هذا الباب حديث عوف بن مالك). ينظر: علل الحديث 3/ 517، علل الدارقطني 9/ 325، السنن الكبرى للبيهقي 4/ 66، البدر المنير 5/ 271، أحكام الجنائز ص 124.

ص: 481

فيه الموفقُ: (وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ)، ولفظة:(السُّنَّة)(1)، (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ)، بضم الزاي وقد تُسكَّنُ: وهو القِرى، (وَأَوْسِعْ (2) مَدْخَلَهُ)، بفتحِ الميمِ: مكانُ الدخولِ، وبضمِّها: الإدخالُ، (وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَاراً خَيراً مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ) رواه مسلمٌ عن عوفِ بنِ مالكٍ: أنَّه سمع النَّبي صلى الله عليه وسلم يقولُ ذلك على جنازةٍ، حتَّى تمنَّى أنْ يكونَ ذلك الميِّتَ، وفيه:«وَأَبْدِلْهُ أَهْلاً خَيْراً مِنْ أَهْلِهِ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ» (3)، وزاد الموفقُ لفظُ:(مِنَ الذُّنَوبِ)(4)، (وافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ)؛ لأنَّه لائقُ بالمحلِ.

وإنْ كان الميتُ أنثى أَنَّثَ الضميرَ، وإنْ كان خُنثى قال: هذا الميتُ، ونحوَه.

ولا بأْسَ بالإشارةِ بالأصبعِ حالَ الدِّعاءِ للميتِ.

(1) المقنع (ص 78).

(2)

في (ب): ووسع.

(3)

رواه مسلم (963).

(4)

المقنع (ص 78).

ص: 482

(وَإِنْ كَانَ) الميتُ (صَغِيراً)، ذكراً أو أنثى، أو بلغ مجنوناً واستَمَرَّ (قَالَ) بعد (ومَنْ توفَّيْتَه منَّا فتَوَفَّه عَلَيْهما):(اللَّهُمَّ اجْعلْهُ ذُخْراً لِوَالِدَيْهِ، وَفَرَطاً (1)، أي: سابقاً مُهَيِّئاً لمصالحِ أبويْهِ في الآخرةِ، سواءٌ مات في حياةِ أبويْهِ أو بعدَهما (2)، (وَشَفِيعاً مُجَاباً، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ المُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الجَحِيمِ).

ولا يستغفرُ له؛ لأنَّه شافعٌ غيرُ مشفوعٍ فيه، ولا جَرَى عليه قلمٌ.

وإذا لم يُعرفْ إسلامُ والديْهِ دعَا لمواليه.

(وَيَقِفُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَلِيلاً)، ولا يدعو، ولا يتشهَّدُ، ولا يسبِّحُ، (وَيُسَلِّمُ) تسليمةً (وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ)، روى الجوزجاني عن عطاءَ بنِ السائبِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَلَّمَ عَلَى الجَنَازَةِ تَسْلِيمَةً» (3)،

ويجوزُ تلقاءَ

(1) الفَرَطُ: بفتح الفاء والراء. ينظر: المطلع: (ص 151).

(2)

في (أ) و (ب) و (ق): بعدهما، وأجراً.

(3)

لم نقف عليه في كتبه المطبوعة، ورواه أبو داود في المراسيل (418)، من طريق الحسن بن الربيع، حدثنا أبو إسحاق الفزازي، عن عطاء بن السائب مرسلاً، وهو مرسل صحيح.

وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الدارقطني (1817)، والحاكم (1332)، والبيهقي (6982)، من طريق أبي العنبس، عن أبيه، عن أبي هريرة:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى على جنازة، فكبر عليها أربعاً، وسلّم تسليمة واحدة» ، وحسّن إسناده الألباني، ولكنْ قال أحمد فيما رواه الخلال عنه في العلل:(هذا الحديث عندي موضوع)، ولذا صوّب الدارقطني وقْفَه على أبي هريرة.

ويشهد له أيضاً: عمل الصحابة، قال الحاكم:(صحّت الرواية فيه عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبي هريرة، أنهم كانوا يسلمون على الجنازة تسليمة واحدة)، قال أحمد بن القاسم:(قيل لأبي عبد الله - أحمد بن حنبل -: أتعرف عن أحد من الصحابة أنه كان يسلِّم على الجنازة تسليمتين؟ قال: لا، ولكن عن ستة من الصحابة أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة خفيفة عن يمينه). ينظر: علل الدارقطني 11/ 152، خلاصة الأحكام 2/ 982، زاد المعاد 1/ 481، أحكام الجنائز ص 129.

ص: 483

وجهِهِ، وثانيةً.

وسُنَّ وقوفُه حتى ترفعَ.

(وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) ندباً (مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ)؛ لما تقدَّم في صلاةِ العيدينِ (1).

(وَوَاجِبُهَا)، أي: الواجبُ في صلاةِ الجنازةِ مما تقدَّم: (قِيَامٌ) في فرضِها، (وَتَكْبِيرَاتٌ) أربعٌ، (وَالفَاتِحَةُ)، ويتحمَّلُها الإمامُ عن المأمومِ، (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَدَعْوَةٌ (2) لِلمَيِّتِ، وَالسَّلَامُ).

ويُشترطُ لها: النيةُ؛ فينوي الصلاةَ على الميتِ، ولا يضرُّ جهلُه بالذَّكَرِ وغيرِه، فإن جَهِلَه نوَى على مَن يصلِّي عليه الإمامُ، وإن نوى أحدَ الموتى اعتُبِرَ تعيينُه، (وإنْ نوَى على هذا الرجلِ فبان امرأةً، أو

(1) انظر صفحة .... الفقرة ....

(2)

في (ب): الدعوة.

ص: 484

بالعكسِ؛ أجزأ؛ لِقوةِ التعيينِ) قاله أبو المعالي (1). وإسلامُ الميتِ، وطهارتُه من الحدثِ والنجسِ مع القدرةِ، وإلا صلَّى عليه، والاستقبالُ، والسترةُ كمكتوبةٍ، وحضورُ الميتِ بين يديهِ، فلا تصحُّ على جنازةٍ محمولةٍ، ولا مِن وراءِ جدارٍ.

(وَمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّكْبِيرِ قَضَاهُ) ندباً (عَلَى صِفَتِهِ)؛ لأنَّ القضاءَ يحكي الأداءَ؛ كسائرِ الصلواتِ، والمقضِيُّ أَوَّلُ صلاتِه، يأتي فيه بحسبِ ذلك.

وإنْ خَشِيَ رَفْعَها تابَعَ التكبيرَ، رُفِعَت أَمْ لَا.

وإنْ سلَّمَ مع الإمامِ ولم يقضِهِ صحَّتْ؛ لقولِه عليه السلام لعائشةَ: «مَا فَاتَكِ لَا قَضَاءَ عَلَيْكِ» (2).

(وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ)، أي: على الميتِ (صَلَّى عَلَى القَبْرِ) إلى شهرٍ مِن دفنِه؛ لما في الصحيحينِ مِن حديثِ أبي هريرةَ وابنِ عباسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى قَبْرٍ» (3)،

وعن سعيدِ بنِ

(1) ينظر: المبدع (2/ 256).

(2)

رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (978)، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ (294)، من طريق الحكم بن عبد الله بن سعد، عن القاسم، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله، إنك تصلي على الجنازة وأنا في بيتي يخفى علي كثير من التكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها:«لا عدد لها، ما فهمت من التكبير فكبري» ، والحَكَم هذا متروك، بل قال أحمد:(أحاديثه كلها موضوعة). ينظر: ميزان الاعتدال 1/ 572.

(3)

حديث أبي هريرة رواه البخاري (458)، ومسلم (956): أن رجلاً أسود -أو امرأة سوداء- كان يقم المسجد فمات، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فقالوا: مات، قال:«أفلا كنتم آذنتموني به، دلوني على قبره - أو قال: قبرها - فأتى قبرها فصلى عليها» .

وحديث ابن عباس رواه البخاري (857)، ومسلم (954)، بلفظ:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى على قبر بعدما دفن، فكبر عليه أربعاً» .

ص: 485

المسيّبِ (1): «أَنَّ أَمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَائِبٌ، فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ شَهْرٌ» رواه الترمذي، ورواتُه ثقاتٌ (2)، قال أحمدُ:(أكثرُ ما سمِعتُ هذا)(3).

وتَحرمُ بعدَه، مالم تكنْ زيادةً يسيرةً.

(وَ) يُصلَّى (عَلَى غَائِبٍ) عن البلدِ، ولو دُونَ مسافةِ قصرٍ، فيجوزُ (4) صلاةُ الإمامِ والآحادِ عليه (بِالنِّيَّةِ إِلَى شَهْرٍ)؛ «لِصَلَاتِهِ عليه السلام عَلَى النَّجَاشِي» كما في المتفقِ عليه عن جابرٍ (5)، وكذا غريقٌ وأسيرٌ ونحوُهما.

(1) قال النووي: (يقال: المسيب، بفتح الياء وكسرها، والفتح هو المشهور، وحكي عنه أنه كان يكرهه، ومذهب أهل المدينة الكسر) ينظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 219.

(2)

رواه الترمذي (1038)، والبيهقي (7021)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عنه. قال البيهقي:(وهو مرسل صحيح)، وقال ابن حجر:(إسناده مرسل صحيح)، وضعّفه الألباني لإرساله. ينظر: التلخيص الحبير 2/ 292، إرواء الغليل 3/ 186.

(3)

ينظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح (3/ 58)، قال:(أكثر ما بلغنا شهر).

(4)

في (أ): فيجوز / فتجوز. نسخة الجماز: فتجوز (تراجع قرناس وأ)

(5)

تقدم صفحة .... الفقرة .....

ص: 486

وإن وُجِدَ بعضُ ميتٍ لم يُصَلَّ عليه فَكَكُلِّهِ، إلا الشعرَ والظُفُرَ والسِّنَّ، فيُغَسَّلُ ويُكَفَّنُ ويُصَلَّى عليه، ثم إن وُجِدَ الباقي فكذلك، ويُدفنُ بجنبِه.

ولا يُصَلَّى على مأكولٍ ببطنِ آكلٍ، ولا مستحيلٍ بإحراقٍ ونحوِه، ولا على بعضِ حيٍّ مدةَ حياتِه.

(وَلَا) يُسَنُّ أنْ (يُصَلِّيَ الإِمَامُ) الأعظمُ، ولا إمامُ كلِّ قريةٍ، وهو واليها في القضاءِ (عَلَى الغَالِّ)، وهو من كَتَمَ شيئاً مما غَنِمَه؛ لما روى زيدُ بنُ خالدٍ قال: تُوفِّي رجلٌ من جهينةَ يومَ خيبرَ، فذُكِر ذلك لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فتغيَّرت وُجوهُ القومِ فلما رأَى ما بهم قال:«إنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللهِ» ، ففتَّشْنا متاعَه، فوجَدْنا فيه خَرزاً من خَرَزِ اليهودِ ما يساوي دِرهمينِ. رواه الخمسةُ إلا الترمذي (1)،

(1) رواه أحمد (17031)، وأبو داود (2710)، والنسائي (1959)، وابن ماجه (2848)، وابن حبان (4853)، والحاكم (2582)، وابن الجارود (1081)، من طريق محمد بن يحيى بن حبان، عن أبى عمرة، عن زيد بن خالد الجهني. صححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان، وابن الجارود، والجورقاني، وابن التركماني، واحتج به ابن تيمية.

وضعّفه الألباني بأبي عمرة المذكور، قال النووي:(أبو عمرة مولى زيد لا يعرف حاله، ولا يعرف له إلا راو واحد، فيكون مجهول العين)، وهناك أبو عمرة آخر يَروي عن زيد بن خالد أيضاً، واسمه عبد الرحمن، أخرج له مسلم، فلعل الحاكم ظن أنه هذا. ينظر: الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير 2/ 249، الجوهر النقي 10/ 159، خلاصة الأحكام 2/ 992، مجموع الفتاوى 24/ 290، إرواء الغليل 3/ 174.

ص: 487

واحتجَّ به أحمدُ (1).

(وَلا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ) عمداً؛ لما روى جابرُ بنُ سمرةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءُوهُ بِرَجُلٍ قَدْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» رواه مسلمٌ وغيرُه (2)، والمشاقِصُ: جمعُ مِشْقَصٍ، كمنبرٍ: نَصْلٌ عريضٌ، أو سهمٌ فيه ذلك، أو نَصْلٌ طويلٌ، أو سهمٌ فيه ذلك، يُرمَى به الوَحشُ.

(وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ)، أي: على الميتِ (فِي المَسْجِدِ) إنْ أُمِنَ تلويثُه، لقولِ عائشةَ:«صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَهْلِ بنِ بَيْضَاءَ فِي المَسْجِدِ» رواه مسلمٌ (3)، وصُلَّيَ على أبي بكرٍ وعمرَ فيه. رواه سعيد (4).

(1) نص أحمد على عدم صلاة الإمام على الغال في مسائل ابن هانئ (1/ 191)، ومسائل صالح (ص 353)، ومسائل أبي داود (ص 221)، وليس في واحدة منها ذكر الاحتجاج بهذا الحديث، وقد ذكر احتجاج أحمد به: الزركشي في شرحه لمختصر الخرقي (2/ 361)، وابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (2/ 665).

(2)

رواه مسلم (978)، ورواه أحمد (20861)، وأبو داود (3185)، والنسائي (1964).

(3)

رواه مسلم (973).

(4)

لم نجد الأثرين في المطبوع من سنن سعيد بن منصور، أما أثر أبي بكر: فرواه عبد الرزاق (6576)، وابن أبي شيبة (11967)، عن هشام بن عروة قال: رأى أبي الناس يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ ، ما صُلي على أبي بكر إلا في المسجد. قال ابن التركماني:(رجاله ثقات)، وصحّحه ابن حزم. ينظر: المحلى 3/ 391، الجوهر النقي.

وأما أثر عمر: فرواه مالك (783)، وعبد الرزاق من طريقه (6577)، عن نافع، عن ابن عمر قال:«صُلِّي على عمر في المسجد» ، قال ابن حزم:(فهذه أسانيد في غاية الصحة)، وصحّحه النووي. ينظر: المحلى 3/ 391، خلاصة الأحكام 2/ 965.

ص: 488