المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابُ الغُسْلِ) بضمِّ الغينِ: الاغتسالُ، أي: استعمالُ الماءِ في جميعِ بدنِه، - الروض المربع بشرح زاد المستقنع - ط ركائز - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة صاحب زاد المستقنع

- ‌ اسمه:

- ‌ مولده ونشأته:

- ‌ فضائله وثناء العلماء عليه:

- ‌ مشايخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ وفاته:

- ‌ترجمة صاحب الروض المربع

- ‌ اسمه:

- ‌ صفاته وأخلاقه:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ وفاته:

- ‌توثيق اسم الكتاب

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌ نسخة المكتبة العباسية في البصرة:

- ‌ مجموع النسخ المعتمدة في هذه التحقيق ست نسخ، وهي كالتالي:

- ‌الأولى: النسخة المقروءة على المؤلف:

- ‌الثانية: نسخة الشيخ محمد بن إبراهيم بن سيف رحمه الله:

- ‌الثالثة: نسخة أحمد بن محمد اليونين البعلي رحمه الله:

- ‌الرابعة: نسخة الشيخ ابن سعدي رحمه الله:

- ‌الخامسة: نسخة الشيخ أبا الخيل رحمه الله:

- ‌السادسة: نسخة الشيخ ابن عايض رحمه الله:

- ‌منهج التحقيق والتخريج

- ‌نماذج من النسخ الخطية

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌(بَابُ الآنِيَةِ)

- ‌(بَابُ الاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ فُرُوضِ الوُضُوءِ وصِفَتِهِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الخُفَّيْنِ) وغيرِهما مِن الحوائلِ

- ‌(بَابُ نَواقِضِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الغُسْلِ)

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ) الحُكْمِيَّةِ

- ‌(بَابُ الحَيْضِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاة)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهُو)

- ‌(فَصْلٌ) في الكلامِ على السُّجودِ لنَقْصٍ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ التَّطوُّعِ)، وأوقاتِ النَّهي

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الإمامةِ

- ‌(فَصْلٌ) في موقفِ الإمامِ والمأمومين

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الاقتداءِ

- ‌(فَصْلٌ) في الأعذارِ المسقطةِ للجمعةِ والجماعةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)في قصر المسافر الصلاة

- ‌(فَصْلٌ)في الجمعِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجُمُعَةِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةُ العِيدَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الكُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في الكفن

- ‌(فَصْلٌ) في الصلاة على الميت

- ‌(فَصْلٌ) في حملِ الميِّتِ ودفنِه

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ البَقَرِ

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ الغَنمِ

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الحُبُوبِ وَالثِّمَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقدَينِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ العُرُوضِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ أَهْلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

الفصل: ‌ ‌(بَابُ الغُسْلِ) بضمِّ الغينِ: الاغتسالُ، أي: استعمالُ الماءِ في جميعِ بدنِه،

(بَابُ الغُسْلِ)

بضمِّ الغينِ: الاغتسالُ، أي: استعمالُ الماءِ في جميعِ بدنِه، على وجهٍ مخصوصٍ.

وبالفتحِ: الماءُ، أو الفعلُ، وبالكسرِ: ما يُغْسَلُ به الرأسُ، مِن خطْمِيٍّ (1) وغيرِه (2).

(وَمُوجِبُهُ) ستةُ أشياءِ:

أحدُها: (خُرُوجُ المَنِيِّ) مِن مَخرجِه (دَفْقاً بِلَذَّةٍ، لَا) إنْ خرَج

(1) الخطمي: بالكسر، واقتصر عليه الجوهري، ويفتح، وقال الأزهري: هو بفتح الخاء، ومن قال بالكسر فقد لحن. وهو نبات يغسل به الرأس. ينظر: الصحاح 5/ 1915، تاج العروس 32/ 116.

(2)

قال في المطلع (ص 37): (قال الجوهري: غسلت الشيء غسلا -بالفتح-، والاسم الغُسل -بالضم، ويقال: غُسُلٌ بضمتين، وقال شيخنا رحمه الله في مثلثه: والغُسْل -يعني بضم أوله وسكون ثانيه-: الاغتسال، والماء الذي يغتسل به، وقال القاضي عياض: الغَسل -بالفتح-: الماء، وبالضم: الفعل، وقال الجوهري: والغِسْلُ -بالكسر- ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره).

ص: 147

(بِدُونِهِمَا مِنْ غَيْرِ نَائِمٍ) ونحوِه، فلو خَرَج مِن يقظانٍ لغيرِ ذلك، كبَرْدٍ ونحوِه مِن غيرِ شهوةٍ؛ لم يجبْ به غُسلٌ؛ لحديثِ عليٍّ يرفعُه:«إِذَا فَضَخْتَ المَاءَ فَاغْتَسِلْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَاضِخاً فَلَا تَغْتَسِلْ» رواه أحمدُ (1)، والفَضْخُ: هو خُروجُه بالغَلَبةِ، قاله إبراهيمُ الحربي، فعلى هذا يكون نَجِساً وليس بمذي، قاله في الرعايةِ.

وإنْ خَرَج المنيُّ مِن غيرِ مخرَجِه، كما لو انكسَر صُلْبه فخرج منه؛ لم يَجب الغُسل، وحُكمه كالنَّجاسةِ المعتادةِ.

وإنْ أفاقَ نائمٌ أو نحوُه يُمْكِنُ بلوغُه، فوَجد بَللاً؛ فإن تحقَّق أنَّه مَنيٌّ اغتسل فقط، ولو لم يَذكُر احتِلاماً، وإن لم يَتحقَّقه منيًّا: فإن سبَقَ نومَه مُلاعبةٌ، أو نَظَرٌ، أو فِكْرٌ أو نحوُه، أو كان به إِبْرِدَةٌ (2)؛ لم يجبْ غُسلٌ، وإلا اغتسل، وطَهَّرَ ما أصابَه احتياطاً.

(وَإِنْ انْتَقَلَ) المنيُّ (وَلَمْ يَخْرُجْ؛ اغْتَسَلَ لَهُ)؛ لأنَّ الماء قد باعَدَ

(1) رواه أحمد (868)، وأبو داود (206)، والنسائي (193)، وابن خزيمة (20)، وابن حبان (1107)، وغيرهم، بلفظ:«إذا فضخت الماء فاغتسل» ، دون الزيادة التي ذكرها المؤلف.

ورواه أحمد في المسند (847) بلفظ: «إذا خذفت فاغتسل من الجنابة، وإذا لم تكن خاذفاً فلا تغتسل» . صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والنووي، والألباني. ينظر: المجموع 2/ 143، صحيح أبي داود للألباني 1/ 372.

(2)

الإِبرِدة: بكسر الهمزة والراء، علّة معروفة من غلبة البرد والرطوبة، تفتر عن الجماع. ينظر: لسان العرب 3/ 83.

ص: 148

محَلَّه، فصَدَق عليه اسم الجُنبِ، ويحصُلُ به البلوغُ ونحوُه مما يترتَّبُ على خروجِه.

(فَإِنْ خَرَجَ) المنيُّ (بَعْدَهُ)، أي: بعد غُسلِه لانتقالِه؛ (لَمْ يُعِدْهُ)؛ لأنَّه منيٌّ واحدٌ، فلا يوجبُ غُسْلَين.

(وَ) الثاني: (تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ)، أو قَدْرِها إن فُقدت، وإن لم يُنزِلْ، (فِي فَرْجٍ أَصْليٍّ، قُبُلاً كَانَ أَوْ دُبُراً)، وإن لم يَجِد حرارةً.

فإن أَوْلَج الخُنثى المُشكِلُ حَشَفتِه في فرجٍ أصليٍّ ولم يُنزِلْ، أو أَوْلَج غير الخُنثى ذَكَره في قُبُلِ الخُنثى؛ فلا غُسلَ على واحدٍ منهما إلا أن يُنزلَ.

ولا غُسلُ إذا مسَّ الختانُ الختانَ مِن غيرِ إيلاجِ، ولا بإيلاجِ بعضِ الحَشَفةِ.

(وَلَوْ) كان الفرْجُ (مَنْ بَهِيمَةٍ، أو مَيْتٍ)، أو نائمٍ، أو مجنونٍ، أو صغيرٍ يجامَعُ مثلُه، وكذا لو استَدْخَلت ذَكَر نائمٍ، أو صغيرٍ ونحوِه.

(وَ) الثالثُ: (إِسْلامُ كَافِرٍ)، أصليًّا كان أو مرتداً، ولو مُمَيِّزاً، أو لم يوجدْ في كفرِه ما يوجِبُه؛ لأنَّ «قَيْسَ بنَ عَاصِمٍ أَسْلَمَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» رواه أحمدُ، والترمذي وحسَّنه (1).

(1) رواه أحمد (20611)، والترمذي (605)، وأبو داود (355)، والنسائي (188)، من طريق سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن قيس بن عاصم. قال الترمذي:(حديث حسن)، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن السكن، وابن الملقن، وحسَّنه النووي.

وأعلَّه ابن القطان بالانقطاع بين خليفة وجده قيس، وذلك أن وكيع رواه عن سفيان عن الأغر عن خليفة عن أبيه عن جده قيس، ووالد خليفة مجهول، وأجاب ابن حجر فقال:(وليس كما قال، فقد جزم ابن أبي حاتم بأن زيادة من رواه عن أبيه وهم)، وخليفة يروي عن أبيه ويروي عن جده قيس. ينظر: بيان الوهم 2/ 429، المجموع 2/ 152، البدر المنير 4/ 661، التلخيص الحبير 2/ 167، تهذيب التهذيب 3/ 160، صحيح أبي داود 2/ 193.

ص: 149

ويُستحبُ له إلقاءُ شَعْرِه، قال أحمدُ:(ويَغْسلُ ثيابِه)(1).

(وَ) الرابعُ: (مَوْتُ) غيرِ شهيدِ معركةٍ، ومقتولٍ ظلماً، ويأتي (2).

(وَ) الخامسُ: (حَيْضٌ، وَ) السادسُ: (نِفَاسٌ)، (ولا خلافَ في وجوبِ الغُسلِ بهما)، قاله في المغني (3)، فيجبُ بالخُروجِ، والانقطاعُ شرطٌ، (لَا وِلَادَةٌ عَارِيَةٌ عَنْ دمٍ)، فلا غُسلَ بها، والولدُ طاهرٌ.

(وَمَنْ لَزِمَهُ الغُسْلُ) لشيءٍ مما تقدَّم (حَرُمَ عَلَيْهِ) الصلاةُ، والطوافُ، ومسُّ المصحفِ، و (قِرَاءَةُ القُرْآنِ)، أي: قراءةُ آيةٍ

(1) الفروع (1/ 259)، المبدع (1/ 157).

(2)

انظر ص .....

(3)

(1/ 154).

ص: 150

فصاعِداً، وله قَوْلُ ما وافَق قرآناً إنْ لم يَقصِدْه؛ كالبسملةِ، والحمدلةِ ونحوِهما؛ كالذِّكرِ، وله تهجِّيه، والتفكُّرُ فيه، وتحريكُ شفتيه به ما لم يُبَيِّنْ الحروفَ، وقراءةُ بعضِ آيةٍ ما لم تَطُلْ، ولا يُمنَعُ مِن قراءتِه مُتنجِسُ الفمِ، ويُمنَعُ الكافرُ مِن قراءتِه، ولو رُجِي إسلامُه.

(وَيَعْبُرُ المَسْجِدَ)، أي: يدخلُه؛ لقولِه تعالى: (وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ)[النساء: 43]، أي: طريقٍ، (لِحَاجَةٍ) وغيرِها على الصحيحِ، كما مشى عليه في الإقناعِ (1)، وكونُه طريقاً قصيراً حاجةٌ، وكَرِه أحمدُ اتخاذَه طريقاً (2).

ومُصلَّى العيدِ مسجدٌ، لا مُصلى الجنائزِ.

(وَلَا) يجوزُ أنْ (يَلْبَثُ فِيهِ)، أي: في المسجدِ مَن عليه غُسلٌ (بِغَيْرِ وُضُوءٍ)، فإن توضَّأ جاز له اللُّبثُ فيه.

ويُمنعُ منه مجنونٌ، وسكرانُ، ومَن عليه نجاسةٌ تَتَعَدَّى.

ويُباحُ به وضوءٌ وغُسلٌ إن لم يُؤذِ بهما، وإذا كان الماءُ في المسجدِ، جاز دخولُه بلا تيمُّم، وإن أراد اللُّبثَ فيه للاغتسالِ؛ تيمَّم، وإن تعذَّر الماءُ واحتاج للُّبْثِ؛ جاز بلا تيمُّم.

(1)(1/ 69).

(2)

مسائل أحمد وإسحاق برواية إسحاق بن منصور، (2/ 739)، ومسائل ابن هانئ (1/ 69).

ص: 151

(وَمَنْ غَسَّلَ مَيْتاً) مسلماً أو كافراً؛ سُنَّ له الغُسلُ؛ لأمرِ أبي هريرةَ رضي الله عنه بذلك، رواه أحمدُ وغيرُه (1)،

(أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، بِلَا حُلُمٍ (2)، أي: إنزالٍ؛ (سُنَّ لَهُ الغُسْلُ)؛ لـ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ مِنَ الإِغْمَاءِ» متفقٌ عليه (3)، والجنونُ في معناه، بل أَوْلى.

وتأتي بقيةُ الأغسالِ المستحبةِ في أبوابِ ما تُستحبُّ له (4).

(1) رواه أحمد مرفوعاً (7770)، وأبو داود (3161)، والترمذي (993)، وابن ماجه (1463)،

ورواه موقوفاً ابن أبي شيبة (11152)، والبيهقي (1434)، وقد اختلف الحفاظ فيه، فضعَّفه الشافعي، ونقل البخاري عن أحمد وعلي بن المديني قولهم:(لا يصح في هذا الباب شيء)، وذكره أبو داود عن أحمد أيضاً، وبنحوه قال الذهلي وابن المنذر والنووي.

ورجَّح البخاري الموقوف، وقال أبو حاتم:(هذا خطأ، إنما هو موقوف على أبي هريرة، لا يرفعه الثقات)، وبسط البيهقي القول في طرقه، وقال:(الصحيح وقفه)، ونقل ابن القيم عن أحمد أنه صحح الموقوف.

وصوَّب المرفوع: الترمذي، وابن حزم، والبغوي، وابن دقيق العيد، والذهبي، وابن حجر، والألباني، وقال ابن القيم بعد أن ساق طرق الحديث:(وهذه الطرق تدل على أن الحديث محفوظ). ينظر: التاريخ الكبير 1/ 397، العلل الكبير ص 142، علل الحديث 3/ 502، علل الدارقطني، تهذيب السنن لابن القيم 2/ 87، البدر المنير 2/ 524، نصب الراية 2/ 282، التلخيص الحبير 1/ 369، إرواء الغليل 1/ 173.

(2)

قال في تاج العروس (31/ 525): (والحلم، بالضم والاحتلام: الجماع في النوم، والاسم الحلم، كعنق).

(3)

رواه البخاري (687)، ومسلم (418)، من حديث عائشة، في قصة مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(4)

ينظر صفحة ....

ص: 152

ويَتيمَّمُ للكُلِّ، ولما يُسنُّ له وضوءٌ لعذرٍ.

(وَ) صفةُ (الغُسْلِ الكَامِلِ)، أي: المشتمِلُ على الواجباتِ والسُّننِ:

(أَنْ يَنْوِيَ) رفْعَ الحدثِ، أو استباحةَ الصلاةِ أو نحوِها.

(ثُمَّ يُسَمِّيَ)، وهي هنا كوضوءٍ، تجبُ مع الذِّكرِ، وتسقُطُ مع السهوِ.

(وَيَغْسِلَ يَديْهِ ثَلَاثاً) كما في الوضوءِ، وهو هنا آكدُ؛ لرفعِ الحدثِ عنهما بذلك.

(وَ) يغسِلُ (مَا لَوَّثَهُ) مِن أذى، (وَيَتَوَضَّأَ) كاملاً.

(ويَحْثِيَ) الماءَ (عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثاً تُرَوِّيهِ)، أي: يُرَوِّي في كلِّ مرَّةٍ أصولَ شعرِه؛ لحديثِ عائشةَ: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثاً، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يُخَلِّلُ شَعَرَهُ بِيَدِيهِ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ روَّى بَشَرَتَهُ، أَفَاضَ المَاءَ عَلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ» متفقٌ عليه (1).

(ويَعُمَّ بَدَنَهُ غَسْلاً)، فلا يُجزِئُ المَسْحُ، (ثَلَاثاً)، حتى ما يَظهرُ مِن فَرْجِ امرأةٍ عندَ قُعودٍ لحاجةٍ، وباطنِ شعرٍ.

(1) رواه البخاري (272)، ومسلم (316).

ص: 153

وتنقُضُه لحيضٍ ونفاسٍ (1).

(وَيَدْلُكَهُ)، أي: يَدلكُ بدنَه بيديه؛ ليتيقَّنَ وصولَ الماءِ إلى مَغَابِنِه وجميعِ بدنِه، ويَتفقَّدُ أصولَ شعْرِه، وغَضَارِيفَ أُذُنَيه، وتحتَ حَلْقِه وإبِطَيه، وعُمْقَ سُرَّته، وبين إِلْيَتَيه، وطيَّ ركبتيه.

(وَيَتَيَامَنَ)؛ لـ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَامُنُ (2) فِي طُهُورِهِ» (3).

(ويَغْسِلَ قَدَمَيْهِ) ثانياً، (مَكَاناً آخَرَ).

ويَكفي الظنُّ في الإسباغِ، قال بعضهم (4): ويُحَرِّك خاتَمَه؛ ليتيقَّنَ وصولَ الماءِ.

(وَ) الغسلُ (المُجْزِئُ)، أي: الكافي:

(أَنْ يَنْوِيَ) كما تقدَّم.

(وَيُسَمِّيَ)، فيقول: بسمِ اللهِ.

(ويَعُمَّ بَدَنَهُ بِالغَسْلِ مَرَّةً)، أي: يغسِلُ ظاهرَ جميعِ بدنِه وما في حكمِه مِن غيرِ ضررٍ؛ كالفمِ، والأنفِ، والبشرةِ التي تحتَ الشعورِ ولو كثيفةً، وباطنِ الشعرِ، وظاهرِه مع مُسْتَرْسَلِه، وما تحتَ حَشَفةِ

(1) قوله: (ونفاس) سقطت من (ب) و (ح) و (ق).

(2)

في (أ): التيمن.

(3)

رواه البخاري (168)، ومسلم (268)، من حديث عائشة.

(4)

الفروع (1/ 266)، والمبدع (1/ 168).

ص: 154

أَقْلَف إن أَمْكَن شَمْرُها.

ويَرتفعُ حَدَثٌ قَبلَ زَوالِ حُكْمِ خَبَثٍ.

ويُستحبُ سِدْرٌ في غُسلِ كافرٍ أسلم، وحائضٍ، وأَخذُها مِسْكاً تجعلُه في قطنةٍ أو نحوِها، وتجعلُها في فرجِها، فإنْ لم تجد فطيباً، فإن لم تجد فطيناً.

(وَيَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ) استحباباً، والمُدُّ: رِطلٌ وثُلُثٌ عراقي، ورِطلٌ وأُوقِيَّتان وسُبُعَا أوقيَّةٍ مصري، وثَلاثُ أَوَاقٍ وثلاثةُ أَسْباعِ أوقيَّةٍ دمشقيَّة، وأوقيَّتان وأَرْبَعةُ أَسْباعِ أوقيَّةٍ قُدسيةٍ.

(وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ)، وهو أربعةُ أمدادٍ، وإن زاد جاز، لكن يُكره الإسرافُ ولو على نهرٍ جارٍ.

ويحرُمُ أن يغتسلَ عُرياناً بين الناسِ، وكُره خالياً في الماءِ.

(فَإِنْ أَسْبَغَ بأَقَلَّ) مما ذُكر في الوضوءِ أو الغسلِ؛ أجزأ.

والإسباغُ: تَعْميمُ العضوِ بالماءِ، بحيثُ يجري عليه، ولا يكونُ مسحاً.

(أَوْ نَوَى بِغُسْلِهِ الحَدَثَيْنِ)، أو الحدثَ وأطلقَ، أو الصلاةَ ونحوَها مما يحتاجُ لوُضوءٍ وغُسلٍ؛ (أَجْزَأَ) عن الحدثين، ولم يَلزمْه ترتيبٌ ولا موالاةٌ.

(ويُسَنُّ لِجُنُبٍ)، ولو أنثى، وحائضٌ ونفساءُ انقطع دمُهما،

ص: 155

(غَسْلُ فَرْجِهِ)؛ لإزالةِ ما عليه من الأذى، (وَالوُضُوءُ لِأَكْلٍ) وشرب؛ لقول عائشة:«رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رواه أحمدُ بإسنادٍ صحيحٍ (1)،

(وَنَوْمٍ)؛ لقولِ عائشةَ: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَه لِلصَّلاةِ» متفقٌ عليه (2).

ويُكره تَركُه لنومٍ فقط.

(وَ) يُسنُّ أيضاً غَسلُ فرجِه ووضوؤه (لِمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ)؛ لحديثِ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ؛ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءاً»

(1) لم نجد هذا اللفظ عن عائشة عند أحمد أو غيره، وإنما روى أحمد (24555)، ومسلم (305) عن عائشة بلفظ:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً، فأراد أن يأكل أو ينام، توضأ وضوءه للصلاة» .

وأما اللفظ المذكور فقد جاء من حديث عمار بن ياسر: رواه أحمد (18886)، وأبو داود (225)، والترمذي (613)، من طريق يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر. قال الترمذي:(حسن صحيح)، وصححه أحمد شاكر.

وأعلَّه جماعة قال الدارقطني في يحيى بن يعمر: (لم يلْق عماراً)، وقال أبو داود:(بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل)، وقال ابن رجب:(وإسناده منقطع، فإن يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر. قاله ابن معين وأبو دواد والدارقطني وغيرهم)، وضعَّفه الألباني، ويدل على ذلك ما رواه أحمد (18890) عن يحيى بن يعمر، يخبر عن رجل أخبره عن عمار. ينظر: فتح الباري لابن رجب 1/ 352، تهذيب التهذيب 11/ 305، ضعيف أبي داود 1/ 74.

(2)

رواه البخاري (288)، ومسلم (305)، من حديث عائشة، واللفظ للبخاري.

ص: 156

رواه مسلمٌ وغيرُه (1)، وزاد الحاكمُ:«فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلعَوْدِ» (2)، والغُسْلُ أفضلُ.

وكَرِه الإمامُ أحمدَ (3) بناءُ الحمَّامِ، وبيعُه، وإجارتُه، وقال فيمن (4) بنى حماماً للنساءِ:(ليس بعدلٍ)(5).

ولرجلٍ (6) دخولُه بسترةٍ مع أمنِ الوقوعِ في محرَّمٍ، ويحرمُ على المرأةِ بلا عذرٍ.

(1) رواه مسلم (308)، ورواه الترمذي (141)، وابن ماجه (587)، من حديث أبي سعيد الخدري.

(2)

رواه الحاكم (542)، وقال:(وهذه لفظة تفرد بها شعبة، عن عاصم، والتفرد من مثله مقبول عندهما)، ورواها أيضاً ابن خزيمة (221)، وابن حبان (1211)، وصححوها، وصحح إسنادها البيهقي في الكبرى (14088).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

في (أ) و (ح) و (ق): من.

(5)

المغني (1/ 169). قال أحمد في رواية ابن الحكم: (لا تجوز شهادة من بناه للنساء). ينظر: الفروع 11/ 349.

(6)

في (أ): وللرجل.

ص: 157