المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ) في اللغةِ: القصدُ. وشرعاً: مسْحُ الوجه واليدين بصعيدٍ، على وجهٍ - الروض المربع بشرح زاد المستقنع - ط ركائز - جـ ١

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة صاحب زاد المستقنع

- ‌ اسمه:

- ‌ مولده ونشأته:

- ‌ فضائله وثناء العلماء عليه:

- ‌ مشايخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ وفاته:

- ‌ترجمة صاحب الروض المربع

- ‌ اسمه:

- ‌ صفاته وأخلاقه:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ وفاته:

- ‌توثيق اسم الكتاب

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌ نسخة المكتبة العباسية في البصرة:

- ‌ مجموع النسخ المعتمدة في هذه التحقيق ست نسخ، وهي كالتالي:

- ‌الأولى: النسخة المقروءة على المؤلف:

- ‌الثانية: نسخة الشيخ محمد بن إبراهيم بن سيف رحمه الله:

- ‌الثالثة: نسخة أحمد بن محمد اليونين البعلي رحمه الله:

- ‌الرابعة: نسخة الشيخ ابن سعدي رحمه الله:

- ‌الخامسة: نسخة الشيخ أبا الخيل رحمه الله:

- ‌السادسة: نسخة الشيخ ابن عايض رحمه الله:

- ‌منهج التحقيق والتخريج

- ‌نماذج من النسخ الخطية

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌(بَابُ الآنِيَةِ)

- ‌(بَابُ الاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(بابُ السِّواكِ وسُنَنِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ فُرُوضِ الوُضُوءِ وصِفَتِهِ)

- ‌(بَابُ مَسْحِ الخُفَّيْنِ) وغيرِهما مِن الحوائلِ

- ‌(بَابُ نَواقِضِ الوُضُوءِ)

- ‌(بَابُ الغُسْلِ)

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ) الحُكْمِيَّةِ

- ‌(بَابُ الحَيْضِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الأَذَانِ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاة)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهُو)

- ‌(فَصْلٌ) في الكلامِ على السُّجودِ لنَقْصٍ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ التَّطوُّعِ)، وأوقاتِ النَّهي

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الإمامةِ

- ‌(فَصْلٌ) في موقفِ الإمامِ والمأمومين

- ‌(فَصْلٌ) في أحكامِ الاقتداءِ

- ‌(فَصْلٌ) في الأعذارِ المسقطةِ للجمعةِ والجماعةِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)في قصر المسافر الصلاة

- ‌(فَصْلٌ)في الجمعِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الجُمُعَةِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صَلَاةُ العِيدَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الكُسُوفِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الجَنَائِزِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ) في الكفن

- ‌(فَصْلٌ) في الصلاة على الميت

- ‌(فَصْلٌ) في حملِ الميِّتِ ودفنِه

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ البَقَرِ

- ‌(فَصْلٌ) في زكاةِ الغَنمِ

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الحُبُوبِ وَالثِّمَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ النَّقدَينِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ العُرُوضِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ أَهْلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

الفصل: ‌ ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ) في اللغةِ: القصدُ. وشرعاً: مسْحُ الوجه واليدين بصعيدٍ، على وجهٍ

(بَابُ التَّيَمُّمِ)

في اللغةِ: القصدُ.

وشرعاً: مسْحُ الوجه واليدين بصعيدٍ، على وجهٍ مخصوصٍ.

وهو من خصائصِ هذه الأمةِ، لم يَجعلْه اللهُ طَهوراً لغيرِها؛ توسعةً عليها، وإحساناً إليها، فقال تعالى:(فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) الآية [المائدة: 6].

(وَهُوَ)، أي: التيَّمُّمُ (بَدَلُ طَهَارَةِ المَاءِ) لكلِّ ما يُفْعلُ بها عندَ العجزِ عنه شرعاً؛ كصلاةٍ، وطوافٍ، ومسِّ مصحفٍ، وقراءةِ قرآنٍ، ووطءِ حائضٍ.

ويُشترطُ له شرطان:

أحدُهما: دُخولُ الوقتِ، وقد ذَكَره بقولِه:(إِذَا دَخَلَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ)، أو منذورةٍ بوقتٍ معينٍ، أو عيدٍ، أو وُجِد كسوفٌ، أو اجتمع الناسُ لاستسقاءٍ، أو غُسِّل الميتُ، أو يُمِّمَ لعُذرٍ، أو ذَكَر فائتةً وأرَاد فعلَها، (أَوْ أُبِيحَتْ نَافِلَةٌ)، بألا يكونَ وقتَ نهيٍ عن فعلِها.

الشرطُ الثاني: تعذُّرُ الماءِ، وهو ما أشار إليه بقولِه:(وَعَدِمَ المَاءَ)، حضراً كان أو سفراً، قصيراً كان أو طويلاً، مباحاً كان أو غيرَه.

ص: 158

فمَن خَرَج لِحَرثٍ أو احتطابٍ ونحوِهما ولا يُمْكِنُه حَمْلُ الماءِ معه، ولا الرجوعُ للوضوءِ إلا بتفويتِ حاجتِه؛ فله التيمُّمُ، ولا إعادةَ عليه.

(أَوْ زَادَ) الماء (عَلَى ثَمَنِهِ)، أي: ثمنِ مثلِه في مكانِه، بأن لم يُبْذَلْ إلا بزائدٍ (كَثِيراً) عادةً، (أَوْ) بـ (ثَمَنٍ يُعْجِزُهُ) أو يَحتاجُ له (1) أو لمن نفقتُهُ عليه، (أَوْ خَافَ باسْتِعْمَالِهِ)، أي: استعمالِ الماءِ ضرراً، (أَوْ) خاف بـ (طَلَبِهِ ضَرَرَ بَدَنِهِ، أَوْ) ضَرَر (رَفِيقِهِ (2)، أَوْ) ضررَ (حُرْمَتِهِ)، أي: زوجتِه أو امرأةٍ مِن أقاربِه، (أَوْ) ضَرَر (مَالِهِ بِعَطَشٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ هَلَاكٍ ونَحْوِهِ)؛ كخوفِه باستعمالِه تأخُّرَ البُرْءِ، أو بقاءَ أثَرِ شَيْنٍ في جسدِه؛ (شُرعَ التَّيمُّمُ)، أي: وَجَب لما يجبُ الوضوءُ أو الغُسلُ (3) له، وسُنَّ لما يُسنُّ له ذلك، وهو جواب (إِذَا) مِن قولِه:(إِذَا دَخَلَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ).

ويَلزمُ شراءُ ماءٍ وحَبْلٍ، ودلْوٍ بثمنِ مِثْلٍ، أو زائدٍ يسيراً، فاضِلٍ عن حاجتِه، واستعارةُ الحبْلِ والدلْوِ، وقَبولُ الماءِ قَرضاً وهبةً، وقَبولُ ثمنِه قرضاً إذا كان له وفاءٌ، ويجبُ بَذْلُه لعطشانَ، ولو نجساً.

(1) في (أ) و (ح): يحتاجه له.

(2)

في (ح): ضرراً برفيقه.

(3)

في (ح): والغسل.

ص: 159

(ومَنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ طُهْرِهِ) مِن حدثٍ أكبرَ أو أصغرَ؛ (تَيَمَّمَ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ)، ولا يتيممُ قبلَه، ولو كان على بدنِه نجاسةٌ وهو محدِثٌ؛ غَسَل النجاسةَ، وتَيمَّم للحدثِ بعدَ غسلِها، وكذلك (1) لو كانت النجاسةُ في ثوبِه.

(وَمَنْ جُرِحَ)، وتضرَّر بغَسْلِ الجُرحِ أو مسْحِه بالماءِ؛ (تَيَمَّمَ لَهُ) ولما يتضرَّرُ بغَسلِه مما قَرُب منه (وَغَسَلَ البَاقِيَ)، فإن لم يَتضرر بمسْحِه؛ وَجَب وأجزأ.

وإذا كان جُرحُه ببعضِ أعضاءِ وضوئِه؛ لزِمه إذا توضَّأ مراعاةُ الترتيبِ؛ فيتيمَّمُ له عندَ غَسْلِه لو كان صحيحاً، ومراعاةُ الموالاةِ؛ فيُعيدُ غَسْلَ الصحيحِ عندَ كلِّ تيمُّمٍ، بخلافِ غُسْلِ الجنابةِ، فلا ترتيبَ فيه ولا موالاةَ.

(وَيَجِبُ) على مَن عَدِمَ الماءَ إذا دَخَل وقتُ الصلاةِ، (طَلَبُ المَاءِ فِي رَحْلِهِ)، بأن يفتِّشَ مِن رَحْلِه (2) ما يُمْكِنُ أن يكونَ فيه، (وَ) في (قُرْبِهِ)، بأن يَنْظُرَ وراءَه وأمامَه، وعن يمينِه وعن (3) شمالِه، فإنْ رأى ما يشُكُّ معه في الماءِ قَصَده فاستبرأه، ويطلُبُه مِن رفيقِه.

فإن تيمَّم قَبل طلَبِه؛ لم يصحَّ ما لم يتحقَّقْ عدمُه.

(1) في (ق): وكذا.

(2)

قوله: (من رحله) سقطت من (ح).

(3)

سقطت من (ح).

ص: 160

(وَ) يَلزمُه أيضاً طلبُه (بِدِلَالَةِ) ثقةٍ إذا كان قريباً عُرفاً ولم يَخف فوتَ وقتٍ ولو المختارُ، أو رُفْقةٍ (1)، أو على نفسِه أو مالِه.

ولا يتيمَّمُ لخَوفِ فَوْتِ جنازةٍ، ولا وَقْتِ فَرْضٍ، إلا إذا وَصَل مُسافرٌ إلى ماءٍ وقد ضاق الوقتُ، أو عَلِم أنَّ النَّوْبة لا تصِلُ إليه إلا بعدَه، أو عَلِمه قريباً وخاف فوتَ الوقتِ إن قصده.

ومَن باع الماءَ، أو وَهَبه بعد دخولِ الوقتِ ولم يَترُكْ ما يتطهَّرُ به؛ حَرُم، ولم يصحَّ العقدُ، ثم إنْ تيمَّم وصلَّى لم يُعِد إنْ عجَز عن ردِّه.

(فَإِنْ) كان قادراً على الماءِ، لكن (نَسِيَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ)، أو جَهِله بموضعٍ يُمْكِنُ (2) استعمالُه، (وَتَيَمَّمَ) وصلى؛ (أَعَادَ)؛ لأنَّ النسيانَ لا يُخرِجُه عن كونِه واجِداً.

وأما مَن ضلَّ عن رحْلِه وبه الماءُ وقد طَلَبه، أو ضلَّ عن موضِعِ بئرٍ كان يعرِفُها، وتيمَّم وصلَّى؛ فلا إعادةَ عليه؛ لأنَّه حالَ تيمُّمِه لم يَكُن واجداً للماءِ.

(وَإِنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ أَحْدَاثاً) متنوعةً تُوجِب وضوءاً أو غُسلاً؛

(1) ذكر ابن سِيدة في المخصص (4/ 414)، في باب (فُعْلة وفِعلة):(وقالوا رُفْقة، ورِفْقة لغة قيس).

(2)

في (ق): يمكنه.

ص: 161

أجزأه عن الجميعِ، وكذا لو نوى أحدَها، أو نوى بتيمُّمِه الحدثين، ولا يَكفي أحدُهما عن الآخرِ.

(أَوْ) نوى بتيمُّمِه (نَجَاسَةً عَلَى بَدَنِهِ تَضُرُّهُ إِزَالَتُهَا، أَوْ عَدِمَ مَا يُزِيلُهَا) به، (أَوْ خَافَ بَرْداً) ولو حضَراً مع عدمِ ما يُسَخِّنُ به الماءَ بعدَ تخفيفِها ما أمْكَن وجوباً؛ أجزأه التيممُ لها؛ لعمومِ:«جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (1).

(أَوْ حُبِسَ فِي مِصْرٍ) فلم يَصِل للماءِ، أو حُبِس عنه الماءُ (فَتَيَمَّمَ)؛ أجزأه.

(أَوْ عَدِمَ المَاءَ وَالتُّرَابَ)؛ كمَن حُبِس بمحلٍّ لا ماءَ به ولا ترابَ، وكذا مَن به قُروحٌ (2) لا يَستطيعُ معها لَمْسَ البشَرة بماءٍ ولا ترابٍ؛ (صَلَّى) الفرضَ فقط على حسَبِ حالِه، (وَلَمْ يُعِدْ)؛ لأنَّه أتى بما أُمِر به، فَخَرَج مِن عُهدتِه.

ولا يزيدُ على ما يُجزِئُ في الصلاةِ، فلا يَقرأُ زائداً على الفاتحةِ، ولا يُسبِّحُ غيرَ مرَّةٍ، ولا يَزيدُ في طمأنينةِ ركوعٍ أو سجودٍ (3) وجلوسٍ بين السجدتين، ولا على ما يُجزئُ في التشهدين.

وتَبطلُ صلاتُه بحَدثٍ ونحوِه فيها.

(1) رواه البخاري (335)، ومسلم (521)، من حديث جابر بن عبدالله.

(2)

في (ب): قروح سيالة.

(3)

في (ق): وسجود.

ص: 162

ولا يَؤُمُّ (1) مُتطهراً بأحدِهما.

(وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ):

(بِتُرابٍ)، فلا يجوزُ التيمُّمُ برملٍ، وجِصٍ، ونَحْتِ الحجارةِ ونحوِها.

(طَهُورٍ)، فلا يجوز بترابٍ تُيُمِّمَ به؛ لزوالِ طَهوريَّتِه باستعماله.

وإن تيمَّم جماعةٌ مِن موضعٍ واحدٍ جاز؛ كما لو توضؤوا من حوضٍ يَغترفون منه.

ويُعتبر أيضاً: أن يكونَ مباحاً، فلا يصحُّ بترابٍ مغصوبٍ.

وأنْ يكونَ غيرَ محترقٍ، فلا يصحُّ بما دقَّ مِن خَزَف ونحوِه.

وأن يكونَ (لَهُ غُبَارٌ)؛ لقولِه تعالى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)[المائدة: 6]، فلو تيمَّم على لِبَدٍ، أو ثوبٍ، أو بساطٍ، أو حصيرٍ، أو حائطٍ، أو صخرةٍ، أو حيوانٍ، أو بَرْذَعَتِهِ، أو شجرٍ، أو خشبٍ، أو عِدْلِ (2) شعيرٍ ونحوِه مما عليه غبارٌ؛ صحَّ.

(1) في (أ): يأتم، وفي حاشيتها:(عبارة الإقناع والمنتهى والغاية: ولا يؤم، وهي أوضح).

(2)

قال في المصباح المنير (2/ 396): (عِدْل الشيء بالكسر: مثله من جنسه أو مقداره، قال ابن فارس: والعِدل الذي يعادل في الوزن والقدر، وعَدله بالفتح: ما يقوم مقامه من غير جنسه، ومنه قوله تعالى: (أو عدل ذلك صياما)[المائدة: 95]).

ص: 163

وإن اختلط الترابُ بذي غبار غيرِه؛ كالنُّوَرَةِ، فكماءٍ خالطَه طاهرٌ.

(وَفُرُوضُهُ)، أي: فروضُ التيمُّمِ:

(مَسْحُ وَجْهِهِ)، سِوى ما تحتَ شعرٍ ولو خفيفاً، وداخلِ فمٍ وأنفٍ، ويُكره.

(وَ) مَسْحُ (يَدَيْهِ إِلى كُوعَيْهِ (1)؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم لعمَّارٍ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا» ، ثُمَّ ضَرَب بيديه الأرضَ ضربةً واحدةً، ثُمَّ مَسَح الشِّمالَ على اليمينِ، وظاهِرَ كَفَّيْهِ ووَجْهِهِ. متفقٌ عليه (2).

(وَكَذَا التَّرتِيبُ) بين مسْحِ الوجهِ واليدين، (والمُوالاةُ) بينَهما، بألَّا يؤخِّرَ مَسْحَ اليدين بحيثُ يَجِفُّ الوجهُ لو كان مغسولاً، فهما فرضان (فِي) التيمُّمِ عن (حَدَثٍ أصْغَرَ) لا عن حدثٍ أكبرَ أو نجاسةٍ ببدنٍ؛ لأنَّ التيمُّمَ مبنيٌّ على طهارةِ الماءِ.

(وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِمَا يَتَيَمَّمُ لَهُ)، كصلاةٍ أو طوافٍ أو غيرِهما (مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ)؛ كنجاسةٍ على بدنِه.

فيَنوي استباحةَ الصلاةِ مِن الجنابةِ والحدثِ إن كانا، أو

(1) قال في المطلع (ص 51): (إلى كوُعَيْه: واحدهما كوع -بضم الكاف-، ويقال فيه: كاع أيضاً، وهو طرف الزند الذي يلي أصل الإبهام، وطرفه الذي يلي الخنصر كُرْسُوع -بضم الكاف-).

(2)

رواه البخاري (338)، ومسلم (368).

ص: 164

أحدُهما، أو عن غَسْل بعضِ بدنِه (1) الجريح أو نحوِه (2)؛ لأنَّها طهارةُ ضرورةٍ فلم تَرفع الحدثَ، فلا بدَّ مِن التَعْيين؛ تقويةً لضعفِه، فلو نوى رَفْعَ الحدَثِ لم يَصحَّ.

(فَإِنْ نَوَى أَحَدَهَا)، أي: الحدثَ الأصغرَ، أو الأكبرَ، أو النَّجاسةَ بالبدنِ؛ (لَم يُجْزِئْهُ عَنْ الآخَرِ)؛ لأنَّها أسبابٌ مختلفةٌ، ولحديثِ:«وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (3).

وإنْ نوى جميعَها جاز؛ للخبرِ، وكلُّ واحدٍ يَدخلُ في العمومِ فيَكون منويًّا.

(وإِنْ نَوَى) بتيمُّمِه (نَفْلاً)؛ لم يُصَلِّ به فرضاً؛ لأنَّه ليس بمَنْويٍّ، وخالَفَ طهارةَ الماءَ؛ لأنَّها تَرفعُ الحدثَ.

(أَوْ) نوى استباحةَ الصلاةِ و (أَطْلَقَ)، فلم يُعيِّن فرضاً ولا نفلاً؛ (لَم يُصَلِّ بِهِ فَرْضاً) ولو على الكِفايةِ، ولا نَذراً؛ لأنه لم يَنْوِهِ، وكذا الطوافُ.

(وَإِنْ نَوَاهُ)، أي: نوى استباحةَ فرضٍ؛ (صَلَّى كُلَّ وَقْتِهِ فُرُوضاً وَنَوافِلَ).

(1) في (ق): بدن.

(2)

في (أ) و (ب) و (ق): ونحوه.

(3)

تقدم تخريجه ص ..... الفقرة .....

ص: 165

فمن نوى شيئاً استباحه ومثلَه ودونَه؛ فأعلاه فَرْضُ عَيْنٍ، فَنَذرٌ، فَفَرضُ كِفايةٍ، فصلاةُ نافلةٍ، فطوافُ نَفْلٍ، فمَسُّ مصحفٍ، فقراءةُ قرآنٍ، فلُبْثٌ بمسجدٍ.

(وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ) مطلقاً:

(بِخُرُوجِ الوَقْتِ) أو دخولِه، ولو كان التيمُّمُ لغيرِ صلاةٍ، ما لم يَكُن في صلاةِ جمعةٍ، أو نوى الجَمْعَ في وقتِ ثانيةٍ مَن يُباحُ له؛ فلا يَبطُلُ تيمُّمُه بخروجِ وقتِ الأُولى؛ لأنَّ الوقتين صارا كالوقتِ الواحدِ في حقِّه.

(وَ) يَبطلُ التيمُّمُ عن حدثٍ أصغرَ (بِمُبطِلَاتِ الوُضُوءِ)، وعن حدثٍ أكبر بمُوجِباتِه؛ لأنَّ البدلَ له حكمُ المبدلِ، وإن كان لحيضٍ (1) أو نفاسٍ؛ لم يَبطُلْ بحدثٍ غيرِهما.

(وَ) يَبطلُ التيمُّمُ أيضاً بـ (وُجُودِ المَاءِ) المقدورِ على استعمالِه بلا ضَررٍ إن كان تيمَّم لعدمِه، وإلا فَبِزوال مُبيحٍ مِن مرضٍ ونحوِه، (وَلَوْ فِي الصَّلاةِ)، فيتطهَّرُ ويستأنِفُها، (لَا) إن وُجِد ذلك (بَعْدَهَا)، فلا تجبُ إعادتُها، وكذا الطوافُ.

ويُغسَّلُ ميتٌ ولو صُلِّي عليه، وتُعادُ.

(وَالتَّيَمُّمُ آخِرَ الوَقْتِ) المختارِ (لِرَاجِي المَاءِ)، أو العالمِ

(1) في (ق): بحيض.

ص: 166

وُجُودَه، ولمن استوى عندَه الأمرانِ؛ (أَوْلَى)؛ لقولِ عليٍّ رضي الله عنه في الجُنُبِ:«يَتَلَوَّمُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الوَقْتِ، فَإِنْ وَجَدَ الماءَ وَإِلَّا تَيَمَّمَ» (1).

(وَصِفَتُهُ) أي: كيفيةُ التيمُّمِ:

(أَنْ يَنْوِيَ) كما تقدَّم.

(ثُمَّ يُسَمِّيَ)، فيقولُ: بسم اللهِ، وهي هنا كوضوءٍ.

(ويَضرْبَ التُّرابَ بِيَدَيْهِ مُفَرَّجَتَي الأَصَابِعِ)؛ ليصِلَ الترابُ إلى ما بينَها (2)، بعدَ نَزْعِ نحوِ خاتمٍ؛ ضربةً واحدةً، ولو كان الترابُ

(1) رواه ابن أبي شيبة (1699، 8033)، والبيهقي (1106)، من طريق الحارث الأعور عن علي. قال البيهقي:(والحارث الأعور ضعيف لا يحتج بحديثه)، ثم قال:(وهذا لم يصح عن علي، وبالثابت عن ابن عمر نقول، ومعه ظاهر القرآن).

وفي الباب: عن عمر عند مالك (157)، وعبد الرزاق (935)، وابن المنذر في الأوسط (556)، من طريق عروة بن الزبير، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه: أن عمر عرس في بعض الطريق قريبا من بعض المياه فاحتلم فاستيقظ فقال: أترونا ندرك الماء قبل أن تطلع الشمس؟ قالوا: نعم، فأسرع السير حتى أدرك الماء فاغتسل وصلى. وصححه ابن المنذر.

وأما الثابت عن ابن عمر الذي أشار إليه البيهقي: فرواه عبدالرزاق (884)، والحاكم (640)، والدارقطني (719)، والبيهقي في الكبرى (1098) من طريق الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن نافع قال:«تيمم ابن عمر على رأس ميل أو ميلين من المدينة ، فصلى العصر، فقدم والشمس مرتفعة، فلم يعد الصلاة» وهذا إسناد صحيح.

(2)

في (ح) و (ق): بينهما.

ص: 167

ناعماً فَوَضَع يديه عليه وعَلِق بهما؛ أجزأه.

(يَمْسَحُ وَجْهَهَ بِبَاطِنِهَا (1)، أي: باطنِ أصابعِه، (وَ) يَمسحُ (كَفَّيهِ بِرَاحَتَيْهِ) استحباباً، فلو مسَحَ وجهَه بيمينِه ويمينُه بيسارِه، أو عكس؛ صحَّ.

واستيعابُ الوجهِ والكفين واجبٌ، سِوى ما يشُقُّ وُصولُ التُّرابِ إليه.

(وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ)؛ ليصِلَ الترابُ إلى ما بينها (2).

ولو تيمَّمَ بخِرْقَةٍ أو غيرِها؛ جاز.

ولو نوى وصَمَد للرِّيحِ حتى عمَّتْ محلَّ الفرض بالتراب، أو أمَرَّه (3) عليه ومَسَحه به؛ صحَّ، لا إن سَفَتْهُ بلا تَصْميدٍ، فَمَسَحه به.

(1) في (ح) و (ق): بباطنهما.

(2)

في (ح) و (ق): بينهما.

(3)

في (ق): وأمره.

ص: 168